اللهم إني أسألك لأمة محمد في مشارق الأرض ومغاربها قائداً ربانياً، يسمع كلام الله ويسمعها، وينقاد إلى الله ويقودها، لا يخضع للبيت الأبيض، ولا للبيت الأحمر، إنما قلبه في البيت العتيق، شعاره:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا |
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا |
فأنزلن سكينة علينـا وثبت الأقدام إن لاقينا |
وإذا ما افتخر افتخر بدينه وإيمانه وإسلامه، وصاح صيحة سلمان الفارسي :
أبي الإسلام لا أب لي سـواه إذا افتخروا بقيس أو تميمِ |
وأسألك اللهم أن تنصر إخواننا المجاهدين في سبيلك، وأن تكرم إخواننا الشهداء، وأن تلحقنا بهم بعد طول عمر وحسن عمل في حواصل طير خضر ترتع في أنهار الجنة، ثم تأوي إلى قناديل معلقة في العرش، وأسألك اللهم أن تثبت إخواني الغرباء المهاجرين من ديارهم، النازحين الفارين بدينهم، القابضين على الجمر، وأن تقيهم فتنة النساء والدنيا، وأسألك اللهم أن تفرِّج عن إخواني المسلمين الدعاة في سجون الطغاة الذين يسومونهم سوء العذاب، اللهم أنت وليهم في الدنيا قبل الآخرة؛ فك أسرهم، واجبر كسرهم، وارحم ضعفهم، واغفر ذنبهم، وآنس وحشتهم، وارحم غربتهم، وصن أعراضهم، واحقن دماءهم، واحفظ عقيدتهم وأموالهم، وعجل فرجهم، وأذقهم حلاوة الإيمان والاحتساب، ونور اليقين، وبرد الرضا، والأنس بذكرك يا أرحم الراحمين.
وأسألك اللهم أن تبارك في هذا البلد وأهله والصالحين، وسائر بلاد المسلمين، وأن تجمعنا وإياهم على كلمة الحق والدين، وأسألك اللهم أن تؤلف على الخير قلوبنا، وأن تصلح ذات بيننا، وتهدينا سبل السلام، اللهم من كان منا على الحق فثبته على الحق يا رب العالمين، ومن كان منا على الباطل وهو يظن أنه على الحق فرده إلى الحق رداً جميلاً، واجعلنا لإخواننا المسلمين أذلة هينين لينين، مبشرين وميسرين، واجعلنا على أعدائنا أشداء أعزة يا رب العالمين.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، ولا تجعل من بيننا شقياً ولا محروماً، واجعل مجلسنا هذا من مجالس الذكر والرحمة، تحفه الملائكة، وتغشاه الرحمة، وتنزل عليه السكينة، وتذكره في ملئك الأعلى، وكما جمعتنا في الدنيا على طاعتك فاجمعنا في الآخرة على رحمتك، وعند حوض نبيك، واسقنا من يده شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً.
اللهم من أراد بنا وهذا البلد والمسلمين سوءاً فأشغله في نفسه، ومن كادنا فكده، واجعل تدميره في تدبيره، احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا بركنك الذي لا يرام ولا يضام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا نهلك وأنت رجاؤنا، يا أرحم الراحمين، ونسألك اللهم تحرير فلسطين والأقصى، وأن ترزقنا فيه صلاة طيبة مباركة تحت راية الإيمان والتوحيد، وتحت صيحة: الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر.
أحبتي في الله: إن في الحياة تجارب وعبـراً ودروساً.
أحبتي في الله: لقد مررت في مرحلة الدراسة بنفسية متقلبة حائرة، لقد درست التربية الإسلامية في مدارس التربية -ولا تربية- ثمانية عشر عاماً ثم تخرجت بلا دين، وأخذت ألتفت يميناً وشمالاً: أين الطريق؟ هل خلقت هكذا في الحياة عبثاً؟!! أحس في نفسي فراغاً وظلاماً وكآبة، أفر إلى البر وحدي في الظلام لعلي أجد هناك العزاء، ولكني أعود حزيناً كئيباً.
تخرجت من معهد المعلمين سنة (69م) وفي هذه السنة والتي قبلها حدث في حياتي حدث غريب عجيب تراكمت فيه الظلمات والهموم: إذ قام الحزب الشيوعي باحتوائي ونشر قصائدي في مجلاتهم وجرائدهم، والنفخ فيها، وأخذوا يفسرون الكلمات والعبارات بزخرف من القول يوحي به بعضهم إلى بعض، حتى نفخوا فِيَّ نفخة ظننت أنني أنا الإمام المنتظر، وما قلت كلمة إلا وطبَّلوا وزمَّروا حولها، وهي حيلة من حيلهم، إذا أرادوا أن يفترسوا ويقتنصوا فرداً ينظرون إلى هويته وهوايته: ماذا يرغب؟ ثم يدخلون عليه من هذا المدخل، رأوني أميل إلى الشعر والأدب، فتعهدوا بطبع ديواني، ونشر قصائدي، وعقدوا لي الجلسات واللقاءات الأدبية الساهرة، ثم أخذوا يدسون السم في الدسم؛ يذهبون بي إلى مكتبات خاصة ثم يقولون: اختر ما شئت من الكتب بلا ثمن، وأحمل كتباً فاخرة ذات طباعة أنيقة وأوراق مصقولة، عناوينها: أصول الفلسفة الماركسية ، المبادئ الشيوعية .. وهكذا بدءوا بالتدريج يذهبون بي إلى المقاهي الشعبية العامة، فإذا جلست معهم على طاولة قديمة تهتز أشرب الشاي بكوب قديم وحولي العمال، فإذا مر رجل ثري بسيارته الأوتوماتيك الفاخرة، قالوا لي: انظر! إن هذا يركب هذه السيارة من دماء آبائك وأجدادك وسيأتي عليك اليوم الذي تأخذها منه بالثورة الكبرى التي بدأت وستصل، إننا الآن نهيئها في ظفار ونعمل لها، وإننا نهيئها في الكويت ونعمل لها، وستكون قائداً من قوادها.
وبينما أنا أسمع هذا الكلام أحس أن الفراغ في قلبي بدأ يعبئه شيء؛ لأنك إن لم تشغل قلبك للرحمن أشغله الشيطان، فالقلب كالرحى يدور، إن وضعت فيه دقيقاً مباركاً أخرج لك الطحين الطيب، وإن وضعت فيه الحصى أخرج لك الحصى، وإن وضعت فيه البعر أخرج لك البعر، لكن لا يرضى أن يكون القلب فارغاً أبداً: إما أن تشغله في الطاعة أو ينشغل في المعصية، هكذا خلق الله الإنسان.
قال: إذا خرجنا في الصباح الباكر وعند الباب كما أن زوجته تقبله تقبلني معه، وإذا نمنا في الفراش فإنها تنام بيني وبينه. هكذا يقول والله يحاسبه يوم القيامة، وأنا أنقل ما قال عن هذا الشاعر الشيوعي الاشتراكي، فلما قال ذلك نزلت ظلمة على عيني، وانقباض في قلبي، وقلت: أهذا فكر؟ أهذه حرية؟ أهذه مساواة؟ أهذه عدالة؟ أهذه ثورة؟ لا ورب الكعبة! إن هذا كلام شيطاني إبليسي، ومن هنا تجرأ أحد الجالسين وقال: يا أستاذ! ما دمت أنت ترى ذلك فلماذا لا تدع زوجتك تدخل علينا نشاركك فيها؟ فماذا كان رده؟ قال: إنني لا أزال أعاني من مخلفات البرجوازية وبقايا الرجعية وسيأتي الزمن الذي سوف نتخلص منها جميعاً. قبحه الله، ولعنه الله.
ومن هذه الحادثة بدأت التحويلة الحادة في حياتي؛ إذ خرجت أبحث عن رفقاء غير أولئك الرفقاء، فقدر الله أن ألتقي بإخوة في ديوانية يصلّون، وبعد صلاة العصر يذهبون إلى ساحل البحر ثم يعودون، أقصى ما يعملون من مأثم أنهم يلعبون الورقة، ويقدِّر الله أن يأتي واحد من بينهم، إنسان بسيط عادي، فقال: يا أخ أحمد ! يذكرون أن شيخاً من مصر اسمه حسن أيوب جاء إلى الكويت ، ويمدحون جرأته وخطبته، ألا تأتي معي من باب حب الاستطلاع، فقلت: هيا بنا، وذهبت معه وتوضأت ودخلت المسجد وجلست وصليت المغرب، ثم بدأ يتكلم وكان يتكلم واقفاً لا يرضى أن يجلس على كرسي أو على طاولة، وإذا سألوه: ما السبب؟ قال: إن الوقوف يدفع حرارة الإيمان والكلمة أكثر من الجلوس، وكان شيخاً كبيراً شاب شعره ولحيته ورأسه، ولكن القوة البركانية الإيمانية تتفجر من خلال الكلمات التي يلقيها؛ لأنه يتكلم بأرواح المدافع لا بسيوف من خشب.
وبعد أن انتهى من خطبته أحسست أني خرجت من عالم إلى عالم آخر؛ من ظلمات إلى نور، ولأول مرة أعرف طريقي الصحيح، وأعرف هدفي في الحياة، ولماذا خلقت، وماذا يراد مني، وإلى أين مصيري، وبدأت لا أستطيع أن أقدم أو أؤخر إلا أن أعانق هذا الشيخ، وأسلم عليه، وأسأله الدعاء، ثم عاد هذا الأخ يسألني عن انطباعي، فقلت له: اسكت وسوف ترى انطباعي بعد أيام.
عدت في نفس الليلة واشتريت جميع الأشرطة له، وأخذت أسمعها إلى أن طلعت الشمس، ووالدتي تقدم لي طعام الإفطار فأرده، ثم طعام الغداء وأنا أسمع أشرطة متصلة وأبكي بكاءً حاراً، وأحس أني أنسلخ انسلاخاً جديداً وأدخل عالماً آخر، وأحببت الرسول صلى الله عليه وسلم، وصار هو مثلي الأعلى وقدوتي، وبدأت أنكب على سيرته قراءة وسماعاً حتى حفظتها من مولده إلى مماته صلى الله عليه وسلم، فأحسست أنني إنسان لأول مرة في حياتي.
وبدأت أعود فأقرأ القرآن؛ فأرى كل آية فيه كأنها تخاطبني أو تتكلم عني: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:122].
نعم. لقد كنت ميتاً فأحياني الله، ولله الفضل والمنة، والبر والبلاء الحسن، ما أنا بشيء .. ولا مني شيء .. ولا عندي شيء لولا فضل الله وإحسانه وبره علي وستره الجميل!! علمني من جهالة، وهداني من ضلالة، وحبب إلي الإيمان، وكثر حولي الأعوان والإخوان، له الفضل في الأولى والآخرة، لا أحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه سبحانه.
وأما رئيس الخلية فقابلني بابتسامة صفراء وأنا أناقشه؛ أقول له: تنكر وجود الله، وتريد أن تقنعني أن الله غير موجود؟ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [إبراهيم:10] أما تسمع قول الله تعالى فيمن تحدى الله ليس بوجوده وحياته وإنما بخلق يده وبعثه للأموات: أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس:77-83]؟ فابتسم ابتسامة صفراء، وقال: يا أستاذ أحمد ! إني أحسدك لأنك عرفت الطريق الآن، أما أنا فاتركني فإنني لي طريقي ولك طريقك، ثم صافحني وانصرفت، وظل هو كما هو الآن.
أما الباقون فمنهم من صار ممثلاً، ومنهم من صار شاعراً يكتب أغاني تغنى، وله أشرطة فيديو في الشعر وهو سكران، فسبحان الذي يخرج الحي من الميت، سبحان الهادي وهو أعلم بالمهتدين.
ثم أعظم من ذلك يوم أن كنت طالباً في معهد المعلمين كانت الوزارة إذا جاء ضيف أو حاكم من الدول العربية أو الإسلامية تندبني الوزارة لكي أقول كلمة ترحيب في قدومه، فكنت وأنا الفتى الصغير أستقبل أولئك الزعماء القادمين إلى البلد بخطب رنانة، ثم أسمع المذيعين والمخرجين يأتون من بعدي: أنت ستكون مذيعاً، أنت ستكون ممثلاً، ستكون .. ستكون، ويريدون أن يغووني أكثر، فسبحان الله القائل: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام:112] فهذا الزخرف من القول والغرور كان يدفعني إلى النار دفعاً، ولكن نفعني الله لأن مواجهة الحكام والزعماء ليس بالأمر السهل اليسير وأنا غلام صغير أواجههم وأقف أمامهم بكلمة، فإذا بالله سبحانه وتعالى يسخرني لأكون حرباً على الطواغيت، بعد أن هداني الله للإيمان والإسلام، والله ما ألقيت خطبة إلا رأيت عظمة الله أمام عيني، وجلال الله، وتحول كل ظالم أمامي كما يقول العز بن عبد السلام كالهر الصغير.
أحبتي في الله: وبعد مرور سنتين من هذه الفورة الإيمانية التي تلقيتها من فضيلة الشيخ: حسن أيوب بدأت أرى أن روحانيتي تضعف، وهذا أمر طبيعي إذا لم يحتضن الداعية محضنٌ تربوي، فيسَّر الله لي في تلك اللحظات التي استمعت فيها شياطين الإنس والجن لفتنتي مورداً إيمانياً غير المورد الأول وهو جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت ، إذ قام أعضاؤها والمربون فيها باحتوائي وتربيتي، وتهذيبـي وتنقيتـي، ولا أزال أتربى وأعترف لهم بالفضل والفضل للمتقدم، ولأشكرنهم في حياتي وبعد مماتي وإلى أن ألقى الله سبحانه، فقد علمني الله على أيديهم ما لم أعلم، ورباني وهذبني على أيديهم؛ لهذا لا يستغني الداعية عن مثل هذا المحضن ومثل هذه المراكز المباركة، فيها يلتقي بإخوانه، ومنها يأخذ النصيحة، وبينهم يتربى على معاني الإيمان والقرآن، وهم الذين خاضوا قبله، وجربوا الحياة وذاقوا حلاوة الإيمان.
والذي يظن أنه بلغ من العلم والتربية شئوناً وأنه غني عنهم؛ فهو على باب منعطف خطير، فليـراجع نفسه فإنه مدخل من مداخل الشيطان.
ويَسَّر الله سبحانه وتعالى بعد ذلك علماء، منهم فضيلة الشيخ/ عمر الأشقر ، وعبد الرحمن عبد الخالق ، والشيخ/ حسن طنون ، وفضيلة الشيخ/ الجميلي وأمثالهم، فأخذت أنتقي من كلام كل واحد منهم أحسنه، وهكذا إذا أراد الله بعبدٍ خيراً.
وما خطبت خطبة أو ذكرت درساً إلا قلت: يا نفسي الأمارة بالسوء! إنما أنتِ بالله وبحوله وقوته لا بحولك وقوتكِ، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، سأجد من ربي التوفيق.
أحبتي في الله! هذا عطاء الله، وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
ويقدر الله سبحانه وتعالى أن أعود مرة ثانية لكي أدعو أولئك المنحرفين الضالين، وقد هدى الله على يدي المئات داخل الكويت وخارجه، حتى والله يا إخوة! أنه يأتيني الشاب ثائر الرأس، أحمر العين، أزرق الشفاه من المخدرات ما إن أمسح على صدره، وأنفث في وجهه، وأدعو وأبكي إلا ويهديه الله، ويتصل بي بعد شهر أو شهرين وهو من الدعاة في سبيل الله، وهذا من الله وحده لا إله إلا هو.
بل إن من الأمور العجيبة في المؤتمر الطلابي في أمريكا منذ شهرين خطبت خطبة الجمعة هناك باللغة العربية، وكان من بينهم طباخ أمريكي لا يعرف اللغة العربية، وإنما يسمع الكلمات ويرى الإشارات، ثم بعد صلاة الجمعة وقف وأعلن إسلامه، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، أنا لا أعرف من دينكم إلا سبحان الله .. الله أكبر .. جزاك الله خيراً .. السلام عليكم، ورأيت منكم ما لم أره؛ هذا التجمع؛ ستة آلاف ليس معكم صديقات، ولا تشربون خمراً ولا حتى السجائر، ولا المخدرات، ثم تنضبطون بنظام هكذا عند الطعام وعند الدخول والخروج، ثم تقفون هكذا في صلاتكم، إن دينكم هذا دين عظيم، ولما سمعت القسيس سمعته يتكلم ويؤشر أحسست أنكم على دين صحيح .. وأنا على دينكم.
وهكذا أحبتي! يوم أن يكون الداعية قدوة، متوكلاً على الله، فإن صمته دعوة، وحركته دعوة، وإشارته دعوة، وسلامه دعوة، وذهابه وإيابه، وقيامه وقعوده دعوة.
الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاء عبد الله بن سلام رضي الله عنه وكان من أحبار اليهود، رأى النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع الناس حوله أول ما دخل المدينة ، يقول: [فقمت أنظر إليه، فلما نظرت في وجهه رأيت له وجهاً ليس بوجه كذاب] لم يتكلف ولم يدعهم وإنما نُظر فقط في وجهه، نحن في أمس الحاجة إلى الصدق في الدعوة، وإلى القدوات، أزمتنا اليوم أزمة قدوات -يا أيها الإخوة!- لو أن علماء الأمة على كثرتهم داروا حيث يدور الإسلام، ولم يتعاملوا بمنطق الرتبة والراتب، ولم يكونوا وعاظاً للطواغيت يسبحون بحمد عرشهم لرأيتم بركاتهم في مشارق الأرض ومغاربها.
أحبتي في الله! يقول عبد الله بن سلام : فلما تكلم النبي قال: (أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وَصِلُوا الأرحام، وَصَلُّوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام) الله أكبر! كم كلمة؟ عشر كلمات، ولكن انظر أثرها في النفوس؛ عقيدة، وعبادة، وسلوك، وخلق، واقتصاد، وتعاون، بكلمات سلسة (أيها الناس!) لم يفرق، بل دعا كل الناس، لم يقل: جماعتي من المهاجرين، أو أنصاري من الأنصار، أو طائفة اليهود أو غيرهم، إنما نادى الجميع، فهو يظل الجميع: (أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وَصِلُوا الأرحام، وَصَلُّوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام) وهناك تتهاوى كل المعلقات والقصائد المقدسة التي كانت تعلق على الكعبة، أين هذه الكلمات السلسة من قول امرئ القيس ؟:
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها لما نسجتها من جنوب وشمأل |
ترى بعر الآرام في عرصاتـها وقيعانها وكأنه حب فلفل |
إلى آخره ... كلام محمد لا يحتاج إلى قواميس اللغة صلى الله عليه وسلم، وهو مع فصاحته عميق، أوتي جوامع الكلم، ونحن نحتاج إلى الداعية الأديب الذي يجمع بين الفصاحة والفقه، والصبر والتضحية، والتحمل والإيثار والرضا بما في يد الله سبحانه وتعالى.
كلماته صلى الله عليه وسلم معدودة، ولكن انظر أثرها في النفوس! نحن نخطب خطبة طويلة عن الموت وذكره ولا نكاد نرى عيناً تدمع؛ لانشغالنا في الدنيا وعدم صدقنا في القول، ولكنه صلى الله عليه وسلم يقول عند القبر: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله) فيغطي الصحابة رءوسهم ولهم خنين وبكاء عظيم، لما لكلماته في نفوسهم من أثر، إنه الصدق أيها الإخوة.
أيها الأحبة: لا أنسى موقف الحسن البصري ، عندما استدعاه الحجاج قال الحسن : [اللهم إني أسألك بنورك الذي ملأت به أركان عرشك أن تكفيني شره] ثم قال الحجاج: أنت الذي تقول فينا: إن بني أمية اتخذوا أموال الله دولاً وعباد الله خولاً؟ قال: بلى. قال: أوتعنينا؟ قال: نعم. قال: ولِمَ ثكلتك أمك؟ وهنا تحرك السياف يفرد العضلات حتى يرعبه، فقال الحسن البصري : [من يوم أن أخذ الله الميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه] وهنا طأطأ الحجاج رأسه إلى الأرض أمام هذه الكلمة، وقلوب الجميع بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فقلب الله قلبه في تلك اللحظة، ورفع رأسه، وقال: يا غلام! أحضر الطيب والغالية وضمخ لحية الشيخ ورأسه .. انصرف يرحمك الله، يقول: [وانصرفت ونويت الاعتكاف في المسجد حتى يأتيني خبر موته، فلما جاءني خبر موته خررت لله ساجداً، فقد قتل سعيد بن جبير ولا يوجد على وجه الأرض أحد إلا ويحتاج إلى علمه].
لمن نشكو مآسينا |
ومـن يصغي لشكوانا ويجدينا |
أنشكو موتنا ذلاً لوالينا |
وهل موت سيحيينا |
قطيع نحن والجزار راعينا |
ومنفيون نمشي في أراضينا |
ونحمل نعشنا قسراً بأيدينا |
ونعرب عن تعازينا لنَا فِينَا |
الأعراض تنتهك على أرض لبنان ، لقد صرخت امرأة واحدة: وا معتصماه! فتحرك جيش أوله في الشام وآخره في عمورية ، وكانت عاصمة المعتصم يومها في الشام ثم تحولت إلى العراق ، المعتصم العباسي، قال: لبيك يا أختاه! والآن مئات الأخوات المسلمات يهتك اليهود والنصارى والحاقدون أعراضهن، ويستغثن ولا مغيث، أطفال يتامى يولدون من يتامى، وتصيح المرأة في السجون والمعتقلات يتعاور عليها الجنود، وتمتلئ أحشاؤها بابن الحرام، وتبكي حزينة يطويها الهم والذل والعار، وأعدادنا .. ما أعدادنا؟ ألف مليون مسلم وأكثر من مائة مليون عربي، ولكن غثاء كغثاء السيل، تحققت فينا نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وغثاء السيل -وأنتم أهل السيول والبلاد فيها الوديان والسيول- إذا جرى السيل انظر إلى الغثاء! ستعرف أنه يحمل معه العيدان والقش والبعر والروث، والعلب الفارغة، والفقاعات المتباعدة المتطايرة هذا غثاء السيل، ولم يبق لهذا الدين إلا طائفة لا تزال ظاهرة على الحق لا يضرها من خالفها إلى قيام الساعة، نسأل الله أن يجعلنا منهم.
والأمل كل الأمل من بعد الله بهذه الطائفة، فكما حفظ الله كتابه حفظ تلك الطائفة، لا يضرها تآمر المتآمرين، ولا إرهاب المرهبين، ولا تلميح المغنين، وإنما هم ثابتون على الحق يدورون حيث دار، يحملون رءوسهم على أكفهم ينظرون إلى جنة الله، وإلى رضوان الله، يصيحون صيحة جعفر بن أبي طالب :
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها |
والروم روم قد دنا عذابها علي إن لاقيتها ضرابها |
إخوتي! أخواتي: كثروا من هذا الصنف المبارك وحافظوا عليه والتفوا حوله، فإنه فيه الخير كل الخير: فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:116-117].
لما جئت إلى دولة الإمارات والشارقة وعجمان ورأس الخيمة ورأيت هذه الصحوة الإيمانية الإسلامية انشرح قلبي، وابتهجت روحي، وأنا أرى جمعية الإصلاح هناك وهنا يمتلئ مكانها، ورأيت الناس يملئون المسجد وساحات المسجد، وداخل السيارات وخارج المبنى، فقلت: الخير في أمة محمد إلى يوم القيامة، ولعل هذه الصحوة المباركة نفس من أنفاس آبائنا الصادقين المحتسبين وأمهاتنا العجائز الركع، لقد مرت هذه المنطقة بصبر لم يصبره أحد، كانت في شظف من العيش وفي تفرق وتمزق، ثم إن الله أكرمها بالمال الوفير، كثرها من قلة، وأعزها من ذلة، وجمعها من فرقة، ووحد بينها، ثم دفع فيها أولئك الصالحين، فَضْلٌ من الله ورحمة والله ذو الفضل العظيم.
إذاً.. إذا أردنا المزيد من ذلك فلنحافظ على أولياء الله، ولا نحاربهم، بل نؤيدهم وندعمهم ونشجعهم، وكما نبني أماكن للرياضة نبني أماكن لرياضة القلوب قبل رياضة الدروب، فإن القلب إذا صلح صلح معه الجسد ونظفت بيئة البلد، فإن نظافة بيئة القلوب تؤدي إلى نظافة كل شيء، إن ديننا الذي يفتخر عندما يفتخر بإماطة الأذى عن الطريق تتهاوى كل حضارة أوروبا وأمريكا الزائفة ذات الأخلاق المصلحية الدولارية التي يقول قائلها: إننا لا نرمي عود الثقاب لأن ذلك ليس من حقنا، نقول له: إن ديننا يحمل عود الثقاب الذي رمي، ويميط الأذى عن الطريق، وهذه شعبة من شعب الإيمان، وصدقة من الله رب العالمين، هذا ديننا، وهذا إسلامنا، فلنعتز به ولنفتخر، ولنلتزم به، ونشجع أهله، وندعمهم بالمال والمعنى، والكلمة والتأييد، والله سبحان وتعالى وعد في كتابه: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ [غافر:51].
والحرب الدائرة في المياه الدافئة وحولنا السد المنيع من أن تغزونا الباطنية هو التأصيل العقيدي الإيماني القرآني، الذي نتلقاه في مثل هذه المجالس، وفي مثل هذه المراكز، إن أرواحنا ستكون فداءً لهذا البلد، وأعراض هذا البلد، وأهل هذا البلد، وأول من تقدم أرواحهم أفواجاً إلى الله في جنات النعيم دفاعاً عن هذا البلد هي أرواح الدعاة الصادقين، الصف الأول، طريقة الجهاد وأسمى أمانيه الشهادة، إن الذي يتربى على القرآن والإيمان هو فارس الميدان، فحصنوا بناتكم وأولادكم بالعقيدة، لا بالغناء وإنما بالقرآن، فاجعلوا النبي قدوة وأسوة، وألحوا في الدعاء فإن الدعاء هو العبادة: بأن يوفق الله الكبير والصغير، والبعيد والقريب إلى فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين.
ونعوذ بالله من الظلم فإن الظلم ظلمات، نعوذ بالله من الظلم فالله عز وجل يقول للمظلوم: (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين) والله سبحانه وتعالى يدمر أمة من أجل مظلوم واحد، فلهذا نحرص على إشاعة الخيرات، وعلى عدم إشاعة المنكرات، فإن هذا البلد الطيب المبارك إن كان فيه خير فنحن أول من يصلهم الخير، والعكس أيضاً هو الصحيح، فنحن لا غنى لنا لا من بعيد ولا من قريب عنه وعن أرضه وعن ترابه.
نعم أحبتي: منذ الحرب العالمية الثانية كان آباؤنا وأجدادنا يقتلعون لقمة الرزق من أفواه الأسماك المتوحشة، ومن أمواج البحار الصاخبة، وكانوا بمراكبهم وأسلحتهم البيضاء الناصعة كقلوبهم يحلون أكبر أزمة ومجاعة يعرفها العالم، في الخليج إلى سواحل الهند والقارة الهندية ، كادت القارة الهندية أن تموت من الجوع في الحرب العالمية الثانية وسفن الخليج بمئاتها تبحر تحمل التمور والحبوب والأخشاب، في مخاطر ومهالك لا يعلمها إلا الله، واسألوا آباءكم تعرفوا الحقيقة، أمة هؤلاء آباؤها وهذا توكلها لا يتركها الله، فكانت بركة ذلك العمل تلك الصحوة الإيمانية والإسلامية التي أوجدها الله بين أيدينا فنسأل الله سبحانه وتعالى المزيد.
اللهم إنا نسألك يا أرحم الراحمين بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى ووحدانيتك أن تجعل بلادنا وسائر بلاد المسلمين سخاءً رخاءً، وأمناً وإيماناً، ونسألك اللهم أن تهدينا إلى سواء السبيل، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللهم كثر الصالحين من بيننا واهد من ضل منا، ولا تكلنا إلى أنفسنا.
اللهم إنا نسألك بعزك وذلنا بين يديك، وبقوتك وضعفنا، وغناك عنا وفقرنا إليك إلا رحمتنا، هذه نواصينا الخاطئة بين يديك لا ملجأ ولا منجى إلا إليك، عبيدك سوانا كثير وليس لنا سيد سواك، نسألك مسألة المسكين، ونبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وندعوك دعاء الخائف الضرير، سؤال من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عيناه، وذل لك قلبه يا أرحم الراحمين.
اللهم أصلح أولادنا وبناتنا وأزواجنا، وحكامنا ومسئولينا، وجيراننا وأرحامنا، اللهم إنا نسألك أن ترينا الحق حقاً وترزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وترزقنا اجتنابه، واجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم لقائك؛ يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الجواب: بفضل الله ومنته الشيوعية في الكويت فاشلة فشلاً ذريعاً؛ لأن شعب الكويت أصلاً متدين، وبفضل الله قامت لهم الصحوة المبكرة، فاتحاد الجامعة من شباب الصحوة الإسلامية، وإدارة جمعية المعلمين من شباب الصحوة الإسلامية، وهذان أهم مرفقين مؤثرين، وجمعيات النفع العام يكاد يكون (70%) منها بيد شباب الصحوة الإسلامية، ولا يوجد في الكويت بيتٌ إلا ولنا فيه ركيزة، أخ أو أخت، وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى، والشيوعية هناك تتلون، تتمسح مرة بالدين، ومرة بـالقومية ، ومرة بـالوطنية ، ولكن الناس يعرفون الحقيقة، يعرفون الصادق من الكاذب، وهذه الحملات التي يشنونها في الصحافة لا تؤثر إن شاء الله، فإن شباب الصحوة الإسلامية أظهروا البدائل المادية للناس، وأظهروا المؤسسات الإسلامية، وأنشئوا لجان الزكاة في كل المساجد والمناطق، وبدأ الفقراء والمعوزون وأصحاب الحاجات ينتفعون بهذه اللجان، وامتدت أيادي شباب الصحوة الإسلامية إلى خنادق الأفغان، وإلى مجاهل أفريقيا ، وإلى مخيمات اللاجئين في الأردن والحمد لله رب العالمين، فأصبحت هذه الكلمات التي تكتب أشبه ما تكون بالنغمة النشاز التي تمجها الأفكار والآذان، وهناك الخطباء من إخواننا المتطوعين يردون عليهم على المنابر، وهناك الكُتَّاب الإسلاميون يردون عليهم من خلال الصفحات الدينية في الصحف، وهناك مجلة المجتمع ترد عليهم، ومجلة الاتحاد في الجامعة أيضاً ترد عليهم، وثقوا أن الذي يحارب الله ورسوله لا يربح ولا يفلح لا في الدنيا ولا في الآخرة، فالذي انقطعت علاقته وعهده بينه وبين الله؛ فإن كل حبل بينه وبين المخلوقين مقطوع مهما تشبث فإنه يتشبث بخيوط العنكبوت.
الجواب: على حسب علمي أنه مات صلى الله عليه وسلم عن تسع زوجات.
الجواب: لا. في عصمة الرجل أربع زوجات، فإذا طلق إحداهن يجوز له بعد ذلك أن يتزوج، والرسول صلى الله عليه وسلم كما تذكر كتب السير أن زوجاته كانت ثلاث عشرة أو ثنتي عشرة، لكن مات عن تسع صلى الله عليه وسلم، وأحبهن إليه خديجة ثم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
الجواب: نعم بإجماع الأئمة. فإن إعفاء اللحية واجب، والدليل على ذلك أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الكثيرة في إعفاء اللحية، والأمر إذا جاء في القرآن أو الحديث فإنه يفيد الوجوب، أي: صيغة الأمر النبوي أو القرآني تفيد الوجوب مالم يصرفه صارف، وهذه قاعدة من أصول الفقه، وأوامر النبي واضحة لم يصرفها صارف في قضية اللحية: (أعفوا اللحى) .. (أرخوا اللحى) .. (أكرموا اللحى) إلى آخره ... فأصبح من الواجب إعفاؤها، لماذا؟ لأن الإسلام يريد للمسلم سمتاً وشخصية خاصة تميزه عن سائر الناس.
الجواب: الحمد لله ينتقلون من نصر إلى نصر، ومن تأييد إلى تأييد، وقد تراجعت فلول الجيوش الروسية، والله سبحانه وتعالى حقق النصر؛ وطُهرت جميع الجبهات، وأسقطوا كثيراً من الطائرات، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، فأبشروا! فإن أكثر من (80%) من أرض أفغانستان للمجاهدين، وإن عملياتهم تصل إلى كابول العاصمة.
الجواب: كلمة الحق تقال في كل مكان، ولكن عند الحكام لها أسلوب وطريقة، وعند العوام لها أسلوب وطريقة، فالله سبحانه وتعالى عندما أمر موسى أن يقول كلمة الحق عند فرعون، قال له: فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً طه:44] والله يعلم بعلم الأزل ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، يعلم أن فرعون سيموت فاجراً معانداً، ومع هذا لم يأذن لموسى في نصيحته للحاكم أن يكون عنيفاً حتى لا تأخذه العزة بالإثم، بل دائماً وأبداً ونحن ندعو إلى الله لا بد أن نكون مؤدبين في دعوتنا، شعارنا: الحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، وعندما تقدم النصيحة بطبق من الرفق والصدق فإن الله يوفق ويبارك فيها.
وإلقاء كلمة الحق تتفاوت بين موقف وموقف، وبين حاكم وحاكم، فهناك من يأخذ بالنصيحة، فإذا علمت أنه من أولئك فانصح، وإذا علمت أنه لا يأخذ بالنصيحة وإنما يأخذ بك ويسيء، فلا يجوز لك شرعاً أن تعرض نفسك للمهالك، وأن تقدم رقبتك بلا ثمن، من أجل ذلك أعطانا الإسلام مراتب للدعوة: بالنفس، فإن لم يستطيع فباللسان، فإن لم يستطع فبالقلب، وذلك أضعف الإيمان.
ولكن إذا لم يوجد على وجه الأرض إمام قدوة يظهر السنة والحق، وتظافر الجميع على السكوت فصاروا شياطين خرساً، هنا لا بد أن يقف كوقفة الإمام أحمد بن حنبل التي يريد بها مقام سيد الشهداء حمزة ، والتي يقول فيها صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء
الجواب: أما أطرف موقف: فقد وقفت يوماً أخطب وبينما أنا أدخل في الخطبة: إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، قام أحد المصلين ثم أخذ يتخطى الصفوف، فقلت: لعله يجلس في الصف الثالث .. فتعداه، فقلت: لعله يجلس في الصف الثاني، وأنا أنظر إلى جيوبه لعل فيها شيئاً، فلم يجلس، فأخذت أكمل الخطبة: عباد الله! اتقوا الله، فتعدى الصف الأول، فقلت: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، وإذا هو واقف خلفي على المنبر، فالتفت إليه وقلت له: ماذا تريد؟ قال: أريد أن أخطب، فإذا هو مسكين فيه خلل في عقله، فقلت له: إن شاء الله .. انزل الآن واجلس وبعد الصلاة تخطب، فنـزل.
ومرت الأيام وكانت هذه الحادثة رحمة من الله إذ جعلنا بعد ذلك إخوة تحت المنبر للحراسة، وبعد ثلاث سنوات من هذه الحادثة وأنا أخطب، وإذا برجل أيضاً يلبس بنطالاً، وقد أقبل يتخطى الصفوف: عباد الله اتقوا الله، ولكن هذه المرة كان سميناً، المرة الأولى كان نحيفاً، ولكن ما إن وصل إلى الصف الأول إلا وأمسكوه، قال: أريد أن أعطي الشيخ هدية، فلما حققت في وجهه وإذا هو نفس الرجل، وإذا الهدية نموذج للمسجد الأقصى يحمله بين يديه، يقول: إنني أحب الشيخ، وأحببت أن أعطيه هذا الأقصى لكي يكون له ذكرى، فقلت: يا ليت كثيراً من الزعماء مجانين كهذا المجنون، فيحملون الأقصى في قلوبهم وبين أيديهم ويدخلون به المساجد، لا أن يرفعوا مشاريع السلام مع اليهود.
أما أحزن موقف لي في حياتي: فهو تآمر المسلمين على المسجد الأقصى الذي تشد إليه الرحال، يوم أن بدءوا يصرخون أن اليهود حمائم محبة، وعنوان السلام، وأنهم أبناء عمومة، وبدءوا يصافحونهم ويدعونهم إلى مؤتمرات أديان، فلا حول ولا قوة إلا بالله، فأنا حزين من تلك الساعة إلى الآن ولن ينفك مني هذا الهم والغم حتى أرى الموحدين يصلون في الأقصى، وينادي الشجر والحجر: (يا مسلم! يا عبد الله: هذا يهودي خلفي تعال فاقتله) والله على كل شيء قدير.
أما متى سأعود مرة ثانية: فهذا في علم الغيب، ولكم مني زيارة إن شاء الله إذا استبقاني الله أطول من هذا، فأنا أحببتكم وأحببت بلادكم، وأحببت الصالحين فيها، فأسأل الله سبحانه وتعالى كما جمعنا على طاعته في الدنيا أن يجمعنا في رضوانه وجنته.
الجواب: أزمتهم أزمة قدوات وعقيدة ووحدة صف، أمضى سلاح نضعه في يد أعدائنا تمزقنا.
الجواب: هذا صحيح، ولكن لما بدأ غريباً انتصر، وإذا عاد غريباً الذي نصره في غربته الأولى حي لا يموت، فقد وعد أن ينصره في غربته الثانية، وعد في القرآن ووعد في السنة، فالقرآن سمعتموه، وأما السنة فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليبلغن أمر هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، وليدخلن اللهُ هذا الدينَ كل بيت، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام والمسلمين؛ وذلاً يذل الله به الشرك والمشركين) أو كما قال.
فنحن ننتظر هذه الخلافة التي تجمع أمة محمد إن شاء الله.
الجواب: نعم تنطبق على هذا الزمان.
الجواب: أنا تأليفي قليل، بعض القصائد لي منها: (بالدين يسمو المرء للعلياء) هذا من تأليفي، و(يا أختنا لمن النداء) للأخوات في سجون الشام ، وبعض القصائد (أتانا البشير بقتل البشير)، أما التي قرأتها عليكم فليست من تأليفي.
الجواب: نعم. هذا الشريط الذي سمعته أنت قديم، وعظم الله أجرنا وأجركم، وأسأل الله أن يرحم موتانا وموتاكم، وأما قضية الموت فكفى بالموت واعظاً، ويؤسفني كثيراً أن أصبح تشييع الجنائز نزهة عند بعض الناس، إذا دخلوا المقابر يشربون السجائر، ويتبايعون وينكتون، ويضحكون ويتغامزون ويتلامزون، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (كنت قد نهيتكم عن زيارة المقابر، ألا فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة)، وكان إذا دخلها دخل واجماً صامتاً مهموماً؛ لأنه ليس هناك أبلغ موعظة من الموت، فإذا أصبح الموت لا يؤثر في الناس فلا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا مؤشر على قسوة القلوب، والحسن البصري يقول: [ابن آدم! لا تزال في هدم عمرك منذ ولدتك أمك، إنما أنت أيام إذا ذهب يومك ذهب بعضك]، وأنت الآن حامل للجنازة وغداً محمول، وأنت الآن تدخل وتخرج وغداً تدخل ولا تخرج إلا يوم يبعثون، ولا تدري متى يكون الأجل، لعله في مجاري الأنفاس، فكن من الله في حذر: وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ [آل عمران:28].
الجواب: الأذنوبي شاعر شعبي اشتراكي مصري، وهو الذي كان يحمس العمال في السد العالي ويرثيهم بقصائد كثيرة، وله شعر شعبي وشعر بالفصحى، ولكن هذا رئيس الخلية لا أدري إذا كان يفتري عليه لكي يحطم أخلاقنا وهذه من عادات الشيوعيين، والكذب عندهم عبادة، والغاية تبرر الوسيلة، وأنا ذكرت هذه الحادثة ولا أصدقه، ولا أدري إن كان هذا حدث له مع الأذنوبي أم لا، ولكن لكي أبين لكم أساليبهم الخبيثة في تحطيم القيم والأخلاق وتهوين الرذيلة في النفوس.
الجواب: نعم. كلية الشريعة بفضل الله كلية طيبة، الأخوات محجبات ومنقبات، والاختلاط في الجامعة موجود ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكفينا شره، وأن يحجز بين الإناث والذكور، فإنهما إذا اجتمعا اشتدت الحرائق، وهذا أمر تشتكي منه أوروبا وأمريكا الآن وتفكر بأن تفصل بينهما، ولكن هيهات! نحن لا نعتبر بغيرنا حتى نقع في نفس الحفر المظلمة، لقد كان عذرهم وحجتهم أن بناء مبنى للجامعة مستقل للطلبة أو للطالبات مكلف، ولكن الله سلط على أموالهم الربوية فخسروا المليارات وبدءوا يسحبون من مدخرات الأجيال لكي يرقعوا بها عار الربا، فلو أنهم أطاعوا الله بمليون أو مليونين فبنوا للإناث جامعة وللذكور جامعة لما حدث ما حدث، والجامعة عندنا مأساة، جميع أزياء العالم تعرض فيها، وتلك فتنة عظيمة، وترى الكاسيات العاريات، ولكن الله بارك في الاتحاد والصحوة وبدأ الحجاب ينتشر حتى أصبح الآن بفضل الله ومنته في بعض الجامعات يشكل (80%) وبعض الجامعات النصف، ولكن قضية الاختلاط غير قضية الحجاب فهو خطر عظيم.
الجواب: ما شاء الله، خيراً ما طلبت، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ [البقرة:151-154].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ * وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ * يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَل امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:16-35].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعُ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ * لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [إبراهيم:44-52].
وإلى هنا نختتم أيها الأحباب هذا اللقاء.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر