إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 106للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بعد غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة النبوية بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى ديار طيء في خمسين رجلاً من أصحابه، فهدموا الصنم الذي كان هناك، وغنموا نعماً وشاءً وسبياً، ورجعوا إلى المدينة، وكان من بين السبي فاطمة بنت حاتم الطائي أخت عدي بن حاتم الذي فر إلى الشام، فمن عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاها راحلة وكساءً، فذهبت حتى أتت عدياً أخاها، فقالت له أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه فأسلم وحسن إسلامه رضي الله عنه.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فقد انتهى بنا الدرس إلى ثالث أحداث السنة التاسعة، ولكن أعتذر إذ أقدم بين يدي الدرس كلمة تتعلق بالمولد النبوي الشريف، تعليماً لغير العالمين، وتذكيراً للناسين.

    بسم الله تعالى أقول، وأقسم بالله أني لا أقول إلا على علم، ولا يخطر ببال أحد السامعين أو السامعات أني أقول شيئاً خائفاً أو طامعاً، فوالله لا وجود لهذا عندي قط.

    اعلموا أن الموالد التي تعارف عليها المسلمون في قرون الجهل وظلمته لا وجود لها في دين الإسلام، فالموالد وذكرياتها موروثة منقولة إلينا من طريق اليهود والنصارى والمجوس، ولنفرض جدلاً أن غداً الميلاد، فماذا نصنع؟ وماذا نفعل؟ كم ركعة نصلي؟ ما مقدار الصدقة التي نتصدق بها؟ ما هو الذكر الذي سنكرره؟

    ومن هنا يتبين يقيناً أن لا مولد في الإسلام، هذا أولاً.

    ثانياً: لقد عاشت أمة الإسلام قرونها الذهبية الثلاثة ولم تعرف كلمة مولد لا لرسول الله، ولا لـفاطمة ، ولا للحسين ولا للبدوي ولا للعيدروس ولا لـإدريس .. أبداً.

    فهل بعد مضي ثلاثة قرون يشرع لنا عبادة نعبد الله بها؟ أليس معنى هذا أننا ارتددنا، كيف يعقل أن نخترع عبادة نعبد الله بها لم يشرعها الله تعالى، ولا بينها رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا فعلها سلف الأمة الصالح، وعلى رأسهم أصحاب رسول الله وأحفادهم وأئمة الإسلام الأربعة، كيف يصح هذا؟! وكأننا نتهم الله عز وجل بأنه قصّر، فلم يشرع لنا هذه العبادة، أو كأننا نتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه خان أمانته، فأبى أن يبين لأمته مثل هذه البدعة.

    أما بطلانها فحسبنا أن نسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أي: مردود على صاحبه، ولا يستطيع أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا من بعدهم أن يشرع كلمة تقال يعبد الله بها؛ إذ الدين تولى الله شرعه، فقال: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى:13].

    الله شرع لنا إذا ولد لأحدنا مولوداً أن يختار له اسماً طيباً يتفق معه في اليوم السابع، ويعق عنه بشاة أو شاتين إن كان ذكراً؛ شكراً لله على هذه النعمة، ثم يحلق شعر رأسه، ويتصدق بوزنه ذهباً أو فضة، وقد يكون ذلك الشعر جراماً أو أكثر أو أقل.

    والذي شرع لنا إذا تزوج أحدنا أن يولم وليمة أقل ما يكون فيها ذبح شاة.

    والذي شرع لنا عيدي الأضحى والفطر، وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم في عيد الفطر ماذا نصنع؛ فنغتسل ونتطيب ونتطهر، ونلبس أحسن ثيابنا، ونأتي إلى ساحة عظمى نجتمع فيها مع كل أهل القرية أو البلد، ونقول ونحن ذاهبين: الله أكبر.. الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، حتى نصل إلى المصلى، ونجلس ونحن نهلل ونكبر، ثم يأتي إمامنا فيصلي بنا ركعتين على هيئة خاصة حددها رسول الله وبينها، ثم يقوم خطيباً، فيخطب فينا.

    وشُرع لنا زكاة الفطر قبل الخروج إلى المصلى؛ صاعاً من تمر أو شعير أو بر أو ما يطعمه الناس.

    أما عيد الأضحى فهو عيد عظيم، وفي هذا العيد نخرج إلى المصلى كما خرجنا في عيد الفطر، ثم بعد ذلك نأتي فننحر ونذبح، ونقسم اللحم ثلاثة أقسام: قسم لأهل البيت، وقسم صدقة على الفقراء، والقسم الثالث: للأصدقاء والأقارب.

    الذي شرع لنا هذا كله هل ينسى الموالد؟! أعوذ بالله أعوذ بالله! أنتهم رسول الله ولا نشعر؟!

    وأيضاً: هل عرفتم يا معاشر المؤمنين والمؤمنات! أن العبادة تزكي النفس وتطهرها لتؤهلها لرضوان الله ومحبته وجواره؛ ولذلك لابد أن تكون العبادة قد شرعها الله وبينها رسوله صلى الله عليه وسلم، فنفعلها كما هي بلا زيادة ولا نقصان، فلا نقدمها عن وقتها ولا نؤخرها، ولا نوقعها في غير مكانها، وإلا فهي باطلة باطلة باطلة!

    لا توجب الزكاة للنفس ولا الطهر ولا الصفاء.

    بالله الذي لا إله غيره -ومن باب تقريب المعاني- لو أن أحدنا قام وصلى الصبح بعد العشاء وقال: أخاف أن أموت فلا أستيقظ، هل يجد تحت أديم السماء فقيهاً يقول له: لا بأس بصلاتك وهي صحيحة؟ لا، لماذا؟ رغم أنه صلاها على طهر، رغبة فيما عند الله ليزكي نفسه؛ لأن الصلاة حُدد لها الله وقت معين، فإيقاعها في غيره لا ينتج ولا يولد المادة التي نعبد الله من أجلها؛ لتزكو نفوسنا، وتطهر قلوبنا وتطيب.

    ولو أن امرأً جاهلاً أتى البقيع وقام يصلي المغرب أو العشاء في المقبرة، وسأل فقيهاً أصلاتي صحيحة؟

    يقول له: لا. باطلة. لم صلاتي باطلة يا فقيه؟ لأنك صليت في مكان نهى الشارع عن الصلاة فيه، فصلاتك باطلة. هذا رغم أدائها في الزمان الصحيح على الصفة والهيئة المطلوبة.

    ولو أن امرأً صلى العشاء فجهر بالركعتين الأخيرتين تحدياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكانت صلاته باطلة! وهكذا ..

    ولا نلوم المسلمين على ما يفعلون؛ لأنهم أُبعدوا عن الصراط المستقيم، صرفوهم -والله- عن الإسلام، ولا عجب فهذه المسيحية دين عيسى -روح الله وكلمته- ما عبد أصحابه الله بها أكثر من سبعين سنة، وإذا بهم يتحولون إلى الشرك والوثنيات والأباطيل، ونحن الحمد لله مكثنا ثلاثمائة سنة بلا باطل ولا بدع، وبعد الثلاثمائة، وقع ما وقع ..

    إذاً: لنعلم معاشر المستمعين والمستمعات! أن المولد سواء كان للنبي صلى الله عليه وسلم أو لولي أو لشخص من الأشخاص أنه ليس من دين الله، ولا في شريعة الله، فهو بدعة محضة، يجب أن تعرف هذا عبد الله، وإن قلت: أنا أعرف أنه بدعة ولكن أعملها، فهنا نقول: أما تستحي من الله عز وجل؟ أما تخجل أن رسوله لم يبين لك هذا وأنت تعبده به وتريد أن تتقرب به إليه؟ كيف يصح هذا؟!

    ثم إذا كان النصارى لهم ذكريات في العام مرة، فنحن ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفارقنا، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا نصلي صلاة إلا ونسلم عليه مواجهة، نقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وهذا في كل ركعتين وطول العام، وكذلك ذكراه على المنارات والمآذن نكررها خمس مرات كل يوم: أشهد أن محمداً رسول الله، فهل هذا يحتاج إلى ذكرى سنوية لو كان هناك عقول واعية فاهمة!!

    إن سبب هذه الفتنة -أولاً- الطمع والمادة -وأقسم بالله-.

    ثانياً: الجهل.

    ثالثاً: أصابع الثالوث الأسود: المجوس واليهود والنصارى، فهم الذين ما إن رأوا أنوار الإسلام تلوح في الآفاق والبشرية تدخل في رحمة الله، حتى اغتاظوا وأصابهم الكرب العظيم، واتفقوا على إطفاء هذا النور، وكادوا ما شاء الله أن يكيدوا، ونجحوا.

    وخلاصة القول: اعلموا أن العيد المعروف بعيد الميلاد بدعة منكرة محرمة، وقد يقع بين القائمين بتلك البدعة أشياء تتنافى مع لا إله إلا الله، أي: مع التوحيد، ومن مظاهر ذلك أن يدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينادوه ويستغيثوا به، ومن أدلة ذلك أنهم إذا قرءوا سيرة الميلاد ووصلوا إلى (ثم وضعته آمنة ) يقومون قيام إكبار وإجلال لروح الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم يعتقدون أن روح الرسول معهم، فأي كذب أفظع من هذا الكذب؟! وكيف يكذبون على رسول الله؟!

    وما علينا إلا أن نبين لمن أراد أن يتعلم، وأن ننصح من استنصحنا وطلب الهداية منا، وأن نقول كلمة الحق: إن هذه المواليد كلها بدع وضلالات!

    ونكتفي بهذا، ونعود إلى درسنا، لنقضي هذه الساعة مع الحبيب صلى الله عليه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088513316

    عدد مرات الحفظ

    777051666