إسلام ويب

تفسير سورة الصافات (15)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لما ذكر الله عز وجل افتراءات المشركين من نسبة البنات إلى الله عز وجل، ذكر هنا ما تقوله الملائكة من وصف أحوالهم، ومقامهم عند ربهم، فهم بين يدي ربهم صافون، يصلون له سبحانه لا يفترون، ويسبحون بحمده ولا يستكبرون، وأنهم ليسوا كالبشر المعرضين، الذين كانوا يتمنون كتاباً ينزل إليهم من رب العالمين، ينظم حياتهم وبه يتعبدون، فلما جاءهم الكتاب المبين إذا هم به يكفرون.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ * وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ * وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ * لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الصافات:161-170].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ [الصافات:161-163]. هذا الكلام كلام الله، وهو يقوله للمشركين في مكة، ويقوله الرسول الكريم نيابة عن ربه لأهل الشرك والكفر في بلاد العرب في مكة، فهو يقول لهم: فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ [الصافات:161] من هذه الأصنام والأحجار والشياطين، التي تتوسلون بها إلى الله في نظركم، وتستشفعون بها، وهي لا تنفع ولا تضر.

    قال تعالى: مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ [الصافات:162]، أي: ضالين أحداً، إلا من كتب الله شقاوته في جهنم. فأنتم تعملون جهدكم على إضلال الناس، وإبعادهم عن التوحيد وعبادة ربهم، وكفرهم بكتابه ورسوله، واعلموا أنكم لن تضلوا إلا من كتب الله ضلاله وشقاوته.

    وهذه الآية الكريمة تقرر عقيدة القضاء والقدر. وقد وجدت طائفة وانعدمت والحمد لله في الصدر الأول يعرفون بنفاة القدر، وينفون القدر. وإليكم الصورة الواضحة فاحفظوها وتأملوها، والله يفتح علينا وعليكم، وهي: أنه أخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن أول ما خلق الله من الخلائق والكائنات القلم. وليس شرطاً أن يكون كأقلامكم هذه، ولكن اسمه قلم؛ لأنه يكتب به كما يكتب القلم، فقال: يا قلم! ( اكتب، قال: ماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ). فما من حركة أو سكون في الكون إلا وقد كتبت، حتى حركة اليد هذه والله مكتوبة، ومجلسكم المبارك هذا والله مكتوب، وسماعكم هذا مكتوب، وانتفاعكم بهذا الدرس مكتوب. الشقي كتب الله شقاوته بذلك القلم والله، والسعيد كتب الله سعادته بذلك القلم قبل أن يخلقه، فهو والله لسعيد.

    فهو هنا يقول للمشركين: اعلموا أنكم وما تعبدون من دون الله مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ [الصافات:162]، أي: بصارفين أو ضالين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088544385

    عدد مرات الحفظ

    777233789