الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد:
فقد انتهى بنا الدرس إلى ثاني أحداث السنة التاسعة.
قال: [وثاني أحداثها:
غزوة تبوك] وتبوك اسم عين ماء شمال المدينة.
[غزوة تبوك تعتبر من أعظم مغازي الحبيب صلى الله عليه وسلم، وذلك لصعوبة الظرف الذي وقعت فيه، إذ هو ظرف جديد ومجاعة وشدّة حر، وبعد مكان وشقة، وكثرة عدو وقوة، ولم يكن هناك نفير عام في غزوة غير هذه، ولم يكن الرسول -القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم- ليحدد اتجاهه في غزوة من الغزوات إلا في هذه.
كل هذا -وغيره- جعل غزوة تبوك من أعظم الغزوات، ويدل على ذلك ويشهد له الآيات العديدة من سورة التوبة كقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ
[التوبة:38] في آيات عديدة، وآخر تلك الآيات قوله تعالى:
مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
[التوبة:120] وسمي جيشها بجيش العسرة إذ بلغت العسرة يومها أشدّها].
أسباب هذه الغزوة
قال: [أسباب هذه الغزوة:
إن السبب الرئيسي في هذه الغزوة الصعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن هرقل ملك الروم ومن معه من العرب المتنصرة من قبائل لخم وجذام، قد أجمعوا المسير إلى الحجاز لحرب محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين؛ مبادرة منهم له حتى لا يكون هو الذي يغزوهم بعد أن ذاقوا مرارة غزوة مؤتة التي جلبوا لها مائتي ألف مقاتل، ولم يتمكنوا من إبادة ثلاثة آلاف مقاتل لا غير، بل ولا حتى هزيمتهم، والحمد لله].
آخر كلمة أريد أن أقولها: إنني أبين مسئولية على العلماء أن يبلغوها للشرق والغرب، فأقول بعد أن أحمد الله وأصلي على النبي: إن التفجيرات سواء كانت في بلاد العرب أو بلاد المسلمين أو بلاد الكفر التي تأتي على الرجل والمرأة والصغير والكبير لا تحل في الإسلام أبداً! ومن أفتى بجوازها فوالله لجاهل، فوالله لغالط، فوالله لمتعمد لأمر ما من الأمور، فقد درسنا كتاب الله وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفنا فقه هذه الأمة؛ فلا يحل أبداً بحال من الأحوال أن تُقتل جماعة منهم النساء والرجال، ولا يصح هذا في أي بلد، فكيف تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله؟!!
إن الذي يقدم على هذا العمل ممسوخ! يظهر أنه مؤمن ويقاتل في سبيل الله وهو كافر منتن لا خير فيه أبداً، إلا أن يتوب الله عليه! خرج عن إجماع المسلمين وعن الكتاب والسنة، وها نحن نشاهده في ديارنا الإسلامية، تحت راية لا إله إلا الله والبقية الباقية في العالم الإسلامي يحدث هذا الحدث! ويتبجح ويقول ويزعم أنه مؤمن، ووالله ما هو بمؤمن، والله ما هو بمؤمن، والله ما هو بمؤمن، لماذا؟
لأن تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا أُعلن عن الجهاد تحت راية لا إله إلا الله وقيادة الإمام المختار المجتبى من تلك الأمة نخرج ونقاتل العدو لا تشفياً فيه، ولا إرادة في إهلاكه وتدميره، ولكن فقط من أجل أن نخضعه لقبول لا إله إلا الله، فإن أصر على رفضها وعلى دخولنا بلاده قاتلنا رجاله القادرين على حمل السلاح، والتعاليم تقول: لا تقتلوا طفلاً ولا امرأة ولا شيخاً كبّاراً، ولا من انقطع إلى عبادة في صومعة، وإنما يُقاتَل من يقاتِل. هذا دين محمد صلى الله عليه وسلم.
لقد أصبحنا أضحوكة في أوروبا، يسموننا بالمستسلمين، ولهم ألف حق!! لأن سلوك هؤلاء المجرمين سلوك باطل، الإسلام بريء منه، وفي ديارنا الجزائرية منذ خمس سنين والنساء والأطفال تزهق أرواحهم لا لشيء ولا لغرض، إلا للتدمير والجهل والعياذ بالله!
عرفتم هذا الحكم؟ ومن لم يعرفه فسوف يعرفه في قبره إذا مات!!
ثانياً: نقول: سبب هذه الأحداث الذنوب؛ فندعو كل مؤمن ومؤمنة تحت راية القرآن أن يتوب إلى الله عز وجل؛ لأن الله يقول:
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ
[الشورى:30]، وقد رأينا رسولنا صلى الله عليه وسلم في أحد وقد كسرت رباعيته، وشج وجهه، ودخل المغفر في رأسه، وقتل عمه وسبعون مؤمناً من أصحابه بسبب ذنب ارتكبه المجاهدون! فكيف إذاً بالذنوب العامة؟!
فأدعو كل مؤمن ومؤمنة مهاجراً أو مقيماً أو زائراً أو وطنياً ألا يعصي الله في هذا البلد، ومن غلبته شهوته ونفسه فليرحل، فليخرج إلى ديار الكفر ويفجر كما يشاء أن يفجر، أما في هذا البلد فلا يراك الله إلا ذاكراً شاكراً تعبده وتوحده في عبادته.
وأخيراً: هيا ندعو على هؤلاء الظلمة الفجرة ليفضحهم الله ويعلن عن كشف سوأتهم وعن ظهورهم؛ لنشاهد قتلهم وسفك دمائهم فنفرح بذلك ونحمد الله تعالى، حتى لا يتكرر هذا الحادث!
فاللهم يا ولي المؤمنين ومتولي الصالحين! يا ناصر المؤمنين وهازم الكافرين! يا من أرسل محمداً رحمة للعالمين! يا من فرض الجهاد على أمته من أجل إعلاء كلمته، من أجل أن يعبد في الأرض ولا يعبد سواه، يا رب العالمين! إنا نسألك أن تقطع دابر هؤلاء المجرمين، اللهم اقطع دابرهم، اللهم اقطع دابرهم، وافصلهم عن حياتهم، ومن كان وراءهم اللهم افضحه وبين سوأته؛ ليلقى القبض عليه، وليقتل كما قتل المؤمنين.
اللهم عجل يا ولي المؤمنين! بانكشاف سوأتهم وقطع دابرهم؛ حتى لا يُقتدى بهم، وحتى لا يتواجد أمثالهم في ديار الإيمان والإسلام يا رب العالمين! اللهم إنا ندعوك وأنت تستجيب دعاءنا، اللهم إنا ندعوك وأنت تستجيب دعاءنا، اللهم عجل بكشف سوأتهم وفضيحتهم وإلقاء القبض عليهم. إنك ولي المؤمنين ومتولي الصالحين.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.