إسلام ويب

دعوة للجهاد والشهادةللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جاهد الرسول صلى الله عليه وسلم فأقام دولة، وربى أصحابه في دولته، فأقاموا الدنيا لله رب العالمين... كل ذلك جهاداً في سبيل الله، وطلباً للشهادة، وما زال الجهاد قائماً في أيامنا هذه في بقاع شتى كفلسطين ولبنان. تبين ذلك هذه المادة، وتبين ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يمنحه لأصحابه المجاهدين من الدرجات والرفعة في الجنة، وهي كذلك لكل من جاهد بعدهم.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.

    عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله القائل في كتابه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] والذي يعطينا الضمان المعيشي لنا ولذريتنا في التقوى والدعوة إلى الله، فيقول سبحانه: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً [النساء:9].

    اللهم ألف على الخير قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، اللهم اجعلنا مبشرين وميسرين ولا تجعلنا معسرين ومنفرين، اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

    نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك منها غير مفتونين برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم إنا نسألك تحرير المسجد الأقصى، وأرض فلسطين وأرض لبنان والفلبين والأفغان.

    اللهم انصر جندك وأولياءك المجاهدين .. سدد رميهم، وثبت أقدامهم، واربط على قلوبهم، وفك أسرهم، واجبر كسرهم، وحقق بالصالحات آمالهم، واختم بالطاعات أعمالهم، واحفظ توحيدهم، واحقن دماءهم، وصن أعراضهم، وغض أطرافهم، واحفظ قلوبهم برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها، ونعوذ بك من النار وجحيمها، حرم وجوهنا والحاضرين ووالدينا والمسلمين عن النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار الأخيار، استعملنا فيما يرضيك، ولا تشغلنا فيما يباعدنا عنك، واقذف في قلوبنا رجاءك، واقطع رجاءنا عمن سواك حتى لا نرجو أحداً غيرك، ونسألك لأمتنا قائداً ربانياً يَسمع كلام الله ويُسمعها، وينقاد إلى الله ويقودها، ويحكم بكتاب الله وتحرسه، لا يخضع للبيت الأبيض، ولا يركع للبيت الأحمر إنما شعاره:

    نحن الذين بايعوا محمداً     على الجهاد ما بقينا أبداً

    وإذا اعتز الناس بدنياهم اعتز عليهم بدينه فصاح صيحة سلمان :

    أبي الإسلام لا أب لي سواه     إذا افتخروا بقيس أو تميم

    بشرى للمرابطين في سبيل الله

    أيها الأحباب الكرام: أجد نفسي مضطراً أن أعيش مع أشلاء القتلى في جنوب لبنان ، إنني لا أستطيع الكلام عن الحيض والنفاس وإخواني يقتلون هناك، طرقت في الخطبة الأولى قضية السلام والاستسلام، وفي الخطبة الثانية في الجمعة الماضية ضرورة وحدة الصف وجمع الكلمة وأنهما أقوى سلاح نواجه به اليهود، أما اليوم فإنها الشهادة وما أدراك ما الشهادة؟!

    الجهاد والرباط منطلقاً من عقيدة التوحيد وحسن الاعتقاد؛ حتى لا يحبط العمل، وتهدر الدماء، ويأتي الإنسان يوم القيامة فلا يجد ثواباً ولا أجراً عند الله.. نخشى أن تكون دماؤنا وأرواحنا بلا ثمن في الدنيا وبلا ثمن في الآخرة.

    من هنا.. من منبر الدفاع عن المسجد الأقصى أوجه إلى إخوتي وأخواتي، والأمهات الثكالى، والأطفال اليتامى، والأخوات الصابرات، والأزواج والزوجات الحزينات.. أوجه هذه الصيحة بأن يعقدوا نية الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، لا يخرُجَنَّ أحدٌ من بيته إلا ونية الرباط والجهاد في سبيل الله معقودة، فأنتم في أسمى عبادة مفقودة، فقدت من كبار الناس وصغارهم إلا القليل، وسأحدثكم يا أهل جنوب لبنان عن فضل ما أنتم فيه إذا صحَّحْتم الاعتقاد فعلمتم أن الله واحدٌ في أسمائه وصفاته وأفعاله، وأن خاتم النبيين محمد، وأن الله هو ملك الملوك، وأن خير القرون قرنه وخير القادة أصحابه، وأن لله جنة لا يدخلها إلا الموحدون، ولله نار لا يدخلها إلا العصاة المشركون الملحدون.

    أيها الإخوة والأخوات هناك: اسمعوا ما يقوله محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا نصاب باليأس؛ فيكون يأسنا رحمة وخوفنا أمناً، ويكون قنوطنا رجاءً، فهذه أحاديث الحبيب صلى الله عليه وسلم تندفع في أسماع الزمان والمكان والبشر إلى يوم القيامة، قال عليه الصلاة والسلام: (رباط شهر خير من صيام الدهر، ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر -أي: يوم القيامة- وغذي عليه برزقه وبريح من الجنة، ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله) ويقول صلى الله عليه وسلم: (رباط ساعة في سبيل الله خير من عبادة ليلة القدر عند الحجر الأسود) والركعة عند الحجر الأسود تعدل مائة ألف ركعة، ولكن ساعة في غبار الخنادق لإعلاء كلمة الله ليس كمثل تلك الركعة بل هو خير منها عند الله.

    ويقول صلى الله عليه وسلم: (ارموا -أي: أطلقوا النار والرصاص والسلاح في وجه العدو أصبتم أم لم تصيبوا- من بلَّغ العدو بسهمٍ رفعه الله به درجة، ما بين الدرجتين مائة عام) فماذا أعد الله لمن يطلق طلقات الرشاش المتتالية في وجه العدو في الدقيقة الواحدة يطلق أكثر من مائتي طلقة، والطلقة بمائة درجة؟ فماذا أعد الله للمجاهدين اليوم؟!

    ويقول صلى الله عليه وسلم: (من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت له بسبعمائة ضعف) .

    جزاء المجاهدين في سبيل الله

    يصور النبي صلى الله عليه وسلم المجاهد أشعثاً أغبراً: (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه -واليوم آخذ بحزام رصاصه، آخذ بمقبض رشاشه- أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إذا كان في الحراسة كان في الحراسة، وإذا كان في الساقة كان في الساقة، إذا شفع لا يشفع، وإذا استأذن لا يؤذن له) خفي نقي تقي حتى وساطته لا تقبل ومع هذا لا يتمرد ولا يعترض على قيادته المسلمة، ماذا له؟ قال: له طوبى، وطوبى هي: شجرة في الجنة يسير الراكب المسرع تحت ظلها مائة عام لا يقطعها.

    وسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً [آل عمران:169] فقال عليه الصلاة والسلام: (أرواحهم في جوف حواصل طير خضر لها قناديل من ذهب معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت، تشرب من أنهارها، وتأكل من ثمارها، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئاً؟ قالوا: أي شيءٍ نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث نشاء؟! ثم بعد ذلك لما رأوا أن الله لا يتركهم حتى يسألوه قالوا: نسألك أن ترد أرواحنا في أجسادنا لنقتل في سبيل الله مرة ثانية، فيقول الله: إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون، قالوا: من يبلغ إخواننا عنا أننا أحياء في الجنة؟ فقال الله: أنا أبلغ إخوانكم) من يبلغ إخواننا أننا في الجنة لكي لا يزهدوا ولا ينكلوا عن الجهاد والقتال (قال: أنا أبلغهم فأنزل قوله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169]).

    أيها الأحبة: لنستمع ماذا أعد الله للشهيد من خصال:

    يغفر له عند أول قطرة من دمه، ويرى مكانه من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خيرٌ من الدنيا وما عليها، ويزوج باثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه، بهذا المحرك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك الجيوش، لا بالرتب والرواتب والنياشين والعهود والوعود الفارغة، كان يخطب بهم في أحد ويخطب بهم في بدر (من قاتل المشركين اليوم صابراً محتسباً فقتل؛ أدخله الله الجنة) هذا في بدر ، فقال عمير بن الحمام وهو ينظر إلى تمرات يأكلها: [لئن صبرت حتى آكل هذه التمرات إنه لزمن طويل] ثم ألقى التمر، وجرد السيف، وكسر الغمد، وانطلق مرتجزاً إلى الله.

    ركضاً إلى الله بغير زاد     إلا التقى وطلب المعاد

    والصبر في الله على الجهاد     وكل زاد عرضة النفاد

    إلا التقى والبر والرشاد

    فقاتل واستشهد رضي الله عنه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088547015

    عدد مرات الحفظ

    777253018