الفرق بين السور المكية والمدنية
أسماء سورة محمد وعدد آياتها
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه السورة لها اسمان: تسمى بسورة محمد صلى الله عليه وسلم، وتسمى بسورة القتال؛ لذكر القتال فيها، وذكر محمد صلى الله عليه وسلم فيها.
لكن تسميتها بسورة محمد أشهر وأوسع، وآياتها ثمان وثلاثون آية، كل آية تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومعنى آية: علامة، كل آية علامة على أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، كيف ذلك؟
هذه الآية من قالها؟ من أنزلها؟ الله، إذاً: لا إله إلا الله، وعلى من نزلت؟ على محمد صلى الله عليه وسلم، فمحمد رسول الله.
كل آية في القرآن الكريم تقرر: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أي: تدل دلالة قطعية على ألوهية الله وربوبيته، وعلى نبوة محمد ورسالته صلى الله عليه وسلم.
والسور كلها تستفتح بـ(بسم الله الرحمن الرحيم) اللهم إلا سورة واحدة وهي سورة التوبة المدنية، وهي
بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
[التوبة:1]، فما دامت تعلن الحرب والبراءة فما يحسن فيها بسم الله الرحمن الرحيم، فهي إعلان:
بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
[التوبة:1].
ثم قال تعالى:
وَالَّذِينَ آمَنُوا 
[محمد:2] بالله رباً لا رب غيره ولا إله سواه، آمنوا بوعد الله ووعيده، آمنوا بكل ما أمرهم الله تعالى أن يؤمنوا به من الغيب والشهادة، آمنوا برسله، بكتبه، بوحيه، بكل ما أمرهم أن يؤمنوا به، قالوا: آمنا، ما يكذبون الله في شيء ولا يكذبون على الله في شيء، هؤلاء المؤمنون.
وَالَّذِينَ آمَنُوا
[محمد:2] أولاً
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
[محمد:2] ثانياً، وما الصالحات يرحمكم الله؟
إقام الصلاة -والله- من الصالحات، إيتاء الزكاة من الصالحات، صيام رمضان من الصالحات، حج بيت الله الحرام من الصالحات، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الصالحات، الرباط في سبيل الله من الصالحات، الجهاد في سبيل الله من الصالحات، بر الوالدين، الإحسان إلى الفقراء والمساكين.. كل هذه الصالحات تضاف إلى إيمانهم، ويقدم الإيمان أولاً؛ لأن غير المؤمن أعماله وإن كانت صالحة لا تنفعه كما قدمنا، فلا بد من الإيمان.
ثانياً: الذي لا إيمان له قل أن يعمل عملاً صالحاً، فالإيمان علمتم أنه روح الحياة، فإذا آمن دبت فيه الروح ودخلت في جسمه.
أهمية تعظيم مدينة محمد صلى الله عليه وسلم
أسماء النبي صلى الله عليه وسلم واختصاصه بتنزيل القرآن عليه
يقول تعالى:
وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ 
[محمد:2] صلى الله عليه وسلم، ومحمد اسم علم، وأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم خمسة، ألا وهي: محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب؛ لأنه عقب الأنبياء، هذه الأسماء الخمسة مبينة في الموطأ.
فالعاقب: الذي جاء بعد كل الرسل، والحاشر: كل الأمم تحشر وراءه وهو أمامها، والماحي: يمحو كل ما مضى من الأديان.
قال تعالى:
وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ
[محمد:2] ما الذي نزل على محمد؟ القرآن العظيم، نزل عليه في ثلاث وعشرين سنة وهو ينزل آيات وسوراً، فمن نزله عليه؟ هل هناك جواب غير الله؟ مستحيل أن يكون غير الله.
فهذا هو القرآن العظيم، هذا كتاب الله الكريم، هذا الذي من حفظه وعمل بما فيه سعد وأكرمه الله وأدخله الجنة دار النعيم، ومن تكبر عنه وأعرض ولم يحفظه ولم يعمل به هالك مع الهالكين.
وقوله تعالى:
وَهُوَ الْحَقُّ
[محمد:2] أي: القرآن حق، محا الله به الكتب الأولى كلها، فلا توراة ولا إنجيل ولا زبور ولا غيرها من الصحف، ولم يأت بعده كتاب يمحوه أيضاً أبداً، هو آخر كتب الله.
جزاء المؤمنين
هداية الآيات
قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:
[ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
أولاً: بيان طريقي الفلاح والخسران، فطريق الفلاح الإيمان والعمل الصالح، وطريق الخسران الشرك والمعاصي ].
من هداية هذه الآيات الثلاث التي تدارسناها الآن بحمد الله: بيان طريق السعادة وطريق الشقاء، فمن سلك طريق السعادة، أي: آمن حق الإيمان وعمل صالحاً وتجنب الباطل والشر والشرك والفساد؛ نجا وسعد ودخل الجنة، ومن أعرض عن التوحيد وكفر بالله وأشرك في عبادته وظلم وفسق وفجر فمصيره جهنم، هكذا تدل هذه الآية.
[ ثانياً: بيان أن أعمال البر مع الكفر والشرك لا تنفع صاحبها يوم القيامة ولا تشفع له، وقد يثاب عليها في الدنيا فيبارك له في ماله وولده ].
كما بينت لكم: أن الكافرين والمشركين أعمالهم الخيرية في الدنيا لا تنفعهم يوم القيامة، ولا يثيبهم الله تعالى عليها أبداً، ولكن يثيبهم عليها في الدنيا بأن يبارك في أعمارهم وفي أموالهم وفي أعمالهم.
فالكافر الذي مات على الكفر وإن بنى ألف مسجد وألف مستشفى والله! ما يثاب عليه يوم القيامة، لا بد من جهنم، لكن إن عمل صالحاً في الدنيا لا يحرمه الله تعالى مثوبته في الدنيا، فيبارك له في أولاده، في عمله، في صناعته، مقابل إحسانه الذي أحسنه؛ لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
[ ثالثاً: بيان الحكمة في ضرب الأمثال، وهي: هداية الناس إلى ما يفلحون به، فينجون من النار ويدخلون الجنة ].
بيان هداية ضرب الأمثال، والغريب أن العوام عندنا يضربون الأمثال بالعامية، حتى يبينوا لمن أراد أن يفعل ويترك، فضرب الأمثال شيء عظيم، يبين الطريق للسالك، يبين له طريق السعادة من طريق الشقاء، والله عز وجل يقول: هكذا نضرب الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، فلنضرب الأمثال دائماً وأبداً لننتفع بها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.