قوله: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركباً )، الركب هم جماعة، والمفرد راكب، والجماعة ركب، وقيل: إن الركب أقله عشرة، ولكن في الحديث: ( الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب )، فهذا دليل على أن أقل الركب ثلاثة لغة وشرعاً.
و(الروحاء) ( لقي ركباً بالروحاء )، هو موضع على مسافة أربعين ميلاً أو ستٍ وثلاثين ميلاً من المدينة النبوية، وهو موضع معروف، فسأل هؤلاء القوم النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أنت؟ )، وهذا دليل على أنهم ما عرفوه، إما لأنه كان بليل، أو لأنه كان بعيداً منهم بحيث لا يرونه، وأما سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لهم فهذا السؤال على سبيل الاطمئنان، أن لا يكون هؤلاء القوم أعداءً أو مقاتلين أو ما أشبه ذلك، فسألهم: ( من القوم؟ فقالوا: المسلمون )، نحن مسلمون، وكانوا ذاهبين إلى الحج، ولهذا رفعت إليه المرأة هذا الصبي.
قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( نعم، ولكِ أجر )، يعني: له حج ولك أجر، الأجر الذي وعدها به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إما لحجها بهذا الصبي، فله حج ولها أجر، وإما بسبب رعايتها له وقيامها عليه كما هو معروف من شأن الأم، وإما بسبب سؤالها وتفقهها في هذه المسألة واغتنامها لهذه الفرصة، بل لعل الأجر لهذه الأشياء الثلاث كلها: لرعايتها لصبيها، ولحجها به، ولسؤالها عن الأحكام.
ولذلك من شروط الحج: البلوغ.
ومن شروط الحج: العقل.
ومن شروط الحج: الإسلام، فلابد أن يسلم.
ومن شروط الحج: الاستطاعة، كما هو معروف.
ثم اختلفوا بعد ذلك، بعدما أجمعوا على أن الحج لا يجب على الصبي ولا على المجنون، اختلفوا في مسألة انعقاد الحج، فالجمهور يقولون: إن حج الصبي ينعقد وهو صحيح، وله به أجر يثاب عليه، يعني: أن الصبي يحرم ويؤجر وحجه صحيح، وإن كان هذا الحج لا يجزئه عن حج الفريضة، فإذا بلغ وجب عليه حج آخر باتفاقهم، وكذلك المجنون لو أنه حج وهو مجنون ثم عقل بعد الحج، وكذلك القن، العبد الرقيق إذا حج ثم أعتق وجب عليه حج آخر عند الجمهور أيضاً.
إذاً: القول الأول: أن حجه صحيح ومنعقد وإن كان لا يجزئه عن حجة الإسلام، وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وداود وسائر الفقهاء، وجمهور العلماء كما ذكره ابن عبد البر قال: عن سائر الفقهاء وجمهور العلماء من كل بلد وفي كل قرن وزمان أن ذلك صحيح.
ودليلهم حديث ابن عباس -حديث الباب- فهو حديث صريح صحيح في المسألة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى أن له حجاً، وأن لأمه أجراً، فهذا دليل للجمهور.
الدليل الثاني أيضاً: حديث ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه، فإن في المتفق عليه أنه لما جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، وقال: ( أقبلت راكباً على حمار أتان وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام، فنزلت ثم مررت بين يدي بعض الصف فلم ينكر ذلك علي أحد وكان ذلك بـمنى )، فهذا دليل على أن ابن عباس -وهو قد قارب الاحتلام ولم يبلغ- كان قد حج مع النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك دليل على وجود جماعة من المراهقين والصبيان كانوا مع المسلمين في حجة الوداع، مع النبي عليه الصلاة والسلام.
أيضاً: حديث السائب بن يزيد يدل على هذا المعنى، قال السائب بن يزيد: حج بي أبي وأنا ابن سبع سنين، وهو أيضاً في الصحيح، فهو يدل على ما ذكرنا.
