أيها الإخوة في الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحييكم بتحية الإسلام الخالدة، التي نستهل بها لقاءنا المتجدد مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والذي يسعدنا أن نلتقي به وأن يكون ضيف لقائنا في هذه الحلقة من برنامج نور على الدرب، ليتولى سماحته الإجابة مشكوراً على رسائلكم التي تحمل أسئلتكم واستفساراتكم.
ونرحب باسم السادة المستمعين بسماحة الشيخ: عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
====السؤال: الرسالة الأولى في البرنامج وردت من المستمع (ع. ع. المولد) من مكة المكرمة تحتوي رسالة الأخ (ع. ع. المولد) على سؤالين: السؤال الأول يقول فيه:
ما الحكم الشرعي في قراءة الإنسان من المصحف الشريف وذلك في صلاة التراويح في رمضان، أو صلاة قيام الليل في غير رمضان، أو في صلاة الكسوف، وذلك بأن يقف الإنسان للصلاة ومعه المصحف الشريف ويقرأ منه السور الطوال التي لم يتمكن من حفظها عن ظهر قلب، وفي أثناء سجوده يضع المصحف على الأرض أو على طاولة تكون قريبة منه، وعند قيامه يأخذ المصحف بيده ويقرأ، وهكذا إلى أن ينتهي من صلاته؟ هل يجوز ذلك أيضاً في صلاة الفريضة؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلا حرج على المؤمن أن يقرأ من المصحف إذا دعت الحاجة إلى ذلك في التراويح أو في قيام الليل، أو في صلاة الكسوف؛ لأن المقصود أن يقرأ كتاب الله في هذه الصلوات، وأن يستفيد من كلام ربه عز وجل، وليس كل أحد يحفظ القرآن أو يحفظ السور الطويلة من القرآن، فهو في حاجة إلى أن يسمع كلام ربه، وأن يقرأه من المصحف، فلا حرج في ذلك.
وقد كانت عائشة رضي الله عنها يصلي بها مولاها ذكوان في رمضان من المصحف، يقرأ من المصحف، ثم الأصل جواز ذلك، وليس مع من منع حجة، وقد رأى بعض أهل العلم منع ذلك ولكن بدون دليل، والصواب أنه لا حرج في ذلك في صلاة التراويح وصلاة الليل وصلاة الكسوف، كل هذا لا حرج فيه، حتى الفريضة لو دعت الحاجة إلى ذلك، لا بأس، لكن الحاجة في الغالب لا تدعو إلى هذا في الفريضة؛ لأن الفريضة يقرأ فيها بالسور القصيرة بالفاتحة وبغيرها من السور، فالغالب أن الإمام لا يحتاج إلى ذلك، لكن لو احتاج إلى أن يقرأ من المصحف فلا حرج، والحمد لله.
ثم أيضاً يلاحظ أن السنة والأفضل أن يوضع على كرسي شيء مرتفع، يكون حول المصلي يضعه عليه، فإذا قام من السجود أخذه، لا يضعه على الأرض؛ لأن احترامه متعين، فإذا تيسر كرسي أو شيء مرتفع وضعه عليه، أما إذا ما تيسر شيء، فلا بأس أن يضعه على الأرض النظيفة الطيبة.
ما الحكم الشرعي في تغطية المرأة لوجهها وذلك أثناء قيامها بأداء فريضة الحج، أو قيامها بأداء العمرة، وخاصة ونحن في زمن كثرت فيه الفتن بين الرجال والنساء، وأصبح غض البصر في هذا الزمان شيء نادر في الأجنبيات؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: قد تنازع العلماء في حكم الحجاب للوجه والكفين بين أهل العلم، ولكن الصواب الذي لا شك فيه أن الواجب على المرأة هو الحجاب مطلقاً حتى في الحج والعمرة، أما قوله صلى الله عليه وسلم في حق المرأة الحاجة: (ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)، فهذا معناه: أنها لا تلبس شيئاً معداً للوجه، مخيطاً للوجه، مثلما أنها لا تلبس القفازين؛ لأنهما مخيطان، ومثلما أن الرجل لا يلبس الخفين ولا القميص ولا السراويلات، وله أن يغطي بدنه بالرداء والإزار، فهكذا المرأة، لها أن تغطي وجهها بالخمار ولا تغطيه بالنقاب المخيط على الوجه وهو البرقع والنقاب.
كما أنها تغطي يديها بردائها وبعباءتها وغير ذلك، ولا تغطيهما بالقفازين وهما مخيطان على قدر اليدين، فرق بين هذا وهذا، فالمرأة لا تلبس الشيء المعد للوجه والمخطط للوجه؛ لأنه يشبه القميص للرجل، لكن عليها أن تغطي وجهها في الإحرام عند الرجال بالخمر، قالت عائشة رضي الله عنها: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فإذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا خمارها من على رأسها على وجهها، فإذا بعدنا كشفنا)، هذا هو الواجب، عند وجود الرجال أو قرب الرجال يجب الستر بالخمار ونحوه مما يستر الوجه، وإذا بعد الرجال عن النساء جاز الكشف، وهكذا في خيمتها مع نسائها ومع محارمها وفي بيتها تكشف، ولكن عند الرجال يجب أن تحتجب، سواء كانت حاجة أو معتمرة، أو في غير الحج والعمرة، هذا هو الحق وهذا هو الصواب.
والحجة في هذا أدلة كثيرة، منها قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، ومنها قوله سبحانه: لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31]، الآية.
هذا عام، يعم الحج وغيره، ثم ما قد علم في سبب نزول الآية في قصة الإفك، قالت عائشة رضي الله عنها لما سمعت صوت صفوان بن المعطل قالت: فلما سمعت صوته خمرت وجهي، وكان قد رآني قبل الحجاب. فدل ذلك على أنهن قبل الحجاب يكشفن وجوههن، وبعدما نزلت آية الحجاب كن يخمرن وجوههن، وهذا صريح في الموضوع، ومنها ما ذكره السائل من كثرة الفتن ووجود الفتنة بالنساء إذا كشفن، وقلة الغض من الرجال، هذا معنىً آخر كثر في هذا الزمان، وإن كان موجوداً في كل زمان، لكن في هذا الزمان؛ لضعف الدين وغلبة الجهل وقلة الوازع الإيماني والسلطاني وقع الشر الكثير من النساء بالتبرج وإظهار المحاسن والفتنة، ومن الرجال بالتعرض لهن وعدم الحياء وعدم غض البصر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هل يجوز تلاوة القرآن وبصوت مرتفع جماعة سواء في المساجد أو في البيوت، وكذلك التهليل والتسبيح والتكبير، فإن كان ذلك غير ممكن هل هناك من حديث للدلالة على ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: رفع الصوت بقراءة القرآن فيه تفصيل:
إن كان رفع الصوت بالقراءة لجماعة يستمعون وينصتون في المسجد أو في البيت أو في أي مكان، فهذا مشروع ومطلوب، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على أصحابه القرآن وهم يستمعون، وقال مرة لـعبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (اقرأ علي القرآن، فقال له
أما إن كان رفع الصوت لا لأناس يستمعون كما يفعل بعض الناس في الصف في المسجد، فلا ينبغي هذا؛ لأنه يشوش على المصلين وعلى القراء، بل السنة والواجب أن يقرأ قراءة منخفضة، لا تؤذي الناس ولا تشوش عليهم، يخفض صوته ولا يفعل شيئاً يشوش على المصلين أو القراء.
والحجة في هذا ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه خرج ذات يوم على ناس في المسجد يقرءون وكانوا يرفعون أصواتهم، فقال: لا يجهر بعضكم على بعض، كلكم يناجي الله)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فنهاهم أن يجهر بعضهم على بعض؛ لما فيه من الأذى.
وأما الذكر، فهذا مشروع بعد الصلوات، كل واحد يرفع صوته بالذكر من غير تكلف ومن غير شدة، يسمعه من حوله، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته)، هذا يدل على أنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالذكر بعد السلام حتى يسمع الناس خارج المسجد أن الصلاة قد انتهت، فهذا هو السنة حتى يتعلم الجاهل ويتذكر الناسي، ويكون من الجميع.
أما أن يرفع واحد صوته ويتبعه الناس بالصوت صوت واحد جميعاً صوتاً جماعياً، فهذا خلاف الشرع، لا في القراءة ولا في الذكر، كونه يقرءون بصوت جماعي، أو يذكرون الله بصوت جماعي بعد السلام، هذا لا أصل له، وليس من دين الإسلام فيما نعلم، ولا نعلم له أصلاً في قراءة الصحابة ولا من بعدهم من أهل العلم، وإنما قد يفعل هذا في مقام التعليم للصبيان الصغار؛ ليتمرنوا على إلقاء تجويد القرآن وإلقاء الصوت الحسن به، فهذا قد يغتفر للصبيان في المدارس في الكتاب؛ ليتعلموا ويعتادوا حسن الصوت بالقراءة وضبط الكلمات وما قاله الأستاذ لهم، فهذا من باب التعليم فقط للصبيان في المدارس، فهذا قد يغتفر، وقد يعفى عنه، أما بين الناس في البيوت وفي المساجد فلا يشرع هذا، بل كل واحد يقرأ لنفسه، أو يقرأ ويستمع له إخوانه وينصتون له، أما أن يقرءوا جميعاً بصوت جماعي فهذا لا نعلم له أصل، وهكذا في الذكر.
كم ركعة كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد صلاة الجمعة؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في البيت، هكذا جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، كان يصلي ركعتين بعد الجمعة في بيته، لكن قال صلى الله عليه وسلم: (من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل بعدها أربعاً).
قال العلماء: الجمع بين الحديثين: أنه إن صلى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، جمعاً بين النصين، والقول آكد من الفعل.
وقال آخرون: بل هذا يدل على أن السنة أربع لمن كمل الراتبة، ومن اكتفى بثنتين فلا بأس، فأقلها ثنتان، وأكملها أربعاً، وكلا القولين غريب، والأقرب والله أعلم: أنه إن صلى ركعتين في بيته اكتفى بهما تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى في المسجد صلى أربعاً عملاً بظاهر السنة التي قالها عليه الصلاة والسلام ورواها مسلم وغيره.
فيصلي أربعاً في المسجد، وإن صلى في البيت صلاها ثنتين، هذا هو الأقرب والأظهر والله أعلم، وإن صلى في البيت أربعاً فلا بأس، الأمر في هذا واسع والحمد لله؛ لأن الحديث عام، قال: (صل بعدها أربعاً) ما قال في المسجد، فإذا صلاها في البيت أربعاً فلا بأس، لكن بالنظر إلى فعله صلى الله عليه وسلم وهو لم يحفظ عنه أنه صلاها في البيت أربعاً، يظهر منه ويغلب على الظن أنها في البيت أفضل اثنتان، تأسياً به صلى الله عليه وسلم.
وإذا فعلها في المسجد صلى أربعاً تكون الثنتان الزائدتان جبراً لما فات من فضل الصلاة في البيت؛ لأن السنة أن تكون الرواتب في البيت، والتطوع في البيت هذا هو السنة، هذا هو الأفضل، فلما صلاها في المسجد جبرها بركعتين أخريين حتى ينجبر النقص الذي حصل بفعلها في المسجد، فتكون أربعاً في المسجد، وثنتان في البيت، والله تعالى أعلم.
كيف تؤدى صلاة قيام الليل؟ هل مثنى مثنى أم رباعية بتسليم واحد؟ وهل سراً أم جهراً؟ وكم عدد ركعاتها؟ وإن كانت رباعية هل يقرأ المصلي بعد الفاتحة من كل ركعة سورة أخرى؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: السنة مثنى مثنى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، فالسنة أن يصليها ثنتين ثنتين، لفعله صلى الله عليه وسلم.
والسنة الجهر بالقراءة مع التدبر والتعقل وعدم العجلة، هكذا السنة، والأفضل فعل النبي صلى الله عليه وسلم: إحدى عشر ركعة، أو ثلاثة عشر ركعة، هذا أكثرها من جهة الفضل، وإن صلى عشرين أو أربعين أو مائة فلا بأس؛ لأنه صلى الله عليه وسلم: (لما سئل عن صلاة الليل قال: مثنى مثنى)، ولم يحددها بعدد معين.
فدل ذلك على أن من صلى عشرين كالتراويح في رمضان أو صلى أكثر أو أقل فلا بأس، لكن أفضلها فعله صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر أو إحدى عشرة، هذا أكثر ما فعله عليه الصلاة والسلام، وإن أوتر بخمس سردها جميعاً أو ثلاثاً سردهما جميعاً فلا بأس، كل هذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام، أو أوتر بسبع سردها فإنه يجلس في السادسة ويتشهد التشهد الأول ثم يقوم ويأتي بالسابعة ويكمل، وإن أوتر بتسع جميعاً جلس في الثامنة، وتشهد التشهد الأول، ثم قام وأتى بالتاسعة، كل هذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام.
لكن الأفضل في هذه الأنواع أن يصليها ثنتين ثنتين، ثم يوتر بواحدة مفردة، والأفضل أن يكون في آخر الليل إذا تيسر، فإن لم يتيسر صلاها في أول الليل أو في وسطه، الأمر في هذا واسع والحمد لله.
إذا كان المرء يصعب عليه حفظ القرآن ولكن يتلوه في المصحف حسب مقدرته ولو متعتعاً في قيام الليل ووصل إلى آخر سورة أو حزب ما، وأراد أن يأتي بركعات يتلو فيها ما يحفظ من سور قصيرة، وبعد التسليم يستأنف قراءته في المصحف، هل هذا جائز أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً ودمتم لخدمة الإسلام والمسلمين، وأرجو منكم إن أمكن إن كانت هناك كتب تشرح مثل هذه الأسئلة فأرشدونا إليها، وجزاكم الله خيراً.
الجواب: كل ما ذكره السائل طيب، كله حسن، فإن قرأ من المصحف ولو متتعتعاً فلا بأس، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، ومن قرأ القرآن وهو عليه شاق ويتتعتع فيه فله أجران)، فهذا من رحمة الله وفضله سبحانه وتعالى، فالإنسان إذا قرأ القرآن وتعلم وصبر ولو تتعتع فإنه يزداد علماً ويزداد بصيرة، وإذا قرأه في بعض الركعات بالسور القصيرة التي يحفظها وفي بعض الركعات من المصحف، كل هذا لا بأس به.
وإذا قرأ من المصحف في بعض الركعات ثم قرأ في الركعات الأخرى من القصار ثم استأنف القراءة من المصحف بعد الصلاة، كل هذا طيب، كله حسن والحمد لله.
والكتب التي تذكر مثل هذا كثيرة، منها كتاب: آداب المشي إلى الصلاة للشيخ: محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فإنه كتاب جيد مفيد، ومنها: زاد المعاد لـابن القيم في هدي خير العباد، ذكر كثيراً من هذا رحمه الله، وكتب أخرى في الفقه كثيرة، لكن هذان الكتابان من أحسن الكتب.
كيف تؤدى صلاة الشفع والوتر؟ وهل يجوز تأخيرها إلى منتصف الليل؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: الأفضل أن تؤدى الشفع ركعتين يسلم منهما، والوتر واحدة، وإن سرد ثلاثاً جميعاً بسلام واحد، سردها ولم يجلس إلا في الثالثة فلا بأس، أو سرد خمساً جميعاً ولم يجلس إلا في الخامسة فلا بأس، كل هذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ولكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، وله أن يصليها في أول الليل أو في منتصف الليل أو في آخر الليل، وأفضلها آخر الليل، ووسط الليل جيد أيضاً ومن أسباب الإجابة في جوف الليل، وإن صلاها بعد العشاء في أول الليل كل هذا لا بأس به، فهي سنة بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.
الجواب: إذا كانوا لا يؤدون الصلاة فليس لك محبتهم، ولا يجوز لك محبتهم في الله؛ لأن هؤلاء ظاهرهم الكفر، من ترك الصلاة كفر، والكافر لا يحب بل يبغض في الله سبحانه وتعالى، وليس لك أن تبقي معهم، إلا إذا كان أمراً ضرورياً فتنصحيهم، عليك أن تنصحيهم دائماً، وتخوفيهم من الله، وتقولي لهم: اتقوا الله يا ناس، صلوا، حافظوا على الصلوات، خافوا الله، راقبوا الله، تستعيني بمن حولك من أقاربهم؛ كأبيهم أو جدهم أو أعمامهم.. أو نحو ذلك، حتى يعينوك على نصيحتهم وتوجيههم إلى الخير، فإذا أصروا على ترك الصلوات هؤلاء لا خير فيهم، قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).
فالذي يضيع الصلاة قد ضيع دينه، فلا تبقي معهم مهما استطعت، ولو انتقلت إلى بيت وحدك إن استطعت أو إلى بعض أقاربك الطيبين، هذا هو الذي ينبغي لك حسب الطاقة، والله المستعان.
أصلي صلاة الضحى وأنتظر صلاة الظهر، ولكن يغالبني نعاس، فهل ينتقض وضوئي أم لا؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب: النعاس لا ينقض الوضوء، ما دام نعاس ليس معه ذهاب الشعور فالوضوء لا ينتقض، إلا إذا غلب النوم وزال الشعور واشتد النعاس حتى صار نوماً يزول معه الشعور فإن النوم ينقض الوضوء حينئذ، وعليك أن تعيدي الوضوء.
لكن ما دام نعاساً تسمعين الناس وتعقلين ما يقول بعض من حولك، وليس هناك نوم كامل، فإن هذا النعاس لا يبطل الوضوء.
أصلي وأنا أدافع الريح، فهل تجوز صلاتي أم لا؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب: إذا كانت المدافعة كثيرة شديدة فلا ينبغي هذا ولا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان)، ومدافعة الريح من جنس الأخبثين، الأخبثين البول والغائط، ولما كان البول والغائط هما الغالب اللذان يحصل بهما المشقة نبه عليهما النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حكمهما الريح، إذا اشتدت حتى صارت تشغلك عن الصلاة وتشوش عليك صلاتك وتمنعك من الخشوع، فاقطعي الصلاة واستريحي من هذه الريح وتوضئي وضوءاً جديداً.
أما إذا كان هذا شيء مستمر وعادة مستمرة فتحملي وتصبري وصلي ولو دافعتي الريح؛ لأن هذا شيء مستمر، كصاحب السلس الذي يصلي على حسب حاله، وكالمستحاضة التي معها الدم الدائم، تصلي على حسب حالها، إذا دخل الوقت تتوضأ إذا دخل الوقت وتصلي على حسب حالها.
فهكذا أنت إذا كانت الريح معك دائماً وشاقة عليك فصلي على حسب حالك، لكن لا توضئي إلا إذا دخل الوقت، توضئي ثم صلي على حسب حالك.
أما إذا كانت تعرض، ليست دائمة، تعرض، فإذا عرضت لك خفيفة فصلي، أما إذا اشتدت معك جداً فاقطعي الصلاة واستريحي منها وتوضئي ثم صلي وأنت خاشعة مطمئنة.
ما حكم تأخير صلاة العشاء حتى الساعة السادسة بالتوقيت الغروبي، أي: بعد منتصف الليل؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب: لا يجوز تأخير صلاة العشاء عن وقتها؛ لأن وقتها نصف الليل، إذا كان الليل عشر ساعات فوقتها ينتهي بمضي الخمس الأولى، فالواجب أن تصلى في النصف الأول، ولا يجوز تأخيرها إلى شيء من النصف الأخير، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وقت العشاء إلى نصف الليل)، فلا يجوز تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل.
هل يجوز للمسلم أن ينوي نيتين في آن واحد؛ كأن ينوي أن تكون الصلاة نفلاً إلا إن كان قد أخطا في صلاة فرض أو يفعل ذلك بالحج أو الزكاة؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: لا نعلم لهذا أصلاً، بل الأصل السلامة والعافية، فهو ينوي الصلاة التي يصليها كما أراد، سنة الظهر سنة المغرب سنة العشاء سنة الضحى، ويدع عنه الشكوك التي أشار إليها، فالأصل السلامة والحمد لله، ولا نعلم لهذا أصلاً أنه ينوي نيتين.
الجواب: ما دمت تحرص على إخراجها؛ فإن عدم خروجها إذا غلبتك أو لم تبرز لا يضر صومك، إنما يضر صومك إذا أخرجتها ثم ابتلعتها بعد ذلك عمداً، أما إذا كان هذا الشيء يغلبك، يعني أنت تريد إخراجها ولكن قد تغلبك فلا تخرج وتذهب إلى جوفك فلا يضرك ذلك.
وهكذا لو حاولت إخراجها فلم تخرج لا يضرك ذلك.
أنا حريص على أن أقرأ كتباً عن الفرق الضالة كالشيعة والصوفية وغيرها، لكن للأسف لم أجدها في المكتبة المدرسية، فأرجو أن تدلوني على بعض الكتب على مستوى المرحلة المتوسطة، ولكم الأجر.
الجواب: هناك مؤلفات في الشيعة والفرق مثل عقيدة السفاريني وشرحها، ومثل: العقد الثمين للشيخ حسين بن غنام، وهناك كتب مختصرة في الفرق وفي بيان الفرق، يمكن بعدما ترتفع عن المرحلة المتوسطة يكون إن شاء الله المطالعة لها؛ لأنك إذا راجعتها الآن قد تشق عليك، وقد تلبس عليك وتشوش عليك، فننصحك أن تعرض عنها إلى أن ترتفع بالمعلومات، ثم تنظر الكتب التي تشرحها مثل: التحفة الاثنى عشرية، مثل: الفرق بين الفرق عبد القاهر البغدادي ومثل غيره من الكتب، مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، كتب ابن القيم ، يعني: الكتب المهمة التي تشرحها وتبين أحكامها، مثل: الفصل لـابن حزم والملل والنحل للشهرستاني في بيان عقائد الفرق، هذه كتب كبيرة وفي إمكانك إن شاء الله إذا ارتفعت في الدراسة تراجعها.
امرأة أرضعت غير ابنها عدة رضعات دون إذن زوجها فهل تأثم؟ وهل تكون أماً للولد بذلك؟ علماً أنها لا تعرف مقدار الرضعات هل هي خمس أم أكثر أم أقل؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: الأولى للمؤمنة ألا ترضع أحداً إلا بإذن أهل الولد وبإذن زوجها؛ لأن هذا قد يضر ولدها أيضاً، فالأولى بها والأحوط لها ألا ترضع أحداً إلا بالإذن، إلا إذا كان زوجها في الغالب يرضى بهذا، أو كان فيها لبن كثير والحاجة ماسة إلى نفع جيرانها وأقربائها، فلا بأس إن شاء الله؛ لأن مثل هذا إن لم يبذل أريق، فلا يضرها، لكن لا ترضع أولاد الناس إلا بإذنهم؛ لأن هذا قد يمنع من الزواج بعد حين، فالأولى بها ألا ترضع أولاد الناس إلا بإذنهم.
والرضاع إذا كان أقل من خمس لا يعد لا يعتبر، فإذا شكت المرضعة هل هو أربع أو خمس أو ثلاث، لا يكون عليه عمل حتى تجزم بأنه خمس رضعات معلومات، والرضعة إمساك الثدي وابتلاع اللبن ومصه ثم ترك الثدي، هذه واحدة، فإذا عاد وارتضع، صارت ثانية.. وهكذا.
هل الاستماع إلى القرآن من أجهزة الراديو والإنسان في الحمام يأثم به على الاستماع أم غير ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: لا حرج في ذلك، كونه يستمع إذا كان القارئ خارج الحمام، إذا كان الصوت مسجلاً خارج الحمام، أو المذياع خارج الحمام، وهو يستمع لقرآن أو لأحاديث مفيدة، وهو على حادث فلا بأس به، إنما المكروه أن يتكلم أو يقرأه، أما كونه يستمع من مسجل خارج الحمام، أو إذاعة خارج الحمام ليستفيد في هذه الفرصة فلا بأس، وقد ذكر بعض الأئمة، وأظنه أبا العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن جده المجد أنه كان يأمر بعض القراء أن يقرأ خارج الحمام وهو في الحمام؛ ليستمع حتى لا تضيع عليه فرصة وقت وجوده في الحمام، وهذا من الحرص العظيم على سماع العلم.
فالمقصود أن طالب العلم إذا استمع للعلم أو إلى القرآن وهو في الحمام من المذياع الذي خارج الحمام أو مسجل خارج الحمام فلا بأس.
المقدم: أحسن الله إليكم، أيها الإخوة في الله! باسمكم جميعاً، نشكر سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر