إسلام ويب

تفسير سورة الفرقان (2)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يخبر تعالى عن أولئك المشركين الحمقى الذين اتخذوا من دون الله آلهة لا تضر ولا تنفع، أنهم زيادة على سفههم في اتخاذ الأحجار آلهة يعبدونها قالوا في القرآن الكريم: إنه إفك افتراه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن محمداً إنما يأتي بكلام القصاص الذي يملى عليه صباحاً ومساءً مدعياً أنه دين، ثم هم أيضاً يطعنون في نبوة محمد بأنه يأكل الطعام ويمشي في الأسواق كغيره من البشر، وهذه الأمثال كلها، وهذه الشبهات في جملتها إنما هي دليل على ضلالهم وجهلهم.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    وها نحن مع سورة الفرقان فهيا بنا نصغي لتلاوة هذه الآيات المباركة، ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس.

    قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا [الفرقان:4-9].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ [الفرقان:4]، هذه الآية نزلت في شيطان قريش: النضر بن الحارث .

    يقال له شيطان قريش النضر بن الحارث ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع معهم في ظل الكعبة؛ ليدعوهم إلى الإيمان والتوحيد، وكانوا يجتمعون، فلما اجتمعوا في يوم الأيام اقترحوا على النبي صلى الله عليه وسلم اقتراحاً عجباً، قالوا: لو تترك هذه الدعوة التي تدعو بها وإليها وإن شئت الملك ملكناك، وإن شئت المال أعطيناك، وإن شئت النساء زوجناك، واترك هذه الدعوة، فـالنضر بن الحارث في يوم من الأيام، كما أخبر تعالى عنه بقوله: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا [الفرقان:4]، وهو النضر بن الحارث ومن وافقه من ضلال مكة ومشركيها إِنْ هَذَا [الفرقان:4]، أي: الذي جاء به رسول الله ويدعو إليه، وهو أنه: لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن البعث الآخر حق، وأن على العبيد أن يعبدوا ربهم ويوحدوه؛ ليكملهم ويسعدهم، كما جاء في القرآن الكريم: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ [الفرقان:4]، أي: كذب مختلق، افْتَرَاهُ [الفرقان:4]، اكتذبه هو واختلقه وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ [الفرقان:4]، يعني: مجموعة من اليهود، مذكورون عندنا، أبو فكيهة مولى ابن الحضرمي وعداس وجبر ، ثلاثة من اليهود، يجتمعون بهم ويتصلون بهم، ويقولون لهم: كذا.. وكذا.. قال: إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ [الفرقان:4]، أي: كذب اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ [الفرقان:4]، ما هذا كلام الله ولا وحيه ولا تنزيله ولا قرآنه.

    معنى قوله تعالى: (فقد جاءوا ظلماً وزوراً)

    قال تعالى: فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا [الفرقان:4]. الظلم: وضع الشيء في غير موضعه.

    القرآن كلام الله وهم يقولون: افتراء وكذب واختلاق، فوضعوه في غير موضعه.

    (وَزُورًا): زوروه عن الرسول ونسبوا إليه الكذب، وهو مبرأ منه، بعيد كل البعد.

    هم بقولتهم هذه الذي قالها النضر بن الحارث ووافقوا عليها جاءوا ظلماً وزوراً.

    والظلم: وضع الشيء في غير موضعه، فالقرآن الكريم جعلوه سحراً، وجعلوه شعراً وشعوذة وباطلاً، ووضعوه في غير موضعه ونسبوا إلى الرسول الباطل والسحر فزوروا هذا التزوير.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531528

    عدد مرات الحفظ

    777165682