مشروعية عرض الرجل ابنته على من يرى صدقه وأمانته ليزوجه بها
عند ذلك قال له شعيب:
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ 
[القصص:27]، وليس شرطاً أن تكونا حاضرتين معاً، لأنه قد عرف مسبقاً أنهما ابنتان فقط، والجائز أن تكون إحداهما حاضرة،
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ 
[القصص:27]، أي: أزوجك واحدة من ابنتي هاتين.
وهنا مسائل فقهية واسعة طويلة وعريضة نكتفي بأن نقول: كان هذا في شرعهم، وأيام ما هم عليه من الدين الإسلامي، أما نحن فلا نستخدم الرجل مهراً لنـزوجه، وهذا الذي عليه الجمهور، والرسول صلى الله عليه وسلم أجاز الذي يحفظ سورة من القرآن أن يعلم المرأة ثلاثين آية ويكون ذلك مهراً لها، لكن لو أنك قلت للرجل: ازرع هذه الأرض للبنت، أو ابن هذه العمارة للبنت فيصح ذلك مهراً، لكن كونه يستخدمه أبوها فقط فإن الثواب لا يكون مهراً لها؛ لأنها لا بد وأن تستلم المهر، فالبنت هنا ترعى الغنم وموسى يقوم مقامها نيابة عنها، وبالتالي يصح أن يتزوجها بهذا المهر.
معنى قوله تعالى: (على أن تأجرني ثماني حجج)
فضيلة موسى عليه السلام بإيجار نفسه على شبع بطنه وإحصان فرجه
الفرق بين شريعتنا وشريعة من قبلنا في شروط عقد النكاح
وهنا لطيفة: هل هناك من حضر العقد أو اكتفوا بهذه الشهادة الإلهية؟ هنا عندنا معلوم بالضرورة أن أركان النكاح أربعة: الولي، والمهر، والشاهدان، والصيغة، فالولي هو الذي يتولى عقد النكاح لابنته أو لأخته، والمرأة لا تتولى عقد نكاحها، ومن قال بجواز ذلك فقوله شاذ ولا يسمع منه، بل لا بد للمرأة من رجل يتولى عقد نكاحها، ومن لم يكن لها ولي -كما قال
عمر- فالقاضي ولي من لا ولي لها، أما أن تتولى المرأة عقد نكاحها فهذا لم يقل به إلا الشواذ ولا قيمة لقولهم هذا، وبالتالي فأين الشاهدان اللذان شهدا على هذا؟ قالوا: وكلنا الله عز وجل، وكفى بالله شهيداً، نعم هذا في شريعة غير شريعتنا، وفي زمن غير زمن ملتنا، إذ الشرائع تختلف في الأحكام حسب تدبير الله عز وجل لخلقه، أما بالنسبة إلينا فلو أنك تثق في رجل وقلت له: أزوجك وأشهد الله بيننا فلا يكفي، بل لا بد من شاهدين، وقد أشرت غير ما مرة إلى أن الأمم كانت أكمل، إذ كلما يمضي عام تهبط البشرية، فالآن ما يصلح أبداً أن تقول: وكلنا الله عز وجل، إذ بعد أسبوع قد ينكر عليك أنه تزوج ابنتك!
مشروعية إشهاد الله تعالى على العقود