إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (967)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    أيها الإخوة في الله! السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

    نحييكم بتحية الإسلام الخالدة التي نستهل بها لقاءنا المتجدد مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    والذي يسعدنا أن نلتقي به، وأن يكون ضيف لقائنا في هذه الحلقة من البرنامج؛ ليتولى سماحته الإجابة على رسائلكم التي تحمل أسئلتكم واستفساراتكم.

    ونرحب باسم السادة المستمعين بسماحة الشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم!

    ====السؤال: هذه أول رسالة في البرنامج من الأخ الذي بعث هذه الرسالة من جمهورية مصر العربية من محافظة قنا، الاسم أحمد مدني محمد محمود، يقول في سؤاله الأول:

    ما حكم الإسلام في تنظيم النسل؟ ومتى نشأت هذه الفكرة؟ ومن أول من فكر فيها؟ ولماذا؟ أرجو إفادتي بالدليل القاطع من الكتاب والسنة؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن مسألة تنظيم النسل كلمة مجملة قد تحتمل أنواعاً من التفسير، والذي نفهمه من تنظيم النسل: العناية بأسباب الحمل في وقتها على وجه لا يضر المرأة، ولا يسبب لها متاعب كثيرة، وذلك بأن تتعاطى بعض الأدوية التي تمنع الحمل في وقت ما؛ لمصلحة الحمل، أو لمصلحة المرأة، أو لمصلحتهما جميعاً؛ فهذا يسمى تنظيم النسل بتعاطي الأدوية والأسباب التي تعين على تنظيم النسل، وذلك بأن تكون مريضة لا تتحمل الحمل في كل سنة، أو يكون هناك أسباب أخرى تقتضي عدم حملها في كل سنة يقررها الأطباء، أو تكون عادتها أن تحمل هذا على هذا، كلما خرج فيها النفاس حملت بإذن الله؛ فيشق عليها تربية الأطفال والعناية بشئونهم؛ فتتعاطى بعض الأدوية حتى لا تحمل إلا بعد وقت، كأن تحمل بعد سنة أو بعد سنتين من أجل مراعاة الأطفال وتربية الأطفال والعناية بشئونهم.

    وهذا لا حرج فيه إذا كان للمصلحة المذكورة، بأن تكون تحمل هذا على هذا؛ فلها أن تأخذ بعض الأدوية ليكون هناك فصل بين الولدين، كسنة أو سنتين مدة الرضاع؛ حتى تستطيع القيام بالتربية المطلوبة.

    كما يجوز للرجل أن يعزل عنها للمصلحة، وهكذا تعاطي بعض الأدوية للمصلحة، وهكذا إذا كان يضرها الحمل لمرض بها أو في رحمها؛ فيقرر الطبيب المختص أو الأطباء أو الطبيبات المختصات بأن حملها كل سنة أو كل سنتين يضرها؛ فتتعاطى بعض الأدوية التي تجعلها تحمل بعد سنتين أو بعد ثلاث من أجل هذا المرض.

    أما ما قد يفسر به تنظيم النسل بأنها تتعاطى أدوية تمنع الحمل بعد ولدين أو بعد ثلاثة أو بعد أربعة؛ هذا ليس بتنظيم، ولكنه قطع للنسل، وحرمان للزوجين من النسل، وهذا لا يجوز؛ لأن الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بالحث على تعاطي أسباب الولادة، وكثرة النسل للأمة، كما في الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، وفي لفظ: (الأنبياء يوم القيامة)، فهذا يدلنا على أن كثرة النسل أمر مطلوب؛ لما فيه من تكثير عباد الله الصالحين، وتكثير أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وتكثير من يعبد الله ويدعوه ويستغيث به ويبادر إلى طاعته وينفع عباده، فهذا لا يسمى تنظيماً، ولكنه قطع للنسل فلا يجوز.

    وهكذا تعاطي الأدوية التي تمنع الولد إلا بعد مدة طويلة أمر لا يجوز؛ لأن هذا يشبه القطع، وإنما يتقيد ذلك بحسب الحاجة والضرورة كما تقدم من مرضها أو مرض رحمها، أو حملها هذا على هذا حتى لا تستطيع التربية، هذه الأسباب التي تقتضي التنظيم، والله المستعان.

    المقدم: يضيف الأخ أحمد مدني ويقول:

    إذا كان تنظيم النسل جائز نظراً للغلاء وضيق المعيشة، فهل يتماشى مع قول الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ [الإسراء:31]، وقوله تعالى: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [الذاريات:22]؟ أفيدونا أفادكم الله!

    الشيخ: أما إن كان تنظيم النسل من أجل سوء الظن بالله.. من أجل خوف العجز عن المعيشة هذا لا يجوز، للآيات التي ذكرها السائل، فلا يجوز أن يتعاطى الرجل والمرأة أسباب تنظيم الحمل من أجل خوف العجز عن المعيشة؛ فإن كل إنسان يأتي ورزقه معه، الرزق على الله عز وجل، هذا يشبه حال الجاهلية الذين قتلوا أولادهم خشية إملاق، فلا يجوز، تنظيم النسل من أجل خوف ضيق المعيشة هذا لا يجوز.

    المقدم: ويضيف الأخ أيضاً في سؤاله الأول:

    إذا كان جائز نظراً لأنه ليس مخلقاً -يعني: الطفل- فهل يتماشى مع قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ [الواقعة:58-59]، وقوله تعالى: يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49]، وإذا كان جائزاً أيضاً لصحة الأم أرجو الإثبات بالدليل القاطع.

    الشيخ: أما إسقاط الولد فهذا شيء آخر.. بحث آخر، المعروف عند أهل العلم تحريم ذلك إلا في الأربعين الأولى؛ لأنه نطفة، والنطفة يجوز صرفها عن الرحم بالعزل، وهكذا بالأدوية الأخرى، فلا بأس بعلاج إسقاط النطفة في الأربعين الأولى، كالعزل عند جمع من أهل العلم، والحجة في ذلك أنه كما جاز العزل جاز إسقاط النطفة للمصلحة التي يراها الزوجان، ولا بد من اتفاقهما على هذا، كما يتفقان على العزل هكذا يتفقان على إسقاط الحمل في الأربعين الأولى للمضرة التي رأياها، أو المصلحة التي رأياها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088529353

    عدد مرات الحفظ

    777149927