إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (984)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    معنى قوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من السودان، الخرطوم بحري، الرسالة من إحدى الأخوات المستمعات، تقول المستمعة: (أ. أ. الرشيد)، أختنا لها بعض الأسئلة، فتسأل أولاً عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى في سورة الرعد: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالآية الكريمة آية عظيمة، تدل على أن الله سبحانه لكمال عدله وكمال حكمته لا يغير ما بقوم من خير إلى شر ومن شر إلى خير، ومن رخاء إلى شدة ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإذا كانوا في صلاح واستقامة ثم غيروا غير عليهم بالعقوبات والنقمات والشدائد والجدب والقحط والتفرق، وغير هذا من أنواع العقوبات؛ جَزَاءً وِفَاقًا [النبأ:26].. وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46].

    وقد يملي لهم سبحانه، ويمهلهم ويستدرجهم؛ لعلهم يرجعون، ثم يؤخذون على غرة، كما قال تعالى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [الأنعام:44]، يعني: آيسون من كل خير -نعوذ بالله- وقال سبحانه: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ [إبراهيم:42]، فقد يؤجلون ويمهلون إلى ما بعد الموت -نسأل الله السلامة- ويكون ذلك أعظم للعقوبة وأشد في النقمة، وقد يكونوا في شر وبلاء ومعاصي، ثم يتوبون ويرجعون إلى الله ويندمون ويستقيمون على الطاعة؛ فيغير الله ما بهم من بؤس ومن فرقة ومن شدة ومن فقر إلى رخاء ونعمة واجتماع كلمة وصلاح حال؛ بأسباب أعمالهم الطيبة، وتوبتهم إلى الله سبحانه وتعالى.

    وفي الآية الأخرى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الأنفال:53]، فهذه الآية تبين لنا أنهم إذا كانوا في نعمة ورخاء وخير، ثم غيروا بالمعاصي؛ غير عليهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد يمهلون كما تقدم.

    والعكس كذلك، إذا كانوا في سوء ومعاصي أو كفر وضلال ثم تابوا وندموا واستقاموا على طاعة الله غير الله حالهم السيئة إلى حال حسنة.. غير تفرقهم إلى اجتماع ووئام.. غير شدتهم إلى نعمة وعافية ورخاء.. غيرهم من الجدب والقحط الذي هم فيه وقلة المياه ونحو ذلك إلى إنزال الغيث ونبات الأرض وغير ذلك من وجوه الخير، هكذا معنى الآية الكريمة.

    1.   

    أفضل أنواع الذكر

    السؤال: أختنا تسأل عن أفضل أنواع الذكر؟ وكيف يكون الشكر لله عز وجل؟

    الجواب: أفضل أنواع الذكر: قراءة القرآن، هو أفضل الذكر؛ فينبغي لكل مؤمن ومؤمنة الإكثار من قراءة القرآن، مع التدبر والتعقل، ولو كان لا يحفظه كثيراً يقرأ ما تيسر منه، أو من المصحف إذا كان يقرأ من المصحف يكثر من ذلك، وإذا كان لا يقرأ من المصحف يقرأ ما حفظ، إذا كان يحفظ الفاتحة يكررها كثيراً في أوقات كثيرة؛ لأنها أعظم سورة، وأفضل سورة في القرآن العظيم، كل حرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وإذا كان يحفظ معها بعض السور القصيرة كررها، وأكثر منها في الليل والنهار؛ يرجو ثواب الله سبحانه وتعالى، وإذا كان يقرأ المصحف قرأ من المصحف من أوله إلى آخره، كلما كمله عاد وقرأ من أوله.. من الفاتحة.

    ثم أفضل الذكر بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، هذه أفضل الذكر بعد القرآن: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير.. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.. لا إله إلا وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير؛ كل هذه أنواع من الذكر جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام.

    يقول عليه الصلاة والسلام: (الإيمان بضع وستون شعبة -أو قال: بضع وسبعون شعبة- فأفضلها قول: لا إله إلا الله)، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات؛ كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل)، متفق على صحته.

    وقال أيضاً: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مائة مرة في يوم كانت له عدل عشر رقاب، وكتب الله له مائة حسنة، ومحا عنه مائة سيئة، وكان في حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا من عمل أكثر من عمله)، هذا حديث عظيم رواه البخاري ومسلم في الصحيحين.

