إسلام ويب

عبر من غزوة أحدللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن مما يعين المسلم أو الجماعة على المضي قدماً في هذه الحياة: التفكر في الماضي وأحداثه، لأخذ العبر ممن سبق، والحذر من الوقوع فيما وقعوا فيه من الأخطاء فمثلاً: غزوة أحد التي حدث فيها القتال بين المسلمين والكفار، والتي كان النصر فيها بداية حليفاً للمسلمين، لكن بسبب مخالفة الرماة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، تغير مسار المعركة من النصر للمسلمين إلى الهزيمة، فلهذا ينبغي الحذر من الوقوع في الخطأ الذي وقعوا فيه.
    الحمد لله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، الحمد لله منـزل الكتاب، ومنشئ السحاب، وهازم الأحزاب: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى [الأعلى:2-5].

    يعز من يشاء، ويذل من يشاء، نسأله سبحانه أن يجعل شتات المسلمين دولة، وذلهم عزاً، وضعفهم قوة، ويأسهم رحمة، وقنوطهم رجاء، وأن يجعل فقرهم غنى، وشتاتهم وتمزقهم جماعة، أسأله سبحانه وتعالى أن يرد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً، وأن يبعث فيهم قائداً ربانياً يسمع كلام الله ويسمعهم، وينقادون إلى الله ويقودهم، ويحكم بكتاب الله ويحرسه، اللهم نبرأ من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التسليم إلا لك، ومن التفويض إلا إليك، ومن التوكل إلا عليك، ومن الرضا إلا بك، ومن الطلب إلا منك، ومن الذل إلا في طاعتك، ومن الصبر إلا على بابك، ومن الرجاء إلا لما في يديك الكريمتين، ومن الرهبة إلا لجلالك العظيم، تتابع برك، واتصل خيرك، وكمل عطاؤك، وعمت فواضلك، وتمت نوافلك، وبر قسمك، وصدق وعدك، وحق على أعدائك وعيدك، ولم تبق حاجة لنا إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين!

    وأصلي وأسلم على قائدي وقرة عيني ومعلمي محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الهداة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين، ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين، وأسأله أن ينصر المجاهدين في كل مكان، ويكرم الشهداء، ويفك الأسرى، ويجبر المكسورين، ويشفي المرضى، ويرحم الموتى، إن ربي على ذلك قدير.

    عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

    وبين الماضي والحاضر زمنٌ طويل، ولكن القرآن العظيم يختصر الزمان وينقلنا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يعقد مجلس الشورى، يشاور أصحابه في معاركه، لا يستبد، يستفيد منهم وهو المعصوم، يستشيرهم في معركة أحد كما استشارهم في بدر ، فيجمع كبار الصحابة على أن يتحصنوا في المدينة فإذا دخل الكافرون عليهم قاتلوهم قتالاً مستميتاً يشارك فيه النساء والأطفال براجمات الحجارة من فوق الدور، ويلتحم المجاهدون في الطرقات في حرب شوارع حتى يفتح الله لهم، ولكن الشباب المتحمس -وهذه هي طبيعة الشباب- قالوا: يا رسول الله! كيف لا نخرج إليهم وقد أتونا؟ هل نحن جبناء؟ بل نرى الخروج يا رسول الله! وسيرى الله منا ما لم يره في بدر، وكثير منهم لم يشهد بدراً، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يؤسس قاعدة الشورى لأمته أن الأغلبية تريد الخروج للقتال فتنازل عن رأيه، وقد وافقه وزيراه أبو بكر وعمر ، وقام رئيس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول يتشبث برأيه بالقتال داخل المدينة ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم حضرته جنازة فصلى عليها ودخل بيته في يوم الجمعة، وخرج على المسلمين وإذا مظهره الخارجي هو الجواب والقرار الأخير، والشباب قد تنازلوا عن رأيهم، وقالوا: لكأننا أكرهنا النبي صلى الله عليه وسلم على القتال؟

    وإذا به يخرج عليهم وعلى رأسه المغفر ولامة الحرب، وقد لبس درعين يظاهر بينهما، ولبس سيفه وكامل عدته، قالوا: يا رسول الله! كأننا أكرهناك على القتال نرضى ما ترضى، قال: (ما كان ينبغي لنبي إذا لبس لامة الحرب أن ينزعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه) الأمة التي تتذبذب بعد اتخاذ القرار الأخير وتتردد في قتال عدوها وهو يأخذ أرضها شبراً شبراً، قطعة قطعة، يهدر الدماء، ويسلب الأموال، ويهتك الأعراض، وحتى هذه اللحظة لم يكن هناك قرارٌ حاسم لمحاربة العدو الجاثم، ما كان يعرف ذلك محمدٌ صلى الله عليه وسلم، مع أنه كان يعلم نتيجة المعركة وأنه سيكون فيها ذبح لأنه في تلك الليلة رأى رؤيا حق، رأى ثلمة في ذبابة سيفه، ورأى بقراً تنحر، ورأى حصناً حصيناً أدخل يده فيه.

    فلما أصبح الصباح قص على الصحابة الرؤيا، وأولها قائلاً: (أما الثلمة في السيف فأحد أقاربي يقتل -وكان حمزة سيد الشهداء- وأما البقر التي تنحر نفر من أصحابي، وأما الدرع الحصينة فهي المدينة ) على ساكنها صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة والسلام، ومع هذه الرؤيا أصر على الثبات والتوكل على الله، واستسلم لقدر الله ينفذه خطوة خطوة، فإن يستشهد ويقتل أصحابه ويذبحون فإن ذبحهم محدود المكان ومحدود البشر ومحدود الزمن، ولكن يوم أن يخل في قاعدة الشورى فإنها سوف تكون مطلقة الزمان، يأتي كل سلطان وخليفة من بعده يتردد في أخذ القرار ويتردد في أخذ الشورى فتكون الطامة الكبرى على أمة محمد، أصر متوكلاً على الله ماضياً في قدر الله لا يتردد؛ لأن الشورى هي أساس حياة هذه الأمة، ويوم أن يستبد الحاكم والسلطان فالويل كل الويل على هذه الأمة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531883

    عدد مرات الحفظ

    777167309