حديث جابر رضي الله عنه عند أحمد وابن ماجه وغيرهم، قال: فلبينا عن الصبيان، فهذا دليل على أنهم حجوا بالصبيان ولبوا عنهم، وأن كثيراً من الأسر حجوا بصبيانهم معهم.
فهذه الأدلة الأربعة وغيرها تدل على ما ذهب إليه جمهور أهل العلم؛ من أن حج الصبي ينعقد، وأنه يثاب عليه ولأهله أجر ما ساعدوه في ذلك أيضاً.
القول الثاني: أن حج الصبي لا ينعقد ولا يصح، وإنما هو لمجرد التدريب والتمرين، وهذا ذهب إليه أبو حنيفة واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رفع القلم عن ثلاثة )، وهو حديث عند أهل السنن وقد سبق: ( فذكر الصبي حتى يبلغ )، فقال: إن هذا مرفوع عنه القلم، فكيف يحج؟
والجواب عن هذا أن يقال: إن المرفوع عنه هو قلم المؤاخذة، ولهذا الصبي تكتب له الحسنات ولا تكتب عليه السيئات مادام دون البلوغ، وقول الجمهور لا شك في هذا هو الراجح.
وقد نأخذ من هذا الحديث: أن التعارف من مقاصد الحج، فإن هؤلاء القوم كانوا حجاجاً، وسألوا النبي عليه الصلاة والسلام عن بعض أحكام الحج.
فهكذا نقول: الحديث دليل على أن التعارف من مقاصد الحج، وإزالة الحواجز والأسوار والعنصريات التي توجد بين المسلمين بسبب الانتسابات، القبائل، انتسابهم لدول معينة، المذاهب، الألوان، وغير ذلك، فينبغي أن يكون الحج فرصة للتعارف، والتعارف سبيل لكل خير، فإذا عرفته ربما استطعت أن توصل إليه خيراً، أو تقتبس منه، أو تتعلم منه، أو تعلمه، لا تجعل في بالك أن تعلمه فقط، لا، تعلمه وتتعلم منه، حتى يكون هناك استعداد وتبادل للمنافع والخبرات، فهذا من مقاصد الحج.
من فوائد الحديث أيضاً: صحة حج الصبي الصغير.
وفيه فضل رعاية الصغار والعناية بهم وثواب الوالدين وخاصة الأم على ذلك.
وفيه السؤال عما أشكل، ولهذا سألت: ( يا رسول الله! ألهذا حج ).
وفيه أحياناً وضع المسئول أمام صورة عملية أنه أفضل، فكان المرأة بإمكانها أن تقول: ألصبي الصغير حج، فيقول: نعم، لكن هي لما رفعت هذا الصبي حتى رآه النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك أبلغ في الدلالة على السؤال، وأن هذا الصبي صغير بحيث أنه يرفع؛ لأنه ربما لو قلنا: الصغير له حج، قال واحد: نعم هذا المراهق، لكن الطفل الرضيع ليس له حج، فلما رفعته بيدها، دل على أن هذا طفل صغير، ربما يكون رضيعاً أو فوق الرضيع بقليل حتى يرفع باليد، ومع ذلك أفتى النبي صلى الله عليه وسلم بأن له حجاً.
وفيه تدريب الصغار على العبادة وقبولها منهم، ومن ذلك: ( مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ).
ومن فوائد الحديث: أن صوت المرأة ليس بعورة، فالمرأة رفعت صوتها تسأل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ربما لم يكن شديد القرب، وقد سمعها النبي عليه الصلاة والسلام، وسمعها أعداد وخلق من الناس، ممن كانوا معها أو كانوا مع النبي عليه الصلاة والسلام، ممن يحتاج إلى استماعهم وممن لا يحتاج إلى ذلك، لكن كان السؤال له سبباً وله حاجة، فهذا دليل على أن صوت المرأة ليس بعورة.
ومن فوائد الحديث: التسامح مع الطفل في المحظورات، بل حتى في رفض الحج لو رفضه؛ لأن الطفل ليس مكلفاً، ففيما يتعلق بالمحظورات، لو ارتكب شيئاً منها، فإنه لا يحرج عليه في ذلك كما يحرج على الكبير، ولو أنه ترك الإحرام ورفضه للخوف أو للرعب أو لغير ذلك، فهو ليس مثل الكبير أيضاً، ولذلك نقول: إن أفعال الصغير في الحج أو في العمرة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
- قسم يفعله الصبي بنفسه، مثل: أن يقف بـعرفة مثلاً، أو يبيت بـمنى .
- وقسم يفعله والده به: مثل الطواف؛ أن يحمله والده ويطوف به.
والقسم الثالث: يفعله والده عنه؛ وذلك مثل نية النسك ؛ لأن الصغير لا يطيق النية ولا يفهمها، قد يكون رضيعاً، فهذا ينويه والده عنه. هذه ثلاثة أقسام.
البخاري روى هذا الحديث في كتاب الحج، باب: الحج والنذر عن الميت، ومن فقهه أنه أدخل فيه النذر، وأيضاً أدخله في الحج عمن لا يستطيع بالنظر إلى والد هذه المرأة، وأدخله في باب حج الرجل عن المرأة، وهو يكرر الأحاديث بمواضع للفقه، وأخرجه أيضاً في المغازي، وأخرجه في الاستئذان، وكل ذلك من فقه البخاري كما هو معلوم.
وخرجه مسلم أيضاً في صحيحه في الحج، وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان ومالك والدارمي وابن أبي شيبة والبيهقي والدارقطني وأحمد وغيرهم.
الفضل بن العباس
)، الفضل : هو أخوه، أيهم أكبر؟ الفضل، لأن ابن عباس كان غلاماً قد ناهز الاحتلام، وهو في الحج، والفضل شاب كبير، ولذلك هو ينظر للفتاة، هذا دليل على أن الرغبة الجنسية موجودة عنده، والميل إلى الجنس الآخر.الفضل بن العباس هو أكبر أبناء العباس وبه يُكنى، فيقال له: أبو الفضل، وكذلك الفضل هذا يقال له: أبو العباس، وهذه عادة لا زالت موجودة عندنا، أن الولد يسمي على أبيه أحياناً من باب: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا [البقرة:200]، والفضل بن العباس أمه لبابة بنت الحارث، واستشهد أو توفي رضي الله عنه في طاعون عمواس في الشام، عام: ثماني عشرة من الهجرة وقيل غير ذلك، ولم يكن له إلا بنت صغيرة، يقال لها: أم كلثوم.
والشيء اللطيف: أن الفضل الآن يلتفت ينظر إلى هذه الفتاة الخثعمية، وخثعم قبيلة عربية فيهم وسامة وجمال، فـالفضل ينظر إليها، وهي أيضاً تنظر إليه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( رأيت شاباً وشابة فلم آمن عليهما )، هنا النبي صلى الله عليه وسلم قام بتغيير المنكر، لكن باللطف والأدب والذوق وأنه مجرد أن صرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، وهناك أحاديث صحيحة في البخاري : أنه حتى مع الشق الآخر الفضل التفت مرة أخرى ينظر من الجهة الثانية، ومع ذلك صبر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، هنا هذا الرجل رديف محمد صلى الله عليه وآله وسلم، شيء عظيم، هذا يدل على أن طبع الناس يقع منهم خاصة الشاب المراهق وفي مقتبل العمر، وميعة الصبا وغرارة الشباب؛ أن يقع من الشاب نوع من الغفلة، ولذلك جاء في الحديث: ( يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة )، وأن الصبر عليهم وحسن التعامل معهم، وعدم إهمال الأمر والتوجيه واجب؛ لأن بعض الناس يقسو ويشتد وتتحول القصة عنده إلى حرب، وهذا لا يصلح، وبعض الناس ربما يترك الأمر على غاربه، ويقول: يكبرون ويعقلون، وهؤلاء سفهاء.. وهذا أيضاً لا يصلح، وإنما هنا الهدي النبوي في الصرف بلطف وحكمة وصبر.
والغريب أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج الفضل، هو الذي أمهر له وزوجه، هذا أيضاً يدل على نوع من حسن التربية والتعليم وتعهد هؤلاء الشباب بإيجاد البدائل الصالحة النافعة لهم ومساعدتهم على الإعفاف بقدر ما يمكن، بل أن يتحول ذلك إلى نظام في المجتمع، وليس تبرعاً من بعض الصالحين أو بعض الأثرياء، وإنما أن يكون هناك سعي دءوب، أن تكون مؤسسات اجتماعية في كل مجتمع تأخذ على عاتقها تزويج الشباب وإعفافهم بقدر المستطاع.
قوله: (كان الفضل بن العباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم)، الرديف هو الذي يركب خلفه، يردفه، وهذا دليل على جواز الإرداف.
وقوله: امرأة من خثعم، لا أعرف اسم هذه المرأة، ولكنها منسوبة إلى خثعم وهي قبيلة عربية قحطانية، وأظن أن مضاربهم أو مواقعهم ما بين الطائف وأبها .
وقوله: ( صرف وجه الفضل
ونقول: رضي الله عنها لأنها صحابية رضي الله عنها وأرضاها.
قولها: ( أدركت أبي فريضة الله على عباده )، يعني: فرض الحج نزل وأبوها شيخ كبير، أو يكون المقصود: أن أباها أسلم في ذلك الوقت، والأمر متقارب؛ لأن إيجاب الحج كان في السنة التاسعة من الهجرة، يعني: قبل سنة من تاريخ هذه القصة؛ لأن حجة الوداع كانت سنة عشر على ما يظهر، وسوف يأتي مزيد إيضاح وبيان لذلك.
انقسموا فيه إلى قسمين:
طائفة من أهل العلم يرون أنه مادام عنده مال، يجب أن ينيب من يحج عنه، ولده أو غيره، وهذا مذهب الجمهور وقول أبي حنيفة والشافعي وأحمد والحسن والثوري وابن المبارك وغيرهم، ونقل عن جمع من الصحابة، واستدلوا بحديث الباب، حديث ابن عباس وقصة الخثعمية، واستدلوا بحديث أبي رزين العقيلي وأنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ذات السؤال، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( حج عن أبيك واعتمر )، ويستدل به مثلما يستدل بحديث الباب، وبحديث سودة بنت زمعة، وهو أيضاً مثل هذين الحديثين.
هذه الأحاديث الثلاثة تدل على صحة ما ذهب إليه الجمهور: من أن من كان قادراً بماله عاجزاً ببدنه فإنه يجب عليه أن ينيب من يحج عنه.
القول الثاني: لا يجب عليه الحج أصلاً، ولو كان ملك المال، لأنه لا يستطيع إليه سبيلاً، والله سبحانه وتعالى جعل الوجوب مرهوناً بمن استطاع إليه سبيلاً، وهذا مذهب الإمام مالك، وهو رواية عند الحنفية، واستدلوا بقول الله سبحانه وتعالى: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، وقالوا: هذا غير مستطيع السبيل.
والجواب على هذا أن نقول: إن السبيل المقصود في الآية، إما أن يكون مباشرة أو أن يكون بالنيابة، فهذا سبيل، فمن كان قادراً على الذهاب بنفسه وجب عليه وتعين، ومن لم يكن قادراً وجب عليه أن ينب عنه من يحج ما دام قادراً على الإنابة.
واستدلوا أيضاً بقول الله سبحانه: وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:39]، وبقول ابن عمر: لا يحج أحد عن أحد، وهو صحيح عنه .
ونقول: إن هذا من سعيه، فإن الإنسان إذا بذل المال أصبح الحج من سعيه، وليس تبرعاً من غيره، فهو مما سعى.
وأيضاً دخول النيابة في الحج، كما جاء في أحاديث عدة، يدل على صحة مذهب الجمهور.
ومنها: الحج عن الآباء على وجه الخصوص، كما في قصة الخثعمية وفي قصة أبي رزين العقيلي وأن ذلك نوع من البر، وهذا أيضاً أحد الأجوبة؛ لأن ابن الإنسان من سعيه، فإذا حج الولد عن أبيه أو حجت البنت عن أبيها أو عن أمها، فذلك من سعي الأب ومن سعي الأم أيضاً.
وفيه جواز الإرداف على الدابة.
وفيه سماع كلام المرأة وأنه ليس بعورة كما ذكرنا.
وفيه ما ركب الله في الآدميين من الميل؛ ميل الذكر إلى الأنثى والأنثى إلى الذكر، وطريقة معالجة ذلك بالحكمة والصبر، وعدم الغلظة، وعدم الإهمال والترك.
وفيه جواز حج المرأة عن الرجل كما في قصة الخثعمية، وإن كان في بعض ألفاظ الحديث: أن الذي سأل كان رجلاً، ولكن هذا لفظ صحيح رواه البخاري أيضاً في المرأة، فيجوز أن تحج المرأة عن الرجل، وهذا قول الأئمة الأربعة، ويجوز أن يحج الرجل عن المرأة، وهذا أيضاً إجماع العلماء، فلا بأس أن يحج الرجل عن المرأة وتحج المرأة عن الرجل.
وفيه وجوب الحج على الغني ولو كان مريضاً لا يستطيع أن يحج بنفسه.
وفيه تسمية حجة الوداع، وأن ذلك لا حرج فيه، قال: [ وكان ذلك حجة الوداع ]؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودع بها الناس، وقال: ( لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا )، ولعله يأتي إن شاء الله مزيد بسط لهذه المسألة، يعني: أنا مرة قلت: أنا أفضل أن تسمى حجة البلاغ، وإن سميت حجة الوداع فلا بأس، الوداع معنى مؤلم، وإن كان الوداع يوحي باللقاء :
إذا تباعدت من قريب فلا يهولنك الوداع والتمس العود من قريب فإن عكس الوداع عادوا
لكن الأولى أن نقول: إنها حجة البلاغ؛ لأن فيها هذا المعنى الإيجابي: أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين، وكان يقول: ( ألا هل بلغت ألا هل بلغت ألا هل بلغت اللهم فاشهد )، مع أنه لم يصرح بلفظ الوداع، وإنما قال: ( لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا )، هكذا كان وهكذا حدث.
ففيه دليل على جواز تسميتها بحجة الوداع.
وقال بعضهم: إن في الحديث دليلاً على جواز حج المرأة بنفسها ولو لم يكن معها محرم إذا أمنت، ومن أين نأخذ هذا؟
قد يؤخذ هذا من كونها هنا سألت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر أن معها أحداً، لكن هذا ليس بقوي؛ لأنه ورد في روايات أنه كان معها أحد محارمها، إنما الذين أخذوه أخذوه من سؤالها: هل أحج؟ فأمرها أن تحج عن أبيها ولم يذكر المحرم، فقالوا: هذا دليل على أنه لا يشترط.
والجواب على هذه الفائدة أن يقال: إن هذا الشرط علم من أدلة أخرى، وهو داخل في الاستطاعة، على أن المسألة فيها تفصيل سوف نذكره في وقته إن شاء الله تعالى.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
الجواب: لا شك أن مقاصد الشريعة والقواعد الفقهية مما يساعد كثيراً على تصور المسائل وترجيحها.
الجواب: سامحك الله وجعلك في حل، وأنصحك أن لا تغتاب أحداً قط؛ لن يسألك الله تعالى إلا عن نفسك، فأقبل على نفسك، ولا تنشغل بنفوس الآخرين :
لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها لنفسي من نفسي عن الناس شاغل
الجواب: لا، المرأة مأمورة بغض البصر: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:31]، لكن المرأة ربما أن الغالب عليها الخجل، ولهذا ربما تنظر، ثم تغض البصر هذه هي العادة، أما الشاب فهو جريء، ولذلك ربما ينظر ويدمن النظر، ولذلك يحتاج إلى أن يُصرف بصره، وكذلك كان الفضل أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأولى بأن يحتسب عليه من البعيد والغريب.
الجواب: هذا قول لبعض الناس، لكن ليس له أصل فيما أعلم.
الجواب: نعم، وهو كذلك، الدعوة إلى الله من أعظم ألوان الجهاد.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر