إسلام ويب

تفسير سورة فصلت (5)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الكافرين المعرضين عن الهدى والنور يجادلون أهل الحق من النبيين والمؤمنين، وحتى لو أظهروا لهم الرضا والقبول فإنهم يطوون قلوبهم على الجحود، ويستترون بمعاصيهم وفجورهم من الناس، ظانين بذلك أنهم يخدعونهم، فإذا جاء يوم القيامة وحشر الناس إلى ربهم، أنكر هؤلاء ما أسلفوا، وإذا بهم يشهد عليهم من لم يكونوا يتصورون يوماً أن يشهد عليهم، إذ الشاهد هنا أسماعهم وأبصارهم وسائر أعضائهم، عندها يعلمون موقنين أن مصيرهم النار وبئس القرار.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ [فصلت:19-24].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه الآيات الخمس أو الست فيها عرض كامل لعقيدة البعث والجزاء. ففي هذه الآيات تستعرض أحداث يوم القيامة وما يتم فيها. وهذا الركن قلت غير ما مرة: إنه من أعظم الأركان في العقيدة، وفاقده حجر أصم، لا يسمع ولا يتكلم، والمؤمن بالبعث والجزاء حي، يمكنه أن يستجيب للدعاء والنداء ويفعل ويترك، وأما فاقده فهو شر الخلق، والعياذ بالله.

    فهذه الآيات ست آيات، وكلها في عرض القيامة.

    قال تعالى: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ [فصلت:19]. وأعداء الله ضد أوليائه، وهم الذين يكرهون ما يحب الله، ويحبون ما يكره الله. وهؤلاء هم الكافرون والمشركون، والفاسقون والفاجرون. فهؤلاء أعداء الله، وليسوا بأوليائه ولا بأحبائه.

    فأعداء الله ليسوا بنو فلان وفلان، وإنما هم الذين يكرهون ما يحب الله، ويحبون ما يكره الله، وهم الذين كذبوا بما جاء به رسول الله، وكذبوا بلقاء الله، وكذبوا بألوهية الله، سواء كانوا بيضاً أو كانوا صفراً، أو سوداً أو حمراً.

    ومعنى حشرهم: جمعهم في ساحة واحدة. فهم يخرجون من الأرض كما يخرج النبات، ولما يخرجون وأجسادهم كاملة يحشرون ويجمعون إلى ساحة فصل القضاء. وقد قال تعالى: اذكر يا رسولنا! لهم وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ [فصلت:19]. والنار عالم كله جحيم، وليس هو شعلة من نار، بل هو عالم أكبر من عالمنا هذا ببليون مرة، وكله جحيم. وهم يقادون إليه ويرمون فيه.

    فقال تعالى لرسوله: اذكر وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ [فصلت:19]. الوزع هو: أنهم إذا مشى الصف الأول يوقفونه حتى يلحق الثاني، حتى يتجمعوا اجتماعاً واحداً. فيوزعون بمعنى: يجمع أولهم مع آخرهم؛ لأن الأولين ماشون بسرعة، فيوقفون حتى يلحق الآخرون بهم، ويكونون كتلة واحدة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531657

    عدد مرات الحفظ

    777166365