إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (9)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • القرآن الكريم هو كتاب الله العظيم الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحكيم، فيه الهدى والنور والفوز والفلاح في الدارين، من تمسك به فاز ونجا، ومن تركه خسر وهلك، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، نؤمن بأنه كلام الله الذي أنزله على نبيه، لا نشك في ذلك ولا في حرف واحد منه، وقد دلت على ذلك الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة، ومن العقل والفظرة، فيجب الإيمان بذلك كما جاء دون زيادة ولا نقصان.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ..

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وها نحن مع الإيمان.

    وأعيد إلى أذهان المستمعين مذكراً الناسين ومعلماً غير العالمين: أن العقيدة الإسلامية الصحيحة السليمة بمنزلة الروح، صاحبها حي وفاقدها ميت، ومن داخل عقيدته زيادة أو نقصان أو تحريف بتبديل أو تغيير فهو كالمريض يقوى على فعل شيء ويعجز عن آخر، ويستطيع أن يعطي يوماً ويعجز عن العطاء يوماً آخر؛ وذلك لضعف ومرض عقيدته؛ فلهذا يجب أن نصحح عقيدتنا حتى تكون كعقيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بلا زيادة ولا نقصان، فلا نتبع في عقيدتنا مشايخ ولا أئمة، ولكن نتبع فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال -فداه أبي وأمي وصلى الله عليه وسلم- لما سئل عن الفرقة الناجية قال: ( هم من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي )، فهذه العقيدة بمنزلة الروح صاحبها حي يسمع ويأخذ ويعطي ويذهب ويجيء لكمال حياته، وفاقدها ميت.

    والدليل: أن أهل الذمة عندما يكونون في ديارنا فإنهم لا يكلفون بصلاة ولا صيام، ولا بزكاة ولا بجهاد ولا برباط لأنهم أموات، والميت لا يكلف، فإذا دخلتهم روح الإيمان وانتشرت في قلوبهم عندها مرهم يطيعوا، وقل: هاتوا يعطوا. أما وهم أموات فلا تكليف لهم.

    وهذه القضية مسلَّمة عند أهل العلم، فالكافر لا يكلف بصيام ولا بوضوء ولا بغسل جنابة.

    هذه العقيدة مبناها ستة أركان إن سقط ركن منها تساقطت كلها، وإن تزعزع هوت وسقطت، ستة أركان يجب على كل من دخل في الإسلام أن يحفظها ويتحدث بها وهو موقن، وهذه الأركان الستة جاءت في حديث جبريل عليه السلام: إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه في المسجد يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم، وإذا بجبريل عليه السلام يأتي في صورة عجيبة من الكمال والجمال ليس عليه أثر السفر والتعب، فيشق الصفوف وينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً إليه، مسنداً ركبتيه إلى ركبتيه، واضعاً يديه على فخذيه، ثم يقول له سائلاً: ( أخبرني يا محمد! عن الإيمان ) فيجيبه الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله: ( الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. فيقول: صدقت. قالوا: فعجبنا له يسأله ويصدقه )، وسأله عن الإسلام وعن الإحسان.

    سأله عن الإسلام، إذ الدين الإسلامي مبناه ثلاثة دعائم: الإسلام، والإيمان، والإحسان، فلا إسلام بلا إيمان، ولا إيمان بلا إسلام، ولا إسلام ولا إيمان بلا إحسان.

    والقرآن الكريم ذكر هذه الأركان الستة، خمسة منها في سورة البقرة، والسادس في سورة القمر.

    إذاً: مستعدون لأن نؤمن بكل ما أمرنا الله ورسوله، أن نؤمن به، ونبني إيماننا على هذه الأركان الستة، ونبقى مستعدين إذا أخبرنا الله أو الرسول بخبر أن نؤمن به.

    وإليكم الحادثة التالية: كان عليه الصلاة والسلام بين رجاله يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة في المسجد، فأوحي إليه أثناء جلوسه: بأن بقرة من الأبقار كان يركبها عبد من العبيد في بني إسرائيل، فرفعت البقرة رأسها هكذا وقالت لراكبها: ما لهذا خلقت! -أي: ما خلقني الله للركوب عليَّ كالبغال والحمير والخيول والإبل- ولكن خلقت للحرث، فلما بلغت الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القضية أمسك بلحيته وقال: ( آمنت به، آمنت به، آمنت به، وآمن به أبو بكر وعمر ) وهما غائبان.

    والشاهد: أنه آمن بما أُخبر، ولهذا نحن مستعدون لأن نؤمن بكل ما أمرنا الله أن نؤمن به، وبكل ما أخبرنا الرسول عن الله عز وجل، ولكن هذه الأركان الستة عليها مدار الحياة، إن سقط ركن تهاوت وكفر العبد.

    فالعقيدة هي الروح، وإذا حييَ العبد فمره بالصلاة، والجهاد، والزكاة، والغسل في الليلة الباردة يفعل، أما وما آمن فإن الأموات لا تكلف؟! ومن لم تسلم عقيدته ما نجا أبداً، ومن فقدها لم يقو على التكاليف ولا على النهوض بالواجبات وترك المحرمات، فالإيمان بالله رباً وإلهاً أولاً. ثم الركن الثاني: الإيمان بالملائكة. وثالثاً: الإيمان بالكتب. وها نحن مع الإيمان بالقرآن؛ لأنه ناسخ لما قبله، وعليه مدار الدين والسعادة معاً، فهيا بنا!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088547015

    عدد مرات الحفظ

    777253021