إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 54للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كانت السنة الثانية من الهجرة حافلة بالأحداث، ومن أهم أحداثها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، وفرض صيام رمضان، ومشروعية صلاة العيد وزكاة الفطر، وفريضة الزكاة وبيان أنصبتها وشروطها، ومن الأحداث وفاة عثمان بن مظعون أخي النبي من الرضاع ووفاة رقية بنت النبي، وزواج عثمان من أم كلثوم بنت النبي، وزواج علي من فاطمة بنت النبي، ومن ذلك وصول زينب بنت النبي إلى المدينة قادمة من مكة، ولحاق أبي العاص بن الربيع بها مسلماً فيما بعد.
    يقول الله في سورة آل عمران: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمران:112]، أي: كتبت عليهم الذلة والمسكنة لا تفارقهم (إلا بحبل من الله)، فإذا اعتصموا بالله وآمنوا به ودخلوا في دينه الإسلام زال الذل والمسكنة عنهم. أو (حبل من الناس) كمعاهدة، وكما هو حبل أوروبا الآن في يد اليهود، ولو انقطع هذا الحبل وقالوا لنا كما قال هتلر: اقتلوهم، لنزل بهم من الذل والمسكنة ما أخبر الله تعالى به.

    إذاً: حبل الله هو الإسلام، فإذا أسلموا انتهى الذل والمسكنة، أما إذا كان هناك دولة قوية أو دول سُحرت واستُخدت في نصرتهم، فهم أقوياء بهم أعزة لا بأنفسهم وذاتهم، وهذا كلام الله العزيز.

    يبقى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لتقاتلن اليهود ثم لتسلطن عليهم فتقتلوهم، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله، إلا شجر الغرقد فإنه من شجر يهود ). والحديث في صحيح مسلم.

    الآن جيوشنا العربية والإسلامية باستثناء هذا الجيش المسلم لا تقام فيهم الصلاة، ويلعبون القمار، ويأكلون ما يأكلون من الحرام .. وقل ما شئت، ويكفرون كفراً إلى عنان السماء، ولا يغضب أحد لذلك، فلو قاتلنا اليهود هل يكذب الشجر والحجر ويقول: يا مسلم! وذاك ما أسلم لله شيئاً، أسألكم بالله هل يكذب الشجر؟ أينطق بقدرة الله وإعلامه ثم يكذب؟ شخص ما أسلم لله شيئاً لا وجهه ولا قلبه، هل يكون مسلماً؟ كيف يكذب الشجر والحجر، ويقول: ( يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله )؟!!

    إذاً: أبشروا أن يوماً سيأتي يعود فيه الإسلام والمسلمون، ويتقوى اليهود وتزداد قوتهم وكثرتهم، ثم يسلطنا الجبار عليهم فنقتلهم ونتابعهم، فمن اختبأ تحت شجرة أو حجرة قالت الشجرة أو الحجرة: يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله، إلا شجر الغرقد فإنه شجرة اليهود.

    وقد بلغني عن إخوان لنا أتوا من فلسطين من سنين أن شجر الغرقد محترم عند إسرائيل كما هو التفاح والعنب، والغرقد شجر فيه شوك مكروه، يوجد عندنا في الغابات، لكنهم يقدسونه؛ لأن اليهودي إذا اختبأ وراءه فإنه لا يفضحه ويقول: يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله! ولذلك اليهود في فلسطين المحتلة شجر الغرقد عندهم مبجل محترم. وهذه من أكبر الآيات الدالة على أن محمداً رسول الله.

    إذاً: اليهود يقوون ويعظمون ويكثرون ويغلبوننا ويقهروننا ويذلوننا؛ لأننا فسقنا عن أمر ربنا، وخرجنا عن طاعة سيدنا، وعمّتنا الفوضى والخيانة والكذب، فأرانا الله آية من آياته، ثم لما يهدينا ونسلم إليه قلوبنا ووجوهنا في يوم ما من الأيام سنقاتل اليهود ونشفي صدورنا منهم، ويساعدنا على قتلهم الشجر والحجر، اللهم إلا شجر الغرقد.

    والعجيب لم لا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، وعندهم الأدلة والبراهين على صدق نبوته ورسالته، بل عندهم ما لم يكن عند المسلمين؟ السبب أنهم آثروا الدنيا على الآخرة، وغرهم علماؤهم وضللوهم: و قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ [آل عمران:24]، فابقوا على دينكم حتى تظهر رايتكم وتعود مملكتكم من النيل إلى الفرات، بل من الشرق إلى الغرب كما كانت على عهد سليمان عليه الصلاة والسلام.

    وسمي البقيع ببقيع الغرقد لكثرة شجر الغرقد فيه. اللهم اجعل دفن عظامنا فيه! اللهم ادفنا واقبرنا في البقيع!. لأن أهله أول من يخرج من الأرض مع نبيهم صلى الله عليه وسلم، فأول من تنشق عنه الأرض الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأهل البقيع، وآلاف الصحابة وآلاف الصلحاء وآلاف الأولياء .. فلابد وأن تكون فيه بركة، يقول أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: ( من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت بها؛ فإني أكون له شهيداً أو شافعاً يوم القيامة )، ومن شهد له الرسول بالصلاح والإيمان هل يعذب؟ من شفع له النبي هل يبقى في الأرض؟ لا، بل يرتفع إلى السماء، ولعل هناك من يقول: هذا الحديث هل عمل به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فنقول: نعم. عمل به عمر رضي الله عنه.

    عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الخليفة الراشد، الذي سن لنا التراويح، وسنها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في حجرته فلما فشاهده الصحابة صلوا وراءه ثلاثة أو أربعة، ثم تحدثوا بذلك، قالوا: نحن صلينا البارحة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء في اليوم الثاني ثلاثة أربعة أيضاً وصاروا مجموعة، ثم في اليوم الثالث كذلك، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ( لولا أني خشيت أن تفرض عليكم لصليت بكم )، لكن فليصل كل على حدة، فكانوا يصلون جماعة هنا وأخرى هناك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد أبي بكر كذلك، فجاء عمر ليلة من الليالي ووجد تعدد الجماعات في المسجد، فأمر أبي بن كعب -أعلم أهل القرآن وأحفظهم- أن يصلي بالناس، فاجتمع المسجد كله وراء إمام واحد، ودخل عمر عليهم فقال: (نعمت البدعة هذه، ولكن التي تنامون عنها أفضل)، أي: صلاتك في بيتك أفضل قطعاً، فـ( صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة ) فقط، وأي نافلة في بيتك أفضل منها في مسجد رسول الله أو في المسجد الحرام.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088541518

    عدد مرات الحفظ

    777221094