إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (1)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عقيدة المسلم بمثابة الطاقة الدافعة والروح، والإيمان الصادق هو أصل الأصول في النظام العام لحياة المسلم جميعها، وقد دلت الأدلة العقلية والنقلية على الإيمان بالله تعالى ووحدانيته وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له، وأن كل إله يعبد سواه فباطل.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا بفضل الله تعالى وباسمه نفتتح الليلة دراسة كتاب منهاج المسلم، بدلاً عن: عقيدة المؤمن إذ ختمنا دراستها، والآن مع المنهاج والليلة تسمعون المقدمة؛ لتعرفوا قيمة هذا الكتاب، وتقبلون على دراسته بصدق وجد.

    قال: [الحمد لله رب العالمين، وإله الأولين والآخرين، وصلاة الله وسلامه ورحماته وبركاته على صفوة خلقه، وخاتم أنبيائه ورسله، سيدنا محمد وآله الطاهرين، وصحابته أجمعين، ورحمة الله ومغفرته للتابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

    وبعد ..

    فقد سألني بعض الإخوة الصالحين من مدينة (وُجْدَة) بالبلاد المغربية أيام زيارتي لتلك الديار الإسلامية، سألني بمناسبة دعوتي الإخوان إلى الكتاب والسنة والتمسك بهما؛ لأنهما سبيل نجاة المسلمين، ومصدر القوة والخير لهم في كل زمان ومكان.

    سألني ذلك البعض المؤمن أن أضع للفئات المؤمنة هناك، والجماعة الصالحة في تلك الربوع كتاباً أشبه بمنهاج أو قانون، يشمل كل ما يهم المسلم الصالح في عقيدته، وآداب نفسه، واستقامة خلقه، وعباداته لربه، ومعاملاته لإخوانه، على أن يكون الكتاب قبساً من نور الله -أي: من كتاب الله- وفلقة من شمس الحكمة المحمدية، فلا يخرج عن دائرة الكتاب والسنة، ولا يعدو هالتهما، ولا ينفصل عن مركز إشعاعهما بحال من الأحوال ..

    وأجبت الإخوة الصالحين إلى ما طلبوا، فاستعنت الله عز وجل في وضع الكتاب المطلوب، أو المنهاج المرغوب، وأخذت من يوم عودتي إلى الديار المقدسة في الجمع والتأليف والتنقيح والتصحيح، على قلة فراغي وانشغال بالي، وقد بارك الله تعالى في تلك السويعات الأسبوعية التي كنت أختلسها من جيب أيامي المليئة بالهم والتفكير، فلم يمض سوى عامين اثنين حتى تم وضع الكتاب على الوجه الذي رجوت، والصورة التي أملها الإخوان.

    وها هو الكتاب يقدم إلى الصالحين من إخوة الإسلام في كل مكان، يقدم كتاباً لو لم أكن مؤلفه وجامعه، لوصفته بما عساه أن يزيد في قيمته ويكثر من الرغبة فيه والإقبال عليه، ولكن حسبي من ذلك ما أعتقد فيه: أنه كتاب المسلم الذي لا ينبغي أن يخلو منه بيت مسلم.

    هذا والكتاب يشتمل على خمسة أبواب، في كل باب عدة فصول، وفي كل فصل من فصوله بابي العبادات والمعاملات مواد تكثر أحياناً وتقل.

    فالباب الأول من الكتاب في العقيدة، والثاني في الآداب، والثالث في الأخلاق، والرابع في العبادات، والخامس في المعاملات.. وبهذا كان جامعاً لأصول الشريعة الإسلامية وفروعها، وصح لي أن اسميه: (منهاج المسلم)، وأن أدعو الإخوة المسلمين إلى الأخذ به، والعمل بما فيه.

    وقد سلكت -بتوفيق الله تعالى- في وضعه مسلكاً حسناً -إن شاء الله تعالى- ففي باب الاعتقادات لم أخرج عن عقيدة السلف لإجماع المسلمين على سلامتها، ونجاة صاحبها؛ لأنها عقيدة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعقيدة أصحابه والتابعين لهم من بعده، وعقيدة الإسلام الفطرية والملة الحنيفية التي بعث الله بها الرسل، وأنزل فيها الكتب.

    وفي باب الفقه -العبادات والمعاملات- لم آل جهداً في تحري الأصوب واختيار الأصح مما دوَّنه الأئمة الأعلام: كـأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى أجمعين، مما لم يوجد له نص صريح أو دليل ظاهر من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا أصبحت لا يخالجني أدنى ريب، ولا يساورني أقل شك في أن من عمل من المسلمين بهذا المنهاج -سواء في باب العقيدة أو الفقه أو الآداب والأخلاق- هو عامل بشريعة الله تبارك وتعالى، وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم.

    ولا بأس أن يعلم الإخوة المسلمون أنه لو شئت -بإذن الله تعالى- لدونت المسائل الفقهية في هذا المنهاج على مذهب إمام خاص، ولكنت بذلك أرحت نفسي من عناء مراجعة المصادر المتعددة، وتصحيح الأقوال المختلفة، والآراء المتباينة أحياناً والمتفقة أخرى، كما هو معروف لدى العالمين، لكن رغبتي الملحة في جمع الصالحين من إخواننا المسلمين في طريق واحد، تتكتل فيه قواهم، وتتحد أفكارهم، وتتلاقى أرواحهم، وتتجاوب عواطفهم، وتتفاعل أحاسيسهم ومشاعرهم، هي التي جعلتني أركب هذا المركب الصعب، وأتحمل هذا العناء الأكبر، والحمد لله على نيل المراد وبلوغ القصد.

    هذا، وإني لأشكو إلى ربي عز وجل كل عبد يقول: إني في صنيعي هذا قد أحدثت حدث شر، أو أتيت بمذهب غير مذهب المسلمين، واستعديه سبحانه وتعالى على كل من يحاول صرف الصالحين من هذه الأمة عن هذا الطريق الذي دعوت، والمنهاج الذي وضعت، إذ أنني -والذي لا إله غيره- لم أخرج عن قصد أو غير قصدٍ فيما أعلم عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا عما رآه أئمة الإسلام وعملوا به، واتبعهم في ذلك ملايين المسلمين، لم أخرج قيد شعرة أبداً، كما أنه لا قصد لي سوى الجمع بعد الفرقة، وتقريب الوصول بعد طول الطريق.

    فاللهم يا ولي المؤمنين ومتولي الصالحين! اجعل عملي هذا في المنهاج عملاً صحيحاً مقبولاً، وسعيي فيه سعياً مرضياً مشكوراً، وانفع به اللهم من أخذ به وعمل بما فيه، وأنقذ به يا ربي من شئت من عبادك الحيارى المترددين، واهد به من عبادك من رأيت لهدايتك؛ إنك وحدك القادر على ذلك.

    وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلِّم

    المدينة المنورة في المؤلف

    21/2/1384هـ 1/7/1964م أبو بكر جابر الجزائري ].

    كان هذا الكتاب في عام: 1384ه‍، والذي أضيفه إليه: أننا كتبنا الدستور الإسلامي على أن يضاف إلى المنهاج، وهذا الدستور الإسلامي -والحمد لله- أعرضت عنه أمة الإسلام إعراضاً كاملاً، فلا العلماء تحدثوا عنه وشجعوا، ولا الحكام عملوا، والآن مضت عشرات السنين وأمة الإسلام لاصقة بالأرض هابطة إلا من شاء الله، فماذا نصنع؟

    كتبت اليوم كلمة في صفحتين بينت حقيقة هذا الدستور وأنه تسعة أبواب، كل باب فيه فصل، وكل فصل مادة، وهو مستوف لكل متطلبات الدولة الإسلامية إلا ما كان من القضاء والجنايات والأحكام أحلتها على المنهاج، وعزمنا إن شاء الله على نشر هذه الخلاصة في جريدة من الجرائد تتكرر؛ ليسمع هذا أكثر الناس ويعرفوه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088563005

    عدد مرات الحفظ

    777350033