إسلام ويب

تفسير سورة الأنفال (11)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يوجه الله عز وجل في هذه الآيات خطابه للمشركين بأنهم إن ينتهوا عن الكفر والعصيان وحرب الإسلام وأهله، فإنه سبحانه يغفر لهم ما قد مضى من الذنوب العظام وهي الشرك والظلم، وهذا وعد صدق ممن لا يخلف الميعاد جل وعلا، أما إن عادوا إلى ما كانوا عليه فإن الله سيجري عليهم سنته في الظالمين، وسيسلط عليهم عباده المؤمنين ليقاتلوهم قتالاً متواصلاً حتى لا تبقى في الأرض فتنة؛ من شرك واضطهاد واستضعاف للمؤمنين.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات في أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    وها نحن مع سورة الأنفال المدنية المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات الثلاث، فهيا بنا نصغي مستمعين إلى تلاوتها مجودة مرتلة، ثم نأخذ في شرحها وبيان هداية الله منها.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الأنفال:38-40].

    هداية الآيات

    قال: [ هداية الآيات ] معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! أذكركم بالهدايات الثلاث التي تضمنتها الآيتان السابقتان، اللتان درسناهما بالأمس:

    [ من هداية الآيات:

    أولاً: كل نفقة ينفقها العبد للصد عن سبيل الله ] ولصرف الناس عن دين الله، ولإبعاد الناس عن الإسلام وعن عبادة الله [ بأي وجه من الوجوه تكون عليه حسرة عظيمة يوم القيامة ] فكل ما ينفقه قل أو كثر يكون حسرة عليه يوم القيامة؛ وذلك لقول الله تعالى: الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36].

    [ ثانياً: كل كافر خبيث، وكل مؤمن طيب ] فقل: الكافر الفلاني خبيث، ولا تتحرج ولا تظن أنه غير خبيث، وكل مؤمن طيب، وقد أخذنا هذا من قول الله تعالى: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [الأنفال:37]، أي: المؤمن من الكافر، ثم يدخل المؤمنين دار السلام، ويدخل الكافرين الأخباث دار البوار جهنم وبئس المصير.

    [ ثالثاً: صدق وعد الله تعالى لرسوله والمؤمنين بهزيمة المشركين، وغلبتهم وحسرتهم على ما أنفقوا في حرب الإسلام ] في بدر وفي أحد وفي الخندق، وفي غيرها [ وضياع ذلك كله، وخيبتهم فيه ].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088511726

    عدد مرات الحفظ

    777043139