إسلام ويب

الأمن في ضوء الشريعة الإسلاميةللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد تحدث الله سبحانه وتعالى عن الأمن بأنواعه ومظاهره، وقواعده وشروطه، وفي هذه المادة يتحدث الشيخ عن الأمن في ظل الشريعة الإسلامية، وقد ذكر بعض شروطه وقواعده الواردة في الكتاب والسنة، ثم انتقل إلى التاريخ ليبين لنا كيف ترجم الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والتابعين لهم بإحسان هذا الأمن إلى واقع عملي، مذيلاً الموضوع بحوادث وقصص تدل على مدى تحقق الأمن في ظل الشريعة الإسلامية.
    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً. اللهم ألف على الخير قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، اللهم أمن روعاتنا، واستر عوراتنا، وخفف لوعاتنا.

    اللهم إنا نسألك الأمن والإيمان، والنور واليقين، اللهم من أراد بنا وببلدنا وسائر بلاد المسلمين سوءاً فأشغله في نفسه، ومن كادنا فكده واجعل تدبيره تدميره، اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا ولا نهلك وأنت رجاؤنا يا أرحم الراحمين!

    اللهم إنا نسألك لأمة محمد في مشارق الأرض ومغاربها قائداً ربانياً يسمع كلام الله ويُسمِعها، وينقاد إلى الله ويقودها، ونسألك أن تنصر إخواننا المجاهدين في سبيلك. اللهم سدد رميهم، واجبر كسرهم، وفك أسرهم، ووحد صفهم، وحقق بالصالحات آمالهم، واختم بالطاعات أعمالهم.

    ونسألك اللهم أن تثبت إخواننا الغرباء المنفيين من بلادهم، النازحين عن ديارهم، البعيدين عن أحبابهم وأولادهم وأزواجهم، اللهم ثبتهم بما تثبت به عبادك الصالحين، اللهم قهم فتنة النساء وفتنة الدنيا، وقهم فتنه الشبهات، اللهم وأسألك أن تفرج عن إخواننا المسلمين المسجونين في سجون الطغاة.

    اللهم اكشف همهم، وادفع غمهم، اللهم احفظ دينهم وأعراضهم ودماءهم، وأموالهم وعقولهم، ونسألك اللهم أن تفرج عنهم عاجلاً غير آجل، وأن تخفف وطأة الطواغيت عليهم، اللهم خفف آلامهم بأنسهم لذكرك، وقرب معيتك لهم، اللهم اذكرهم في الملأ الأعلى.. وأذقهم حلاوة الإيمان، ونور اليقين، وبرد الرضا، وإخلاص النية، وصلاح العمل، وحسن الاعتقاد.

    وأسألك اللهم لإخواننا الشهداء مغفرة ورحمة منك، اللهم اجمعنا وإياهم في ظل عرشك ومستقر رحمتك، واجعل أرواحنا وأرواحهم في حواصل طير خضر تأكل من أشجار الجنة وتشرب من أنهارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة بالعرش، آمين.

    اللهم أصلح أولادنا ونساءنا وأرحامنا.

    نسألك اللهم العافية في الجسد والإصلاح في الولد، والأمن في البلد .. آمين .. آمين. برحمتك يا أرحم الراحمين!

    أحبتي في الله: العنوان لا شك في مثل هذه الظروف أنه يولد إثارة، وهذا من ذكاء جمعية الإصلاح ؛ إذ أنهم يختارون العناوين الصارخة التي تجذب البعيد والقريب، ونسأل الله أن يجعلنا كلنا قرباء أقرباء متآلفين متحابين، وأن يهدينا سواء السبيل، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وقبل أن أدخل في الموضوع، أوصيكم بالإخلاص والصدق، وأن تجددوا نياتكم بأن جلوسكم هذا في الله، محبة وأخوة وتجالساً وتزاوراً حتى يبارك الله في الدرس.

    أحبتي في الله: الأمن في ظل الشريعة الإسلامية لا يختلف عليه اثنان، ولا ينتطح عليه عنـزان، وإنما الناس بارتباطهم في معسكر الشرق أو معسكر الغرب، والعمالة الخائنة والأذناب الرطبة هي التي تجعلهم لا يدورون حيث يدور الإسلام، ولكن الله قرر هذا في القرآن وقرره الرسول في السنة، وقرره الواقع عبر أربعة عشر قرناً ونصف، والأمن يضرب أطنابه على الكرة الأرضية فلم تقم حرباً عالمية أولى ولا ثانية في ظل الشريعة الإسلامية، ولم يكن هناك تحت الحكومة الإسلامية العالمية سباق تسلح للنجوم ولا للفضاء ولا إرهاباً عسكرياً ولا فكرياً، وإنما كان الناس المسلم منهم والكافر يعيش في أمن وأمان، يأخذ ما له ويؤدي ما عليه، بفضل الشريعة الإسلامية.

    القواعد الأمنية في الشريعة الإسلامية

    يقول الله سبحانه وتعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ]الأنعام:82] انظر إلى هذه الآية العجيبة، هذه الآية تقعد قواعد أمنية متصلة بعضها ببعض: الَّذِينَ آمَنُوا [الأنعام:82] هذا هو الشرط الأول في إحلال الأمن، أن يكون المجتمع مؤمناً حاكماً ومحكوماً، وإذا اختل ميزان من هذه الموازين، أو طرف من هذه الأطراف كالقاعدة أو القيادة اختلت عندها هذه القاعدة؛ يختل الأمن.

    ثم قال: وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82] وكأن الظلم ثوب يلبس ويتحلى به الظالم، تصور يوم أن يكون الظلم مفخرة وشطارة وذكاء، ويوم أن يكون الظلم قانوناً ومحكمة وقضاء، لا شك أنه يصبح لباساً للجسم، أيضاً معنى يلبسه: يخلطه، فالقضية هناك خليط ومزيج لم يؤخذ الإيمان كله وإنما أدخلوا فيه ميكروب الظلم، فخالطه فأصبح الإيمان مظلماً: وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82] وكأنهم لم يلبسوا أنفسهم ولم يلبسوا شعوبهم، ولم يلبسوا جوانب الحياة فيهم، إنما الخلط أول ما بدأ في ميادين القلوب قبل أن يبدأ في ميادين الدروب؛ فلهذا قال: وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82].

    وتفسير الظلم هنا يراد به الشرك -هذا أقوى تفسير- لم يلبسوا إيمانهم بشرك، وكأن الذي يأخذ قوانين البشر وينحي شرع الله ويحكم بشرع الإنسان، ثم يعتقد المساواة بين شرع البشر وشرع الله، فهو شرك وظلم وكفر وفسق، ومن رأى أن شرع البشر أنفع وأنجع وأحسن، فهذا أيضاً شرك وظلم وكفر وفسق، فلهذا الله عندما ذكر هذه الآية: وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82] أي: إذا تحقق عدم اللبس والالتباس، يقول: أُولَئِكَ وهذه أداة إشارة للمدح والثناء وكأنه يقول: انظروا إليهم من مثلهم؟! من مثل حياتهم؟! من مثل استقرارهم؟ كأن ترى أولادك يجتمعون فتشير إليهم وتقول: أولئك أولادي، فهذه إشارة فيها مدح وثناء وفيها إبراز، وفيها توجيه للأنظار وتسليط للأضواء.

    ويقول الله سبحانه وتعالى: أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ [الأنعام:82] ولهم. اللام لام الملكية، فأصبح الأمن يملكونه، نعم، متمكنين منه وهو متمكن منهم، لهم لا عليهم؛ لأن بعض الناس يكون الأمن لهم لا عليهم، لكن هنا لهم، ويوم أن يكون الأمن خادماً لهم تتحقق السعادة والرفاهية والاستقرار والاطمئنان، قال: أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ [الأنعام:82] ثم قال في النهاية: وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82].

    الهداية في الجانب السياسي، الهداية في الجانب الاقتصادي، الهداية في الجانب الاجتماعي، التعليمي، والتربوي، والعسكري والأمني والشعائري والتعبدي والقانوني والدستوري، الهداية في كل شيء، وقد حصر الهداية فيهم، لا غيرهم.. لا أمريكا ، ولا روسيا ، إنما هم المهتدون.

    أحبتي في الله: كم في هذه الآية من نور؟ وكم فيها من علم؟ كم فيها من هدى؟

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088537583

    عدد مرات الحفظ

    777198574