إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (940)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    الأحكام المترتبة على رضاع الرجل من زوجة أخيه

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الرياض حي الوزارات وباعثها أحد الإخوة المستمعين يقول المرسل: (ع . س . ش . ج. الشهري )، أخونا يقول: رضعت مع ابنة أخي الأكبر مني ولم تكن الرضعات معلومة لدى أمهاتنا، ولكن كن على هذه الحالة لفترة ثلاثة أشهر تقريباً، وكن إذا غابت إحداهن ترضعنا الأخرى حسبما أفادتني به الوالدة، فهل يعتبر هذا الرضاع شرعياً؟ وإذا كان كذلك فهل أخي أصبح والدي من الرضاعة، ومن ثم ما حكم قرابتي لزوجته الثانية التي لم أرضع منها؟ وكما أني قد حجبت زوجتي عن أخي واحتجبت عني زوجته الأخرى أرشدونا أثابكم الله وعظم أجركم ونفعنا وإياكم بما نسمع إنه سميع مجيب، والله ولي التوفيق، والسلام عليكم؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإذا كان الواقع كما ذكره السائل ولم تحفظ المرضعة ولا غيرها عدد الرضعات هل هي خمس أو أقل أو أكثر فإن الرضاعة لا تعتبر ولا تكون ولداً لأخيك ولا يكون أخوك أباً لك ولا محرماً لزوجتك، ولا تكون زوجته محرماً لك لا التي أرضعتك ولا الأخرى، لابد من ضبط الرضاع، وأن تكون الرضعات خمساً أو أكثر، فإذا كانت المرضعة أو غيرها من النساء الثقات قد حفظت أنك رضعت من زوجة أخيك خمس رضعات أو أكثر من ذلك فأنت ولده، ولو لم تعرف المرضعة عدد الرضعات كلها، إذا عرفت أنك رضعت منها خمس رضعات أو أكثر فإنك تكون ولداً لها ولا يلزم أن تكون تعرف الرضعات كلها هل هي ثلاثين أو عشرين أو أربعين ما هو لازم.

    المهم أن تحفظ خمس رضعات صدرت منها لك أو أكثر من ذلك في الحولين حال كونك في الحولين، فإنها بهذا تكون أماً لك ويكون أخوك أباً لك من الرضاعة، ويكون أولاده إخوة لك من الرضاعة ويكون محرماً لزوجتك؛ لأنها زوجة ابنه، وتكون زوجته التي أرضعتك أماً لك وتكون زوجته الأخرى التي لم ترضعك زوجة لأبيك محرماً لك أيضاً، وفق الله الجميع.

    1.   

    حكم وجود المجلات والبسط والوسائد التي فيها صور في البيوت

    السؤال: من فيصلية التوين بسدير رسالة بعثت بها إحدى الأخوات من هناك تقول: أم المهند ، أم المهند لها ستة أسئلة تسأل أولاً وتقول: ما حكم وجود الجرائد في المنازل مع العلم أن بها الكثير من الصور، وإذا كان وجودها في المنزل حرام ويمنع دخول الملائكة فهل الشطب بالقلم على الصورة يبيح وجودها في المنزل؟

    الجواب: الجرائد والكتب التي فيها الصور ليست من جنس الصورة المعلقة على الجدران أو المنصوبة في المحل بل لها حكم آخر، فإذا غطيت أو كانت الكتب مصفودة والصورة في داخلها فليس هناك صورة منصوبة، ولكن من باب الاحتياط أن يشطب الرأس، يعني: يمحى الرأس ويجعل عليه شيء من الحبر أو غيره حتى يزول، حتى يذهب الرأس وتبقى بقية الصورة في المجلة أو في الجريدة أو في الكتاب هذا يكون أحوط للمسلم وأبعد عن خطر عدم دخول الملائكة.

    وهكذا الصورة التي في البساط الذي يفرش في الأرض أو الوسائد هذه لا تمنع دخول الملائكة، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن عائشة رضي الله عنها لما أنكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم القرام الذي فيه التصاوير جعلته وسائد يرتفق بها النبي عليه الصلاة والسلام، وثبت أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه واعد يوماً جبرائيل أن يأتيه فتأخر عن موعده، فسأله عن ذلك لما جاء، فقال: إنه كان في البيت تمثال وكان فيه ستر فيه تصاوير وكان فيه كلب، ثم قال جبرائيل للنبي صلى الله عليه وسلم: مر بالكلب أن يخرج، وبالتمثال أن يقطع رأسه حتى يكون كهيئة الشجرة، وبالستر أن يتخذ منه وسادتان منتبذتان توطأان، ففعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فدخل جبرائيل، ووجدوا الكلب جرواً تحت نضد لهم أدخله بعض الصبية الحسن أو الحسين).

    فهذا يدل على أن الصورة في الوسادة والبساط ونحو ذلك لا تمنع من دخول الملائكة.

    فمثل ذلك الصورة التي في الكتاب فإنها غير محترمة ولا معلقة كالستر المعلق على الباب بل هي مستورة بصفد الكتاب، ومستورة بصفد الجريدة وعدم إظهار الصورة، لكنها في بعض الأحيان قد تنشر وقد تظهر عند فتح الكتاب وتصفح الكتاب، وعند قراءة الجريدة، ففي هذه الحال ينبغي للمؤمن أن يحتاط لدينه وأن يمحو رأس الصورة يمحوه بشيء، فإذا محا الرأس كفى لهذا الحديث السابق.

    ولا يكفي الشخط بين الرأس وبين الجثة ما يسمى هذا قطع الرأس إنما يمحى الرأس بالكلية يطمس وبهذا يزول الحكم، والله المستعان.

    1.   

    حكم وضع القرآن على الأرض

    السؤال: أختنا تسأل وتقول: ما حكم وضع القرآن الكريم على الأرض لفترة قصيرة أو طويلة، وهل يجب وضعه في مكان مرتفع عن الأرض بمقدار شبر على الأقل؟

    الجواب: وضعه على محل مرتفع أفضل، كرسي أو في طاقة في الجدار أو رف في الجدار أو نحو ذلك مما يكون مرفوعاً به عن الأرض، وإن وضعه في الأرض لحاجة لا لقصد الامتهان ولكن للحاجة على أرض طاهرة بسبب الحاجة إلى ذلك لكونه يصلي وليس عنده محل مرتفع، أو أراد السجود للتلاوة فلا حرج في ذلك، ولا نعلم بأساً في ذلك، لكنه إذا وضع على كرسي أو بشت قد جمعه وجعله فوقه أو في رف ونحو ذلك كان هذا أحوط.

    وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يوماً طلب التوراة لمراجعتها بسبب إنكار اليهود حد الرجم فطلبها وطلب كرسيه ووضعت التوراة عليه وأمر من يراجع التوراة حتى وجدوا الآية الدالة على الرجم وعلى كذب اليهود، فإذا كانت التوراة وضعت على الكرسي فالقرآن أولى هو أولى بأن يوضع على الكرسي؛ لأنه أفضل من التوراة.

    فالخلاصة أن وضع القرآن على المحل المرتفع ككرسي، أو بشت مجموع ملفوف يوضع فوقه، أو رف في الجدار أو فرجة أو نحو ذلك هذا هو الأولى وهذا هو الذي ينبغي وفيه رفع للقرآن وتعظيم له واحترام له، لكن مع هذا كله لا نعلم دليلاً يمنع من وضعه على الأرض الطاهرة الطيبة عند الحاجة إلى ذلك.

    1.   

    حكم تقبيل المصحف عند سقوطه على الأرض

    السؤال: تسأل أختنا أيضاً وتقول: ما حكم تقبيل المصحف بعد سقوطه من مكان مرتفع؟

    الجواب: لا نعلم دليل على شرعية تقبيله، لكن لو قبله الإنسان فلا بأس، يروى عن عكرمة بن أبي جهل الصحابي الجليل رضي الله عنه أنه كان يقبل المصحف ويقول: هذا كلام ربي، وبكل حال فالتقبيل لا حرج فيه؛ ولكن ليس بمشروع وليس هناك دليل على شرعيته، لكن لو قبله الإنسان تعظيماً وتكريماً واحتراماً عند سقوطه من يده أو سقوطه من مكان مرتفع فلا حرج في ذلك ولا بأس إن شاء الله.

    1.   

    حكم القراءة في الصلاة من السور الطوال مع حصول الخطأ أثناء ذلك ونسيان بعض الآيات

    السؤال: أختنا تقول: إنني أحفظ بعض السور الطوال مثل سورة البقرة وسورة آل عمران، وحرصاً مني على عدم نسيانها فإنني أقرأ بعض الآيات منها في الصلوات المكتوبة والسنن، ولكنني أخطئ كثيراً وأتجاوز بعض الآيات أحياناً وذلك لنسياني لها، فهل يجوز لي قراءة هذه السور أم أتركها وأقرأ السور القصار؟

    الجواب: لا بأس بذلك أن تقرئي من سورة البقرة بعض الآيات أو سورة آل عمران أو غيرهما لا بأس بذلك بعد الفاتحة ولو أخطأت في بعض الآيات، نسيت بعض الآيات يكفي قراءة ما ذكرت منها وحفظت منها ولا حرج في ذلك، وإن قرأت بالقصار من السور فحسن، ولكن الأمر في هذا واسع؛ لأن الله سبحانه يقول: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:20]، والنبي عليه السلام يقول: (ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن).

    فإذا قرأت من سورة البقرة أو من سورة النساء أو من سورة آل عمران أو غيرها كل ذلك لا بأس به، تقرئين ما حفظت ولو كانت غير متوالية آيات غير متوالية.

    1.   

    حكم الدعاء دبر الصلوات المكتوبات

    السؤال: هل الدعاء مفرداً بعد الصلاة المكتوبة بدعة، أم المقصود بالبدعة هو الدعاء بشكل جماعي في المسجد، وإذا كان الدعاء بعد الصلاة المكتوبة بدعة فما تفسير الحديث الذي يقول: عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات) رواه الترمذي وقال: حديث حسن؟

    الجواب: الدعاء في دبر الصلاة مشروع وليس به بأس، والأفضل أن يكون قبل السلام بعدما يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وبعدما يتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال يتعوذ بما شاء، يقول: اللهم أجرني من كذا، أجرني من شر نفسي، اللهم أعذني من شر نفسي، اللهم أعذني من الشيطان، اللهم اغفر لي ولوالدي، يدعو بما يسر الله له، وإذا كان الدعاء مشروعاً وارداً كان أفضل مثل: (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت) (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، (اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر)، كل هذا وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    كذلك (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)، أيضاً هذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علمه الصديق أن يدعو به في صلاته.

    فالحاصل أن الدعاء في دبر الصلاة أمر مشروع وأفضله ما كان قبل السلام، وإن دعا بعد السلام وبعد الذكر بينه وبين نفسه فلا بأس، قد جاء في رواية مسلم من حديث علي رضي الله عنه ما يدل على شريعة الدعاء أيضاً بعد السلام: (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، أو قال: أنت إلهي لا إله إلا أنت) فإذا دعا بينه وبين نفسه بعض الدعوات بعد الذكر وبعد السلام فلا حرج في ذلك، لكن يبدأ أولاً حين يسلم في الفريضة أستغفر الله ثلاثاً، (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، ثم يذكر الله يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، فإذا دعا بعد هذا بما تيسر كله طيب ولا حرج في ذلك والحمد لله.

    1.   

    التحذير من الإسبال وحكم صلاة المسبل

    السؤال: مستمع كتب في أعلى رسالته يقول: أرجو عدم ذكر اسمي، يسأل ويقول: إنني شاب طائع لله ورسوله بكل شيء، وأحافظ على الصلوات ولله الحمد، لكن يكون بعض الثياب التي ألبسها طويلة تحت الكعبين، فهل أكون من الذين لا ينظر الله إليهم ومن أهل النار، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (ما أسفل الكعبين من الإزار في النار)وهل لا يقبل الله الصلوات التي يصلي بها الإنسان وثوبه طويل؛ لأنني سمعت حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: (لا يقبل الله صلاة رجل مسبل إزاره) أفيدونا جزاكم الله خيراً، وأرجو أن يكون بتفصيل واضح؟

    الجواب: الإسبال من المحرمات ومن المنكرات وهو نزول الملابس عن الكعبين يقال له: إسبال، كالبشت والقميص والإزار والسراويل كل هذا لا يجوز أن ينزل عن الكعبين للحديث الذي ذكرت وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار)، وإذا كان عن تكبر وعن خيلاء صار أشد في الإثم وأعظم، وقال عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) رواه مسلم في صحيحه.

    فالواجب التحفظ من ذلك وأن تكون الملابس حدها الكعب لا تنزل، وأن تحذر من الكبر والخيلاء أيضاً في جميع أحوالك وفي ملابسك.

    أما الحديث الذي ذكرته في عدم قبول الصلاة فهو حديث فيه ضعف وإن صححه النووي أو حسنه فهو حديث ضعيف؛ لأن في إسناده مدلساً وقد عنعن وفي إسناده من هو مجهول.

    فالحاصل أن الوعيد بعدم قبول الصلاة لو صح فهو دليل على شدة التحريم وأنه ينبغي للمؤمن أن يحذر الإسبال وهو من باب الوعيد، والوعيد قد يعفو الله عن صاحبه وقد ينفذ عليه وعيده، فالمسلم المصلي على خطر إذا خالف الأوامر ووقع في النواهي فالواجب عليه أن لا يرتكب المحظور وأن لا يترك المأمور.

    وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه أمر المسبل أن يعيد الوضوء) ولكن لم يأمره أن يعيد الصلاة، وهذا لو صح لكان من باب التحذير ومن باب الترهيب وفيه العلة التي سمعت.

    فالصواب أن صلاته صحيحة وأنه أخطأ في إسباله، ولكن لا تلزمه الإعادة إنما هو صحيح مثل بقية المعاصي، لو صلى وفي ثوبه درهم من حرام، أو في ثوب مغصوب أو في أرض مغصوبة فالصواب أن صلاته صحيحة؛ لأن الإثم يتعلق بالغصب لا بالصلاة فهو أمر منهي عنه مطلقاً في الصلاة وخارجها، فإذا صلى في ثوب مغصوب أو أرض مغصوبة، أو ثوب فيه درهم حرام صحت الصلاة مع الإثم فهو آثم لأجل تعاطيه ما حرم الله عليه من الغصب والكسب الحرام ولكن الصلاة صحيحة؛ لأن هذا لا يتعلق بالصلاة يتعلق بموضوع تعاطيه ما حرم الله عليه من الغصب والكسب الحرام.

    وهكذا لو صلى في ثوب فيه نجاسة ناسياً، ناسياً لها أو جاهلاً بها حتى فرغ من صلاته صحت صلاته، كما ثبت في حديث أبي سعيد عند أحمد وأبي داود بإسناد صحيح: (أنه صلى عليه الصلاة والسلام ذات يوم ثم خلع نعليه وهو في الصلاة فخلع الناس نعالهم، فلما سلم سألهم عن ذلك، فقالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: إن جبرائيل أتاني فأخبرني أن بهما قذراً فخلعتهما، فإذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه، -أو قال: فليقلب نعليه- فإن رأى فيهما قذراً فليمسحه ثم يصلي فيهما).

    ولم يعد الصلاة عليه الصلاة والسلام، ولم يستأنفها بل استمر فيها، فدل ذلك على أن من وجد في ثوبه شيئاً ولم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة، وإن علم في أثنائها وخلعه فصلاته صحيحة كما خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه.

    فالمؤمن يتحفظ ويحرص على أن يكون سليم الثياب من النجاسة سليم البقعة، سليم البدن، ولكن متى نسي شيئاً من النجاسة حتى فرغ من صلاته أو جهل ذلك فصلاته صحيحة بخلاف الحدث، لو صلى محدثاً فإنه يعيد، لو صلى يحسب أنه على وضوء ثم تبين أنه على غير وضوء فإنه تلزمه الإعادة.

    وهكذا لو صلى جنب يحسب أنه مغتسل ثم بان له أنه لم يغتسل أعاد؛ لأن الطهارة لابد منها شرط في الصلاة، الطهارة من الأحداث شرط في الصلاة ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تقبل صلاة بغير طهور) بخلاف النجاسة في الثوب والبدن والبقعة فإنها أسهل إذا نسيها أو جهلها مثل الحديث الذي سبق حديث أبي سعيد في قصة نعلي النبي صلى الله عليه وسلم وما حصل فيهما من القذر.

    1.   

    حكم زكاة الحبوب ونصابها، وحكم زكاة الفاكهة

    السؤال: من معرة النعمان في الجمهورية العربية السورية السائل مصطفى الحريري بعث يسأل ويقول: قريتنا تزرع القمح والشعير والعدس والكمون والزيتون والعنب والبطيخ، وكلما ذكر يزرع بعلياً، يروى بماء السماء، ونحرث ونعشب ونسمد ونحصد البعض منها باليد العاملة، وإن اليد العاملة أصبحت حالياً تكلف الكثير، نرجو من سماحتكم أن تجيبونا عن الأنواع التي يجب أن تدفع فيها الزكاة، وما مقدارها بالنسبة لهذا النوع من الزراعة البعلية، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: تجب الزكاة في الحبوب التي تخرج في الأراضي بالبعل من الشعير والحنطة والذرة والأرز ونحو ذلك، إذا بلغت النصاب وهو خمسة أوسق بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، والوسق ستون صاعاً، يعني: ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وصاع النبي صلى الله عليه وسلم أربع حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين كما ذكر ذلك صاحب القاموس وغيره، أربع حفنات باليدين المملوءتين المعتدلتين، هذا هو صاع النبي عليه الصلاة والسلام وهو أربعمائة وثمانون مثقال، والمد مائة وعشرون مثقالاً، فإذا تحصل من المزرعة خمسة أوسق، يعني: ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم فإن فيها الزكاة العشر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً -وفي رواية بعلاً- العشر)، يعني: سهم من عشرة، إذا حصل له ألف صاع يكون فيها مائة صاع، وإذا حصل له ألفين يكون فيها مائتان مائتا صاع العشر.

    أما لو كان يسقى بالمكائن والدواب فإنه يكون فيه نصف العشر، في الألف خمسون، في الألف الصاع خمسون صاعاً نصف العشر إذا كان يسقى بالآلات والمكاين فهو كلفة.

    أما الفواكه فليس فيها زكاة، البطيخ والرمان والخوخ وأشباه ذلك كالتفاح والبرتقال هذه ليس فيها زكاة، أما العنب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب كالتمر.

    المقدم: يعني: بعد أن يكون زبيباً؟

    الشيخ: إي نعم إذا زبب وبلغ النصاب يزكى.

    المقدم: بارك الله فيكم. كونه يذكر اليد العاملة..

    الشيخ: وإذا خرص ولم يترك وبيع رطباً يزكى بالخرص كالتمر، إذا خرص على أن يكون خمسة أوسق من الزبيب زكي، نعم.

    المقدم: جزاكم الله خيراً. كونه يذكر اليد العاملة هل تؤثر على الزكاة شيخ عبد العزيز ويعتبر مثل الزراعة التي بمئونة؟

    الشيخ: لا.. العاملة مثلما تقدم إذا كان الحرث بالعمل صار فيه نصف العشر والعمال قد يكونون عمالاً للمكينة وقد يكونون عمالاً للحرث والبذر والسقي، نعم. المقصود: العمل ما يمنع الزكاة.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.

    سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767962714