إسلام ويب

تفسير سورة النساء (30)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بعد أن بين الله عز وجل لعباده ما يجب من الحقوق تجاه ربهم سبحانه أولاً، ثم تجاه والديهم، ثم تجاه الأقربين وسائر من يرتبط معهم العبد بعلاقة، بعد ذلك كله حذرهم الله عز وجل من اتخاذ الشيطان قريناً؛ لأنه إنما يأمر أولياءه بالفحشاء وينهاهم عن البر والتقوى، ويفتنهم عن فعل الصالحات، والإنفاق ابتغاء مرضات الله واليوم الآخر، ودعاهم سبحانه إلى تصحيح إيمانهم والاستقامة على أمر الله سبحانه وتعالى.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر ...)

    الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!

    إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة واللتين بعدها ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، اللهم حقق رجاءنا إنك ولينا ولا ولي لنا سواك.

    وما زلنا مع سورة النساء ومع هذه الآيات الخمس، ولعلنا ننهيها في درسنا هذا، هيا نتلو الآيات الخمس وقد درسناها إلا الآية الخامسة منها، وهي قوله تعالى: وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا [النساء:39].

    وَمَاذَا عَلَيْهِمْ [النساء:39].

    أولئك الذين كفروا بالله وبلقائه وحملهم ذلك الكفر على أبشع أنواع الظلم والخبث والشر والفساد، حتى أصبح الشيطان قريناً لهم، فليراجعوا أنفسهم، ماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر، ما الذي يترتب على إيمانهم سوى نفعهم وكمالهم وسعادتهم وطمأنينة نفوسهم وشعورهم برضا الله عز وجل؟ فما الذي يمنعهم من الإيمان؟ فإذا آمنوا بالله حق الإيمان واستقاموا على منهجه طاعة له ولرسوله يفعلون المأمورات ويجتنبون المنهيات، هل هذا يضرهم.. يفقدهم حياتهم.. أموالهم.. عزهم.. كرامتهم؟ ما الذي ينقصهم؟ استفهام للتعجب، وهذا من مظاهر رحمة الله بعباده مع ما وقفوه من ذلك الموقف وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:38]، وسبب ذلك: مقارنة الشيطان لهم، وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا [النساء:38]، هؤلاء ماذا عليهم لو آمنوا بالله حق الإيمان؟ لأن المنافقين أكثرهم يؤمن بوجود الله، واليهود كذلك يؤمنون بالله وباليوم الآخر، ولكنه إيمان غير سليم ولا صحيح.

    وقد عرفنا -وزادكم الله وإياي معرفة- أن الإيمان إذا صح وسلم أصبح صاحبه يعيش في كنف الله ورضاه، وأصبح لا يشعر بآلام هذه الحياة، وأصبح همه أن يلقى ربه وتصبح الآخرة خيراً له من الدنيا، لا يستبدل بها شيئاً من متاع هذه الحياة، وإذا أُمر وجد نفسه قادراً على أن ينهض بالأمر ولو كان فيه مشقة، وإذا نهي عن شيء وجد في نفسه القدرة على التخلي عنه والبعد عنه مهما كان، وذلك لصحة إيمانه وسلامته، هذا الإيمان إذا انعدم بالمرة، وأصبح المرء كافراً بالله ولقائه، هذا الكافر في قضاء الله حكمه حكم الجمادات والأحجار والحيوانات، لم يبق فيه خير قط، وإذا مات على ذلك فهو شر من كل ذي شر من هذه المخلوقات، إذ قال تعالى فيهم: أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6] أي: الخليقة.

    إذاً: الإيمان الضعيف يقوى على فعل واجب ويعجز عن آخر، يقدر على أن يجتنب سوءاً ويعجز عن اجتناب آخر، فيبقى في مرضه؛ فإن وافاه الأجل ومات على كبيرة من كبائر الذنوب هلك، وإن تاب الله عليه وختم له بحسن الخاتمة نجح.

    مرة ثانية: الإيمان الصحيح، هذا الذي ينجي ويسعد، ويكمل ويطهر، أما الإيمان الضعيف وجوده لا أقول كعدمه، ولكن صاحبه مريض، ما يكمل ولا يسعد في الدنيا ولا في الآخرة.

    فقوله تعالى في هذه الآية: وَمَاذَا عَلَيْهِمْ [النساء:39]. أي شيء يصيبهم.

    لَوْ آمَنُوا [النساء:39]. حق الإيمان بالله رباً وإلهاً، لا إله غيره ولا رب سواه، وباليوم الآخر ولقاء الله فيه للحساب والجزاء، إما بالنعيم المقيم في دار السلام، وإما بالعذاب الأليم في دار البوار والشقاء والهلاك.

    تعجب من حالهم، وفي نفس الوقت مظاهر رحمة الله بعباده تدعوهم إلى النجاة إلى السعادة والكمال؛ لأن إيمانهم بالله واليوم الآخر لا ينقص كمالهم ولا سعادتهم ولا وجودهم ولا شيء، بل العكس يحقق لهم ما يحلمون به أو يفكرون فيه من أنواع السعادات في الدنيا والآخرة.

    1.   

    مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء

    نتلو الآيات الخمس مرة ثانية ونتتبعها في الشرح لنتأكد من صحة ما علمنا، ولنتهيأ أيضاً للقيام بما وجب علينا من هذه الحقوق العشرة، وتأملوا.

    حق الله في العبادة وحده لا شريك له

    قال تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

    وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء:36].

    وهذا معنى لا إله إلا الله، يا من قلت لا إله إلا الله يجب ألا تلتفت إلى غير الله لا بقلبك ولا بوجهك، أسلم لله وجهك وقلبك؛ إذ أنت اعترفت بأنه لا يستحق العبادة إلا هو فاعبده، وأفرده بالعبادة، وخصه بها، ولا تشرك معه سواه. هذا حق الله، مقابل أن خلقنا ورزقنا، وخلق الحياة هذه من أجلنا، وخلق عالم السعادة والشقاء من أجلنا، أصبح صاحب حق وإلا لا؟

    إذاً: حقه أن نعترف به فنشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ونعبده بما أمرنا أن نعبده به، إن قال: صوموا صمنا، وإن قال: أفطروا أفطرنا، إن قال: طلقوا طلقنا، وإن قال: تزوجوا تزوجنا، هذه أمثلة إذ الطاعة استجابتك لأمر الله إذا أمرك واستجابتك لنهيه إن نهاك فانته وابتعد، ثم فرغ قلبك لله، لا تخف.. لا ترج.. لا تطمع.. لا تسأل.. لا تبك بين يدي مخلوق إلا بين يدي الله؛ إذ لا إله إلا الله. هذا حق.

    حق الوالدين في الإحسان إليهما

    والحق الثاني: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء:36].

    حق الوالدين أن نحسن إليهما ولا نسيء أدنى إساءة، وقد عرفنا أن الإحسان إلى الوالدين يتمثل في طاعتهما في المعروف، إذا أمرتك أمك يا عبد الله، أو أمرك أبوك يا عبد الله، بقول أو فعل أو ترك أمر لم يمنعه الله منه ولم يحرمه يجب أن تطيعه، فإن أمراك بمعصية الله. لا، لماذا لا؟ لأن طاعة الله قبل طاعة الوالدين وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء:36]، وطاعة الوالدين بالإحسان بهما، وذلك بطاعتهما في المعروف، وكف الأذى عنهما، مطلق الأذى حتى الكلمة العالية، ثم إسداء المعروف، وتقديم الخير في حدود ما تطيقه. هذا مقابل أن أمك حملتك في بطنها تسعة أشهر، وتحول دمها إلى لبن خالص من أجلك لترضع ولترتوي وتكبر، أبوك يعمل الليل والنهار من أجل تغذيتك وكسوتك والحفاظ عليك، بم تقابل هذا الحق؟ بطاعتهما، يا عبد الله اربط البهيمة يربطها، عبد الله اسكت اسكت، ولكن: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )، قاعدة قعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما الطاعة في المعروف لا في المنكر.

    وجوب أداء الحقوق إلى سائر أصحابها

    قال الله تعالى: وَبِذِي الْقُرْبَى [النساء:36].

    الحق الثالث: أقرباؤك من أمك وأبيك صلهم ولا تقطعهم، أحسن إليهم ولا تسيء إليهم، وعاملهم بالمعروف.. بالحسنى.. بالكلمة الطيبة، والنظرة الباسمة، والطاعة في المعروف، وبذلك ما استطعت من خير لهما، ودفع الأذى والشر عنهما، ولا ترضى بأذيتهما ولا بنقصناهما، بل افرح بكمالهما وسعادتهما، أقرباءك.

    وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:36]، هؤلاء هم أصحاب الحقوق العشرة.

    وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا [النساء:36].

    العلة: لأن الذي يمنع حقوق بالله عز وجل سببه مرض الكبر والاختيلاء في نفسه، الذي يمنع هؤلاء حقوقهم ما سبب المنع؟ الشعور بالعزة والارتفاع والتعالي سبب مرض الكبر، فإذا علمت أن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً إذاً فطهر نفسك من هذا المرض ونقها تنقية كاملة، تطامن تواضع، اعرف من أنت وما مستقبلك، وحينئذ لا تنكر معروفاً ولا تجحده، ولا تأتي منكراً ولا تفعله.

    التحذير من صفة البخل

    قال: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [النساء:37].

    وقد وقفنا على هذه ساعة، يبخل ويأمر الناس بالبخل، يفسد ويأمر الناس بأن يفسدوا، فهذا الموقف لا يقفه عبد آمن بالله ولقائه، على فرض بخل هو شح ما يأمر الناس بأن يبخلوا ويشحوا ولا يعطوا المعروف ولا يبذلوه، وقد عرفتم كان هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبقى إلى يوم القيامة، يوجد أشخاص ما يحبون الخير، إذا رأوك تبذل معروفاً ما يريدون ينهونك.. يخوفونك من الفقر.. يحذرونك.

    يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:37].

    هذه الصفة انطبقت على اليهود في المدينة، وما زالوا إلى اليوم يكتمون ما آتاهم الله من العلم، والله إن كبراءهم وأحبارهم وعلماءهم ليعرفون أنه لا نجاة للإنسان إلا بالدخول في الإسلام، وأنه لا كمال ولا طهر ولا صفاء على الأرض ولا في الملكوت الأعلى إلا بهذا الدين الذي وضع الله قوانينه وشرائعه من أجل إسعاد الآدميين وإكمالهم وإكرامهم، يعرفون هذا في التوراة، بل والله يعرفونه في القرآن، ووقفوا عليه وعرفوه، ويكتمونه ويجحدونه، ولا يرون إخوانهم أبداً صورة مشرقة للإسلام، بل يبغضونهم في الإسلام والمسلمين، وحالهم كحال الرهبان من النصارى أيضاً، لم؟ لما علمنا من أن اليهود يريدون أن يعيدوا مجدهم ودولتهم ومملكتهم، فمن هنا لا يريدون إنساناً يكمل أبداً، بل يعملون بوسائل التدمير والتخريب والإفساد حتى تصبح البشرية كالبهائم وحينئذ يسوقونها حيث شاءوا.

    وقد قلت وكررت القول: والله إن أعمال الخبث ومظاهر الشر والفساد، وإفساد العقول والأخلاق والآداب، والإبعاد عن عبادة الله، ليد اليهود هي التي تنشر هذا الباطل حتى تبقى البشرية كالبهائم.

    وقلت لكم وأكرر: الشيوعية القائمة على مبدأ لا إله والحياة مادة، لا إيمان بالله ولا باليوم الآخر، هذا المبدأ أوجده اليهود وصنعوه وقدموه، ونجحوا في ذلك وخاصة في النصارى في المسيحيين، كان في النصارى رأفة، كانت فيهم رحمة، كان فيهم نوع من العدل، لما كانوا يؤمنون بالله ولقائه والدار الآخرة، فلما نشروا المذهب البلشفي فيهم ثلاثة أرباع النصارى ألحدوا وكفروا، وما أصبحوا يؤمنون بالله ولا بلقائه، لا عيسى بابن الله ولا هو الله، ومن ثم ظهر الخبث والشر والفساد والباطل، ظهرت أندية اللواط والعهر، والعجب العجاب.

    أزيدكم: كانت المسيحية تسبل على وجهها قطعة من القماش الأسود ولا تكشف وجهها أمام العالم، فما الذي كشف الوجوه والفروج؟ اليهود، فلاحظ الفتاة كاشفة عن فخذيها.. عن ساقيها.. عن رأسها، والرجل يلبس بنطلوناً يجره في الأرض، واليهود يضحكون يسخرون، المرأة التي بالفطرة تكون مستورة مغطاة محفوظة ما تخرج أبداً إلا مستورة تلبس المينجيب والمكيروجيب وتخرج في الشوارع، والفحل يلبس سروالاً إلى تحت الكعبين، واقع هذا وإلا لا؟ من نفخ هذه الروح؟ اليهود وهم يضحكون ويسخرون.

    على كل حال قال تعالى: وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [النساء:37].

    أحضرناه وهيأناه، ما إن يفقد الآدمي جسمه وتستقل عنه روحه إلا وتلقى تلك الروح من أنواع العذاب المهين الذي يذل ويهين ما لا يتصوره الإنسان، ولا يدرك حقيقته في العالم الأسفل.

    التحذير من طاعة الكافرين

    وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا * وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا [النساء:38-39].

    معاشر المستمعين والمستمعات! هذا كلام الله، من هو الله؟

    الجواب: الذي خلق هذه العالم كلها ويديرها إدارة الحكيم العليم، يميت ويحيي.. يعز ويذل.. يعطي ويمنع.. يصحح ويمرض، بهذا النظام العجب، ومنذ آلاف السنين، وإذا قلت: نريد ما يعرفني به أكثر؟ ما عندك أكثر من كلامه، هذا كلامه، هل يتصور هل يعقل يوجد كلام بدون متكلم؟ مستحيل، يوجد موجود بدون موجد؟ مستحيل ولو هذه الورقة، هذا الله جل جلاله يحب أولياءه وينصرهم، هو الذي أنزل هذا الكتاب وبعث هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، فلهذا اسمع الله تعالى يقول من سورة آل عمران: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [آل عمران:100] لبيك اللهم لبيك، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [آل عمران:100] اليهود والنصارى، يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100]، هذا خبر الله وإلا لا؟ في من ينقضه؟ والله ما ينقضه ويستحيل، إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [آل عمران:100] ما قال: إن تطيعوا الذين أوتوا الكتاب؟ لا. لكن فريقاً منهم، وهم الذين يدعون العلم والمعرفة.. و.. و.. ، فإن أنتم أطعتموهم ردوكم بعد إيمانكم كافرين.

    وما أصاب العالم الإسلامي من الإلحاد والعلمانية وزيغ القلوب.. أكثر ما أصاب الذين جلسوا بين يدي أولئك العلماء وتخرجوا عنهم في كلياتهم ومدارسهم في ألمانيا.. في أمريكا.. في بريطانيا، وأكثر المسئولين في العالم خريجو تلك الجامعات، درسوا عن من؟ جلسوا بين يدي من؟ كافر وإلا لا؟ كيف لا ينفخ فيهم روح الكفر؟ واسألوهم تجد قلوبهم ميتة، وإنما يجاملون فقط البلد الذي هم فيه، أصيبوا بهذا المرض، وهذا هو الله جل جلاله يخبر بهذا الخبر في نداء عجيب: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100]، فالذين يسخرون من الشريعة الإسلامية ويستهزئون بها، ويعدونها تخلفاً ورجعية من هم: عوام المسلمين؟ والله للذين درسوا على أيدي الكافرين، وتخرجوا من كلياتهم وجامعاتهم.

    رحمة الله بالناس بإرسال الرسل إليهم

    ثم تتجلى رحمة الله تعالى بنا فيقول: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آل عمران:101].

    (وكيف تكفرون)، كيف يتأتى لك يا عبد الله المؤمن أن تكفر وأنت تتلى عليك آيات الله، وبين يديك رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فوضع البلسم الشافي والدواء النافع، وهو إذا كان الطالب الذي يدرس على أيدي الكافرين يتلو كتاب الله، ويعيش على سنة رسول الله يتحقق له بذلك العصمة، ولن يستطيع الكافر مهما كان أن يؤثر على هذا المؤمن ما دام يتلو كتاب الله أو يسمعه، وما دام يعيش على سنة رسول الله ويعلمها.

    الرجاء من المستمعين أن يفهموا هذه:

    أولاً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [آل عمران:100]، ما الذي يحصل؟ جوابه: يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100]، وبعد؟ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ [آل عمران:101] من أين يأتيكم الكفر بعد الإيمان؟ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آل عمران:101].

    فمن هنا الحصانة والمناعة للمؤمنين ألا يتخلوا عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الذي نطالب به: مساء كل يوم أهل القرية أو أهل الحي يجتمعون في بيوت ربهم اجتماعنا هذا يتلون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من أين يأتيهم الكفر؟ هم يقلبون الكفر إلى إيمان، والجحود إلى اعتراف؛ لكمال حياتهم، أما مع تخلينا وبعدنا عن الكتاب والسنة فالذي حصل هو ثمرة ذلك ونتيجته.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    إليكم شرح هذه الآيات كما في الكتاب وتأملوا.‏

    معنى الآيات

    قال: [ ما زال السياق الكريم في هداية المؤمنين وبيان الأحكام الشرعية لهم ليعملوا بها فيكملوا ويسعدوا، ففي الآية الأولى يأمر تعالى المؤمنين بعبادته وتوحيده فيها وبالإحسان إلى الوالدين، وذلك بطاعتهم في المعروف، وإسداء الجميل لهم، ودفع الأذى عنهم، وكذا الأقرباء واليتامى والمساكين والجيران مطلقاً أقرباء أو أجانب، والصاحب الملازم الذي لا يفارقك كالزوجة والمرافق في السفر والعمل والتلمذة والطلب.. ونحو ذلك من الملازمة التي لا تفارق إلا نادراً، إذ الكل يصدق عليه لفظ الصاحب بالجنب، وكذا ابن السبيل وما ملكت اليمين من أمة أو عبد، والمذكورون الإحسان إليهم آكد وإلا فالإحسان معروف يبذل لكل الناس، كما قال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة:83]، وقال وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195].

    وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا [النساء:36] -هذا اللفظ- دال على أن منع الإحسان الذي هو كف الأذى وبذل المعروف ناتج عن خلق البخل والكبر وهما من شر الأخلاق. هذا ما دلت عليه الآية الأولى.

    وأما الآية الثانية وقد تضمنت بمناسبة ذم البخل والكبر التنديد ببخل بعض أهل الكتاب وكتمانهم الحق وهو ناتج عن بخلهم أيضاً، قال تعالى: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:37] أي: من مال وعلم، وقد كتموا نعوت النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته -الدالة عليه- في التوراة والإنجيل، وبخلوا بأموالهم وأمروا بالبخل بها، إذ كانوا يقولون للأنصار: لا تنفقوا أموالكم على محمد فإنا نخشى عليكم الفقر.

    وخبر الموصول (الذين) محذوف تقديره هم الكافرون حقاً، دل عليه قوله: وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [النساء:37]. هذا ما جاء في هذه الآية الثانية.

    أما الآيتان الثالثة والرابعة؛ فإن الأولى منهما قد تضمنت بيان حال أناس آخرين غير اليهود وهم المنافقون، فقال تعالى: وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ [النساء:38] أي: مراءاة لهم ليتقوا بذلك المذمة ويحصلوا على المحمدة، وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:38] لأنهم كفار مشركون، وإنما أظهروا الإسلام تقية فقط، ولذا كان إنفاقهم -المال- رياء لا غير.

    وقوله: وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا [النساء:38] أي: بئس القرين له الشيطان، وهذه الجملة: ومن يكن الشيطان له قرين؛ دالة على خبر الموصول المحذوف اكتفي به عن ذكره كما في الموصول الأول، وقد يقدر بمثل: الشيطان قرينه هو الذي زين لهم الكفر، وهو كذلك. هذا ما تضمنته الآية الثانية وهي قوله تعالى: وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ [النساء:39] فقد تضمنت الإنكار والتوبيخ لأولئك المنافقين الذين ينفقون رئاء الناس، ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر؛ بسبب فتنة الشيطان لهم وملازمته إياهم، فقال تعالى: وَمَاذَا عَلَيْهِمْ [النساء:39] أي: أي شيء يضرهم أو أي أذى يلحقهم في العاجل أو الآجل لو صدقوا الله ورسوله وأنفقوا في سبيل الله مما رزقهم الله، وفي الخطاب دعوة ربانية لهم بتصحيح إيمانهم واستقامتهم بالخروج من دائرة النفاق الذي أوقعهم فيها القرين -عليه لعائن الله- إبليس، فلذا لم يذكر تعالى وعيداً لهم، وإنما قال: وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا [النساء:39].

    وفي هذا تخويف لهم من سوء حالهم إذا استمروا على نفاقهم، فإن علم الله بهم مستوجب الضرب على أيديهم إن لم يتوبوا ] تاب الله علينا وعليهم.

    هداية الآيات

    الآن مع هداية هذه الآيات، هيا نراجع استنباط الهدايات.

    [ أولاً: تقرير عشرة حقوق والأمر بأدائها فوراً، وهي: عبادة الله وحده، والإحسان بالوالدين، وإلى كل المذكورين في الآية ].

    مرة ثانية: من هداية هذه الآيات:

    أولاً: تقرير وإثبات عشرة حقوق على كل مؤمن أن ينهض بها ويأتي بها طاعة لله ورغبة في ما عند الله.

    تقرير عشرة حقوق والأمر بأدائها فوراً، وهي: عبادة الله وحده، والإحسان بالوالدين والأقرباء، إلى غير ذلك من العشرة المذكورين في الآية.

    [ ثانياً: ذم الاختيال -الناتج- الناجم عن الكبر وذم الفخر، وبيان كره الله تعالى لهما ].

    واسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يذم الاختيال، ففي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى لا ينظر إلى من جر ثوبه خيلاء )، الذي يطيل ثوبه ويجره في الأرض خيلاء هذا مبغوض لله، والله ما ينظر إليه، فلهذا أمرنا ألا يزيد ثوب أحدنا عن كعبيه أبداً، لا يطول ثوبك، برنوسك، سروالك، أي شيء تلبسه على الكعبين، عند الكعبين يقف، خوفاً من أن يبغضنا الله بغضاً، فلا ينظر إلينا أبداً. ( إن الله لا ينظر إلى من جر ثوبه خيلاء ).

    ويقول صلى الله عليه وسلم في البخل: ( وأي داء أدوأ من البخل؟ ) أي: أكثر ضرراً من البخل؟ لا شيء.

    ويقول: ( إياكم والشح ) والشح والبخل بمعنى واحد، إلا أن الشحيح باخل وحريص على المال، والبخيل قد يمنع ويبخل وما هو بالحريص، فالشح شر من البخل، ولذا يقول: ( إياكم ) احذروا. ( إياكم والشح؛ فإنه أهلك من كان قبلكم ) كيف؟ قال: ( أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا، وحملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم ) هذان الخلقان أو هذا الخلق من شر الأخلاق، والآية الكريمة من هدايتها: [ ذم الاختيال، وحرمة البخل والأمر به، وحرمة كتمان العلم وخاصة الشرعي ] فالذي يبخل بالمال كالذي يبخل بالعلم. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( من كتم علماً ألجمه الله بلجام من النار يوم القيامة ) من كتم علماً والناس في حاجة إليه وجحده لاعتبار من الاعتبارات جزاءه يدخل النار ويلجم بلجام منها يتميز به بين أهل النار لأنه كتم العلم الشرعي، وأول من يتناول هذا اليهود الذين إلى الآن يكتمون العلم عن الناس، وكل ذي علم عرف عن الله وسئل فكتم داخل في هذا.

    [ ذم الاختيال الناجم عن الكبر وذم الفخر، وبيان كره الله تعالى لهما.

    ثالثاً: حرمة البخل والأمر به ].

    وهل هناك من يأمر بالبخل؟ إي نعم. قد تجد الرجل يأمر ولده بالبخل، يجد أن ولده منفقاً أو يتصدق ينهاه. لا تفعل.

    [ رابعاً: حرمة الرياء وذم صاحبه ].

    ما الرياء؟ أن يعمل العبد العمل الإصلاح الخيري من أجل أن يراه الناس. وقد بينت لكم ذلك: الناس ثلاثة، فأكملنا الذي يعمل العمل ولا يريد أن يراه أحد إلا الله، ويتألم إذا أثني عليه أو مدح به، ما يريد، يعمل العمل ولا هم له إلا رضا ربه فقط سواء كان مالاً أو كان عبادة، هذا من المقربين. والرجل الثاني يعمل العمل ولا يريد إلا الله، لكن يحب أن يحمد أو يثنى عليه بخير، ويجد في نفسه رغبة لذلك، مع أنه ما فعله ولا قام به إلا لله طاعة لله وتقرباً إليه، لكن إذا أثنى عليه أو امتدحه سر بذلك وفرح، وهذا دون الأول.

    مرة ثانية: هذا يقوم يصلي في الليل يتهجد، ينفق ماله في سبيل الله، يدعو إلى الله، ولا هم له إلا الله، أمر به ربي أنا أطيعه، لكن يجد في نفسه فرحاً وسروراً إذا أثنى عليه إخوانه أو امتدحوه أو ذكروه بخير، هذا غير الأول وإلا لا؟ الأول ما يريد أبداً أن يطلع أحد أو يتكلم فيه.

    الرجل الثالث الهالك هو عندما يقوم يفعل الخير ما يريد الله ولا رغبة في الله ولا في طاعته، فقط يريد هذا العمل من أجل أن يشكر ويثنى عليه ويحمد، أو من أجل أن يشيع ويذيع صيته بين الناس، كبعض التجار الكبار ينفقون لأجل التشهير بسلعتهم وبضاعتهم في الجرائد وفي غيرها. هذا الذي ينفق نفقة أو يعمل عملاً صالحاً وهو لا يريد رضا الله ولا حب الله ولا ما عند الله، فقط يريد أن يرفع عنه المذمة، حتى ما يقال: بخيل أو شحيح أو لئيم؛ فينفق ليقال: كريم وسخي، أو ينفق للاعتبارات حتى يبقى بين الناس محترماً، فهذا هو المنافق وهو الذي ينفق لغير الله، فاذكروا هذه القضية برجالها الثلاثة.

    أفضلهم الأول، وهو الأول الذي ما يريد أن ينظر إنسان إليه أبداً، يريد الله فقط، هذا أكمل المنفقين العاملين.

    الثاني: لا يريد بعمله إلا الله، يعطي ماله.. يعطي كلمته.. جهده طاقته يريد التقرب إلى الله والتزلف إليه ليحبه ويرضى عنه ويكرمه ويسعده، لكن في نفسه هوى؛ إذا أثني عليه إذا حُمد يفرح بذلك، وأذن الرسول بذلك، ما يضرك هذا، لأنك أول ما فعلت إلا لله، فإذا جاء حمد أو ثناء فهذا فضل الله أيضاً عليك.

    وشر الناس الذي يعمل الصالحات الخيرات من إنفاق وهو لا يريد الله، إما لكفره بالله. كالمنافق والكافر، وإما لضعف إيمانه وعدم بصيرته إذا تصدق.. إذا قال.. إذا كذا.. يريد حمد الناس له وثناؤهم عليه، هذا هالك وخاسر والعياذ بالله.

    [ خامساً: ذم قرناء السوء ].

    يا عبد الله! يا أمة الله! لا تجالس إلا عبداً صالحاً. يا رجل! لا تتزوج إلا امرأة صالحة، يا مؤمنة! لا تتزوجي إلا رجلاً صالحاً، يا من يريد العمل! لا تعمل إلا مع عبد صالح حتى في رعاية غنم أو إيجاد مزرعة أو عمل، يجب علينا أن نتعاون ومن باب التعاون أن نتعاون مع الصالحين، وقد عرفتم الحديث الشريف: ( مثل الجليس الصالح وجليس السوء ) ما مثلهما؟ الأول كبائع عطر، تجلس إليه تشم رائحة أو ينفحك منه شيئاً، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير، إما ينالك الدخان والنتن أو تحترق ثيابك. ومن هنا ما يبقى في القرية فاسد، يهزئونه ما دامت أخلاقه هابطة، سلوكه شائن ما يريده الناس مع من يجلس إذاً؟ يضطر إلى أن يتوب وأن يستقيم، والله العظيم. ما يستطيع أن يعيش في القرية والناس كلهم ملتفتون عنه لا ينظرون إليه ولا يجالسونه.

    أما قال تعالى: وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا [النساء:38] قبح هذا القرين. كيف الشيطان يكون قريناً لك؟ لأنه يأمرك فتطيع، ينهاك فتطيع، يزين لك القبيح فتزينه، حتى يملكك ويصبح من جسمك، فلا يفارقك ليلاً ولا نهاراً.

    [ ذم قرناء السوء لما يأمرون به ويدعون إليه قرناؤهم حتى قيل ].

    هذا بيت شعر عن الأولين.

    [ عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي ].

    يا عبد الله! لا تسأل عن فلان كيف حاله، اسأل عن قرناه من هم؟ إذا كان الحشاشين أو الخمارين أو المقامرين أو المتلصصين يكفيك، لا تسأل عنه؛ لأنك إن سألت عنه قد لا تجد الجواب الحقيقي، لكن إذا سألت: من يجالس فلان؟ من هم الذين معه؟ فإذا وجدتهم صالحين أبشر، لن يكون هو إلا صالحاً، وإذا عرفت أنهم فاسدون فهو مثلهم.

    عن المرء لا تسأل وسل عن قرينة فكل قرين بالمقارن يقتدي

    فالمصاحبة والملازمة ويكفينا في ذلك هداية الله لرسوله، إذ قال له: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ [الكهف:28] احبسها. مع من؟ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الكهف:28] نهاه أن يجالس أبا جهل ، عقبة بن أبي معيط أو فلاناً وفلاناً من أغنياء مكة، قال: لازم الفقراء مثل بلال وعمار وفلان وفلان ولا تبال بالآخرين. وَاصْبِرْ نَفْسَكَ [الكهف:28].

    معاشر الأبناء والإخوان! يا معاشر النساء! يجب أن نرتبط بالصالحين، كل من أراد عملاً صالحاً يجب عليه أن يصاحب من يكون صالحاً.

    وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765796748