معاشر المستمعين والمستمعات! الليلة ليلة ماذا؟ المولد، فهيا بنا نتحدث عن المولد! غداً المولد صباح الإثنين ووافق يوم الإثنين أيضاً، عجيبة أخرى.
ماذا نفعل يرحمكم الله؟ غداً إن شاء الله المولد، فماذا نفعل؟! نصلي كصلاة العيد؟!
نخرج إلى البر أو نصلي في المسجد جماعة؟!
الجواب: لا. ماذا نصنع؟! نعكف في المسجد؟! ماذا نفعل؟!
إذاً: والله العظيم ما وجدنا ما نفعل يوم الإثنين غداً إلا ما كنا نفعله طوال السنة، واعلموا وأقسم بالله لقد عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعاش أولادهم وأحفادهم والأئمة الأربعة في قرنهم الثالث ووالله ما عرفوا هذا المولد، ولا فعلوا شيئاً، لا ذبائح ولا أموال ولا بخور ولا صراخ ولا أغاني ولا شيء أبداً والله العظيم!
وذا لا ينكره أحد من أهل التاريخ، فالذي ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأحفادهم وما عرفه أئمة الإسلام: أبو حنيفة الإمام الأعظم ومالك والشافعي تلميذه، وأحمد تلميذ الشافعي ، هؤلاء الأقطاب الأربعة ما عرفوا مولداً ولا سمعوا به أبداً.
أبعد هذا يبتدع المبتدعة على الناس ويأتون يكفرون من لم يحتفل ويقول به؟
ويقولون: يكره الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم، فهو كافر!
أمر عظيم لا يطاق، بالإجماع أن المولد لم يحدث إلا في آخر القرن الرابع، والقرون الذهبية ثلاثة، والتي قال فيها الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ) ما عرفوا مولداً.
المولد سنة إذا ولد لك ولد يوم السابع تذبح شاتين إن كان ذكراً، أو شاة إن كانت بنتاً، وإن عجزت يوم السابع فيوم الرابع عشر، وإن عجزت يوم الرابع عشر فيوم الواحد والعشرين.. ثلاثة أسابيع.
هذه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد عق الرسول عن أولاده. هذه هي العقيقة، هذه مشروعة!
ماذا نقول في المولد؟ نكذب على الله وعلى رسوله.
واعلموا أن العبادة التي تعبدنا الله بها سرها والحكمة منها: تزكية النفس البشرية وتطهيرها:
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا
[الشمس:9-10].
العبادة التي شرعها الله تعالى في كتابه أو على لسان رسوله السر فيها والحكمة منها: أنها تطهر النفس البشرية، هذه العبادة يستحيل أن يشرعها غير الله ورسوله، وتزكي النفس وتطهرها، مستحيل، لو تخترع، لو تبتدع ألف عبادة وتتظاهر أنها من عبادة الله والله ما زكت النفس البشرية، والرسول وضع القواعد: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ) وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ ) والخلفاء الراشدون والله ما عرفوا مولداً ولا أقاموه، ولا دعوا إليه ولا تحدثوا عنه.
إذاً: ونحن كما تعلمون الصلاة فرضها الله وتعبدنا بها لتزكية نفوسنا.
هذه الصلاة يراعى فيها أربعة أمور:
أولاً: أن يكون فرضها الله.
ثانياً: يراعى فيها كميتها وكيفيتها، ومكانها.
لو صليت في المرحاض تصح صلاتك؟! هل هناك من يقول: صلاتك صحيحة؟ ما معنى غير صحيحة؟ لا تزكي نفسك، ما تطهرها.
لو صليت صلاة وأنقصت منها سجدة فقط أو ركعة فقط يقول الفقيه: صلاتك باطلة، باطلة، باطلة.
ما معنى باطلة؟ أي: لا تزكي نفسك ولا تطهر روحك.
صام الفجر إلى العصر ثم أخذ حبة حلوى وابتلعها هل يقول الفقيه: صيامك صحيح؟ لا. هل يزكي نفسه؟ والله ما كان، وعليه أن يقضيه إذا أراد تزكية نفسه.
فالعبادة أولاً من يشرعها؟ الخالق الذي خلق الأبدان والأرواح، وخلق للأبدان مواد الغذاء والتطهير والتزكية، وخلق للأرواح وأوجد لها مواد التزكية والإصلاح.
والرسول يبين ويقول: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) هذه الحديث وحده والله لفي الصحيح، لو عقله مؤمن وعرفه ما قبل بدعة أبداً!
( من عمل عملاً ليس فيه أمرنا -أي: ما أمرنا به- فهو رد ) أي: مردود على صاحبه.
فدعهم يبيتون يرقصون ويغنون ويأكلون الحلويات واللحوم وكذا، والله لا أجر ولا مثوبة أبداً!
رده الرسول عليهم ثم ما نستحي وما نخجل أن نقلد النصارى في هذا العيد؟!
نحن مع رسولنا في كل ساعة وفي كل يوم، فكيف نعمل ذكرى للرسول في العام مرة؟
نحن نسمع في كل أذان: أشهد أن محمداً رسول الله؟ وإذا قمنا للصلاة: أشهد أن محمداً رسول الله، وإذا صلينا ركعتين وجلسنا بين يدي رب العالمين نقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.. وجهاً لوجه. تبلغه هذه.
فلماذا نعمل له ذكرى سنوية كالنصارى المشركين التائهين الضالين؟ ذكرى سنوية؟! ما هو عيب هذا؟! ما هو حرام هذا؟! سخرية أم استهزاء بالإسلام؟!
الرسول الذي نحن لا نفارقه أبداً نصلي ونسلم عليه في اليوم على الأقل ثلاثمائة مرة نعمل ذكرى له حتى نذكره؟!
هذه بدعة النصارى لما هبطت بالأمة وأسقطوها من علياء كرامتها -اليهود والنصارى والمجوس- لما عميت وضلت أوجدت هذه البدعة كبدعة النصارى! احتفال بالمولد النبي في العام مرة، وإلى الآن يحتفلون حكومات، يا حكومات! تحتفلون بم؟ بالمولد وأنتم ذبحتم رسول الله، وألهيتم الناس عنه، وتركتم سنته، وأبعدتم الأمة عن شرعه، واستبدلتم القوانين الباطلة الفاجرة وتقولون: ذكرى المولد؟!
سخرية واستهزاء هذا؟! يا ويلهم يوم يلقون ربهم! ساعة الموت فقط في قبره.
أين المولد؟ هيا ماذا نصنع؟ ما عندنا شيء عن المولد أبداً.
نكذب على الله ورسوله؟!
نبتدع الحفل.
ومن هذا: أنهم يجلسون ويقولون: جاء الرسول، جاءت روح الرسول! ويكونون جالسين فيقفون صفوفاً صفوفاً.
لم تكذبون على رسول الله؟! ( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ).
لم هذا التضليل؟ الرسول روحه تجيئهم؟ تترك الملكوت الأعلى الجنة وتأتي الروح لجماعة البدعة؟
أيعقل هذا الكلام ويقبل؟!
وقضية الأكل والشرب طول العام، كلوا واشربوا وزغردوا من منعكم؟ لكن لا ترفعوا شعار العبادة، فالعبادة مقننة من قبل الرب الخالق.
أباح لكم الشرع أن تأكلوا ما شئتم وتطبخوا في كل يوم، أما أن تحدثوا حدثاً ما سبقكم إليه رسول الله ولا أصحابه ولا أولادهم ولا أحفادهم ولا أهل القرون المفضلة وتقولون: عبادة؟! وأبشع ما تسمعون: أنك إذا لم تقم بالمولد يقولون: هذا يكره الرسول! والذي يكره الرسول هل يبقى مؤمناً؟ والله ما هو بمؤمن، والله ما هو بمؤمن، إذ حب الرسول من الإيمان، فالذي يقول: يكره الرسول معناه: قال: كافر! ( ومن قال لأخيه: يا كافر! فقد باء بها أحدهما ) ونحن فقط نقول: المولد بدعة، والله لبدعة، اخترعوها ابتدعوها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأولادهم وأحفادهم وبعد أئمة الإسلام في القرن الرابع والخامس، ومن ثم ألف أحد المؤلفين كتاباً ويقول: المولد أخذ بمبدأ الإجماع!
أين الإجماع؟ الإجماع إجماع الصحابة وأولادهم وأحفادهم، ما هو إجماع الأمة التي هبطت.
وهل أجمعت الأمة على هذا؟ ما من يوم إلا وفيه من ينكر هذه البدعة ويردها على أصحابها!
معاشر المستمعين! حتى لا تفهموا أننا لا نحتفل بالمولد لأننا لسنا بمسلمين، أو لأننا نكره الرسول صلى الله عليه وسلم، أو لأننا كذا وكذا، كما يقول الهابطون الساقطون الذين فقدوا عقولهم بسبب ظلمة نفوسهم.
المولد إذا ولد لك ولد فنعم، إذا كان طفلاً ذكراً تذبح شاتين، تذبح وتتصدق وتوزع على أقاربك، سنة رسول الله، إذا كان ذكراً وأنت قادر تذبح شاتين، اذبح وأطعم وكل.
وليمة العرس إذا تزوجت أو زوجت أولم ولو بشاة، وادع الناس إلى الطعام والشراب.
نعم. الصدقات.. فقراء ومساكين في حي من الأحياء تحمل لهم الطعام والشراب فهنيئاً لك! طول العام، وهكذا.
أما مولد كما تسمعون وكما يقولون ويكتبون فليس من الإسلام في شيء! بدعة وكل بدعة ضلالة، والعياذ بالله تعالى، والحمد لله الذي نجانا من هذا، وسلمنا ونقانا، اللهم لك الحمد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.