إسلام ويب

تفسير سورة مريم (13)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كان المشركون إذا سمعوا آيات الله تتلى أعرضوا وقالوا للمؤمنين: نحن أفضل مقاماً ونادياً منكم، وفعلهم هذا إنما هو رد فعل لما يسمعونه من البشارة للمؤمنين في آيات الله، فجاء الخبر من الله عز وجل أن سنته عز وجل لا تتبدل ولا تتخلف في الذين كذبوا وطغوا، فهو سبحانه يمهلهم ويمد لهم في أسباب التمكين، ثم إذا انتهوا إلى وقتهم المحدد أخذوا بالعذاب، إما عذاب الدنيا من قتل وأسر وذلة وصغار، وإما عذاب الآخرة حيث يحشرون إلى النار وبئس المهاد.
    الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس -إن شاء الله- كتاب الله؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    ها نحن مع سورة مريم عليها السلام، وها نحن مع هذه الآيات نسمع تلاوتها مجودة مرتلة، ثم نتدارسها إن شاء الله.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا * قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا * وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا [مريم:73-76].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه الآيات لها ارتباط كامل بالآيات التي تدارسناها في الدرس الماضي، قال تعالى: وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا [مريم:66]، وهذا عرفناه أنه إنكار للبعث وتكذيب بيوم القيامة.

    وقال تعالى: أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا [مريم:67]، فلو ذكروا لعرفوا ولكن الجهل والعناد حملهم على التكذيب بالبعث الآخر.

    وقال تعالى: فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ [مريم:68]، أي: هؤلاء المكذبون بالبعث الآخر، فيقسم تعالى أنه سيحشرهم مع الشياطين، ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا [مريم:68]، أي: على ركبهم.

    وقوله تعالى: ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا [مريم:69]، أي: من كل طائفة متناصرة على الباطل، سيأخذ رؤساءهم أولاً إلى النار.

    وقوله تعالى: ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا [مريم:70]، أي: سيصلي بالنار من هم أحق بها وأولى.

    وقوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ [مريم:71]، أي: ما منكم إلا ورادها، وقد عرفنا أنه المرور على الصراط، ينصب الجبار جسراً على جهنم فيمر المؤمن والكافر والبار والفاجر على هذا الجسر، فأهل الكفر والفسق والفجور والشرك يسقطون في جهنم، وأهل الإيمان وصالحي الأعمال يعبرون في سلام وأمان، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ( تحلة قسم ) فقط.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088526859

    عدد مرات الحفظ

    777138265