إسلام ويب

تفسير سورة الأعراف (50)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يخبر الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه سيسأل عن الساعة، وسائلوه عنها هم إما أهل كتاب يسألون امتحاناً واختباراً لما لديهم من علم الساعة، وإما مشركون ملاحدة لا يؤمنون بلقاء الله يسألون تحدياً لعدم إيمانهم بذلك، ثم وجهه سبحانه إلى أن يجيبهم بأن علم الساعة عند الله وحده، حجب علمها عن عباده لحكمة بالغة، وإن جاءت فإنما تجيء بغتة، وتحل على العباد فجأة.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة.

    من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون.. ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأحد من يوم السبت- والليالي الثلاث بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ). فحقق اللهم لنا هذا الخير واجعلنا من أهله إنك على كل شيء قدير.

    ها نحن ما زلنا مع سورة الأعراف المكية المباركة الميمونة، وهي كغيرها من المكيات تعالج العقيدة، تعالج العقيدة بتصويرها، وضرب المثل لها، ووضع الأدلة والبراهين عليها:

    أولاً: أنه لا إله إلا الله. والله! لا إله إلا الله.

    ثانياً: محمد بن عبد الله رسول الله، والله! إنه لرسول الله.

    ثالثاً: اللقاء بالله عز وجل حتمي، لا بد من الوقوف بين يديه للحساب ثم الجزاء، وهذا هو الإيمان بالبعث الآخر، بالدار الآخرة، بقيام الساعة، عبارات والمدلول واحد، هذه الحياة تنتهي وتأتي حياة لا تقبل الفناء، هذه الحياة دار عمل من خير أو شر، والدار الآخرة دار جزاء إما بالنعيم المقيم أو بالعذاب المهين، والله! ما هو إلا هذا، هذه الدار دار عمل، وتلك دار الجزاء، فمن عمل في هذه الدار بما يزكي نفسه ويطهرها ويطيبها فتصبح كأرواح الملائكة في طهرها وصفائها أنزله الله منازل الأبرار في دار السلام، ومن عمل على تخبيثها وتدسيتها بالشرك والمعاصي فجزاؤه جهنم خالداً فيها أبداً.

    وهناك مسألة تعالجها المكيات، وهي أنه لا حق لأحد أن يشرع لعباد الله إلا ربهم، إلا خالقهم، إلا العليم بمصيرهم، إلا العارف بأحوالهم وظروفهم، ذاك الذي يشرع ويقنن، أما غيره فلا حق له في ذلك أبداً، وإن فعل فقد ظلم، واعتدى على منصب الرب عز وجل.

    ثم لو يجتمع عقلاء البشر كلهم هل يستطيعون أن يضعوا عبادة بالقول أو بالعمل بالمشي أو الوقوف إذا عملها العبد تؤثر في نفسك بالتزكية والطهر؟ والله! ما كان ولن يكون.

    على سبيل المثال: شرع الله لنا الطواف في بيته سبعة أشواط تؤديها إيماناً واحتساباً فتحول نفسك إلى كتلة من نور، طف بغير البيت وابنه من ذهب أو من خشب في الشرق والغرب وفي الحرم وخارجه، وطف سبعمائة مرة لا سبعة أشواط، والله! ولا حسنة. وتكلم ساعة كاملة فوالله لا حسنة، وقل فقط: لا إله إلا الله تنقلب نفسك إلى نور وكتلة من نور.

    فالتشريع حق من؟ حق الله. لماذا؟ هو الخالق، هم عبيده، هو الذي يعلم مصيرهم، يعلم ما يضرهم وما ينفعهم، هو الذي إذا أوجد عبادة أودع فيها سر التزكية والتطهير كما أودع الغذاء في البر والشعير والتمر والفواكه، أما الإنسان فلو تجتمع البشرية فهل تستطيع أن توجد لنا مادة فيها تغذية للأجسام، والله ما كان ولن يكون، فكيف إذاً يشرعون ويقننون، ولكن ما عرفوا، والله! ما عرفوا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088546645

    عدد مرات الحفظ

    777250873