إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 27للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لما اشتد أذى كفار مكة للمسلمين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة، فهاجر عدد منهم، لكن أبا بكر الصديق مكث في مكة رغبة منه في التخفيف عن المستضعفين من المؤمنين، فلما أن عجز عن ذلك استأذن النبي في الهجرة إلى الحبشة، فلما خرج وإذا هو في طريق هجرته عرض عليه ابن الدغنة أنه سيجيره، فعاد أبو بكر إلى مكة في جوار ابن الدغنة، ولكنه رد عليه جواره بعد حين، وآثر أن يصبر على الأذى مع سائر المؤمنين حتى يأذن الله بنصره لعباده المؤمنين.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة المباركة من يوم الجمعة المبارك ندرس السيرة النبوية العطرة من كتاب هذا الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يا محب.

    وبين يدي الدرس أحد الأبناء قال لي: يا شيخ! إن تبرجاً عجيباً ظهر الآن في النساء فهل من نصيحة؟! فأجبته.

    وأقول: يا معشر المؤمنات! إن المسلمة المؤمنة الربانية التي ترجو الله والدار الآخرة لا تبدي محاسنها ولا تظهر ما أمرها ربها بستره وتغطيته، فإن كانت عجوزاً لا تحيض ولا تحبل لكبر سنها فإن لها رخصة من ربها، وإليكن أيتها المؤمنات هذه الرخصة كما هي مبينة في سورة النور من كتاب الله رب العالمين، قال تعالى:

    وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]، فهذه الآية الكريمة ذات النور الإلهي تخبرنا بأمر القواعد من النساء، والقواعد: جمع قاعد، وهي التي قعدت عن الحيض والحمل؛ لكبر سنها.

    وبين ذلك بقوله تعالى: اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا . أي: آيسات من أن يتزوجن أو يقربهن الفحول؛ وذلكلكبر سنهن فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ ، أي: لا حرج، ولا إثم عليهن إن وضعن ثيابهن على المشجب، وخرجن بدون ثياب. أية ثياب هذه التي يضعنها على المشجب ويخرجن بدونها؟ إنها الثياب التي كن يسترن بها وجوههن وأعناقهن ورقابهن وشعورهن ألا وهي الخمار، أما أن تخرج عارية فما حدث هذا في البشرية، فلا يفهمن مؤمن ولا مؤمنة من قوله تعالى: (أن يضعن ثيابهن) الخروج بلا ثياب؛ إذ هذا محرم على الرجال فضلاً عن النساء، ولما كان هذا بعيداً عن ذوق الإيمان والمؤمنين لم يكن هناك حاجة إلى أن يُفصّل، فالثياب التي لا حرج ولا إثم على المؤمنة أن تضعها في بيتها وتخرج بدونها لحاجتها تلك التي كانت تستر بها وجهها ومحاسنها.

    وقوله عز وجل: (غير متبرجات بزينة) أي: حال كونهن غير متبرجات بزينة، فلهن أن يضعن ثيابهن ويخرجن وليس على وجوههن ما يستر الوجوه، ومع هذا لا بد أن يكنّ غير متبرجات بزينة، فلا كحل في العينين ولا أحمر في الخدين ولا في الشفتين، ولا حلية في العنق، ولا أسورة في الأيدي ولا في الأذان، هذا الأمر من مولاهن العليم ببواطنهن وظواهرهن، الرحيم بهن وبعباده المؤمنين، فإذنه تعالى لأمته الكبيرة السن أن تخرج بدون خمار ليس معناه أن من حقها استغلال هذه الرخصة وعمل المحسنات والمجملات في عينيها وفي رأسها وفي أذنيها وفي صدرها.

    وأخيراً: وأعظم من هذا: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ، والاستعفاف يكون بمواصلة الحجاب كما هو وإن بلغت المرأة في السن المائة والعشرين، وقد رأينا مؤمنات في المدينة أعمارهن تقارب المائة وزيادة وهي ملتفة بملاءتها السوداء لا يظهر منها شيء.

    وكل دعوة إلى كشف الوجه ذي المحاسن والجمال هي دعوة إلى العهر والزنا، فالمؤمنات لا تخرج إحداهن إلا من حاجة، وإذا خرجت سترت محاسنها، ولا تمس طيباً يشم ريحه منها، وقد جاء في هذا وعيد شديد، وأنها كالزانية، وعليها أن تلبس الثياب التفلة التي لا تلفت النظر إليها، لا أن تتفنن في الثياب حتى يُنظر إليها وتفتن غيرها.

    هذا هو الطريق فمن سلكه نجا، ومن أعرض عنه وأدبر ولم يلتفت إليه هلك مع الهالكين. وأنتم أيها السامعون! ويا أيتها السامعات! عليكم البلاغ، فبلغوا!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088542562

    عدد مرات الحفظ

    777226209