إسلام ويب

تفسير سورة النور (14)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله عز وجل لما بعث رسوله صلى الله عليه وسلم بالدين القويم، الذي هيمن على الدين كله ونسخ الشرائع التي سبقته، أمر العباد أن يطيعوا هذا النبي ليهتدوا، فإن هم فعلوا ذلك فإن الله قد وعدهم بالاستخلاف في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم من أهل الإيمان، وليمكنن لهم الدين، وليبدلنهم من بعد خوهم أمناً، ومن بعد التفوق اجتماعاً، ووعد الله لا يتخلف أبداً.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:53-55].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هيا نتدارس هذه الآيات.

    قال ربنا جل ذكره: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ [النور:53]. هذا خبر، يخبر فيه تعالى بأن المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل في هذه المدينة النبوية هؤلاء المنافقون الذين أظهروا الإسلام في ألسنتهم، وأخفوا الكفر في قلوبهم ونافقوا؛ حتى يأمنوا على أرواحهم وأموالهم بين المسلمين، وأما الكفر فهو مستقر في نفوسهم، وتتجلى حقائقه من سلوكهم، وهي تدل على كفرهم وعلى نفاقهم. فاسمعوا الله تعالى يقول عنهم: وَأَقْسَمُوا [النور:53]، أي: حلفوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ [النور:53]. وبالغوا في الأيمان، فهم يقولون: والله .. وعزة الله .. وجلال الله .. وكمال الله، وأقسموا بالغوا في الإقسام، وحلفوا وبالغوا في الحلف، وحلفوا وبالغوا في أيمانهم على أنك لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ [النور:53] يا محمد! ويا رسول الله! أن يخرجوا إلى الجهاد وبالجهاد لَيَخْرُجُنَّ [النور:53]. وهذا لما يتخلفون عن الغزوة ولا يخرجون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فقد كانوا يعتذرون ببعض الأعذار، ويقولون: والله إن خرجتم يوم آخر لكنا معكم، كما قال تعالى هنا: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ [النور:53] يا رسول الله! بالخروج إلى الجهاد مرة ثانية بعدما وقفوا وحبسوا أنفسهم ولم يخرجوا لَيَخْرُجُنَّ [النور:53]، أي: معكم للقتال.

    ثم قال تعالى لرسوله: قل لهم يا رسولنا! لا تُقْسِمُوا [النور:53]، أي: لا تحلفوا، فأقسم يقسم كحلف يحلف. فقال لهم: لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ [النور:53] إن أنتم أطعتم طاعة للرسول وإلى ما يدعوكم إليه فيكفي ذلك من الكلام والقول، وإن رفضتم الطاعة فأمركم مكشوف أيضاً.

    ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [النور:53]. فهددهم وتوعدهم وكشف الستار عنهم؛ حتى يتوبوا توبة صادقة، وأما هذه الألاعيب وهذا الكلام وهذا الحلف فهذا كله لا معنى له، ولا قيمة له، بل اصدقوا الله ورسوله، واصدقوا في إيمانكم، واخرجوا مع رسولكم، وقاتلوا المشركين والكافرين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088552811

    عدد مرات الحفظ

    777286198