وها نحن مع سورة لقمان الحكيم، فهيا بنا نصغي مستمعين تلاوة هذه الآيات ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
بسم الله الرحمن الرحيم: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:12-15].
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربا جل ذكره: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ [لقمان:12]، ولقمان عبد صالح، ولي من أولياء الله، عاصر نبي الله داود وعاش ألف سنة، وكان قاضياً في بني إسرائيل في أيلة، وهو من نوبية الديار السودانية، والذي عليه أهل العلم أنه عبد صالح وليس بنبي من الأنبياء.
لقمان أتاه الله أي: وهبه الله الحكمة، والحكمة: هي الفقه والإصابة في الأمور، ومما يؤثر عنه -وكان عبداً- أن سيده قال له: اذبح شاة وائتني بأطيب قطعة لحم منها، فذبح الشاة وأتاه بالقلب واللسان، فسكت، ثم أمره مرة أخرى أن يأتي بأخبث قطعة من اللحم في الحيوان فجاءه بالقلب واللسان، فتعجب! فقال له: إن طابا هما أطيب شيء، وإن خبثا فهما أخبث شيء، وهما القلب واللسان.
إذاً: لقمان حكيم، قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ [لقمان:12]، فالله جل جلاله وعظم سلطانه هو الذي أعطاه الحكمة، وهاهو تعالى يقص علينا قصته التي قصها في هذا القرآن العظيم، فدل هذا على أن نبينا نبي الله ورسوله، وإلا كيف يتلقى هذه العلوم والمعارف وهو ليس بنبي ولا رسول؟! فالآية تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أولاً: بحمد الله والثناء عليه.
ثانياً: بصرفها فيما من أجله منّ الله بها عليه وأعطاه إياها.
والشكر للنعم يحفظها ويزيد فيها، فالنعمة إذا شكرها المنعم عليه بها هذا الشكر يحفظها له ولا تزول عنه ولا يفقدها، ثانياً يبارك الله تعالى له فيها ويزيده، إذ قال تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7].
ثم قال تعالى: وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ [لقمان:12]؛ لأن الله ليس في حاجة إلى مصالح عباده أو عطاياهم، بل الله هو الغني الحميد، بل الشكر عوائده على الشاكرين، أما الله تعالى فليس في حاجة إلى ذلك، وإنما الشكر عوائده وفوائده تعود على الشاكرين، أما الله فليس في حاجة إلى هذه النعم، فهو خالقها وواهبها ومعطيها فكيف ينتفع بهذا الشكر، بل الذي ينتفع بالشكر هم عبيده الشاكرون له، وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ [لقمان:12]، عوائد الشكر وفوائده تعود على نفسه.
وقد قلت لكم: الشكر يحفظ النعمة، وهبك الله بصراً فاحمد الله على هذه النعمة يحفظ الله لك بصرك، وهبك الله عقلاً فاحفظ هذه النعمة واشكر الله عليها يحفظها لك ويزيدك ويبارك لك، وهبك مالاً.. أولاداً اشكر الله يحفظ لك ذلك ويزيدك، فعوائد الشكر تعود على الشاكرين، أما الله فهو في غنىً عنها.
وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ [لقمان:12] وجحد وكذب وأنكر، ولم يعترف بالنعمة لله ولم يشكره عليها، لا بحمده ولا ثنائه عليه ولا بطاعته، ولا بصرف تلك النعمة فيما يحب الله تعالى أن تصرف فيه، فالله غني عنه، ولكن الله يبتليه ويصيبه ويذيقه المر من العذاب في الدنيا والآخر، وهذا شأن من يكفر النعم.
ومن كفر النعمة ولم يشكر الله تعالى عليها فاعلموا أن: اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [لقمان:12]، أي: ليس في حاجة إلى هذا الشكر، ولكن عواقب الكفر تعود على الكافرين.
فنقول: الشاكرون يستفيدون من الشكر في شيئين:
أولاً: في أن يحفظ هذه النعمة التي شكروا الله عليها ويبقيها الله لهم ولا تسلب منهم.
ثانياً: يزيدهم الله ويبارك لهم فيما أعطاهم بهذا الشكر.
ومن كفر نعم الله عز وجل والله! عرضها للسلب منه وذهابها، وعرض نفسه لغضب الله وسخطه، بل وللشقاء والبلاء في الدنيا والآخرة، فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [لقمان:12].
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82] ولم يخلطوه بظلم أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82]، لما بكى الأصحاب وتألموا أنزل الله تعالى هذه الآية، وأخبرهم بها الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: ( أما سمعتم ما يقول
إذ الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، فالعبادة للخالق الذي خلقني ووهبني حياتي ورزقني، وخلق هذا الكون من أجلي، فهذا الذي يستحق العبادة فكيف أصرفها وأعطيها مخلوقاً من مخلوقاته؟! هذا والله! لهو الظلم الكبير الفظيع.
فلهذا علينا أن لا نعبد غير الله، ولو بالانحناء كما يفعل الجاهلون فبعضهم ينحني لبعض، فلا تنحنِ ولا تسجد إلا لله، ولا تركع إلا لله عز وجل، ولا يجوز أن تحلف بغير الله، فمن حلف بغير الله أشرك في ربوبية الله وألوهيته، وسوى هذا المخلوق بجلاله وكماله فحلف به، أما الدعاء: يا فلان ويا فلان! أعطني وأغثني! فهذا شرك أعظم -والعياذ بالله-.
أما الخوف الذي يمنعك من أن تعبد الله وترتعد فرائصك من مخلوق فهذا شرك بالله، يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ [لقمان:13]، لماذا يا والدي؟ قال: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، فالعبادات أمر الله بها؛ لأنه خلقنا ورزقنا من أجل هذه العبادة التي لا تخرج عن الذكر والشكر، وكل العبادات هي طاعة الله ورسوله، والله! ما تخرج عن ذكر الله وشكره، ما خلقنا عز وجل إلا لهذا، فكيف نصرف هذه العبادة لغيره، كالذين يعبدون عيسى وأمه والملائكة، ويعبدون الأنبياء كعوام المسلمين وجهالهم، ويعبدون عبد القادر وإدريس وفلان وفلان، فاطمة والحسين ، فهذه العبادات شرك ومن أفظع أنواع الظلم -والعياذ بالله-.
مرة ثانية: إياك يا بني أن تحلف بغير الله، فإن الحلف بغير الله شرك، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله ورسوله ينهيانكم أن تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )، وقال: ( من حلف بغير الله فقد أشرك ).
الجهال منا ينحنون أمام القبور ويركعون ويسجدون، وهذا شرك واضح، ولا يصح أبداً لمؤمن أن يأتيه، يا سيدي فلان! يا مولاي فلان! يا كذا.. يا رسول الله! يا فاطمة ! كما تسمعون الجهال، فهذا والله شرك ووضع الشيء في غير موضعه، فالذي ينادى هو الله الذي يسمع النداء ويجيب الدعاء، أما الإنسان الضعيف فكيف تجعله بمثابة الرب، وبمنزلة الله وتناديه في البعد وتقول: يا فلان يا فلان؟!
إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، العبادة حق الله استوجبها بما خلق ورزق فهو الذي يعبد، فمن عبد غير الله ظلم، ووضع العبادة في غير موضعها.
ثم ذكر تعالى آيتين اعترض بهما قصة لقمان الحكيم ، وقيل: نزلتا في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في مكة، فقد أسلم عندما أسلم أبو بكر وبلال وفلان، ولما دخل في الإسلام قالت له أمه: والله! لا آكل ولا أشرب حتى تعود إلى دينك أو أموت، فامتنعت عن الأكل والشرب، وكان له ثلاثة إخوة أسلم اثنان وبقي الثالث، فكانوا يفتحون فاها بالقوة ليضعوا لها الطعام، ودعا سعد ربه واستجاب له، فشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
فهذا سعد بن أبي وقاص قالت له أمه: والله! لا آكل ولا أشرب حتى تترك هذا الدين الذي دخلت فيه، وتكفر بمحمد أو أموت، وامتنعت عن الأكل والشرب حتى كادت تموت، وبعد ذلك استجاب الله لعبده سعد فآمنت والدته.
وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ [لقمان:14]، أي: يبرهما ويحسن إليهما، يطعمهما.. يسقيهما.. يكسوهما .. يحملهما، ثم لا يؤذيهما بأي أذى ولو بنظرة شزر أو بكلمة (أف)، ومع هذا لا يطيعهما في معصية الله تعالى، كما أبى سعد أن يطيع أمه حتى كادت تموت.
أَنِ اشْكُرْ لِي [لقمان:14]، هذه النعم: نعمة الخلق والإيجاد، نعمة هذه الحياة بكاملها، فضلاً عن نعمة الطعام والشراب يكون الشكر بكثرة الحمد والثناء على الله، ثم بصرف النعمة فيما يرضى الله به ويحبه، ولا تصرف في معصية الله، فالذي وهبه الله ديناراً أو درهماً لا يشربهما خمراً أو أفيون، فهذا والله! ما شكر الله، وهبه صحة قوية فهو قادر على أن يعبده ويعمل، وإذا به يرقص ويسبح مع النساء والرجال، فهذا ينفق فيما لا ينبغي أن ينفق فيه.
وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ [لقمان:14]، أي: ينفصل عن أمه فِي عَامَيْنِ [لقمان:14]، أوصاه: أَنِ اشْكُرْ لِي [لقمان:14]، أي: اشكر لي نعمة خلقي وإيجادي لك، ونعمة الرزق الذي رزقتك إياه، ونعمة هذا الكون الذي خلقته من أجلك، واشكر أيضاً لوالديك، أولاً: يحبهما، وثانياً: يحسن إليهما، وثالثاً: لا يؤذيهما أبداً بأي أذى.
ثم قال تعالى: إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، العودة إلى الله، فالأب والأم كلهم عائدون إلى الله، فإلى الله عز وجل مصيرنا، إذاً فلنطعه ولا نعصه؛ لأننا عائدون إليه وسنقف بين يديه وسيسألنا: ماذا فعلنا؟ لِم تركنا؟
فإلى الله المصير لا إلى غيره، ولهذا يجب أن نطيع الله ولا نعصيه؛ لأن عودتنا إليه قطعاً ليس في ذلك شك، والبرهان: إذا دقت ساعة الموت وأنت على سرير الموت من سيردك عن الله؟!
فإلى الله أنت ذاهب، وستكون الجثة في البقيع، لكن روحك في الملكوت الأعلى إن كنت من أولياء الله ومن أصحاب النفوس الزكية الطاهرة، وإن كنت من أصحاب النفوس الخبيثة أهل الشرك والذنوب والآثام فهي هابطة إلى أسفل سافلين، يقول تعالى: ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [التين:5-6]، فلو كان مصيرنا إلى غير الله لأطعنا ذلك الذي مصيرنا إليه، لكن مصيرنا إلى الله فقط، وإلى الله لا إلى سواه المصير والعودة والرجوع.
وَإِنْ جَاهَدَاكَ [لقمان:15]، أي: بذلا جهدهما حملاً لك، عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا [لقمان:15]، في ذلك، فلهذا لا يطيع العبد أمه ولا أباه في معصية الله أبداً، لو قالت لك أمك: لا تذهب لصلاة العشاء، لا تطعها، ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )، وهذا عام في كل الخلق، وخاص في الأبوين، فإذا أمراك بمعصية الله فلا طاعة لهما، وإذا أمراك بغير المعصية فأطعهما، وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15].
وأنتم تعرفون أن حظ الأم ثلاثة أرباع، وحظ الوالد ربع فقط، للرجل الذي قال: ( من أبر يا رسول الله؟! قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك )، فالأم لها ثلاثة أرباع والوالد له ربع واحد؛ لأنها حملتك مضغة بعد أن كنت نطفة، ثم تكون إنساناً في بطنها تحملك الليل والنهار، وتمشي وأنت في بطنها، فلا تسأل عن الوضع كيف تضع وما تلقى من آلام وأتعاب، ثم رضاعة، ثم تربية، ثم.. ثم.. حقوقها أضعاف حقوق الوالد، ثلاثة أضعاف.
خلاصة القول: طاعة الوالدين فريضة الله على العبد، لكنها فيما هو معروف أما ما هو منكر فلا طاعة، للحديث العام: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )، فالوالدان أولى الناس ببرك وإحسانك، لكن إذا أمراك بأن لا تعبد الله أو تسب رسول الله أو تسب الإسلام وتخرج منه فلا طاعة لهما أبداً، كما فعل سعد فقد كادت أمه تموت وهو يقول: والله ما أترك ديني.
وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [لقمان:15]، أي: الشرك بالأصنام والأحجار واللات، فهذا لك علم بأنه لا يستحق العبادة، ولا يستحق العبادة إلا الذي خلقنا وخلق الكون، وهو الذي مصيرنا إليه ومردنا إليه.
اتبع طريق من رجع إلى الله وعبده، وهذا الذي نمشي وراءه ونقتدي به، أما من يدعونا إلى الفجور والعهر والباطل والشر والفساد فلا نلتفت إليه ولا نمشي وراءه ولا نقدسه ولا نقول بما يقول.
وتأملوا قول الله لنا: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ [لقمان:15]، أي: من رجع إلي، فالراجعون إلى الله العابدون القانتون الذاكرون الحامدون الشاكرون هم أسوتنا وقدوتنا، وهم الذين نمشي وراءهم ونتبعهم، أما أهل الباطل والفجور والفسق والشر والشرك و.. و.. ليسوا منا ولسنا منهم أبداً.
وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ [لقمان:15]، يا عباد الله! إلى الله مرجعنا جميعاً ولن يتخلف منا أحد، فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:15]، يخبرنا وينبئنا لِم صليت ما صليت؟ ولِم قمت ما قمت؟ و.. و.. وكل أعمالنا ينبئنا بها، فلهذا يجب أن نحب الله ونطيعه، يجب أن نذكر الله ونشكره، يجب أن لا ننسى نعمه علينا، ويجب أن نلازم بابه ولا نفارقه ونمشي وراء الصالحين ونقتدي بهم، ولا نتبع الضالين والهالكين -والعياذ بالله-.
أولاً: تقرير التوحيد والتنديد بالشرك].
أولاً: تقرير التوحيد وهو معنى (لا إله إلا الله)، أي: لا يعبد في الأرض ولا في السماء إلا الله، فلا نعبد إلا الله بالدعاء والذكر والركوع والسجود، وبالحب والرهبة والخوف، فلا معبود لنا إلا الله.
[ثانياً: بيان الحكمة وهي شكر الله تعالى بطاعته وذكره إذ لا يشكر إلا عاقل فقيه].
بيان الحكمة في خلقنا وخلق السماء والأرض والجنة والنار، فخلقت هذه والله! من أجل أن يذكر الله ويشكر، وعلة هذا الوجود كله أن يذكر الله ويشكر، فلهذا من ترك ذكر الله وشكره أصبح شر البرية -والعياذ بالله- ويخلد في عالم الشقاء، فلو قيل لك: لِم خلق الله هذه الأكوان؟ والله! من أجل أن يعبد فيها.
وخلق الله الإنس والجن والملائكة ليعبدوه، فمن صرف نفسه عن عبادة الله أصبح شر الخلق -والعياذ بالله-.
[قال: روي أن سفيان بن عيينة قال: من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما].
العبد الصالح يقول: من صلى الصلوات الخمس شكر الله، إي والله! أربع وعشرون ساعة وهو مع الله يذكره ويشكره، ومن أحسن لوالديه فقد برهما.
[ ثالثاً: مشروعية الوعظ والإرشاد للكبير والصغير والقريب والبعيد].
في الآيات دليل على مشروعية الوعظ والإرشاد والتربية للكبير والصغير والذكر والأنثى، إذ قال لقمان لولده: (يا بني) مشروعية الوعظ والإرشاد والتوجيه والتربية للصغير والكبير على حد سواء، والآية دالة على هذا.
[رابعاً: التهويل في شأن الشرك وإنه لظلم عظيم].
إي والله! إي والله! أيخلقني ويرزقني ويكلؤني ويحفظني ثم أعرض عنه وألتفت إلى غيره فأي محنة أعظم من هذه؟! وأي مصيبة أكبر من هذه مصيبة؟! أي شيء أعظم من الشرك؟! فلهذا لا نذكر إلا الله.
[خامساً: بيان مدة الرضاع وهي في خلال العامين لا تزيد].
مدة الرضاع عامين ولا تزيد، ولو زادت ما تحرم ولا تحلل، وإنما دون العامين فقط.
[سادساً: وجوب بر الوالدين وصلتهما]، وجوب بر الوالدين وصلتهما بالخير والمعروف.
[سابعاً: تقرير مبدأ: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )، بعدم طاعة الوالدين في غير المعروف].
ما دام الوالدان لا يطاعان في غير المعروف، إذاً القاعدة العامة: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )، سواء كان أباً أو أماً أو سلطاناً.
[ وأخيراً: وجوب اتباع سبيل المؤمنين من أهل السنة والجماعة وحرمة اتباع سبيل أهل البدع والضلالة].
وجوب اتباع الصالحين والمشي معهم والسير معهم ينبغي أن لا ننساه، ووجوب هجران وترك الفاسقين والفاجرين والضالين وأهل البدع والخرافات يجب أن نبتعد عنهم؛ لأن ربنا قال: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ [لقمان:15]، أما من أعرض عن الله وكفر به أو أشرك به فكيف تتبعه؟ فقد تضل مع ضلاله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر