هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: (نور على الدرب).
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة الأخت المستمعة (س. م. م) من الرياض.
أختنا عرضنا جزءاً من أسئلتها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة بقي لها عدد من الأسئلة، فنعرض أولاً هذا السؤال، تقول: ما رأيكم فيمن يريد صيام يوم الخامس عشر من شعبان معتمداً على قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرفع أعمال السنة في هذا اليوم)؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الحديث الذي ذكرته السائلة لا أساس له من الصحة، ولا يشرع تخصيص يوم النصف من شعبان بصوم ولا بأي عمل، وهكذا ليلة النصف لا تخص بشيء، والأحاديث التي وردت في ذلك ما بين ضعيف وبين موضوع ليست صحيحة.
الجواب: نصيحتي لكل مسلم ولكل مسلمة الإقبال على القرآن العظيم، والإكثار من تلاوته؛ فهو يزيد الإيمان ويزيد التقوى، ويحصل به الهدى والثبات، كما قال الله عز وجل: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، وقال سبحانه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، وقال عز وجل: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29].
فنصيحتي لكل مسلم ومسلمة: الإقبال على كتاب الله، والاستكثار من تلاوته بالتدبر والتعقل ليلاً ونهاراً، ولا سيما في الأوقات المناسبة؛ كأول النهار، وفي أثناء الليل، وفي آخر الليل، وفي الصلوات، مع التدبر، ومع سؤال الله التوفيق، وأن يعينه على الفهم الصحيح، والعمل بما في كتابه عز وجل، ثم الدعوات الطيبة، الإنسان يدعو ربه كثيراً ويسأله في أوقات الإجابة؛ كبين الأذان والإقامة، وكآخر الليل، وجوف الليل، وكذا في السجود، وفي آخر الصلاة قبل السلام؛ كل الأوقات ترجى فيها الإجابة، فينبغي للمسلم والمسلمة الإلحاح في هذه الأوقات بالدعوات الطيبة، وسؤال الله أن يقوي إيمان العبد، وأن يعينه على الخير ويثبته على الهدى.
ثم أمر آخر وهو: مجالسة الأخيار وصحبة الأخيار، والاستفادة من نصائحهم ومواعظهم، فهذا أيضاً مما يقوي الإيمان، ومما يعين على الثبات على الحق والعمل به.
نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
الجواب: ليس للقراءة على الميت أصل، فلا يشرع أن يقرأ على الميت لا الفاتحة ولا غيرها، الميت انقطع عمله بالموت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، يعني: إلا من علم خلفه للناس على يد تلاميذه، فنشروه في الناس، أو في كتب ألفها أو اشتراها ووزعها بين الناس واستفادوا منها.
(أو صدقة جارية)، أوقاف سبلها حتى يتصدق منها في وجوه الخير وفي المشاريع الخيرية؛ كعمارة تؤجر جعلها وقفاً تصرف أجورها في نفع المسلمين، كتعمير المساجد، ومواساة الفقراء، وإقامة المشاريع الخيرية، ونحو ذلك.
(أو ولد صالح يدعو له)، سواء كان ذكراً أو أنثى، الولد يشمل هذا وهذا، كما قال عز وجل: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء:11]، يعني: الذكور والإناث؛ فالولد يشمل الذكر والأنثى، فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (أو ولد صالح)، يعني: ابن أو بنت يدعو للميت، هذا ينفع الميت إذا دعا له ولده، يعني: ابنه أو بنته، إذا دعوا له في ظهر الغيب كان هذا مما ينفعه؛ فينبغي للولد -ذكراً كان أو أنثى- أن يكثر من الدعاء لوالده ووالدته بالمغفرة والرحمة، وتكفير السيئات، وبالمنازل العالية؛ هكذا ينبغي للذكر والأنثى أن يدعوا لوالديهما.
أما قراءة الفاتحة فلا أصل له؛ لا يقرأ الفاتحة على الميت ولا غير الفاتحة، ليس هذا مشروعاً، ولا يقرأ للأموات الفاتحة ولا غيرها، هذا هو الصواب، بعض أهل العلم يقول: يلحق الثواب للميت، ولكن ليس عليه دليل؛ فالأفضل ترك ذلك، والأحوط ترك ذلك، وأن يستعمل الدعاء والصدقة والحج عن الميت والعمرة كذلك؛ كل هذا ينفعه.
الجواب: قد يقال: إن هذا الشيء ليس عن اختيار، والخلخال في الاختيار، ولكن بكل حال ينبغي للرجل والمرأة عدم استعمال ما يكون له صرير وصوت إذا تيسر ذلك، ولا سيما المرأة؛ فإنها أخص؛ لأنه يلفت النظر ويلفت الناس إلى سماعه والنظر لصاحبه؛ فينبغي لها أن تختار شيئاً لا صوت له، ولعل هذا من الواجب، فإنه يشبه الخلخال من بعض الوجوه، وإن كان ليس مثله، لكنه يدعو إلى النظر إليها والالتفات إليها، فربما رئي شيء منها.
فالحاصل: أنه ينبغي للمرأة أن تتخذ شيئاً لا صوت له، يعني: حذاء لا صوت له، وهكذا الخلخال ينبغي أن يكون محبوساً لا يكون له صوت عند خروجها إلى الأسواق إذا كان عليها خلخال، أو بين الأجانب في بيتها؛ كإخوة زوجها، وأعمام زوجها، ونحو ذلك.
المقصود: أنها تبتعد عن كل ما يسبب فتنة، لا في البيت ولا في السوق.
المقدم: جزاكم الله خيراً!
إذا كان ذلكم النوع عديم الصوت قليل شيخ عبد العزيز أو شبه معدوم في الواقع؟
الشيخ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].. فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، عليها أن تجتهد والله ولي التوفيق.
الجواب: لا أعلم مانعاً منه، إذا كان فيه مصلحة، استعمال البيض أو الحليب أو العسل.. أو غير ذلك للشعر لا بأس، وإذا غسل فلا يضر في الحمام؛ لأنه لا ينتفع به حينئذ، بل صار مثل بقية الأشياء التي لا ينتفع بها، وإذا غسل في محل نظيف من باب الاحتياط حسن إن شاء الله، لكن فيما يظهر لي أنه إذا غسل في الحمام في الغسالات لا يضر؛ لأنه -والحال ما ذكر- ما يكون له صفة النعمة.. صفة العسل السليم.. صفة الطعام السليم؛ لأنه حينئذٍ لا ينتفع به ولا يستفاد منه.
المقدم: بارك الله فيكم! والوضوء وهو على الرأس تقول أختنا؟
الشيخ: يزال، إذا تيسر زواله يزال، فإن لم يتيسر يمسح عليه كالحناء ونحوه، كان في عهد النبي اللصوق.. يتخذ النساء اللصوق على الرءوس ويمسحن عليها.
الجواب: ما دام هذا لم ينقطع فإنها تغتسل، ما دام يأتي دم في الضحى، أو الظهر أو الظهر والعصر؛ فالمعنى: حتى الآن لم تطهر؛ فينبغي لها ألا تعجل حتى ترى الطهر الكامل، لكن رأت طهراً واضحاً فإنها تغتسل وتصلي، فإذا عاد الدم تجلس حتى ينقطع الدم بذهاب أيام العادة، ولو زادت الأيام فلا يضر؛ لأن العادة تزيد وتنقص، فلا تعجل، لكن لو كان الحدث صفرة أو كدرة بعد الطهارة فإنه لا يعول عليه، الصفرة والكدرة بعد الطهارة لا يلتفت إليها، كالبول، تصلي وتصوم وتوضأ لوقت كل صلاة، ولا تحسبه حيضاً، أما إن كان الدم لا يزال مثلاً: رأت طهرة الضحى ثم رأت الدم الظهر؛ فهي لا تزال في حكم الحيض؛ لأن الدم يسيل تارة ويقف تارة، غير مستمر، سائلاً.. سائلاً؛ فهي عليها أن تنتظر حتى ترى القصة البيضاء، أو ترى طهراً كاملاً باستعمال القطن ونحوه مما يتنظف به في الفرج، فإذا رأته نظيفاً سليماً اغتسلت، فإن عاد إليها دم صاحي جلست ولم تصل ولم تصم، حتى ينقطع، ما دام في حدود العادة وما يقاربها إلى خمسة عشر يوم، فإن زاد على خمسة عشر يوم -ولو ملفقة- صلت وصامت ولم تلتفت إليه، وصارت بهذا مستحاضة ترجع إلى عادتها الأولى، وتقضي ما تركت من الصلوات في الزيادة التي زادتها، أما إذا انقطع لثمان.. لتسع.. لعشر.. لاثني عشر، يعني: زاد على العادة لكنه انقطع؛ فإن هذا يسمى حيضاً على الصحيح؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وقد تتصل وقد تفترق، مثلاً: ترى يوماً دم ويوماً طهارة؛ فيكون هذا ملفقاً تغتسل في يوم الطهارة وتجلس في يوم الدم، وتكون عادتها ملفقة، فإذا بلغ الجميع ستة عشر يوم.. خمسة عشر يوم.. أربعة عشر يوم، فأيام الدم حيض وأيام الطهارة طهر، فإذا زاد على خمسة عشر يوم تعتبر ذلك استحاضة، كما نص عليه جمهور أهل العلم رحمة الله عليهم، وهذا هو المعتمد، النهاية خمسة عشر يوم، فإذا زاد صار استحاضة تصلي وتصوم وتوضأ لوقت كل صلاة وتقضي أيام الصلوات التي تركتها بعد العادة إلى خمسة عشر يوم، وإن كانت صامت في هذه الأيام فصومها صحيح فيما زاد على العادة؛ لأنه بان أنها استحاضة ليست حيضاً، أما إذا كان الحيض مضى واغتسلت بعده، ثم جاءها صفرة وكدرة؛ هذا لا يضر، ولا يلتفت إليه، بل يعتبر طهارة كالبول.
المقدم: جزاكم الله خيراً!
إذاً: بالنسبة لأختنا الأفضل لها أن تكمل الأيام الأربعة؟
الشيخ: عليها أن تكمل الأيام التي فيها الدم؛ لأنه حيض، الحيض باقي لم تطهر منه، نعم، حتى ترى الطهارة الكاملة.
المقدم: أما طالما ينزل عليها شيء آخر فعليها أن تنتظر؟
الشيخ: مثلاً: لو طهرت في الصبح واغتسلت وصلت الظهر، ثم نزل عليها الدم تجلس، ولا تصلي العصر ما دام الدم معها، فإذا ذهب تغتسل غسلاً آخر، وتعتبر نفسها طهرت.
الجواب: لا حرج عليك إن شاء الله ما دمت لا تستطيع المجيء إليهم، وأنت في طلب الحلال وكسب الحلال؛ فأنت مثل طالب العلم الذي يتوجه إلى العلم ويسافر للعلم؛ فهو معذور، فإذا استطعت المجيء إليهم في ظرف خمسة أشهر.. أربعة أشهر.. ثلاثة أشهر فافعل ذلك؛ مراعاة للمصلحة وحذراً من الفتنة، فإذا عجزت عن ذلك فأنت معذور، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.
وعليك بالمكاتبة لهم والمكالمة الهاتفية لتطمينهم، وأخذ خواطرهم، هذا طيب، وهذا لا بد منه؛ حتى يعرفوا حالك، وإذا استطعت في يوم ما أن تزورهم ولو بزيارة قصيرة ثم ترجع فهذا هو الذي ينبغي؛ جمعاً بين المصالح.
يسأل في سؤاله الأول عن حكم أكل الأرانب؛ لأن الناس قالوا: إنها تحيض؛ فلا يجوز أكلها؟
الجواب: الأرنب حل ولو حاضت، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكلها وأكلها الصحابة، فلا بأس بذلك، فالأرانب حل مطلقاً ولو حاضت، ذكر بعض العلماء أنها تحيض، ولو حاضت لا يضر ذلك.
الجواب: هذا لا يجوز، وقد جاء في الحديث الصحيح من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها، أو تنشر سره).
المقصود: أن هذا لا يجوز، بل الواجب على الرجل أن يكون كاتماً للسر، وهكذا المرأة، وليس له وليس لها إفشاء السر بين الزوجين في صفة الجماع، أو ما يقع عند الجماع مما يستحيا منه، أو غير هذا مما لا ينبغي إبرازه وإظهاره، كل واحد منهما عليه أن يحفظ السر، أما ما جرت العادة بإظهاره ولا حياء فيه فلا بأس.
الجواب: لعب الورق لا يجوز؛ لأنه من آلات اللهو؛ لأنه فيها الصور المغرية باللعب، فلا يجوز، وهي من آلات الملاهي فيما نعلم؛ فلا ينبغي.. بل لا يجوز اللعب بها؛ لما تفضي إليه من اللهو عما يجب من الصلاة في الجماعة، وربما أفضت إلى مخاصمات وسباب حسب ما ذكر أهلها.
الجواب: إذا كان ليس فيه إلا مجرد تخدير للمرض وعدم الشعور بالمرض فهو من جنس البنج، ليس فيه محذور، إذا كان من مادة لا حرج فيها، أما إن كان من مادة الخنزير، أو مادة أخرى حرام من كلاب أو غيرها فلا يجوز، أما إذا كان من مادة صالحة مباحة، ولكن يحصل به تسكين الألم وتخدير الطفل تخديراً لا يضر.. ولا يكون سكراً، إنما يكون مخففاً للألم.. مريحاً للطفل أو غيره؛ فهو من جنس البنج الذي يحصل به تخدير العضو؛ حتى لا يتألم الإنسان من العلاج من جرح ونحوه.
فالحاصل: أنه إذا كان استعماله مما ينفع المريض أو الطفل أو وقت العملية فهو من جنس البنج، أما إن كان فيه سكر من مادة مسكرة، أو من مادة حرام، كالخنزير؛ فلا يجوز.
الجواب: نعم، ابن الزوج وابن بنت الزوج محرم، أبناء الربائب، ولد الزوج وولد بنت الزوج وولد ولد الزوج محرم.
الجواب: إذا كان الدواء معروفاً لهذا المرض وكانت أعطتها إياه عن بصيرة وعن معرفة وبالمقدار المناسب فليس عليها شيء، أما إن كانت لا تعرف، وليست على بصيرة؛ فربما زاد الدواء عليها؛ فإنها ضامنة، فإن من تطبب ولم يكن بالطب معروف فإنه يضمن، فإذا كانت ذات بصيرة في هذا الشيء، وقد جربت هذه الأمور.. تعرف أن هذا الدواء يناسب هذا المرض، وتعرف المقدار المناسب، والوقت المناسب؛ فلا يضرها ذلك، أما إن كان عندها جهل في شيء من هذا فإنها تضمن.
الجواب: معناها عند أهل العلم: أن الله عز وجل حرم على الرجال الزنا، كما حرم على النساء الزنا، فالرجل محرم عليه الزنا، والمرأة محرم عليها الزنا، إلا الرجل مع زوجته والرجل مع سريته.. ملك يمينه؛ وهي الجارية التي ملكها بالشراء، أو بالإرث، أو بالسبي من الكفار، المملوكة؛ فلا بأس أن يطأها كما يطأ زوجته، وهكذا المرأة تحفظ فرجها إلا من زوجها أو سيدها الذي ملكها، زوجها معروف، وسيدها الذي ملكها من إرث أو ملكها بالهبة، أو بالسبي من الكفار؛ فإنه لا حرج أن يطأها كما يطؤها زوجها، هذا معنى الآية.
فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ [المؤمنون:7] بأن تعاطى ما حرم الله من الزنا أو اللواط، أو وطئ امرأة ليست زوجة له ولا سرية مملوكة، أو مكنت المرأة رجل ليس زوجها وليس سيدها؛ فإنهم في هذا يكونون عادين، يعني: ظالمين، فلا يجوز لهم ذلك، يكونوا قد أتوا منكراً ومحرماً.
ويدخل في ذلك العادة السرية المعروفة؛ وهي الاستمناء، فاستعمالها عدوان؛ لأنه غير الزوجة وغير ملك اليمين، فليس للرجل أن يستعمل العادة السرية، وهو استخراج المني للشهوة، يعني: يعبث بمذاكيره حتى يستمني، وهكذا المرأة تعبث بفرجها حتى تستمني؛ كل هذا لا يجوز، وهو من العدوان، داخل في قوله سبحانه: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:7]، يعني: الظالمون، المعتدون لحدود الله، فليس للولد الشاب ولا للشيبة أن يستمني وأن يستخرج المني بالعبث بفرجه، وليس للمرأة كذلك أن تستخرج المني من فرجها بالعبث بفرجها.
الجواب: لا حرج في ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيراً أو ينمي خيراً)، فإذا أصلح بينهم ولو بالكذب الذي لا يضر أحداً وإنما هو لمصلحتهما فلا بأس، كأن يكون بين زيد وعمرو شحناء، فيأتي إلى زيد ويقول: إن عمراً يثني عليك، ويقول: أنا أحب المصالحة مع أخي، وأنا سامح عن كل شيء، ويحلف بالله على ذلك وهو واثق أن فلاناً سوف يوافق، ثم هو يذهب إلى عمرو ويقول عن زيد كذلك؛ حتى يوفق بينهما، أو بين قبيلتين يجي هذه القبيلة ويقول: قبيلة فلان تثني عليكم، والله إنها طيبة معكم وتمدحكم، وتحب المصالحة معكم، ثم يذهب إلى الأخرى ويقول كلام، ويحلف بقصد المصالحة، ولا يكذب على أحد، ولا يضر أحداً غيرهم، إنما لمصلحتهم فقط.. لمصلحة الشخصين أو القبيلتين؛ فلا حرج في ذلك، وهو مأجور.
الجواب: الغارمون هم المدينون، الغارم: الذي عليه الدين؛ إما لمصلحته، كحاجة بيته، أو للإصلاح بين الناس.. يغرم مالاً ليصلح بين الناس، أو لحاجة نفسه وعائلته؛ فهذا يعطى من الزكاة؛ حتى يقضي دينه إذا كان عاجزاً، أو كان دينه لإصلاح ذات البين؛ فإنه يعطى ولو كان غنياً؛ لأنه محسن، فيعطى ما يقضي به الغرامة التي أصلح بها بين الناس، أما المؤلفة قلوبهم فهم الذين يضعف إيمانهم؛ فيعطون ما يقوي إيمانهم من رؤساء العشائر وسادات الناس، أو كفار يرجى إسلامهم أو إسلام نظرائهم؛ فيعطون من الزكاة رؤساء العشائر.. رؤساء القبائل.. كبار الناس الذين يرجى بإعطائهم من الزكاة إسلامهم إن كانوا كفاراً، أو إسلام نظرائهم، أو قوة إيمانهم، أو يرجى من إعطائهم أن يدفعوا عن الناس وأن يحموا بلاد المسلمين، ويكفوا الشر عن بلاد المسلمين؛ ففي هذه المصالح وأشباهها لا بأس، نعم، هؤلاء هم المؤلفة قلوبهم.
الجواب: ليس له قتله، ولكن يحاكمه إلى المحكمة التي عندهم، أو إلى أمير بلده إن كان بلده فيها أمير؛ حتى ينظر في الأمر، وحتى تجرى عليهم الأحكام التي تجري على أمثالهم، إن كانت محكمة شرعية ففيها الكفاية والحمد لله، وإن كانت محاكم قانونية ليست محاكم شرعية طلب من ولاة الأمور أن ينظروا في الأمر الذي ينصفه من هذا الساحر ويزيل عنه السحر، بالطريقة التي ليس فيها ظلم ولا عدوان على أحد، بل بالطريقة التي يحالون فيها لأهل العلم وأهل الشرع؛ حتى ينظروا في أمرهم، وحتى يحكموا بينهم، وإن كان غير محكمة، يعني: تحال إلى العالم الشرعي حتى ينظر في الأمر، أو يصلح بينهم وبينه بصلح يحصل به المقصود من استسماحه، أو إعطائه مالاً يرضيه، أو فك السحر عنه إن كان السحر لا يزال.. أو ما أشبه ذلك.
المقصود: يلجأ إلى أعيان الناس وكبار الناس والمسئولين في البلد؛ حتى يصلحوا بينهم وبينه، ويحلوا المشكلة، إن كان ما هناك محكمة شرعية.
الجواب: السنة أن يعق عنهما، ولو كانا كبيرين، يذبح عن كل واحد ذبيحتين، وهكذا الأنثى عنها ذبيحة واحدة، مثل الضحية جذع ضأن أو ثني معز، تذبح ويأكل منه ويتصدق، هكذا السنة، وإن جمع على ذلك أهله وقرابته وجيرانه؛ فلا بأس، وإن وزعه على الأقارب والجيران والفقراء فلا بأس، ولو كانا كبيرين، ولا تصدق بالثمن، يشتري الذبيحة ويذبح، هذه السنة.
المقدم: نعم. جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر