إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (13)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من عقيدة الإسلام الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالمين، وقد دلت الدلائل النقلية والعقلية على صدق رسالته صلى الله عليه وسلم، وقد ظهرت خوارق ومعجزات أجراها الله على يديه مثل انشقاق القمر، وحنين الجذع، ونطق الشجر، ودعائه على كسرى، وتكثير الطعام والماء بدعائه، وحادثة الإسراء والمعراج، والمعجزة الخالدة القرآن الكريم، وكانت لهذه المعجزات فوائد كبيرة وعظيمة في تقرير نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم، ندرس كتاب (منهاج المسلم)، وقد انتهى بنا الدرس إلى الإيمان برسالة النبي صلى الله عليه وسلم.

    وأعيد إلى أذهان المستمعين والمستمعات ما علمناه وتكرر عندنا، وأصبح من الضرورة لدينا، وهو: أن العقيدة الإسلامية الصحيحة الخالية من الزيادة والنقصان بمثابة الروح، والأبدان تحيا بأرواحها. هل رأيتم ميتاً فيه روح؟

    الأبدان تحيا بالأرواح، والأرواح تحيا بالإيمان الصحيح؛ فلهذا المؤمن الصحيح الإيمان السليم العقيدة اعتبروه حياً بينكم، يسمع نداءكم ويجيب، يعطي ويأخذ، يذهب ويجيء؛ وذلك لكمال حياته.

    والذي فقد العقيدة الإسلامية، وكان كافراً بها وجاحداً ولا يعرفها فهو بمثابة الميت، يدعى فلا يجيب، ينادى فلا يسمع، يؤمر فلا يطيع؛ وذلك لموته.

    والدليل القطعي: هو أن أهل الذمة من اليهود والنصارى إذا كانوا يعيشون معنا في ديارنا الإسلامية، وأعلن عن دخول رمضان، فهل نأمرهم بالصيام؟ الجواب: لا.

    إذا حان وقت الزكاة وأعلنا، فهل نأخذ من أهل الذمة زكاة، أو نأمرهم بزكاة؟

    إذا نادى منادي الصلاة: أن حي على الصلاة، واليهودي جالس أو النصراني فهل نقول له: قم صلّ. أجب النداء؟ الجواب: لا. ما السر؟

    هو أنهم بمنزلة الأموات، روح الإيمان ليست عندهم، فلا يسمعون ولا يبصرون، ولا يجيبون ولا يعطون؛ لأنهم كفار بمعنى: أموات.

    إذاً: العقيدة الإسلامية الصحيحة صاحبها -أو صاحبتها- حي يسمع ويجيب؛ ولهذا يقوم بما أوجب الله عليه، وينتهي عما نهاه الله عنه، ويسمع الموعظة والنداء ويجيب؛ وذلك لكمال حياته، وفاقد العقيدة ميت لا يؤمر ولا ينهى، ولا يجاب ولا يسأل.

    وإذا كانت العقيدة الإسلامية مخلخلة مهلهلة ليست سليمة، ما تلقاها أصحابها عن وحي الله وهدي رسوله، فيها الزيادة وفيها النقصان؛ فأهلها كالمرضى، فالمريض أحياناً يقوم وأحياناً لا يقوم، أحياناً يجيب إذا دعوته، وأحياناً لا يجيب لمرضه، فضعف العقيدة بعدم فهمها أو بما داخلها من زيادة أو نقصان؛ أصحابها مرضى لا يقوون ولا يقدرون على أن ينهضوا بالواجبات التي أوجب الله، ولا عن أن ينتهوا ويتنحوا عما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

    وإليكم برهاناً قاطعاً: تشاهد إخوانك في قريتك.. في بلدك؛ فتجد أعلمهم بالله عز وجل وأعرفهم به: أتقى أهل القرية أو المدينة، ومعنى (أتقى): أتقاهم لله، فلا شر منهم يوجد، ولا باطل ولا فساد؛ وذلك لكمال حياتهم.

    والله يقول: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28]، أي: العارفون بالله عز وجل، وبمحابه ومكارهه، العارفون بشرعه وما يحويه من هدى ونور، هؤلاء هم أتقى الناس لله عز وجل، وعلة ذلك: علمهم؛ ولذا كان طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.

    هذه العقيدة الإسلامية -معشر المستمعين والمستمعات- مبناها الذي تقوم عليه: ستة أركان، فيجب أن تعلم هذه الأركان الستة بالضرورة، فبعد أن تصدق تصديقًا جازماً قاطعاً أنه لا إله إلا الله، اعلم أن أركان العقيدة هي الإيمان بالله، ثم الإيمان بملائكته، ثم الإيمان بكتبه، ثم الإيمان برسله، ثم الإيمان باليوم الآخر، ثم الإيمان بالقضاء والقدر.

    هذه ستة أركان، إذا سقط ركن منها انهار البناء وسقط، ولو أن المرء يقول: أنا لا أؤمن فقط بالبعث الآخر لحكم المسلمون بكفره، ولو قال: أنا آمنت بالله ولقائه إلا أنني لا أؤمن بالقضاء والقدر الإلهي حكم المسلمين بكفره وسقط، وليس بالمؤمن.

    ولو آمن برسل الله كلهم ثلاثمائة وأربعة عشر، وقال: أستثني عيسى لا أؤمن به، أو محمد بن عبد الله لا أصدق به؛ حكم المسلمون بكفره ولم يكن مؤمناً.. مات.. العقيدة تهلهلت ..سقطت.. أصبح ميتاً.

    فلهذا درسنا هذه الأركان، وانتهى بنا الدرس إلى الركن الرابع: الإيمان بالرسل.

    وعرفنا موجزاً لذلك، وهو: أن الرسل الذين أرسلهم الله إلى الأمم يحملون رسالة الله لإبلاغها إياهم؛ لأجل هدايتهم وليسعدوا ويكملوا، وهم ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً، أما الأنبياء فهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، ولسنا مأمورين بحفظ أسمائهم أو بيان معرفتها، وإنما الذين ينبغي أن نحفظ أسماءهم وأن تكون معلومة عندنا خمسة وعشرون رسولاً، من بينهم أهل العزم الخمسة، هذه المجموعة من رسل الله جاء منها ثمانية عشر رسولاً في آية من سورة الأنعام: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ .. [الأنعام:83]، تجد ثمانية عشر رسولاً، ويبقى سبعة موزعون في القرآن فاحفظهم واعلمهم.

    وأولو العزم خمسة جاء ذكرهم في سورة الأحزاب، إذ قال تعالى: مِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [الأحزاب:7]، (منك) هذا الضمير الكاف للمخاطب، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك على الترتيب: نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، فمحمد أفضلهم؛ لأنه ذكر أولهم، وبالترتيب الآتي: مِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [الأحزاب:7].

    إذاً: آمنا بالرسل بهذا الإجمال، ثم أخذنا نؤمن برسولنا، ونذكر الأدلة القطعية الدالة على رسالته، وأنه قطعاً رسول الله أرسله إلى الناس كافة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088527815

    عدد مرات الحفظ

    777142760