إسلام ويب

تفسير سورة القصص (12)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كثيرون هم من أعرضوا عن الحق والهدى من اليهود والنصارى، شأنهم شأن المشركين الذين أعرضوا عن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن من أهل الكتاب من تمسكوا بشريعتهم، واتبعوا موسى وعيسى عليهما السلام، فلما جاء محمد برسالة التوحيد الخاتمة سارعوا للإيمان به وتصديقه، فهؤلاء وعدهم الله عز وجل أن يؤتيهم أجرهم مرتين، جزاء صبرهم واتباعهم الحق رغم كيد الكافرين.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    وها نحن مع سورة القصص المكية المباركة الميمونة، فهيا بنا نصغي مستمعين إلى تلاوة هذه الآيات ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع، قال تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [القصص:52-55].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ [القصص:52]، أي: الذين أعطيناهم الكتاب الذي هو التوراة والإنجيل، مِنْ قَبْلِهِ [القصص:52]، أي: من قبل القرآن، هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ [القصص:52]، وهذا قد نزل في أفراد بأعيانهم، منهم سلمان الفارسي رضي الله عنه، إذ كان مجوسياً كتابياً، ومنهم النجاشي رضي الله عنه، إذ إنه قد بعث باثني عشر رجلاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة ليؤمنوا ويسلموا على يديه، وكان رضي الله عنه قد أسلم وهو في بلاد الحبشة أميراً أو ملكاً، ولما نزل هذا الوفد بمكة والتفوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم وآمنوا به، إذا بـأبي جهل يقبحهم ويذمهم ويلومهم: كيف تتبعون هذا المدعي للنبوة؟! لكن ردوا كلامه بالكلمة الحسنة وانصرفوا، ونزل فيهم هذا الكلام الإلهي: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ [القصص:52]، أي: التوراة والإنجيل، مِنْ قَبْلِهِ [القصص:52]، أي: القرآن، هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ [القصص:52]، فالذين كانوا من اليهود والنصارى ملتزمون بما في التوراة والإنجيل ما إن سمعوا بدعوة رسول الله وخروجه حتى آمنوا، والذين هبطوا من قبل وفسدوا وغُرر بهم وخُدِعوا بالباطل ما آمنوا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089206595

    عدد مرات الحفظ

    782746968