إسلام ويب

أول يوم من السنة الثانية للانتفاضةللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اليهود جنس شرير معادٍ للإسلام، لذلك حاربه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، وقد ذكرت الوثيقة التي كتبها عمر الفاروق عند استلام بيت المقدس ما يؤكد هذه النظرة الإسلامية إلى اليهود، لكن الأوضاع بعد ذلك انقلبت، ومؤامرات اليهود تطورت، وشرورهم انتشرت. وتضيف هذه المادة إلى ذلك نص مقابلة الرئيس الأمريكي (روزفلت) مع الملك عبد العزيز بشأن إيجاد موطن لليهود، وبعض القصص الواقعية المتعلقة بالموضوع.
    الحمد لله رب العالمين، الحمد لله أقصى عن الأقصى جموع الخائنين، وقدَّس في القدس أرواح الشهداء والمجاهدين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي بيَّن لنا طريق المعاملة مع اليهود، فقال: (تقاتلكم اليهود فتقتلونهم، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا شجر الغرقد، فإنه من شجر يهود) ونحن نعترف بهذا الحديث، وسنظل نعمل به، فهو الذي يطالب بكامل التراب الفلسطيني.

    وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، والصحابة أجمعين، ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    أيها الأحباب الكرام! إني أحبكم في الله، وأوصيكم ونفسي بتقوى الله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

    اللهم إنا نسألك أن تنصر المجاهدين في فلسطين ، وقد أتم المجاهدون يوم أمس (8-12-1988م) عامهم الأول من الانتفاضة المباركة، ودخلوا اليوم عامهم الثاني، فنسأل الله أن يثبتهم، وأن ينصرهم وأن يؤيدهم، وأن يرينا في اليهود عجائب قدرته، فالذي كفل استمرار المجاهدين عاماً كاملاً هو الله، مع أنهم لا يملكون إلا الحجر والإيمان، ولو قرأت أنت في التاريخ مثل هذه القصة فإنك لا تصدق، لولا أننا عشنا هذه الفترة من حياة الجهاد الإيماني نسمع ونرى لما صدقنا.

    هل مر عليكم في التاريخ في عصر الرومان أو الإغريق أو اليونان، أو في أي حضارة من حضارات العالم، أو أي مرحلة من مراحل الاستعمار العسكري، أنه قام أطفال صغار بحجارة، واستمروا يحاربون الدولة المستعمرة التي تملك كل أنواع الأسلحة، واستمرت حربهم هذه عاماً كاملاً، لكن نحن عقيدتنا: إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:20].

    وثيقة عمر .. نصها وبيانها

    وأعود معكم إلى التاريخ الإسلامي، إلى وثيقة الفاروق عمر، فهي فوق كل الوثائق، وتصريحه الخطير يوم أن استلم مفاتيح القدس فوق كل تصريح، يؤلمني كثيراً أنه في اليوم الثامن واليوم التاسع تطالعنا تصريحات الدولة الفلسطينية قائلة: (إن الدولة الفلسطينية تعترف بالكيان اليهودي).

    إن هذا يقتلني من الداخل، فأعود إلى وثيقة عمر، والتي وقعها أربعة من القادة والأمراء الفاتحين لأرض فلسطين والشام، ونتملاها كلمة كلمة، لنرى أن عمر يرفض العنصر اليهودي في القدس وفي فلسطين من ذلك التاريخ، مع أنه أذن للنصارى إن شاءوا أن يبقوا لهم كنائسهم وصلبانهم ودينهم لا يكرهون، ومنع اليهود.

    لقد كان عمر يدافع عن الدين الإسلامي وعن الدين النصراني، يدافع عن الدينين معاً ضد اليهود، لأن الله أعطاه نوراً وإلهاماً أن هذا الدين اليهودي يتآمر على جميع الأديان، قال عمر في وثيقته الخالدة:

    [بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيليا من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم] حتى لما أدركته الصلاة وكانت الكنيسة أمامه أبى أن يصلي فيها وصلى خارجها، وقال: لو صليت فيها سيأتي المسلمون يبنون مكان صلاتي مسجداً، وفعلاً بنى المسلمون مكان صلاته خارج الكنيسة (مسجد عمر) إلى هذه الساعة موجود.

    [أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيزها، ولا من صلبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يسكن بـإيليا معهم أحد من اليهود -النص واضح، لا يسكن في إيليا معهم أحد من اليهود- وعلى أهل إيليا أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص- الرومان المقاتلون يريدون السيطرة على فلسطين والقدس، فأخذها عمر منهم رغم أنوفهم، والتفت قيصر الروم (هرقل) إلى جبال الشام وهو يبكي، وقال: وداعاً يا جبال سوريا ! لا رجعة بعد اليوم- فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله، حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيليا من الجزية، ومن أحب من أهل إيليا أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بيعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيليا من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله، لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله، وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية، شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان ] كتب وحضِّر سنة خمس عشرة هجرية بإمضاء وختم عمر بن الخطاب رضي الله عنه من يملك أن يبطل هذه الوثيقة؟

    حال اليهود بعد عمر بن الخطاب

    عمر بن الخطاب ينفي عن القدس وعن فلسطين اليهود فلا اعتراف بهم منذ ذلك التاريخ.

    واستطاع اليهود الخبثاء أن يتحكموا في سياسات دول كبرى، ألا ترون أثر اللوبي الصهيوني حتى على فيزة دخول أبي عمار إلى أمريكا ، وقد كنت فيها هناك أشاهد التلفاز الأمريكي وهو يعمل إحصائية عامة للشعب الأمريكي في قضية دخوله أو عدم دخوله، فكان الذين يوافقون لوصوله إلى هيئة الأمم أكثر من 66% من الشعب الأمريكي، مع أن الشعب الأمريكي شعب مضلل ومخدوع، معظم أجهزة الإعلام يسيطر عليها اليهود، ومع هذا كان أكثر من نصف الشعب الأمريكي يأذن بدخول ياسر عرفات إلى هيئة الأمم ، ولكن لتحتقر إرادة الشعب الأمريكي الذي ينظر كل يوم إلى تمثال الحرية، ولتحتقر عضوية جميع الدول في هيئة الأمم ، حيث اختارت مقرها هناك في أمريكا، ولتحتقر جميع الأعراف الدولية المتفق عليها، ولا يؤذن له ويسمى إرهابياً، ولا يسمون رابين وبيريز وشارون وأمثالهم إرهابيين، الذين في يوم من الأيام كانت صورهم تعرض في أمريكا كمجرمين وإرهابيين، فلما أصبحوا رؤساء دول ورؤساء جيوش أصبحوا هم الأبطال الذين يجب أن يطاعوا، وأن ترضخ لهم الحكومة الأمريكية والكونجرس الأمريكي، وأن تحطم وتلغى جميع الأعراف الدولية، لكي يعرف حقيقة من يعترف بدولة اليهود كيف يكون هؤلاء اليهود على حقيقتهم، وكيف كان الإسلام منذ عهد عمر إلى يومنا هذا، إلى أصغر طفل يحمل حجراً في وجه اليهود، وما هو منطق الإيمان وما هو منطق الكفر.

    وفي أحد مطارات أمريكا ، وكان سبب ذهابي وهدفه أمرين:

    الأمر الأول: تلبية دعوة اتحاد طلبة الكويت الدارسين في أمريكا لإلقاء محاضرات هناك.

    الأمر الثاني: تلبية دعوة اتحاد فلسطين لاحتفالهم بمرور عام كامل للانتفاضة، فكنت أنتقل أحيي الانتفاضة الفلسطينية في ولايات أمريكا رغم ريجن ورغم بوش ، فكانت هنالك مهرجانات كبرى فيها الصيحات، والتقينا بالمسلمين العرب يزيد عددهم عن مائة ألف مسلم فلسطيني منبث في الولايات المتحدة الأمريكية يحرص العدو الصهيوني أن يذوِّبهم ويطمس هويتهم وأن يقتلهم، فجاءت الانتفاضة خلال عام كامل تدفع زخم الإيمان والجهاد، حتى رأيت أطفالاً صغاراً لا يعرفون حرفاً واحداً من اللغة العربية، فهم مولودون في أمريكا ويتكلمون لغتها، يلفظون كلمة الحجر وكلمة الانتفاضة.

    وجاء والد يحمل طفله الصغير قال: هذا يريد أن يسلِّم عليك، فقلت له: لماذا؟ قال الطفل: لأن الشيخ ذكرني في خطبته في قصيدة، فقلت: أنا لا أعرف هذا الطفل، فكيف أذكره في قصيدة؟ قال: لا. استمع إليك وأنت تقول:

    في القدس قد نطق الحجر     

    لا مؤتمر لا مؤتمر

    أنا لا أريد سوى عمر

    وهذا ابني اسمه عمر قال: الشيخ يذكرني، الشيخ لا يريدني إلا أنا، انظر إلى أي عمق بلغت كلمات الانتفاضة! إلى أرواح الأطفال، ووالد آخر في نيويورك استقبلني فقال: الطفل الذي على كتفي الصغير هذا المولود أسميته شهيداً: لماذا يا أخانا؟ قال: تيمناً وتبركاً بقافلة الشهداء على أرض فلسطين شهداء الانتفاضة، فأصبح اسمهم وحروفهم وغبارهم وعرقهم وآلامهم، شعارات شعبنا المنبث على الأرض، أفنجهض هذا ونحبط هذا كله فنعترف بالكيان اليهودي؟ معاذ الله.

    نص مقابلة روزفيلد مع الملك عبد العزيز

    أيضاً: أعود إلى التاريخ الحديث كما عدت إلى التاريخ القديم، فأقرأ عليكم هذه الوثيقة المنقولة من كتاب المملكة لأحد الكتاب الأوروبيين، روبرت لويسي ماذا يقول؟ المقابلة على المدمرة الأمريكية كوينسي، والمقابلة بين الملك عبد العزيز وبين روزفيلد الرئيس الأمريكي.

    استمعوا إلى هذه المقابلة كيف يلهم الله الحجة لهذا الملك، دون أن يحتاج إلى مستشارين، أو خبراء، أو سكرتارية، أو ملفات، كان ببساطته على المدمرة، حتى أول ما ركب هذه المدمرة وكان الشعب الفلسطيني في هذه اللحظة يشن حرباً رهيبة على اللاجئين اليهود، في ذلك الوقت اليهود كانوا يسمون: لاجئين، والبريطانيون قد وهنوا، والشعب الفلسطيني في قمة انتصاراته، بكل بساطة الملك عبد العزيز ركب المدمرة، حتى أنه أخذ معه الذبائح حتى تكون على الطريقة الإسلامية، قال: لأن اللحم الموجود في المدمرة هذا فطيس للأمريكان أنا لا آكل منه، هكذا بالنص.

    وأشعل النار وعمل القهوة على المدمرة من فوق، وينام فوق المدمرة مع حرسه ورعاياه، واضطر الرئيس الأمريكي أن يضع له كرسياً على ظهر المدمرة وليس بالغرفة الخاصة أو الكبينة، ثم دار هذا الحوار قبل مؤامرة الجيوش العربية والزعماء العرب في (1948م) عندما سحبوا السلاح من الشعب الفلسطيني وتركوه يذبح بأيدي أعدائه، استمعوا إلى هذه المقابلة التاريخية:

    يقول روزفيلد : لقد عانى يهود أوروبا الوسطى الأمرَّين على يد هتلر ؛ من طرد وتعذيب وقتل جماعي، وإني أشعر بمسئوليتي الشخصية نحو هؤلاء البؤساء اليهود، وإني ألتزم فعلاً بالبحث عن حل لمشاكلهم، فهل توجد عند جلالتكم أي اقتراحات بهذا الشأن؟

    سؤال مطروح من روزفيلد إلى الملك: أعندك اقتراحات في حل المشكلة اليهودية؟

    فأجاب الملك عبد العزيز : أعطهم أحسن أراضي وبيوت الألمان الذين قاموا باضطهادهم.

    فقال روزفيلد : إن اليهود باتوا يخافون البقاء في ألمانيا خوفاً من تكرار ما حدث -هذا الكلام قبل الحرب العالمية الثانية، في عملية الإعداد لها، فماذا كان جواب الملك عبد العزيز؟

    قال: إن بريطانيا وأمريكا تخططان لإلحاق الهزيمة بـألمانيا ، لذا لا أرى سبباً لمخاوف اليهود.

    فقال روزفيلد: لكني أثق بالكرم العربي الأسطوري. فأكرمونا بأرض فلسطين لكي تكون لليهود.

    لم تعد قضية سياسية عند روزفيلد ، بل أصبحت الآن قضية عاطفية.

    فماذا كان الرد، قال الملك عبد العزيز : دع المعتدي والطاغية يدفع الثمن، هكذا نحارب نحن العرب، إن الذين ذبحوا اليهود هم الألمان وليس عرب فلسطين ، وأقترح أخيراً: لماذا لا يوزع اليهود على بلدان الحلفاء الواسعة، أما فلسطين فقد وصلها ما فيه الكفاية من اللاجئين اليهود.

    قال روزفيلد: أعتبر هذه الفكرة فكرة جيدة -التي هي توزيع اليهود على دول أوروبا وأمريكا وليس على دولة فلسطين، وفلسطين فيها الكفاية من اللاجئين -قال: أعتبر هذه الفكرة فكرة جيدة، ثم ذهب إلى الكونجرس الأمريكي، وأخبر بأن الشعب الأمريكي مغرر ومخدوع.

    ثم ألقى خطابه قائلاً: لقد تعلمت من ابن سعود عن مشكلة اليهود بخمس دقائق أكثر مما كنت سأتعلمه من خلال عشرات الرسائل المتبادلة.

    أرأيتم أيها الإخوة! كيف كانت حالة أكبر سياسي في أمريكا في ذلك الوقت؟ يوم أن كان الشعب الفلسطيني بيده البندقية، كانت البندقية تفرض على جميع الملوك والحكام في ذلك الوقت عزة الإسلام، وعزة الإيمان، لم يجد من عبد العزيز حرفاً واحداً أو كلمة واحدة يسلِّم فيها شبراً من أرض فلسطين ، واليهود اسمهم لاجئون، وإذا كنتم تحبونهم يا أمريكا وزعوهم على أمريكا ! وأوروبا وليس على أرض فلسطين .

    ولكن المؤامرة أكبر وأعظم، واستمروا في حيلهم ومكرهم حتى توصلنا في النهاية إلى يوم أمس وهذا اليوم على صفحات الصحف: إن الدولة الفلسطينية وليس أي دولة أخرى تعترف بالكيان اليهودي.

    أبا عمار هداك الجليل     أبغير الدواء يشفى العليل

    أبغير الوغى تعيد حمانا     وتكون العلا لنا والقبول

    لا وربي فما شفتنا الأماني     وكلام مع الرياح يميل

    فتمسك بالبندقية حلاً     ودع السلم إنه تضليل

    وتوكل على إله البرايا     فهو خل لمن جفاه الخليل

    وهو إن صحَّت العقيدة فيكم     خير عون على الأعادي كفيل

    هذه سيرة الرسول وفيها     لك إن شئت عبرة ودليل

    يوم ضاقت به صروف الليالي      ودهته من الأعادي خيول

    في دجى الغار والهلاك محيط      بهما عندما بكاه الزميل

    ما دعا غير ربه من عوين      لا ولا من سواه تأتي الحلول

    هكذا قوة اليقين تجلت     وتجلى من أجلها المستحيل

    إذ بنى عشه الحمام وحاكت     بيتها العنكبوت وهي تقول

    إنما نحن من إلهك جندٌ     قد أتانا فلا تخف يا رسول

    وكذا في نهج الصحابة أيضاً     قصص تستفيد منها العقول

    فتصفح تراثهم وتخير     ما به أرض المسلمين تئول

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088565564

    عدد مرات الحفظ

    777363322