قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:
[ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
أولاً: تقرير عقيدة البعث والجزاء ].
من هداية هذه الآيات التي تدارسناها: تقرير وإثبات وتحقيق مبدأ البعث الآخر، قررت أنه لا بد من الدار الآخرة، لا بد من الحياة الثانية، لا بد من الجزاء فيها على العمل في هذه الدنيا، إن كان إيماناً وعملاً صالحاً فالجزاء الجنة والرضوان، وإن كان شركاً وكفراً وفسقاً فجهنم دار الخسران.
هذه الآيات تقرر البعث الآخر الذي كذب به أبو جهل والمشركون وقالوا: أحي آباءنا وأجدادنا، وما سمعتم من الأقوال الباطلة.
[ ثانياً: الإجرام هو سبب الهلاك والدمار كيفما كان فاعله ].
هذه الحقيقة، من هداية هذه الآيات: أن الإجرام، الفسق، الكفر، الضلال، الشر والفساد لا بد أن تجر أصحابها إلى الهلاك، فالفسق والفجور والإعراض عن ذكر الله وعبادته والاستمرار على الكفر والعناد لا بد أن يكون بعدها هلاك دائم كما سبق في الآية.
[ ثالثاً: تبع الحميري كان عبداً صالحاً ملكاً حاكماً، وكان قومه كافرين، فأهلكهم الله وأنجاه ومن معه من المؤمنين الصالحين، ففي هذا الملك الصالح عبرة لمن اعتبر ].
فـتبع ملك من ملوك حمير في اليمن، وكان عبداً صالحاً، وعصاه قومه وقاتلهم وجاهدهم، ولما أصروا على الكفر أهلكهم الله عز وجل.
قال المؤلف في الهامش: [ إنه غزا المدينة بعد عودته من غزو العراق وأراد خرابها ]، لما غزا العراق وعاد أراد أن يهدم المدينة هذه ويخربها، فلما أراد ذلك قال له اليهود وهم سكانها: يا ملك! هذا البلد بلد يخرج منه نبي آخر الزمان اسمه أحمد، فترك ذلك وأنشد شعراً يقوله فاسمعوه، وبقي هذا الشعر إلى الآن يتداوله الناس.
قال: [ ثم ترك لما علم من قبل اليهود أنها مهاجر نبي اسمه أحمد، فقال شعراً تركه عند أهلها فتوارثوه كابراً عن كابر إلى أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فأدوه إليه ]، بقيت هذه الأبيات في لسان العرب حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: [ ومر بالكعبة فكساها، وهذا شعره:
شهدت على أحمد أنه رسول من الله بارئ النسم
فلو مد عمري إلى عمره لكنت وزيراً له وابن عم ].
يقول: فلو مد عمري إلى عمره وحييت وجاء بعد عيسى لكنت أول من يتبعه وينصره، فرحمه الله ورضي عنه.
[ رابعاً: تنزه الرب تعالى عن اللعب والعبث فيما يخلق ويهب ويأخذ ويعطي ويمنع ].
تنزه الرب تعالى عن اللهو واللعب والعبث في هذه الحياة، كل أعماله حق قائمة على الحق ما فيها لهو ولا لعب.
[ خامساً: يوم القيامة وهو يوم الفصل ميعاد الخليقة كلها؛ حيث تجمع لفصل القضاء ].
يوم الفصل هو يوم القيامة، يوم يجمع الله الخليقة كلها ويفصل بينها، فأهل الإيمان وصالح الأعمال أصحاب النفوس الزكية الطيبة الطاهرة في الجنة، وأصحاب النفوس الخبيثة بالشرك والكفر والفسوق في جهنم، وتبقى الحياة هكذا دائماً وأبداً لا تفنى ولا تنتهي.
فقولوا: سبحان الله .. آمنا بالله! سبحان الله .. آمنا بالله! فمن أوجد هذه الأكوان؟ من أوجدنا؟ من أوجد أمهاتنا وآباءنا؟ لم وجدت هذه الحياة؟ لم رفعت هذه الشموس والأقمار والنجوم؟ ما السر في ذلك؟
الجواب: أراد الرب تعالى الخالق لكل شيء أن يُعبد بالذكر والشكر، فخلق هذه الحياة، ثم خلق الدار الآخرة فأوجدها فوق وأسفل وينقل إليها الموتى، فإن كانوا أصفياء طاهرين فإلى الجنة، وإن كانوا أنجاساً خبثاء فإلى النار وهكذا.
[ سادساً: لا تنفع قرابة ولا خلة ولا صداقة يوم القيامة، ولكن الإيمان والعمل الصالح ].
لا تنفع قرابة يوم القيامة ولا خلة ولا صداقة ولا أبوة ولا بنوة أبداً، ما هناك إلا العمل الصالح، إن كنت زكي النفس طاهراً أسكنك الله الفردوس الأعلى، وإن كانت النفس خبيثة منتنة ولو كان أبوك إبراهيم وأمك أم إسماعيل، المهم في قرآننا آية واحدة ما ننساها:
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا
[الشمس:9-10]، من زكى نفسه فطيبها وطهرها بالإيمان الصحيح والعمل الصالح أفلح وفاز، والفوز أن يدخل الجنة وينجو من النار، ومن دساها وأخبثها ولوثها بأوضار الذنوب والآثام والشرك والمعاصي فقد خسر خسراناً أبدياً والعياذ بالله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.