الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقاء جديد من لقاءات نور على الدرب.
في هذا اللقاء يسرنا أن يكون معنا صاحب الفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====السؤال: وأولى رسائل هذه الحلقة وردتنا من المستمع: صبحي محمد، مصري الجنسية يعمل بأبو ظبي، يقول في رسالته:
وقع علي يمين بالطلاق بالثلاث، وسألت رجل علم متوسط فقال لي: أطعم عشرة مساكين، فقمت بإجازة إلى مصر وراجعت زوجتي، هل عملي صحيح أم لا؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فالطلاق بالثلاث أولاً لا يجوز؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب لما سمع رجلاً طلق بالثلاث جميعاً، وقال: (أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم).
وثبت عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال لمن طلق ثلاثاً: قد عصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك، فلا يجوز للمؤمن أن يطلق بالثلاث، المشروع أن يطلق واحدة فقط، ثم يراجع إذا رغب، وإن لم يرغب تركها حتى تنتهي عدتها ثم تتزوج من شاءت، وليس له الطلاق بالثلاث، ولا يجوز.
أما من وقع منه ذلك فهذا فيه التفصيل: فإذا كانت الطلقات وقعت بالثلاث بكلمة واحدة كأن قال: أنت مطلقة بالثلاث، أو هي طالق بالثلاث، أو نحو ذلك. فهذا يحسب واحدة على الراجح، الذي عليه المحققون من أهل العلم يحسب واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة. هذا هو المشروع وهذا هو الصواب؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عنه صحيحة، وروي عن الزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف ، أنه يحسب واحدة، وهكذا اختاره جمع من أهل العلم: أنه يحسب طلقة واحدة فقط، كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد الصديق ، وفي أول خلافة عمر رضي الله تعالى عنه، وهذا هو الأرجح والأقرب، فإذا كان الطلاق الواقع من السائل بالثلاث بكلمة واحدة؛ فإنه تحسب واحدة عليه، ومراجعتها في العدة صحيحة إذا كان راجعها في العدة.
المقدم: نعم، هو في الحقيقة قال في أول السؤال: وقع علي يمين بالطلاق بالثلاث، فسأل، وقيل له: أطعم عشرة مساكين.
الشيخ: هذا محتمل، كونه على يمين محتمل، ولعل الذي أجابه وقال له ما قال ظن أنه قال مثلاً: عليه الطلاق بالثلاث إن كلم فلان، أو زار فلان، أو فعل كذا فهذا هو الذي يسمى يمين إذا كان قصده من هذا منع نفسه من هذا الشيء المعين، من الكلام، أو الزيارة، أو نحو ذلك.
أما إذا كان قصده من ذلك أنه قال: (أنت طالق بالثلاث) كما يقول بعض الناس ويسميها يمين، فهذا يقع طلقة واحدة، والذي أفتى له بالكفارة لا وجه لمثل هذا، هو أعلم بنفسه في الواقع منه، السائل أعلم بنفسه، فإن كان طلق بالثلاث بكلمة واحدة وسماها يميناً، فهذا ليس بيمين، ويقع واحدة وله المراجعة ما دامت العدة كما وقع.
أما إن كان قال: عليه الطلاق أن لا يفعل كذا، عليه الطلاق إن فعل كذا، هذا هو الذي يسمى يمين، إذا كان قصده من هذا المنع، أو الحث على الشيء، أو التصديق، أو التكذيب، فهذا يسمى يمين، وعليه في ذلك كفارة يمين على الراجح إذا كان ما قصد الطلاق، لم يقصد إيقاع الطلاق، وإنما قصد منع نفسه من هذا الشيء، أو حثها على هذا الشيء، فهذا هو الذي يسمى يمين.
والأرجح فيه: أنه يكفر كفارة يمين، وتجزئه ولا يقع شيء من الطلاق على زوجته، فينبغي للسائل أن ينتبه لهذا.
أنا أصلي وأصوم ولله الحمد، ولكن عندي والدي لا يصلي إلا كل شهر مرة، وتكون مصادفة يوم الجمعة، فنصحته أن يصلي فقال: إن الأعمال بالنيات، وأنا أطيعه بحكم طاعة الوالدين، فما الفتوى في ذلك بارك الله فيكم؟
الجواب: هذا منكر عظيم؛ لأن الواجب أن تؤدى الصلاة في أوقاتها كل يوم، وليس لأحد أن يؤخر الصلاة لا يوماً ولا أكثر ولا أقل، بل يجب أن تصلى في وقتها، ولا يجوز التخلف عن ذلك إلا لمن له عذر شرعي: كالمرض، والسفر، فلا بأس أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما.
وأما أن يؤخرها من أوقاتها بالكلية، فهذا منكر عظيم، بل كفر. ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، وقال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرجه مسلم في صحيحه.
فالذي يتعمد ترك الصلاة يعتبر كافراً في أصح قولي العلماء؛ لأنه أقدم على منكر عظيم، فالصلاة عمود الإسلام، وأعظم أركانه بعد الشهادتين، فتركها عمداً كفر وضلال وردة عن الإسلام -نسأل الله العافية- في أصح قولي أهل العلم.
أما من جحد وجوبها بالكلية وقال: لا تجب، فهذا كفره أعظم، وهو كافر عند جميع أهل العلم إذا جحد وجوبها، نسأل الله العافية.
ولا ينفعه كونه يصلي يوم الجمعة، أو في يوم الجمعة يصلي الصلوات كلها.. كل هذا لا ينفعه؛ لأن الواجب التوبة من عمله السيئ والاستمرار على الصلاة، والاستقامة عليها.
المقدم: ولكن ماذا يعمل تجاه والده الذي بهذه الحال؟
الشيخ: مثل ما قال الله جل وعلا في حق الوالدين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15].
الوالدين الكافرين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15]. يرفق به وينصحه، ويوجهه إلى الخير لعل يهديه بأسبابه؛ لأن الوالدين لهما شأن عظيم، ولو دعواه إلى الشرك لا يستجيب لهما، ولكنه يرفق بهما، ويصاحبهما في الدنيا معروفاً؛ لعل الله يهديهما بأسبابه.
معي أحد العمال تشاجرت معه، فغضب مني وسب الدين بنفسه، رغم أنه يعرف الله جيداً ويصلي ويصوم، لكن هذه غلطة، وهو يقول: إن نفسه تؤنبه على ما بدر منه، فهل عليه شيء أفادكم الله؟
الجواب: نعم، عليه التوبة إلى الله، سب الدين من المنكرات العظيمة، ومن نواقض الإسلام -نعوذ بالله- فهو ناقض من نواقض الإسلام فعليه التوبة إلى الله والبدار بذلك، والله يتوب على التائبين.
وبعض أهل العلم: يرى أنه لا توبة له -نسأل الله العافية- بل يقتل حداً لكفره وردته، ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى قبول توبته، فإذا تاب إلى الله ورجع وأناب، وندم على ما وقع منه ندماً صادقاً؛ فالله يتوب عليه سبحانه وتعالى.
لي مبلغ عند شخص، وقلت له: أعطني إياه في هذا اليوم، وإذا لم تحضره لي في هذا اليوم علي الطلاق أنني لا آخذه، وبعد مدة بعث شخصاً معه المبلغ، ورفضت أخذه خوفاً من طلاق زوجتي مني، وأخذ أخي بعض المبلغ وزوجتي أخذت البعض المتبقي، أما أنا فلم آخذ المبلغ ولم أستفد منه، بل الذي استفاد منه أخي وزوجتي، فهل تطلق زوجتي بهذا أم ماذا علي؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فإنه لا تطلق زوجته بذلك؛ لأنه ما أخذه، أمضى يمينه ولم يأخذ المال، بل ذهب إلى أخيه وزوجته.
فالحاصل: أن زوجته لا تطلق بذلك؛ لأن اليمين الذي أخذها على نفسه أمضاها ونفذها فلا يقع الطلاق على زوجته، ثم هو فيه التفصيل:
إذا كان قصده حثه على البدار بالوفاء، ولم يقصد إيقاع الطلاق، وإنما أراد بذلك حثه وتحريضه حتى يوفيه المال ويبادر بالمال، فهذا له حكم اليمين يكفر كفارة يمين ويأخذ المال، ولا يقع شيء من الطلاق.
أما إذا كان قصده إيقاع الطلاق حين قال هذا الكلام، قصده أنه إن لم يعطه ذلك اليوم فإنه لا يقبله، وإن قبل فزوجته تطلق، إذا كان أراد هذا فإنه لم يقع عليه الطلاق، ولا صار إلا خير إن شاء الله. والمال أخذه غيره.
على كل حال الطلاق لم يقع في هذه الحال؛ لأنه لم يأخذ المال.
حضرت ذات يوم إلى البيت فوجدت زوجتي قد عملت عملاً أغضبني، فقلت لها: إذا جلست هذا اليوم في البيت أو بت فيه فأنت طالق، فخرجت بنفس اليوم، وغابت أسبوعاً ثم رجعت، فهل تطلق أم لا؟ وهل يلحقني كفارة؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب: إذا كان المقصود منعها من البقاء ذلك اليوم وتلك الليلة فقط، فإنها لا يقع شيء؛ لأنها نفذت وخرجت، ولم ترجع إلا بعد أسبوع.
أما إذا كان المقصود فراقها وليس المقصود هذا اليوم ولا هذه الليلة، بل المقصود: الفراق والطلاق، فهذا يقع الطلاق الذي أراده، ولا يقع به إلا طلقة واحدة، فإذا كان لم يسبقه طلقتان فله المراجعة ما دامت في العدة، هذا إذا كان أراد أن يقع الطلاق.
أما إذا كان إنما أراد منعها من ذلك اليوم، وتلك الليلة فقط فهذا نفذت، ولا يقع شيء.
كانت لي لحية أعفيتها، وبعد فترة من الزمن كلما واجهني أحد من أهلي ومعارفي استنكروا لحيتي هذه، ورموني بكلمات جارحة، وطلبوا مني تقصير لحيتي، وأنا مصمم على إبقائها وإعفائها، هل يجوز تقصيرها، أم أواظب على إعفائها وأضرب بكلامهم عرض الحائط؟
الجواب: الواجب عليك أن تستمر في إعفائها وإرخائها طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتثالاً لأمره، وأن تضرب بكلامهم الحائط، وأن تنكر عليهم كلامهم، وتذكرهم بالله، وأن هذا لا يجوز لهم، بل عملهم هذا في الحقيقة نيابة عن الشيطان، هم صاروا بهذا نواباً للشيطان يدعون إلى معاصي الله، نسأل الله العافية.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين)، ويقول (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس)، ويقول (وفروا اللحى).
فالواجب توفيرها، وإعفاؤها وإرخاؤها، وعدم طاعة الفسقة الذين يدعون إلى قصها أو حلقها، نسأل الله السلامة.
وهذا مصداق الحديث: أنه (يأتي في آخر الزمان شياطين يدعون إلى عصيان الله، وإلى ارتكاب محارم الله)، وكذلك ما في حديث حذيفة: لما سأله حذيفة عن الشر الذي يقع بعده عليه الصلاة والسلام، ذكر أنه يقع بعد ذلك في آخر الأمة (دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله! صفهم لنا؟ قال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا)، نسأل الله العافية.
فهذا وأضراب هؤلاء وأضرابهم من جنس من ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم من دعاة النار، فلا يجوز لمؤمن أن يقبل كلامهم، ولا أن يميل إليهم، بل يعصيهم ويخالفهم في طاعة الله ورسوله.
لنا عادة نحن وأسرتنا وأقاربنا: نقوم في كل سنة في عيد الأضحى المبارك ونجمع أضحيتنا ونجتمع عليها أيام التشريق، ونقتسمها فيما بيننا، وقد خالفتهم وضحيت بأضحيتي وقسمتها بنفسي، وأنا لم أقطع صلتي بهم، وأقوم بأداء واجبي تجاههم، فهل أواظب وأستمر معهم على الاجتماع على الأضحية، أم أنفرد بأضحيتي كما فعلت سابقاً؟
الجواب: السنة للمؤمن أن يضحي أضحية مستقلة عنه وعن أهل بيته، ولا يشرع تجمع الأقارب في أضحية واحدة، بل السنة لكل أهل بيت أن يضحوا، هكذا السنة.
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن أهل بيته بضحية، وعن أمة محمد بضحية أخرى، كان يضحي بضحيتين عليه الصلاة والسلام، كان يذبح كبشين أملحين أقرنين كل سنة، أحدهما عن محمد وآل محمد، والثاني: عمن وحد الله من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.
وقال أبو أيوب الصحابي الجليل رضي الله عنه قال: كان الرجل يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، ثم تباهى الناس بعد ذلك.
فالمقصود أن السنة: أن يضحي الإنسان بضحية واحدة عنه وعن أهل بيته، هكذا يأكلون ويطعمون.
أما تجمع الأقارب، وهم لهم بيوت، وهم ليسوا في بيت واحد، بل في بيوت يتجمعون في أضحية واحدة فلا، هذا خلاف المشروع.
أما إذا كانوا يسكنون بيتاً واحداً، وتعاونوا في الأضحية فلا بأس مثل: إخوة، مثل: بني عم في بيت واحد، مثل: إخوة وأعمام، وأعمامهم، أولاد وأخوالهم مجتمعون في بيت واحد حالهم واحدة فلا بأس تجزئهم ضحية واحدة.
أما في بيوت: هذا في بيت وهذا في بيت، وهذا في بيت، ويتجمعون في الأضحية لا، السنة خلاف هذا، السنة: أن كل أهل بيت يضحون أضحية واحدة.
هناك عادة عندنا في المآتم: إذا توفي أحد قاموا بالذبح لمدة أسبوع، وإذا حضر أحد بعد هذا الأسبوع أحضر معه ذبيحة، واستمروا في أكلها، وإذا تم العام للميت قاموا بذبح ذبيحة أخرى، فما حكم هذه العادة؟ أفادكم الله.
الجواب: هذه عادة سيئة، وبدعة لا وجه لها، كون يذبحون أيام الموت أسبوع أو أقل أو أكثر يجعلون مأتم يجمعون الناس على ذلك من أقاربهم أو جيرانهم. هذا لا أصل له.
بل السنة أنهم يبعث لهم طعام، السنة أن أقاربهم أو جيرانهم يبعثون لهم طعاماً مثل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأصحابه الذين قتلوا في مؤتة أخبر النبي بذلك الناس عليه الصلاة والسلام، وأمر أهله أن يبعثوا لآل جعفر طعاماً، قال: (اصنعوا لهم طعاماً؛ فقد أتاهم ما يشغلهم).
فالسنة أن أقارب الميت أو جيرانه يبعثون لأهله طعاماً؛ لأن قد شغلوا بالمصيبة تلك الأيام التي فيها حزن.
أما أنهم يجمعون الناس، ثم يجعلون طعاماً لهم ولجيرانهم فلا، هذا خلاف السنة.
قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: كنا نعد الاجتماع لأهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن كنا نعده من النياحة. فلا ينبغي هذا ولا يجوز، وهكذا على رأس الأربعين، أو رأس السنة، أو أقل أو أكثر، كله منكر لا وجه له.
في قريتنا بعض الناس يتزوجون بدون عقد بسبب صغر عمر الفتاة؛ لأن القاضي لا يوافق على تزويجهم إلا بعد بلوغها سن الرشد، لكنهم يتزوجون ولا يعقدون في المحكمة إلا بعد مجيء طفل أو طفلين أو ثلاثة، فهل هذا النكاح صحيح؟ وفقكم الله.
الجواب: ليس للزواج سن معينة بالنسبة إلى أب الطفلة، الأفضل يزوجها وهي صغيرة، أما أولياؤها فليس لهم أن يزوجوها إلا إذا كانت أهلاً للزواج من تسع فأكثر، هذا هو الذي ينبغي لهم، حتى لا يعرضوها لشيء خطر، وليس للزوج أن يطأها إذا كانت لا تتحمل الوطء، وإن تزوجها ليس له أن يجامعها إذا كانت لا تتحمل ذلك، وعليه أن يسأل العليمات من النساء بهذا الشيء، فإذا تحملت ذلك جاز له الاتصال بها بعد العقد الشرعي، وليس من شرط العقد الشرعي أن يكون في المحكمة، أو عند المأذون الشرعي، بل متى تزوجوا بالطريقة الشرعية بأن زوجها أبوها أو زوجها إخوتها وهي أهل لذلك فإن النكاح يكون صحيح، ولا بأس بدخول الزوج بها إذا رضيت بالزواج وزوجها وليها، وحضر الزواج شاهدان عدلان، فإن هذا زواج شرعي، الزواج يحضره أربعة: الولي، والزوج، والشاهدان، فإذا تزوج الإنسان بامرأة صالحة للزواج ليست في عدة، وليس هناك مانع من زواجها من قرابة ولا رضاعة، وحضر العقد شاهدان عدلان، وصدر من الولي أجزأ وصح.
لكن كونهم عند طالب علم مأذون أو غيره يبصرهم ويوجههم ويعلمهم يكون هذا هو الأحوط لهم حتى لا يقعوا في مشكلة وفي غلط.
والأولياء ينبغي لهم أن ينظروا للمرأة فلا يزوجوها إلا إذا كانت أهلاً للزواج من تسع فأكثر، والزوج يرفق ويتأمل، ويستشير النساء الفاهمات لمثل هذه الأمور، فإذا كانت الزوجة تتحمل اتصل بها وجامعها بعد العقد الشرعي.
وأما الأب فله أن يزوجها وهي دون التسع إذا رأى المصلحة، لكن ليس له إدخالها على الزوج إذا كان يخشى عليها من الزوج حتى تكون محتملة لجماعه واتصاله بها.
إن والدها يسرق ويكذب ويحقد على الناس ويذمهم بدون سبب، فيعمل المنكرات، ويهمل الصلاة، لا يؤديها بصورة صحيحة، ويؤخرها عن وقتها، ويؤديها بسرعة مذهلة، وأحياناً يجمعها بدون عذر، فما جزاء ذلك؟ أدامكم الله.
الجواب: هذا جمع شراً كثيراً -نسأل الله العافية- الواجب أن يناصح ويعلم ويوجه من أهل العلم، ومن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويناصحه أقاربه العارفون لعل الله يهديه.
أما عمله هذا فمشتمل على منكرات، فالكذب والسرقة منكران عظيمان -نسأل الله العافية- وترك الصلاة كفر أكبر، وردة عن الإسلام، نعوذ بالله.
وإذا صلاها وهو ينقرها ولا يطمئن فيها فهي باطلة.
فالحاصل: أن هذا يجب أن يرفع بأمره، ينصح أولاً من جيرانه وأقاربه، ويوجه ويعلم، فإن استقام وإلا يرفع بأمره إلى الهيئة في بلده حتى يوجهوه وحتى يؤدبوه إذا قصر فيما يجب عليه، ولا ينبغي السكوت، بل لا يجب السكوت عن مثل هذا، بل يجب أن يناصح ويعلم ويوجه، وينكر عليه عمله السيئ، فإن أصر ولم يبال رفع بأمره إلى الهيئة، أو إلى المحكمة، حتى تنظر في أمره، وحتى تعاقبه بما يردعه عن أعماله السيئة، إذا ثبت عليه ما ذكره السائل.
إن أعمامي كانوا يصلون لكنهم عندما بلغوا سن الخامسة عشرة تركوا الصلاة إلا والدي، ولكنه كما ذكرت لكم لا يؤديها بصورة صحيحة، ويذمون الناس، ولا يقابلونهم بالاحترام، ونحن لا نذهب إلى بيوتهم إلا في بعض المناسبات، وأحياناً لا نسلم عليهم، فهل نعتبر قاطعي رحم؟
الجواب: إذا كان الحال ما ذكر فلا ينبغي أن يزاروا، ولا ينبغي أن تجاب دعوتهم، ولا يكون ترك زيارتهم قطعاً للرحم؛ لأنهم ليسوا أهلاً للزيارة؛ لتركهم الصلوات، وتعاطيهم ما حرم الله من الأعمال المنكرة، فالواجب أن ينصحوا، ويوجهوا إلى الخير، ويحذروا من هذه الأعمال السيئة؛ فإن تابوا، واستقام أمرهم، وصلحت حالهم زارهم أقرباءهم، وأجابوا دعوتهم، والحمد لله، وإلا وجبت مقاطعتهم حتى يستقيموا.
يوجد لدينا عادة في الميراث، تقول: إن الأخ يعصب أخاه في الميراث، ولدينا أخوان لأب اشترى أحدهما مال أخيه كاملاً، ثم بعد ذلك مات المشتري، وخلف بعده بنتان، فهل يصح لأخيه البائع أن يأخذ من مال أخيه المشتري الميت مع العلم أنه ترك ابنتين؟
الجواب: هذه عادة شرعية ما هي بمنكرة، العاصب يرث إذا لم يوجد من هو أقرب منه، فالعصبة لهم ورث إذا لم يوجد من هو أقرب منهم من قريبهم، وإذا كان الميت خلف ابنتين وأخاه البائع وهو أخوه من أبيه أو أخوه من أبيه وأمه، فإنه يرث الباقي، يعطى البنات الثلثين والباقي يكون لأخيه عصباً، الذي باع عليه المال يكون له باعه بالوجه الشرعي، ثم مات وورثه بالوجه الشرعي.
فالبنتان يعطيان الثلثين من ثلاثة أسهم، والباقي سهم واحد لأخيه من أبيه، أو أخيه من أمه وأبيه، فإن كان أخوه ليس من أبيه وأمه، بل من أمه فقط فلا يرث، أخوه من أمه لا يرث مع البنات، البنات يحجبونه، إذا كان أخاً من أم.
إما إذا كان أخاً من أبيه وأمه أو من أبيه فقط فإنه يأخذ الباقي بعد البنات، وهو الثلث عصباً من المال الذي باع عليه أو من غيره من الأموال أموال أخيه.
المقدم: جزاكم الله خير، وبارك الله فيكم.
بهذا أيها الإخوة المستمعون الكرام! نأتي إلى ختام هذه الحلقة والتي استعرضنا فيها رسائل الإخوة صبحي محمد مصري يعمل بأبو ظبي، والأخ عز الدين محمد عبد القادر من القصيم بريدة، والأخ السائل: سعد حسين الحربي من الجموم وادي فاطمة، والسائلة: (ق، ش، م، ص) من العراق، وأخيراً رسالة السائل: هزاع محسن الحارثي قرية البورة بني حارث.
نشكر لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ما تفضل به، ونشكر لكم حسن متابعتكم، ونلفت انتباه الإخوة الذين يكتبون إلينا بمراعاة العناوين، ومن أراد منهم أن يخصص أحد أصحاب الفضيلة بسؤاله فالرجاء أن يذكر اسم صاحب الفضيلة أي شيخ يريد على خارج الظرف، تسهيلاً لفرز الرسائل، وإرسالها إلى أصحاب الفضيلة. شكراً لكم.
ولكم تحية: من الزميل منصور الصنعاوي ! والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر