إسلام ويب

تفسير سورة النساء (6)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والأطفال، بحجة أنهما لا يركبان فرساً ولا ينكيان عدواً، لكن لما جاء الإسلام ونزل الكتاب بين أن المرأة والطفل لهما حق في الميراث، وفي هذه الآيات يوجه الله عز وجل المؤمنين إلى أنهم إذا حضروا احتضار أحدهم فلا يسمحوا له أن يحيف في الوصية، بأن يوصي لوارث، أو يوصي بأكثر من الثلث، أو يريد حرمان الورثة بأي وجه من الوجوه.
    الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الأربعاء من يوم الثلاثاء ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده ).

    اللهم حقق لنا هذا الرجاء، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك!

    وها نحن مع سورة النساء المدنية، وسبقتها سورة آل عمران المدنية، وسبقتها سورة البقرة المدنية، وسبقتها سورة الفاتحة المكية المدنية، نزلت بمكة ونزلت بالمدينة، فمرة نزلت بـ: بسم الله الرحمن الرحيم، وأخرى بدونها، فمن هنا من رأى نزولها بـ: بسم الله الرحمن الرحيم جعلها آية من آياتها السبع، وفرض قراءتها في كل قراءة، ومن رأى نزولها مرة ثانية بدونها رأى آياتها سبع آيات بدون بسم الله الرحمن الرحيم.

    والمذهب الجامع والطريق السديد: هو أننا لا ننكر على من لم يقرأها، ولا ننهى من قرأها، ونحن إن كنا أئمة نصلي بالناس نفتتح الفاتحة بـ: بسم الله الرحمن الرحيم سراً، ولا نجهر بها؛ حتى لا يتألم من يرى عدم قراءتها، ونقرأ بها لما ثبت من أنها نزلت بها.

    وبسم الله الرحمن الرحيم فاتحة كل سورة من كتاب الله، وليست بواجبة، وإنما الوجوب في آية من سورة النمل، فتلك بالإجماع آية من سورة النمل.

    لعلكم ما اطمأنت نفوسكم إلى هذا البيان، لا حرج، كل ما في الأمر أننا نهبط إلى أن تجتمع كلمتنا، ولا نختلف بيننا، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه:( صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووراء أبي بكر ووراء عمر فكانوا يفتتحون القراءة بـ: الحمد لله رب العالمين ) هل هناك من هو أعلم من أنس برسول الله وهو سيده ومولاه وأبي بكر وعمر ؟ هذا حديث في الصحيحين وفي الموطأ.

    فمن هنا الذي يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] أعظم أجراً، فمن هنا أخذاً بالحديث الصحيح ما نجهر بها، إذ من الجائز أنهم كانوا يسرونها سراً، ويرفعون أصواتهم بـ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] للفرق بين البسملة وبين آية من سورة الفاتحة.

    ومن رأى كالإمام الشافعي أنها آية: ألزم تلامذته ونفسه بأن يجهروا بها ويقرءوها.

    قلنا: لكم ذلك، فأنتم ما عصيتم الله! وأنتم طالبون رضا الله بسملوا، وما بقي بيننا خلاف.

    ومن قال: كيف تسقطون آية من كتاب الله؟ هذا كفر. قلنا: لا! لا تقل هذا يا عبد الله! السورة نزلت مرتين، قرأها جبريل على رسول رب العالمين فمرة بسمل، ومرة لم يبسمل، فقلنا: ليست آية، وإنما هي افتتاح السورة كما افتتحت بها عامة سور القرآن إلا براءة؛ لأنها إعلان حرب، ما يحسن ذكر بسم الله الرحمن الرحيم مع ذكر الضرب بالسيف!

    إذاً: بسم الله الرحمن الرحيم موجودة في كل سور القرآن، وهذا المصحف أمامكم اللهم إلا سورة براءة، ما السر؟ إعلان الحرب: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ [التوبة:1-3] الآيات، فلم يحسن أن تفتتح بـ: بسم الله الرحمن الرحيم، التي تحمل راية الرحمة.

    الحمد لله، العلم ما يؤخذ في ليلة واحدة، الله يعلم أننا ظالمون،لم؟ كيف نفتتح آية بها الأحكام الكثيرة ونريد أن نفهمها ونحفظها في يوم واحد؟ ما هو صحيح، والله ما نحن بمستقيمين في هذا الباب، تعودنا أن حكماً واحداً يتقرر ويتكرر؛ حتى يصبح من الضروريات للعبد الذي يطلبه، وبذلك يستقر في نفسه، ويقوى على تطبيقه، والدعوة إليه.

    عرفتم خطأنا؟ هيا نستغفر الله إذاً، اللهم اغفر لنا وتب علينا، اللهم اغفر لنا وتب علينا!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088526412

    عدد مرات الحفظ

    777136261