إسلام ويب

تفسير سورة المائدة (35)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن القول على الله بغير علم، والافتراء عليه فيما يتعلق بألوهيته وربوبيته أمر عظيم، وقد حذر الله سبحانه وتعالى أهل الكتاب من الغلو في الدين، وترديد الأقوال التي يقولونها عن الله وأنه ثالث ثلاثة، وأن له صاحبة وولداً، وهم إنما استفادوا هذه الأقوال من غلاة اليهود والنصارى، ولم يستفيدوها من كتب الله ولا على لسان أنبيائه الذين يبلغون دين الله بصدق.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون.. ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي الثلاث بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه ألفاً وسلم، قال: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    وها نحن ما زلنا مع سورة المائدة المدنية، المباركة، الميمونة.

    وبين يدي الدرس أعلم بعض الأبناء والإخوان الجاهلين بالسلام على الحبيب صلى الله عليه وسلم، إذ يقول أحدهم: لقد أوصاني فلان بأن أسلم له على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتيت المدينة النبوية، ويقول: لقد نسيت فما بلغت الأمانة ولا سلمت له على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من الجهل وعدم العلم، من عدم المعرفة، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يبلغ السلام بالواسطة أبداً، فنحن نصلي عليه وسلم بأي مكان من العالم العلوي أو الأرضي السفلي فيبلغه سلامنا مباشرة، فلا يحتاج إلى واسطة، ويدلك على هذا أننا ما صلينا في ليل أو نهار فريضة أو نافلة إلا قلنا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ما نصلي ركعتين إلا ونحن جالسون بين يدي الله، ونبدأ بتحية الله: التحيات لله والصلوات والطيبات، أي: كلها لله، ثم نقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ووالله إنه ليسمعها أكثر من سماعكم لي، وقبل أن يكشف الله الغطاء ويزيح الستار عن هذه المغيبات كان المسلمون يؤمنون بما أمرهم الرسول أن يقولوه، ولا يدرون كيف، أما نحن ففي بيوتنا نتكلم مع الناس في الشرق والغرب في السماء والأرض، هل هناك من ينكر أن شخصاً في نيويورك تسلم عليه وأنت في المدينة؟ هل تقول: مستحيل؟ ما هو بمستحيل.

    ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم ارتبك بعض الأصحاب، فقال الآن نقول: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، لا نقول: السلام عليك أيها النبي، فأيام كان يصلي بنا وأمامنا نواجهه بالخطاب ونقول: السلام عليك أيها النبي، أما وقد مات صلى الله عليه وسلم وهو في الملكوت الأعلى فنقول: السلام على النبي. فقال أهل العلم كـأبي بكر وعمر وغيرهما: لقد أمرنا الرسول أن نقول هكذا فيجب أن نقول هكذا، لا عبرة بحياته وموته، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

    وقال صلى الله عليه وسلم: ( صلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني، وسلموا علي حيثما كنتم فإن سلامكم يبلغني )، آمن المسلمون قروناً عديدة وهم موقنون بأن السلام يصل والصلاة تبلغ، إلا أننا الآن بهذه الاكتشافات التي أزاح الله بها الستار وأصبحنا نحيي من بيننا وبينه آلاف الأميال، ويسمعنا ونسمعه بهذا الهاتف، والآن هل يبقى شك في قلبك إذا قلت: السلام عليك أيها الرسول أنه يسمع؟ يبلغه، فلست في حاجة إلى أن تقول: يا عبد الله! سلم لي على الرسول إذا زرت المدينة، لا معنى لهذا الكلام أبداً، إلا أن الشيطان يريد أن يحرمكم من الأجر فلا تصلي ولا تسلم، وتقول: سلم لي على الرسول، بل صل وسلم عليه أنت في مكانك يبلغه، هل فهمتم معشر المستمعين هذه الحقيقة؟ ألستم تقولون: السلام عليك أيها النبي في كل صلاة؟ أنت بين يدي الله، والله نصب وجهه لك ويسمع كلامك وتصلي وتسلم على نبيه فيبلغه ذلك، فالحمد لله.. الحمد لله.. الحمد لله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088523529

    عدد مرات الحفظ

    777119402