    فينبغي لكل مؤمن ولكل مؤمنة الإكثار من هذا الذكر، وأن يقول ذلك مائة مرة كل يوم.. في صباح اليوم، أو في أثناء اليوم، أو في آخر اليوم، لكن إذا كان في الصباح يكون أفضل؛ حتى يعم اليوم كله، (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مائة مرة)، وإن قال: يحيي ويميت بيده الخير، فكذلك، مائة مرة، (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، مائة مرة؛ كانت له عدل عشر رقاب)، يعني: عدل عشر رقاب يعتقها في سبيل الله.. عشر رقبات من العبيد، (وكتب الله له مائة حسنة، ومحا عنه مائة سيئة)، هذا خير عظيم، (وكان في حرز من الشيطان)، هذا أيضاً أمر عظيم، (وكان في حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من عمله).

    فينبغي لكل مؤمن ولكل مؤمنة الإكثار من هذا وملازمة هذا يومياً، وهكذا الإكثار من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كلما حصل فرصة قالها عشر مرات، يقول عليه الصلاة والسلام: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات؛ كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل)، خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، فهذه أنواع من الخير، وأنواع من الذكر.

    ويقول صلى الله عليه وسلم: (أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس)، رواه مسلم في الصحيح.

    ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله).

    ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم).

    فأنا أوصي جميع إخواني في كل مكان بالإكثار من هذا الذكر، ليلاً ونهاراً، وصباحاً ومساءً، في كل وقت، أوصي جميع المؤمنين والمؤمنات.. أوصي جميع إخواني في الله في كل مكان أن يكثروا من هذا، مع الإكثار من قراءة القرآن في كل وقت.

    كما أوصي الجميع بعد كل صلاة: الظهر والعصر المغرب العشاء الفجر أن يقولوا بعد السلام: أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، بعد كل صلاة، إذا سلم من الفريضة، أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.. هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، ثم يقول بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلى إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، هذا يقوله بعد كل صلاة: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، يقول هذا اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، كان يقول هذا عليه الصلاة والسلام، وإذا كان إمام بعد الاستغفار يقول: اللهم أنت السلام.. ينصرف إلى الناس.. يعطيهم وجهه، إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تبارك يا ذا الجلال والإكرام، ثم ينصرف إذا كان إمام إلى الناس ويعطيهم وجهه، والمأموم يقول هذا، والمنفرد يقول هذا: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يقول الإمام والمنفرد والمأموم كلهم يقولون: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وفي لفظ آخر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع إلا الجد منك الجد، ويزيد بعد هذا في المغرب والفجر خاصة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، زيادة على ما تقدم، في المغرب وفي الفجر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات.

    وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول بعد صلاة الفجر بعد الذكر وفي المغرب أيضاً: (اللهم أجرني من النار، سبع مرات)، جاء في ذلك حديث فيه بعض اللين، ولكن هذا الدعاء حسن بعد المغرب والفجر: (اللهم أجرني من النار.. الله أجرني من النار؛ سبع مرات)، بعد هذا الذكر، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوله بعد الفجر وبعد المغرب: (اللهم أجرني من النار، سبع مرات)، فإذا قاله حسن، وليس الحديث فيه بقوي في الثبوت، لكن دعاء حسن من باب الفضائل، والترغيب في خير الأعمال، وما ينفع العبد في دنياه وأخراه، فإذا قاله بعض الأحيان أو دائماً كله حسن؛ لأنه ليس ضعفه شديداً، وإنما هو فيه لين؛ لأن التابعي الذي رواه عن الصحابي ليس مشهوراً ومعروفاً بالعدالة، ولكنه من التابعين، والتابعين يغلب عليهم الخير والفضل، ولا سيما أولاد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

    ثم بعد هذا كله يستحب لكل مؤمن ولكل مؤمنة أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثاً وثلاثين مرة، الجميع تسع وتسعون، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثاً وثلاثين مرة، بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال هذا غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر).

    فينبغي الإكثار من هذا.. ينبغي المحافظة على هذا الذكر بعد كل صلاة في الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثاً وثلاثين مرة، الجميع تسع وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، هذا فيه فضل عظيم، يقول صلى الله عليه وسلم: إذا قاله غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، هذا وعد عظيم وخير كثير، لكن أهل العلم بينوا أن هذه المغفرة مقيدة باجتناب الكبائر، في النصوص الأخرى، يعني: باجتناب كبائر الذنوب من الزنا والسرقة وعقوق الوالدين وأكل الربا.. ونحو ذلك؛ لأن الله يقول سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31].

    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن؛ ما لم تغش الكبائر)، وفي اللفظ الآخر: (إذا اجتنب الكبائر).

    فينبغي للمؤمن أن يحذر الكبائر.. يحذر السيئات، وألا يصر عليها، بل يبتعد عنها ويحذرها؛ خوفاً من الله، وتعظيماً له، وحذر عقابه عز وجل، والكبائر هي الذنوب العظيمة التي جاء فيها الوعيد بالنار أو بغضب الله، أو جاءت فيها الحدود الشرعية كالزنا، والسرقة، وأكل الربا، وأكل أموال اليتامى، وعقوق الوالدين أو أحدهما، قطيعة الرحم، الغيبة، النميمة، شهادة الزور، ظلم الناس؛ هذه الكبائر يجب الحذر منها غاية الحذر، وهي من أسباب عدم المغفرة،نسأل الله السلامة والعافية.

    ويستحب أيضاً -مع ما تقدم من الذكر بعد كل صلاة- أن يقرأ آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، هذه آية عظيمة.. هي أعظم آية في القرآن، وأفضل آية في القرآن، ويقال لها: آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ السنة: النعاس، لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، هذا آخرها، هذه آية الكرسي العظيمة يستحب المجيء بها بعد الذكر بعد كل صلاة.

    ويستحب أيضاً أن يأتي بعد كل صلاة بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين، يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين بعد كل صلاة، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، ويقرأ أيضاً بعدها: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:1-5]، وأيضاً يقرأ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس:1-6]، مع التسمية في أول كل سورة.. يسمي في أول كل سورة ثم يقرأها، ويستحب تكرار هذه الثلاث بعد الفجر والمغرب ثلاث مرات، وعند النوم ثلاث مرات، يكرر قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ثلاث مرات، وهكذا قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، وهكذا قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] بعد الفجر والمغرب، وعند النوم، كل هذا مستحب، فإذا حافظ عليه المؤمن والمؤمنة فيه خير عظيم وفضل كبير، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

    1.   

    كيفية الشكر

    السؤال: أختنا من السودان تسأل أيضاً عن كيفية الشكر -سماحة الشيخ!- هل يدخل ضمن ما تفضلتم به من إجابة عن أفضل أنواع الذكر؟

    الجواب: هذا من الشكر؛ ذكر الله وإقام الصلاة وأداء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت وسائر ما شرع الله كله من الشكر، يقول الله سبحانه: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا [سبأ:13]، فالشكر بالعمل أعظم الشكر، وهكذا يكون بالثناء على الله مثل الذكر الذي ذكرنا.. الذكر هذا من الثناء، وهو من الشكر أيضاً، فإن الشكر يكون باللسان؛ كالتسبيح والذكر الذي ذكرنا، ويكون بالعمل؛ كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والصدقات على الفقراء والمساكين، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ويكون أيضاً بأعمال القلوب؛ يكون بحب الله، وتعظيمه بالقلب، والإخلاص له بالقلب، وخوفه، ورجائه، والشوق إليه، ومحبته، هذا من الشكر بالقلب، فالشكر يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالعمل جميعاً، كما قال الشاعر:

    أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا

    فيدي: إشارة للعمل، ولساني: إشارة للقول، والضمير المحجب، يعني: القلب، هذا يدل على أن العرب تعرف هذا، فالشكر يكون بالقلب؛ بمحبة الله، وتعظيمه، وخوفه، ورجائه، والإيمان بأنه الواحد الأحد.. المستحق للعبادة سبحانه وتعالى، وأنه الشكور، وأنه المنعم على عباده، وأنه الجواد الكريم.. إلى غير هذا من صفاته العظيمة.

    ويكون بالعمل؛ بأداء ما أوجب الله، وترك ما حرم الله.

    ويكون باللسان؛ بالثناء على الله، وتحميده، وتمجيده، والدعوة إليه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.. إلى غير هذا من وجوه الخير القولية. والله المستعان.

    المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيراً.

    سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767964757