إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (20)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لله تعالى من عباده أولياء اصطفاهم واختارهم لولايته دون سواهم، وهم الأنبياء والمرسلون والصالحون من المؤمنين، وقد بلغوا درجة الولاية لعبادتهم الله تعالى، فهم يأتمرون بأمره، وينتهون بنهيه، يحبون بحبه ويبغضون ببغضه، إذا سألوا الله تعالى أعطاهم، وإذا استعانوا به أعانهم، وإذا استعاذوا به أعاذهم، وهم أهل الإيمان والتقوى والعمل الصالح، فمن رام الولاية وأرادها فعليه باتباع سبيلهم وسلوك طريقهم، فبذلك تنال ولاية الله تعالى لمن طلبها.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وما زلنا في العقيدة، وألفت النظر إلى أن العقيدة الإسلامية الصحيحة الموافقة للكتاب والسنة بمثابة الروح، صاحبها حي يسمع ويبصر، يعطي ويمنع، وفاقدها ميت.

    فاقد العقيدة الإسلامية الصحيحة -كما هي في الكتاب القرآن والسنة النبوية- ميت ألا وهو الكافر، والكفار أموات غير أحياء.

    وإذا داخلها نقص أو زيادة أو تحريف فصاحبها ليس ميتاً ولكنه مريض، والدليل: أن المريض أحيان يقوى على أن يقول وأحياناً ما يستطيع، أحياناً يقدر على أن يأخذ أو يعطي وأحياناً يعجز. ما سبب ذلك؟ مرضه، فلهذا على المؤمن والمؤمنة أن يصححا عقيدتهما، لا يبيتان الليلة إلا وعقيدتهما كعقيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    هذه العقيدة علمنا أن أركانها التي تنبني عليها ستة، وهذه الأركان معلومة عند عامة المسلمين، وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.

    وعلمنا أن الإيمان بالله جل جلاله وعظم سلطانه يتطلب من المؤمن ألا يعبد غير الله، وألا يرضى بعبادة غير الله؛ لأنه يلهج بكلمة التوحيد: لا إله إلا الله. إذاً: فاعبده ما دمت تعتقد أنه لا معبود إلا هو، ولا تعبد معه سواه وأنت تقول: لا إله إلا الله، ولا ترضى بعبادة غيره ؛ لأنك تقول: لا معبود بحق إلا الله.

    ثم درسنا الوسيلة بعد التوحيد، والتوحيد -كما علمتم:- أن يوحد العبد ربه في عبادته، فلا يعبد معه غيره بأي نوع من العبادة أبداً، إن أمرك الله بالركوع فاركع، أمرك بالسجود فاسجد، ولا تركع لكائن ولا تسجد له، أذن لك الله أن تحلف به وتعظمه بيمينك فلا تحلف بغيره أبداً! أمرك أن تدعوه وتستغيث به، وتستعيذ بجنابه، إذاً: فادعه واستغث به، وتعوذ به، ولا تدع غيره، ولا تستعن بغيره، ولا تستعذ بسواه؛ لتكن عبادتك خالصة له، وبذلك يرتفع مستواك وتصبح في مصاف أولياء الله عز وجل.

    ولفتنا النظر إلى أن التوسل يكون بماذا؟ أولاً نتوسل لمن؟ لله عز وجل. بأي شيء نتوسل به إليه؟ بعبادته.. أيما عبادة: حججت، اعتمرت، جاهدت، رابطت، صمت، صليت، ذكرت، تلوت كتابه، علمت دينه، جاهدت في سبيله، تلك العبادات هي وسيلتك إلى رضا الله عنك وإلى رفع درجتك. وإن قلت: أريد أن أتوسل إليه ليقضي حاجتي، أريد أن أنزل منزلاً أو أتزوج امرأة أو أن أحصل على كذا، دلوني على شيء أتوسل به إليه ليقضي حاجتي؟ نقول لك: كل تلك العبادات افعلها واسأل الله بعدها.

    قم فتوضأ وصل ركعتين وارفع يديك وقل: رباه! اقض حاجتي!

    صم وقبل أن تنال الطعام في فمك قل: يا رب! توسلت إليك بصيامي فاقض حاجتي!

    اعكف في بيته واستقبله واذكره واسأله وصل على النبي وقل: يا رب! أعطني!

    انظر إلى أوليائه وعباده المؤمنين، فإن وجدت عارياً كسوته بثوب، وقل: يا رب! كسوته لأجلك، أو جائعاً أطعمته وشبع فقل: يا رب! أطعمته من أجلك فاقض حاجتي!

    وعرفنا يقيناً أن التوسل بغير طاعة الله ورسوله باطل وخرافة وضلال، ولفتنا النظر إلى توسلات شائعة ذائعة منتشرة مثل: اللهم إني أسألك بحق فلان، وبجاه فلان.

    جاه فلان عظيم يعني، فلهذا سألت الله به؟ هل هذا الجاه أنت صنعته؟ هل أنت أوجدته من عملك فتسأل الله به؟ الجواب: لا. كيف تسأل بما ليس لك؟! فلو أنك ربيت شخصاً وهذبته وعلمته فأصبح ربانياً صالحاً ذا جاه محترم في القرية، قل: اللهم إني أسألك بجاه فلان؛ لأنك الذي قمت به وقدمته له.

    أما أن تقول: اللهم إني أسألك بجاه فاطمة ، ماذا فعلت لـفاطمة ؟ أو أسألك بجاه سيدي فلان! أي شيء قدمته أنت؟ تسأل بماذا؟ اسأل الله بما قدمت له، وهذا معروف، تعطيني شيء فتقول: أعطني لأنني أعطيتك.

    هذه الوسيلة بم تكون؟ تكون بالعبادات التي شرعها الله من فرائض ونوافل: ما تقرب العبد بأفضل من فريضة فرضها الله عليه، في أثناء صلاتك، وأثناء ذكرك، وأثناء تلاوة قرآنك، وأثناء سعيك بين الصفا والمروة، وأثناء الطواف ادع، اسأل حاجتك. هذه هي الوسيلة.

    أما قولك: أسألك بحق فلان، فأعوذ بالله! من هو الذي له حق على الله؟! هل هناك من يملك أن يعطي حقاً على الله؟! رحم الله الإمام الأعظم أبا حنيفة النعمان فقد كان يقول: هذا السؤال كفر.

    كيف يقول: أسألك بحق فلان؟! يعني: إذا لم تعطني أنت من عندك يا رب فأعطني بحق فلان عليك. أعوذ بالله! أي بشاعة أعظم من هذه؟! هل يعقل هذا الكلام مع الله؟ لو قلته لآدمي ما يقبل منك هذا الكلام، ولكنه الجهل، صدقت يا أبا عبد العزيز الجهل، لم لا نبعد هذا الجهل؟ لأنا مشغولون يا شيخ عن الجلوس في بيوت الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088513732

    عدد مرات الحفظ

    777052844