إسلام ويب

نداءات الرحمن لأهل الإيمان 10للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أعلن الله حربه على من تعامل بالربا، ومن حاربه الله فلن يجني إلا الخسران المبين، وقد نادى الله عباده المؤمنين بترك الربا، وأبدلهم عوضاً عنه البيع الحلال، وأوصاهم في المداينات بالاكتفاء باسترداد رأس المال دون زيادة عليه، وحثهم على إنظار المعسر من المدينين أو التصدق عليه، والله يحب المتصدقين.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان، وكان النداء السالف في يومنا الماضي أمس هو قول ربنا جل ذكره: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [البقرة:267]. فأفادنا هذا النداء ما أراد الله تعالى أن نعلمه، وما أراد الله تعالى أن نفعله، وهو:

    أولاً: أمرنا بالإنفاق مما رزقنا، وهذا الإنفاق قد يكون واجباً وجوباً عينياً، وهو الإنفاق على النفس والزوجة والولد والأب والأم؛ إذ هذه النفقة عينية.

    ثانياً: إذا فتح الله باب الجهاد وأعلن إمام المسلمين عن التبرع والإسهام لإعداد العدد وتزويد المجاهدين تعين الإنفاق أيضاً مما رزقنا الله.

    ثالثاً: الإنفاق هنا بمعنى: وجوب الزكاة، بدليل ما بعده، إذ قال: مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ [البقرة:267]، وعرفنا أن ما نكسبه هو الإبل والبقر والغنم.

    وعرفنا أن هذه الزكاة الواجبة العينية يشترط لها شرطان: الأول: النصاب، والثاني: الحول. وعرفنا النصاب وعرفنا الحول.

    وأما الخارج من الأرض فيشترط فيه لتجب الزكاة: أن يكون مقتاتاً ومدخراً في نفس الوقت، فما لم يكن مقتاتاً لا زكاة فيه، وما لم يكن مدخراً كالبطيخ وأنواع الخضر والفواكه لا زكاة فيه.

    ثم علمنا أنه من الأدب الرفيع ألا نتصدق ولا ننفق من رديء المال وخبيثه، سواء كان من الحبوب والثمار أو كان من غيرها، فقال: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ [البقرة:267]. في حين لو أعطيتموه أنتم ما قبلتموه إلا في حال الإغضاء وتغميض العين.

    وهذا النداء الكريم هو النداء التاسع من نداءات الرحمن، وبه عرفنا وجوب الإنفاق في تلك الميادين التي علمنا، وعلى رأسها هنا الزكاة؛ لقوله: مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ [البقرة:267].. والكسب يكون بأي نوع من أنواع العمل، فيصبح لدى المؤمن قطيع من الغنم .. عدد من الإبل .. من البقر .. يملك دراهم ودنانير أو عملة تقوم مقامهما، وهذا الذي كسبه عبد الله يجب أن يزكيه، وأن ينفق منه، وأما ما خرج من الأرض - والله مخرجه- من أنواع الحبوب والثمار إذا حصد ونضج وجبت الزكاة إن بلغ نصاباً.

    ونصاب الحبوب أيها الذاكرون! خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، والصاع أربعة حفنات أو أمداد، فمن حصد وجنى خمسة أوسق وجبت عليه الزكاة، ودون الخمسة الأوسق لا زكاة واجبة فيها إلا أن يتطوع، والله عز وجل يثيب المحسنين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088573298

    عدد مرات الحفظ

    777407415