الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً.
وقد انتهى بنا الدرس إلى [ الفصل الرابع عشر: في الأضحية والعقيقة ] فهيا بنا نتعرف على الأضحية والعقيقة.
قال [ وفيه مادتان: المادة الأولى: في الأضحية ].
تعريف الأضحية
[ أولاً: تعريفها: الأضحية هي: الشاة تذبح ضحى يوم العيد تقرباً إلى الله تعالى ] وتزلفاً. ولفظ: شاة يدخل فيه الذكر والأنثى، فالكل جائز.
حكم الأضحية
[ ثانياً: حكمها ] حكم هذه الأضحية [ الأضحية سنة واجبة ] جمعاً بين المذاهب السليمة الصحيحة، فمنها من يقول: سنة مؤكد، ومنها من يقول: واجبة، والجمع بينهما: أنها سنة مؤكدة أو واجبة [ على أهل كل بيت مسلم قدر أهله عليها ] واستطاعوا الحصول عليها، وأما إن عجزوا فلا حرج؛ [ وذلك لقوله تعالى:
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ 
[الكوثر:2] ] والأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والصلاة صلاة العيد، والنحر هو نحر الشاة أو الناقة أو البقرة يوم العيد [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (
من كان ذبح قبل الصلاة فليعد ) ] ومعناه: أننا لا نذبح بعد صلاة الصبح أو الليل، وإنما حتى نصلي العيد ونذهب إلى المذبح ونذبح. وقوله: (
من كان ذبح قبل الصلاة فليعد )، أي: الذبح، وتكون الأولى صدقة يتصدق بها [ وقول
أبي أيوب الأنصاري : (
كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ) ] فأهل البيت كثروا أو قلوا، ولو بلغوا عشرين امرأة وولداً فالشاة الواحدة مجزئة وكافية.
فضل الأضحية
الحكمة من الأضحية
[ خامساً: أحكامها: ]
سن الأضحية
[ أولاً: سنها، لا يجزئ في الأضحية من الضأن أقل من الجذع، وهو ما أوفى سنة أو قاربها ] كأن يكون في الشهر العاشر أو الحادي عشر مثلاً [ وفي غير الضأن من المعز والإبل والبقر لا يجزئ أقل من الثنيِّ، وهو في الماعز ما أوفى سنة ودخل في الثانية، وفي الإبل ما أوفى أربع سنوات ودخل في الخامسة، وفي البقر ما أوفى سنتين ودخل في الثالثة ]؛ وذلك [ لقوله عليه الصلاة والسلام: (
لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ). والمسنة من الأنعام هي الثنية ].
السلامة من العيوب
أفضل الأضاحي
وقت ذبح الأضحية
ما يستحب من الذكر عند ذبح الأضحية
الوكالة في الأضحية
[ سادساً: صحة الوكالة فيها ] أي: أن توكل من يذبح عنك [ يستحب أن يباشر المسلم أضحيته بنفسه، وإن أناب غيره في ذبحها جاز ذلك بلا حرج، ولا خلاف بين أهل العلم في هذا ] ولا حرج.
قسمة الأضحية
[ سابعاً: قسمتها المستحبة ] عند الشرع [ يستحب أن تقسم الأضحية ثلاثاً: يأكل أهل البيت ثلثاً، ويتصدقون بثلث، ويهدون لأصدقائهم الثلث الآخر ]؛ وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: (
كلوا وادخروا وتصدقوا ). ويجوز أن يتصدقوا بها كلها، كما يجوز أن لا يهدوا منها شيئاً ] ولا حرج.
أجرة من يذبح الأضحية
حكم الشاة عن أهل البيت الواحد
ما يجتنبه من أراد التضحية
تضحية الرسول صلى الله عليه وسلم عن جميع الأمة
[ الحادي عشر: تضحية الرسول صلى الله عليه وسلم عن جميع الأمة: من عجز عن الأضحية من المسلمين ناله أجر المضحين؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم عند ذبحه لأحد كبشين قال: (
اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي ) ] فكل من لم يضح مأجور بضحية الرسول صلى الله عليه وسلم إن كان عاجزاً. والكبش الآخر له.
[ المادة الثانية: في العقيقة: ]
تعريف العقيقة
[ أولاً: تعريفها: العقيقة هي: الشاة تذبح للمولود يوم سابع ولادته ].
حكم العقيقة
الحكمة من العقيقة
[ ثالثاً: حكمتها: من الحكمة في العقيقة شكر الله على نعمة الولد، والوسيلة لله عز وجل في حفظ المولود ورعايته ] أي: الشكر لله ثم العمل على المحافظة على الولد حتى لا يهلك.
سلامتها وسنها
[ أحكامها: من أحكام العقيقة: أولاً: سلامتها ] من العيوب كالأضحية [ وسنها ] كالأضحية سواء بسواء [ ما يجزئ في الأضحية من السن والسلامة من النقص يجزئ في العقيقة، وما لا يجزئ في الأضحية لا يجزئ في العقيقة ].
طعمها وإطعامها
[ ثانياً: طعمها وإطعامها: يستحب أن تقسم كما تقسم الأضحية، فيأكل منها أهل البيت ويتصدقون ويهدون ] كالأضحية.
ما يستحب يوم العقيقة
الأذان والإقامة في أذني المولود
حكم من لم يعق في اليوم السابع
[ خامساً: إذا فات السابع ولم يذبح فيه صح أن يذبح يوم الرابع عشر أو يوم الواحد والعشرين، وإذا مات المولود قبل السابع لم يعق عنه ] فإذا مات في اليوم الخامس أو السادس لا يعق عنه، فلا يعق عنه إلا إذا بلغ سبعة أيام.
وصلى الله على نبينا محمد وآله.
صفة التكبير في العيدين
السؤال: فضيلة الشيخ! ما صفة التكبير، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، ويستحب من اليوم إلى نهاية ثلاثة أيام، وأنت في بيتك، وأنت ذاهب إلى المسجد، وأنت عائد إلى بيتك، فهذه أيام التكبير،
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ
[البقرة:203].
حكم الاشتراك في أضحية الضأن أو الماعز
السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز أن يجتمع ثلاثة أو أربعة من الأشخاص على أضحية من الضأن أو الماعز؟
الجواب: لا يجوز إلا لأهل البيت، فلو كانوا خمسين تجزئهم الشاة، وما دمتم عاجزين فلا تشتركون؛ لأنه لم يؤذن لكم بالاشتراك، فقد ذبح عنكم الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وجودكم.
حكم الأضحية للمسافر
السؤال: فضيلة الشيخ! إني أحبك في الله، رجل سافر إلى بلد فهل يضحي في بلده أو البلد الذي سافر إليه؟
الجواب: الأضحية في بلد أهله لامرأته وأولاده وأهله، فالمسافر لا يتعين عليه الأضحية، فلا يضحي في سفره وإنما يضحي في بلده.
حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
السؤال: فضيلة الشيخ! ما صحة الحديث الذي معناه: أن الإنسان إذا رأى منكراً فإنه لا بد أن ينكره، فإن ذلك لا ينقص من رزقه ولا من عمره شيئاً، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: هذا وغيره مما أوجب الله تعالى علينا، فإذا رأينا منكراً واستطعنا أن نغيره بأيدينا غيرناه، وإن لم نستطع فلنقل بألسنتنا: يا عبد الله! أو: يا أمة الله! هذا منكر، فاتركيه، وإن عجزنا عن العمل والقول فننكر ذلك بقلوبنا، ولو لم نتكلم؛ لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيح: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ).
حكم ترك التضحية والتصدق بقيمتها
السؤال: يا شيخ! هل يمكن للشخص أن يدفع مالاً بدلاً من ذبح الأضحية؟
الجواب: لا يجوز، فلا تترك سنة الرسول وتشريعه وتعمل بهواك، فلا تتصدق بهذا المال وتترك الذبح، فهذا لا يجوز، فإن كان قادراً فيذبح ويتصدق، ولا يعطل الأضحية المشروعة التي هي سنة الرسول ويقول: أنا قد تصدقت بهذا المال.
حكم الأضحية لغير المتزوج
السؤال: فضيلة الشيخ! هل تجب الأضحية للمسلم القادر غير المتزوج؟
الجواب: إذا كان في بيت وفيه أمه أو أخوته وأخواته يضحي، وإذا كان شاباً عزباً ليس عنده بيت يسكن فيه فلا يضحي.
وقت ذبح الأضاحي في أيام التشريق
السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز الذبح في أيام التشريق بعد صلاة الفجر مباشرة أم بعد الإشراق؟
الجواب: لما تعين الموعد والوقت بعد صلاة العيد فباقي الأيام الأخرى ليس فيها صلاة عيد، فيذبح متى تهيأ له في الليل أو في النهار.
حكم استمرار الذبح خلال أيام التشريق
السؤال: هل ذبح الأضاحي يستمر إلى اليوم الثالث عشر ويجوز الذبح في خلال أيام التشريق؟
الجواب: أيام التشريق هي الثلاثة بعد العيد، فهذه الأيام يجوز فيها ذبح الأضحية.
فضل جلوس المصلي في مكانه من بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس
حكم التضحية عن الميت
السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز أن أضحي بأضحية عن والدي المتوفيين، أم أجعل من ذلك صدقة؛ حيث إنني أريد أن أضحي بأضحيتين عن والدي؟
الجواب: الأضحية لا تكون إلا على حي، وإن أردت أن تتصدق يوم العيد فاذبح ما شئت وتصدق بما شئت، لكن الأضحية على الموجود الحي وليس على الميت.
الإحرام بالعمرة لداخل مكة من غير أهلها
السؤال: فضيلة الشيخ! سوف أقوم بزيارة أقاربي في مكة في يوم العيد، فهل أذهب محرماً بعمرة أم عليَّ هدي؟
الجواب: الأصوب أنك تدخل مكة إذا لم تكن من أهلها بعمرة، وإذا كنت من أهل مكة فلا عمرة عليك ولا إحرام، لكن إذا كنت من أهل المدينة وتريد أن تزور أقرباءك في مكة فادخل محرماً بعمرة.
حكم الإمساك عن أخذ الشعر والأظافر لمن يريد التضحية
السؤال: هل الإمساك عن الأخذ من الشعر والأظافر لمن أراد الأضحية على سبيل الوجوب أم الاستحباب؟
الجواب: قد بينته، فقد اختلف هل هذا النهي للكراهة أو للاستحباب؟ فـمالك يرى أنه يستحب لمن أراد أن يضحي ألا يأخذ من شعره ولا من ظفره، فالأمر واسع، سواء قلنا: مستحب، أو قلنا: مكروه، فلا نأخذ حتى نصلي العيد ونذبح الشاة.
ما يشرع عند زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم
السؤال: فضيلة الشيخ! ما هو الدعاء المشروع قوله عند زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: ليس هناك دعاء مشروع قط، ولا قال به أحد من الصحابة ولا الأئمة، ولكن المشروع السلام عليه صلى الله عليه وسلم كأنه بين يديك: السلام عليك رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام عليك أبا بكر الصديق ! صفي رسول الله وثانيه في الغار ورحمة الله وبركاته، السلام عليك عمر الفاروق ! ورحمة الله وبركاته، كأنهم بين يديك في الروضة، ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم في الروضة لم يكن أحد يجيء إليه يصلي ويسلم عليه ثم يدعو أمامه ويقول: توسل لي، لم يكن يفعل هذا أحد.
مكان ذبح الأضحية
السؤال: فضيلة الشيخ! سمعنا أن الذبح في البيت أفضل من الذبح في غيره؛ لما في ذلك من إراقة الدماء، هل هذا صحيح؟
الجواب: هذه فرية وكذبة فيما أعلم، فما حدد لنا الرسول أين نذبح، فيجوز في البستان وفي الحوش وفي البيت وغيرها، والذبح في البيت قد يلطخ البيت ويفسده عليك، فإذا كان هناك حوش أو مكان واسع فاذبح فيه، والمهم أنه ليس عندنا في الشريعة مكان للذبح، فأي مكان يذبح فيه، وإنما فقط لا تؤذي الناس بذبحك.
حكم التصدق بوزن شعر المولود
السؤال: هل يتصدق بشعر المولود أم بوزنه؟
الجواب: تأخذ الشعيرات فتضعها في كفة الميزان وتتصدق بقيمة وزنه ذهباً أو فضة، هذا هو الواجب، وليس بالشعر، ولا يوجد من يأخذ شعر الولد، فحتى أمه لا تأخذه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله.