إسلام ويب

تفسير سورة النمل (12)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يثني الله عز وجل على نفسه وهو المستحق للثناء والحمد؛ لأنه خالق السموات السبع ومن فيهن، وهو خالق الأرضين وممهدها، وخالق الجبال لإرسائها، وهو سبحانه من شق فيها الأنهار، وهو الذي يهدي في ظلمات البر والبحر، وهو سبحانه الذي يجيب دعوة المضطرين، وهو الذي يبدئ الخلق ثم يعيده، فله الحمد والثناء والمجد.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [النمل:59-64].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه الآيات المباركات تقرر ألوهية الله عز وجل، وأنه لا إله إلا الله إلا هو، وتقرر ربوبيته، وأنه لا رب إلا هو، وتثبت نبوة من أنزلت عليه وأوحي بها إليه، وتقرر مبدأ الحياة الثانية التي لابد منها من أجل الجزاء على الكسب في هذه الدنيا. وهي حجج قاطعة، وبراهين ساطعة، ولكن عقول البشر فهومهم غافلة عن هذه الآيات. وهم يكفرون بالله، ويؤلهون الأصنام والأحجار، ويؤلهون الشهوات والأطماع والأهواء. ويا للعجب!

    قال تعالى: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى [النمل:59]. أمر الله تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول: الحمد لله. وهذا بعد أن عرض عليه كيف دمر الظالمين، وأهلك المشركين في الآيات السابقة، فقال: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ [النمل:59]. وقل: وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى [النمل:59]. ألا وهم الأنبياء والرسل عليهم السلام.

    وفي الآية لطيفة، وهي: أن من أراد أن يخطب في الناس بما يكملهم ويسعدهم ويرفع قيمتهم عليه أن يبدأ خطبته بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله، فهذه سنة القرآن، فقد قال تعالى: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل:59]. ومن أهل التفسير من يقول: الَّذِينَ اصْطَفَى [النمل:59] هم أمة محمد. ونحن نقول: الصالحون من أمة محمد الداعون إلى الله الموحدون له يدخلون في هذا، وأما الجهال والضلال فلا يدخلون في هذا الشرف والكمال.

    ولطيفة أخرى، وهي: أن من سلم على أخٍ له وقال: السلام عليكم، فمعناه: أنه أعطاه الأمان بألا يؤذيه. والملائكة في الجنة يسلمون على أهلها بقولهم: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24]. وهذه سنة نبوية، فليسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، وليبدأ بالسلام الصغير على الكبير، وهكذا. وهذه سنة باقية إلى يوم الدين، وما زال المسلمون يحافظون عليها في أكثر ديارهم.

    وصيغة السلام هي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصيغة الرد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

    قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ [النمل:59]، الحمد لله، وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى [النمل:59]، اصطفاهم، اختارهم، اجتباهم، بأن نبأهم، وأرسلهم إلى عبيده يعلمونهم كيف يكملون ويسعدون.

    ثم قال تعالى في بداية الخطبة الإلهية: آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل:59]؟ أي: هل الله خير أم ما يشركون من الأصنام والأحجار والبشر؟ فهؤلاء المعبودون ليس فيهم خير بالمرة، ولكن من باب فقط أن عابديها يظنون أن فيها خير، ولذلك قال لهم: آلله خير أم ما يشركونه مع الله في عبادته من الملائكة وعيسى ومريم والأصنام والأحجار، وكل معبود عبد من دون الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088468509

    عدد مرات الحفظ

    776898374