إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 89للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كانت سرية ذات السلاسل هي خامس أحداث السنة الثامنة من الهجرة، بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت إمرة عمرو بن العاص إلى قبيلة بلى، ثم تلتها سرية بقيادة عمرو أيضاً إلى ابني الجلندي بعمان، فآمنا، وأخذ الجزية من مجوس عمان، ثم كانت سرية أبي عبيدة إلى ساحل البحر، وفي جمادى الأولى من هذه السنة كانت غزوة مؤتة والتي أظهر فيها المسلمون صموداً قلّ نظيره.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    ها نحن مع أحداث السنة الثامنة من الهجرة النبوية الشريفة الخالدة، قال: [وخامس أحداثها:

    سرية ذات السلاسل

    وبعث الحبيب صلى الله عليه وسلم] محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي فرض الله حبه، فمن لم يحبه فهو ليس بمؤمن، والحب قد يصدق فيه المحب وقد لا يصدق، فالذي يحب حبيبه يطيعه، ويمشي وراءه ولا يتقدمه.

    بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم [عمرو بن العاص ] أحد رجالات السياسة والدهاء والعلم والبصيرة، وهو أحد أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم، وقد عرفنا في حديث سابق كيف أسلم [إلى أرض بلى وعذرة يدعون الناس إلى الإسلام، وكانت أم عمرو من بلى] وبلى وراء وادي القرى من الشام.

    قال: [فتألفهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسار عمرو حتى وصل ماء جذام المسمى بالسلاسل] ماء يعرف بالسلاسل لقبيلة جذام [وبه سميت هذه الغزوة، "غزوة ذات السلاسل" فلما كان به خاف] أي عمرو [فبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستمده] رجالاً وجيشاً يعينه به [فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في جماعة من المهاجرين والأنصار] من أهل مكة والمدينة [فيهم أبو بكر وعمر ] سادات المهاجرين [وقال الحبيب صلى الله عليه وسلم لـأبي عبيدة : ( لا تختلفا ) -أي أنت وأمير السرية عمرو بن العاص -] بعد أن بعث الرسول صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة على هذه المجموعة التي أرسلها إمداداً لـعمرو بن العاص ، أوصاه بأن لا يختلف مع عمرو ، وحذره من الاختلاف معه؛ لأن الخلاف كله شر لا خير فيه.

    [فخرج أبو عبيدة ومن معه، فلما قدموا على عمرو ، قال عمرو : يا أبا عبيدة ! إنما جئت مدداً إلي] يعني: ما جئت قائداً علي، ولكن مدداً أمدني به رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال أبو عبيدة : يا عمرو ! إن رسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تختلفا )] علم هذا قبل وقوعه صلى الله عليه وسلم، وإن شئت قلت لذكائه وفطنته وأنواره، أو لتعليم الله له [فإن عصيتني أطعتك] امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال: فأنا أمير عليك] القائل عمرو [قال: فدونك] يعني: تفضل [فصلى عمرو بالناس] وهذه علامة القيادة والإمارة [وبالمدد الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم] والمدد من الجائز لهم أن يقولوا: نصلي وراء أميرنا، ولكن قلوبهم ملأى بالإيمان وأنواره، فلهذا صلوا وراء عمرو بن العاص أجمعين.

    قال: [بلغ عدد أفراد السرية نحواً من خمسمائة رجل] بالمدد أصبحوا قرابة الخمسمائة رجل [فضربوا في المنطقة شرقاً وغرباً] على فرق فرق [ودوخوا من فيها. وفي هذه السرية احتلم عمرو ] نام كما ينام الفحول فاحتلم [فلم يغتسل خوفاً من الموت لشدة البرد] كانوا في الشتاء والمنطقة باردة [وإنما استنجى] غسل فرجيه [وتوضأ] وضوء الصلاة، فغسل أطرافه [وتيمم وصلى، ولما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك سكت فأقر عمراً على فعله].

    هذا ما كان في سرية ذات السلاسل، دوخوا المنطقة، وحدث فيها هذا الحادث الفقهي وهو أن عمراً -القائد- احتلم فخاف على نفسه الوفاة أو الموت من شدة البرد فلم يغتسل، فاستنجى وتوضأ ثم تيمم وصلى، فرفعوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت ولم يجبهم، ومعنى ذلك أنه أقر عمراً على فعله، وهذا الذي عليه أمة الإسلام إلى اليوم، أعني أهل السنة والجماعة، فإذا احتلم المرء ولم يجد ماءً ساخناً أو لم يجد ماءً مطلقاً وخاف على نفسه الضرر يستنجي، فيغسل فرجيه ويتوضأ، ثم يتيمم ويصلي، فإذا وجد الماء بعد ساعات أو بعد يوم، يغتسل ولا يعيد صلاته، وتكفيه تلك الصلاة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088522680

    عدد مرات الحفظ

    777112922