إسلام ويب

تفسير سورة آل عمران (37)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لما أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالإسلام، وأنزل عليه القرآن، كان ذلك مؤذناً بسقوط الممالك القائمة على الوثنية والديانات المحرفة، فسقطت دولة فارس ودولة الروم وشتت الله شمل يهود، ومنذ ذلك الحين وهذا الثالوث الأسود لا يدخر وسعاً في حرب الإسلام، ومحاولة انتزاع سبب قوة المسلمين من صدورهم، ألا وهو كتاب الله العظيم القرآن الكريم.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً. أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل القرآن الكريم، وقد انتهى بنا الدرس إلى هذه الآيات من سورة آل عمران، وتلاوة الآيات المباركات بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:100-103].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! أعيد إلى أذهان السامعين وخاصة أن من بينهم زواراً وحجاجاً ما كانوا قد سمعوا ولا علموا ما درسناه في الأيام السابقة.

    أقول: القرآن الكريم سماه الله منزله بالروح في ثلاث آيات، فالله تعالى خالقنا ورازقنا وموجد العوالم كلها سمى القرآن الكريم الروح.

    وهل يوجد حيوان بدون روح؟ وهل توجد حياة في كائن بدون روح؟

    الجواب: والله ما كان، ولنستمع إلى الآية التي فيها تسمية القرآن بالروح؛ فقد جاء من سورة الشورى قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52]، أي: وكذلك أوحينا إليك يا رسولنا روحاً من أمرنا، وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]، فسماه روحاً ونوراً. وقال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن:8]، فالقرآن الكريم روح ونور.

    أسألكم بالله: هل توجد حياة بدون روح؟

    الجواب: لا.

    وأسألكم بالله: هل الماشي في الظلمات يهتدي إلى مراده بدون نور؟

    الجواب: لا، ولنحفظ إن القرآن روح ولا حياة بدونه، ونور ولا هداية بدونه.

    وهل هناك برهنة أو تدليل على ما تقول يا شيخ؟

    الجواب: نعم، فالعرب في هذه الديار كانوا وثنيين مشركين ممزقين مفرقين، وفارس من الشرق تستذلهم وتستعمرهم، والروم والرومان من الشمال يذلونهم ويستعمرونهم، والأحباش من الجنوب يستعمرونهم ويستذلونهم. فما إن نزل فيهم هذا القرآن، وطلعت شموسه ولاحت أنواره وفي خلال خمسة وعشرين سنة دان لهم أكثر المعمورة، وأصبحوا هداة وقادة، ولم تعرف الدنيا أمة أكمل ولا أطهر ولا أصفى ولا أعدل ولا أرحم ولا أقوى من تلك الأمة في ثلاثة قرون؛ بسبب ماذا؟ هل بالمال .. بالفلسفة .. بالتقنية .. بالعلوم الآلية؟ الجواب: والله ما كان ذلك، وإنما كان بالقرآن وبيانه على لسان المنزل عليه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088522481

    عدد مرات الحفظ

    777111195