أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً. وقد انتهى بنا الدرس إلى الأحكام، وها نحن مع حكم [الإقطاع] فما هو الإقطاع؟
هذا هو الإسلام، وهذه هي الدولة الإسلامية وهذا نظامها، والله لا يوجد في العالم دولة كالإسلام أبداً في النظام والتخطيط، وكل ما سواه قوانين باطلة.
فمن أقطعه الإمام أرضاً ثم عجز عن تعميرها -ما استطاع- استردها الإمام، وأعطاها لغيره.
والدليل: [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به )] أما إذا سبقه غيره فلا يجوز.
إذاً: للإمام أن يقطع إقطاع إرفاق -ليس تمليكاً- ورحمة لمن شاء من الرعايا، كمجالس للبيع في الأسواق، أو ساحة عامة، أو شوارع واسعة، على شرط: إن لم يحصل بذلك ضرر لعامة الناس، فإن أحدث ذلك ضرر يسلب ولا يعطى، ولا يملك المقطوع له ذلك، وإنما يكون أحق به من غيره فقط، والدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به ).
[لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار )] هذا نظام الإسلام: ( لا ضرر ولا ضرار )، لا تَضُر ولا تُضَر.
إذاً: ليس لمن أقطعه الإمام مجلساً، أو سبق إليه بدون إقطاع الإمام، أن يضر بأحد من المؤمنين، وكيف يضره؟ بأن يحجب عنه النور، أو يحول بينه وبين المشترين أن يروا بضاعته المعروضة للبيع، فإن حصل الضرر فلا يجوز أبداً، والدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ).
إذاً: إذا سال الوادي انتفع به المسلمون، كيف؟ الأعلى فالأعلى حتى تنتهي المزارع المراد سقيها أو ينتهي الماء وينتهي ماء السيل، والمزارع المتساوية في القرب من أول السيل يقسم بينهم السيل بحسب كبر المزارع وصغرها، ومن يقوم بهذا؟ الحاكم أو من ينوب عنه، وإن تشاحوا أقرع بينهم بالقرعة، والدليل ما روى ابن ماجه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في شرب النخل من السيل أن الأعلى قبل الأسفل.
[ويترك الماء إلى الكعبين] يترك الماء يسيل في البستان إلى قدر الكعبين فقط وليس إلى الساق، وهو قدر كافٍ في سقاية الأرض [ثم يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه] أي: البستان الذي أسفل منه [وهكذا حتى تنقضي الحوائط أو يفنى الماء] بستان بعد بستان حتى تنتهي البساتين أو يفنى الماء.
[ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( اسق يا
هل يجدون هذه الأنظمة في قانون بشري؟ هل يصلون إليها؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.
[الحمى]
فقد حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقيع لإبل وخيل الجهاد، كما حمى عمر رضي الله عنه أرضاً، وقيل له في ذلك، فقال: المال مال الله، والعباد عباد الله، والله.. والله لولا ما أحمل عليه -أي: على هذه الخيل والإبل- في سبيل الله ما حميت من الأرض شبراً واحداً أبداً.
[ثالثاً: أحكامه: للحمى أحكام هي: ]
إذاً: يلحق بالقياس ما تحميه الدولة من بعض الجبال، لتنمية الأشجار في الغابات، فينظر في ذلك، فإذا كان يحقق مصلحة راجحة للمسلمين أقرت الحكومة على ذلك ولها الحق ولا نعترض، وإذا بان أنه أضر بالمسلمين ولم يحقق لهم أي فائدة راجحة، فلا تقر عليه؛ إذ لا حمى إلا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا هو الشرع الإسلامي، وهذه هي الأحكام الإسلامية. فكيف يُعرض عن الدين الإسلامي؟
والله أسأل أن يرد المسلمين إلى الصواب، وأن يرجع بهم إلى الحق، وأن يطبقوا شرع الله ويصدقوه.
والآن مع بعض الأسئلة والإجابة عنها.
الجواب: لا يجوز.. لا يجوز.. لا يجوز، لا بد أن تحرم من ميقات المدينة، فتنوي عمرتك في يومك ثم تعود إلى جدة لحاجاتك، أو تحرم من المدينة وتذهب إلى جدة يوماً أو يومين أو ثلاثة وأنت محرم تلبي وتقضي حاجتك، وبعد ذلك تعتمر، أما أن تخرج ثم تحرم من جدة فلا يجوز.. لا يجوز.. لا يجوز.
الجواب: اختلف أئمة الإسلام في أي البلدين أفضل مكة أم المدينة، فمنهم من يقول: مكة، ومنهم من يقول: المدينة، فـأحمد رحمه الله يقول: مكة أفضل، ومالك رحمه الله يقول: المدينة أفضل. ومما فتح الله تعالى به علي وأنا أعمل ما استطعت على جمع كلمة المسلمين، وعدم التفرقة بينهم؛ إذ الفرقة حرام، ومن ذلك كتاب منهاج المسلم الذي جمع ما بين المذاهب الأربعة، فلا تقل: أنا مالكي أو حنفي أو شافعي أو حنبلي، بل قل: أنا مسلم، قال الله قال رسوله، فلا نتفرق ولا نفترق أبداً، حرام علينا.
فمما فتح الله به علي أن قلت: إن كنت قادراً على الصيام والقيام فعليك بمكة، أي: الزم مكة ما دمت تصوم وتقوم الليل، فالحسنة بمائة ألف في الصلاة، ويوم أن تعزف عن الصيام والقيام فتعال للمدينة لتموت بها، فإن الوفاة بالمدينة أفضل؛ لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب أصحابه مهاجرين وأنصاراً: (من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإني أكون له شاهداً أو شفيعاً يوم القيامة )، وكان عمر المبشر بالجنة، يقول: اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك وموتة في بلد رسولك، فتعجب أم المؤمنين حفصة -ابنته- وتقول: كيف هذا يا عمر ؟ -يعني: الشهادة في اليابان والصين والهند، وليست بالجزيرة فالقتال انتهى هنا، فكيف تموت هناك وتلتمس الدفن هنا- فيقول: اسكتي يا أم المؤمنين! إن الله على كل شيء قدير، وقد استجاب الله له، وطعنه مجوسي من المجوس في المحراب فاستشهد ودفن مع رسوله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: نعم. إن أخرت طواف الإفاضة وسافرت بعده مباشرة فإنه يغنيك عن طواف الوداع؛ لأنك ودعت، فإذا سافرت لا حرج، أما إذا أقمت بمكة يوماً أو يومين فلا يجوز، بل لا بد أن تطوف طواف الوداع، لكن إن طفت وسافرت فلا حرج.
الجواب: بعض أهل العلم، وبعض الأئمة الأربعة يقول: لا يصلي أبداً من بعد العصر إلى غروب الشمس، حتى طواف الإفاضة لا يصلي ركعتين مع غروب الشمس بل يؤخرها؛ لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وبعضهم يقول: ما دامت تحية المسجد فإنه يصليها في أي وقت، لأنها ليست نافلة بل تحية للمسجد: ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) والمانعين يقولون: في الوقت الجائز والوقت الممنوع ليس هناك صلاة.
ومما فتح الله تعالى به علي أن قلت: من دخل المسجد مع الاصفرار، أي: قبل أن تطلع الشمس فلا يصلي تحية المسجد، ومن دخل قبل الغروب بعشر دقائق، أو بربع ساعة والشمس تغرب فلا يصلي تحية المسجد بل يجلس، والدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها بصلاة ) وهو حديث عام، فعند طلوع الشمس لا تصلي واجلس، وعند غروبها كذلك، وما عدا الوقتين فإنك تصلي تحية المسجد، وهو قول جامع لا يفرق بين المسلمين.
الجواب: أولاً: لا ينبغي أن يحرموا إلا من الميقات لهذه العلة، فلماذا يكره الإحرام من خارج الميقات؟ مع أنه يجوز أن تحرم من الشام أو من المسجد؛ لأنه قد يحدث لك حادث فتتعطل، فالأفضل أن تحرم من الميقات، فهذه الأسرة التي حصل لها الحادث إذا كانوا قد اشترطوا على ربهم لما أحرموا، وقالوا: ربنا محلنا من الأرض حيث تحبسنا وحبسهم، فإنهم يتحللون ويعودون إلى ديارهم ولا شيء عليهم، وإن أحرموا ولم يشترطوا وتحللوا فعلى كل واحد ذبح شاة أو صيام عشرة أيام.
الجواب: من الآن اعزم على ألا تعود لهذا البنك، وليصبك ما يصبك واصبر؛ لأن العمل في البنك الربوي حرام، فالكاتب كالعامل حتى الحارس، لماذا؟ لأننا نريد أن تتحول بنوك الربا إلى مصارف إسلامية، وما المانع أن تتحول إلى مصارف إسلامية، فننتهي من كلمة بنك يهودية؟
أيها السائل! تخلص من هذا العمل في البنك الربوي، والله يتولاك ويتولى أولادك.
الجواب: إذا كان كلامه كلاماً دنيوياً فهذا حرام في المساجد فضلاً عن الطواف، أما إذا كان الكلام لعلم فسأل كم شوطاً طفنا، أو ماذا نفعل بعد الطواف؟ فيجوز ولا حرج.
الجواب: الأدعية كلها خير وجائزة، ولم يرد دعاء خاص اللهم إلا: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]، عندما تكون قريباً من الحجر الأسود، أو ما بين الركن اليماني والحجر الأسود فتدعو بهذه الدعوات، وهي جامعة للخير كله في الدنيا والآخرة، ولا دعاء أعظم من هذا الدعاء.
الجواب: نقول: إذا كان يستطيع ذلك ولا يشغله ولا ينسيه طوافه فلا بأس، والذي أنهى عنه فقط أن تأخذ الكتاب ووراءك مجموعة وأنت تقرأ وهم يقرءون، فنقول: لو كانوا يقولون: آمين! لا بأس، أما: ربنا.. ربنا، آتنا.. آتنا، ويرددونها فهذا العمل باطل، بدعة محدثة حول الكعبة.
فأقول: لو أن رجلاً يطوف بثلاثة أو أربعة أنفار وهو يدعو وهم يقولون: آمين فإنه يجوز، أما أن يكررون لفظ الدعاء معه كما تشاهدونهم، فهذا منكر ولا ينبغي أبداً، وهذا كله ناتج عن الجهل وعدم العلم.
مداخلة: هل يقرأ القرآن؟
الشيخ: قال: هل يقرأ القرآن وهو يطوف؟
نعم يقرأ القرآن وهو يطوف ويسعى.
الجواب: يجوز؛ لأن الصفا والمروة ليس من المسجد الحرام، فهي خارجة عن المسجد، هناك جدار فاصل، فلا حرج.
الجواب: إذا كان البنك ربوياً فلا يجوز لك، لا يجوز.. لا يجوز، اتق الله يا عبد الله، ولا تشترِ بواسطة البنك الربوي، أما إذا كان مصرفاً إسلامياً وساعدك على ذلك فلا حرج.
الجواب: تخرج من المطاف وتتوضأ في زمزم، ثم تأتي فتكمل ما بقي عليك من الأشواط، أما إذا تأخرت وخرجت من المسجد وتوضأت خارجاً ثم عدت فعليك أن تستأنف طوافك من جديد، أما إذا كان الوضوء قريباً من المسجد دقائق فقط فلا حرج، تبني على ما سبق ولا حرج.
الجواب: ما دمتم مسافرين ونويتم يومين أو ثلاثة فقط فإن شئتم تنفلتم وإن شئتم لا تتنفلوا، أما إن نويتم أربعة أيام فما فوق فتنفلوا ولا حرج، وهذا حكم كل مسافر إذا كان يريد الإقامة أكثر من أربعة أيام فلا يقصر ولا يجمع ويتنفل، وإذا كان يومين أو ثلاثة إلى أربعة فقط فله ألا يتنفل، والتنفل يسقط عن المسافر وإن تنفل جاز له ذلك وأثيب عليه.
الجواب: لا يجوز.. لا يجوز.. لا يجوز، المال للورثة، هي وضرتها يرثان الثمن إذا مات الرجل، وما بقي فللورثة من أبنائه لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11].
الجواب: إذا كان صلى إلى غير القبلة وتبين ذلك نظر: فإذا كان ما زال هناك وقت للصلاة فإنه يعيدها، وإذا خرج وقتها فلا إعادة عليه وصلاته صحيحة.
الجواب: إذا أضاف إليه الكتابة يجوز، فلا يعلم الآيات فقط، بل يعلم الكتابة والقراءة وبذلك يأخذ الأجرة ولا حرج، أما حفظني آية أو آيات وأعطيك كذا فلا يجوز، لا بد وأن يضيف إلى ذلك القراءة والكتابة.
الجواب: إذا كان يحبه وجاشت نفسه ورغب في ذلك وأحبه فلا بأس، لكن الحرام وهو الشرك والعياذ بالله أن يسجد عليه، وهذا يعمله الجهال، فيقبله ثم يسجد عليه، وهذا سجود للكتاب، أأمرك الله أن تسجد للكتاب أو على الكتاب؟ هذا من الشرك والباطل والعياذ بالله.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر