أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).
فهيا بنا نصغي مستمعين إلى تلاوة هذه الآيات من سورة سبأ المباركة الميمونة ثم نتدارسها، قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَي أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [سبأ:15-19].
قال: [ ثانياً: التحذير من كفر النعم بالإسراف فيها وصرفها في غير مرضاة الله واهبها عز وجل ]، فالآيات والله لتحمل هذا، وقد رأينا تلك البلاد كيف دمرت؟ وكيف شرد أهلها بعضهم في الشام وبعضهم في بلد آخر؟ فبعد أن كانوا أمة عظيمة، وتذكرون بلقيس فقد كان لها ملك عظيم، لكنهم للأسف لما أعرضوا أعرض الله عنهم.
قال: [ ثالثاً: خطر الحسد وأنه داء لا دواء له والعياذ بالله، يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ]، وذلك لأن الذين قالوا: رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا [سبأ:19]، هم الحسدة، وقد اعترضوا فقالوا: لمَ يبقى الناس كلهم في مستوى واحد أبيضهم وأسودهم، يجب أن يظهر الأغنياء أو الشرفاء؟! فأذاقهم الله جزاء الحسد.
قال: [ رابعاً: فضيلة الصبر والشكر وعلو شأن الصبور الشكور ]، والصبور أعظم من الصابر، وكذلك الشكور أعظم من الشاكر، فاللهم اجعلنا من الصبورين الشاكرين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر