إسلام ويب

تفسير سورة المنافقون (2)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ذكر الله تعالى في سورة (المنافقون) بعص صفات المنافقين التي استحقوا بها أن ينالوا العقاب الشديد في الدنيا والآخرة، ومن ذلك أنهم شديدو الإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، فقد قالوا في غزوة المريسيع عن الرسول والمؤمنين بأنهم أذلة وهم الأعزة، فرد الله عليهم بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، كما دعوا قومهم إلى عدم الإنفاق على الرسول والمؤمنين، فرد الله عليهم بأن لله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون ولا يعلمون.. وختم الله تعالى السورة بنهي المؤمنين عن أن تلهيهم أموالهم ولا أولادهم عن ذكر الله تعالى، كما أمرهم بالإنفاق من أموالهم قبل أن يأتي أحدهم الموت فيندم حيث لا ينفع الندم.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    وها نحن مع خاتمة سورة المنافقين المدنية المباركة، فهيا بنا نصغي مستمعين تلاوتها مجودة مرتلة، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ * هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:5-11].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! سورة المنافقون نزلت بالمدينة النبوية في السنة الخامسة، وذكرنا بعض أسباب نزولها في الدرس الماضي، وخلاصة ما علمناه ونعلمه إن شاء الله: أن بني المصطلق قبيلة وعلى رأسهم: الحارث بن أبي ضرار، تجمعوا ليقاتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وهم قريبون من قديد، بمكان فيه ماء يسمى: المريسيع، على ساحل البحر، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، جهز رجاله وخرج إليهم.

    فبدلاً من أن يأتوا ليقاتلوه في المدينة خرج إليهم ليقاتلهم؛ لأنهم مشركون كافرون، فلما وصل إليهم وقاتلهم، نصره الله نصراً مؤزراً، فهلكوا.

    ومن ثم قسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنيمة، فأعطى لكلٍ ما يستحق، وهو أخذ جويرية بنت الحارث ، أخذها أمة من الإماء؛ إذ كل الإماء مملوكات، ثم أعتقها وتزوجها في نفس الوقت؛ لأنها بنت الحاكم، بنت الأمير: الحارث بن أبي ضرار ؛ إكراماً لها أعتقها وتزوجها.

    وهنا تقول أمنا عائشة رضي الله عنها: ما أسعدنا بهذه الجارية، إذ كل من كان تحته امرأة أعتقها. قالوا: كيف زوجة رسول الله وأم المؤمنين نأخذ أخواتها وقريباتها ويستعبدن؟! فحرروا كل من كان عنده جارية.

    وفي أثناء وجودهم حدثت حادثة، وهي أن جهجاه مولى عمر رضي الله عنه خادم لـعمر ، وآخر يسمى سنان خادم لـابن أبي المنافق، حصل بينهم نزاع على الماء، فضرب جهجاه بعصاه سناناً، فلما ضربه وبلغ ذلك ابن أبي صاح وقال كلمات منتنة. قال: سمن كلبك يأكلك. أي: سمناهم في المدينة وأطعمناهم -يعني المهاجرين- سمن كلبك يأكلك، هذه الكلمة والله قالها، ثم قال: لئن رجعنا المدينة لنفعل ونفعل ونفعل، لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ [المنافقون:8].

    وبلغ هذا الرسول صلى الله عليه وسلم من طريق زيد بن أرقم -كما علمنا بالأمس- فبعث إليه رجاله، فأعلن أنه ما قال أبداً شيئاً من هذا. أي: ما قال هذا القول أبداً.

    فلما حصل الذي حصل قال له بعض الصالحين: يا فلان! تب إلى الله عز وجل واستغفره، أنت قلت هذا الكلام، لم تكذب؟ وها هي الآيات تحدثنا بهذا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088521387

    عدد مرات الحفظ

    777100124