إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (990)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    الأولويات في الدعوة إلى الله تعالى

    المقدم: مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: (نور على الدرب).

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز !

    الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم!

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من السودان، وباعثتها إحدى الأخوات المستمعات من هناك، تقول: نعمات إسماعيل ، تقول عن نفسها: إنها فتاة مسلمة ومتدينة، ولم تتجاوز العشرين عاماً من عمرها، وأهل قريتها من جميع النساء والفتيات أميات لم يعرفن حتى قراءة الفاتحة جيداً، والبعض الآخر لم يعرف منها أي شيء، وأغلبهم لم يصلوا، وأنا فتحت لهم بداية دراسة عن كيفية الصلاة والضوء والغسل وبعض العلوم الدينية التي تهم المسلمين في حياتهم، ولتحذيرهم من المنكرات والشبهات، فما هي الأولويات التي تنصحوننا بها؟ جزاكم الله خيراً!

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فلقد فعلت خيراً كثيراً، وأحسنت في هذا العمل؛ فجزاك الله خيراً، وزادك من التوفيق، وأعانك على هذا الخير، ووصيتي لك أن تستمري في هذا الخير، وأن تحتسبي الأجر، وأن تسألي أهل العلم عما أشكل عليك، وأن تستمعي لهذا البرنامج: (نور على الدرب) في جميع الأوقات؛ حتى تستفيدي ما يعينك على عملك الطيب، وعليك أن تبدئي أخواتك في الله بتعليمهن فاتحة الكتاب، والعقيدة الصحيحة، معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن هاتين الشهادتين هما أصل الدين، وهما أساس الملة، وأن معنى لا إله إلا الله معناها: لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس من أصنام أو أشجار أو أموات أو نجوم أو جن أو غير هذا كله باطل.. معبود بغير حق، والمعبود الحق هو الله وحده، كما قال سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ [لقمان:30].

    وعليك أن تعلميهن أيضاً الإيمان بالآخرة.. بالجنة والنار، وأن الله سوف يجمع الناس ويجازيهم بأعمالهم، وأن المؤمنين والمسلمين لهم الجنة، والكفار لهم النار، مع التحذير من المعاصي، وأن المعاصي من أسباب دخول النار، وإن كان العاصي لا يخلد فيها إذا كان موحداً مسلماً، لكنه على خطر، كالزنا، وعقوق الوالدين أو أحدهما، قطيعة الرحم.. أكل الربا.. الكذب.. الغيبة.. النميمة.. السرقة.. شرب المسكر.. إلى غير هذا من المعاصي، عليك أن تحذري من لديك من البنات والأخوات في الله من ذلك، بالأسلوب الحسن والكلام الطيب، مع العناية بتعليمهن القرآن الكريم، ولا سيما السور القصيرة حتى يحفظنها، ويقرأن بها في الصلاة مع الفاتحة، الفاتحة ركن في الصلاة لا بد منها، فالواجب أن تبدئي بذلك، وأن تعلميهن الفاتحة، وهي: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، وأن تصبري على المشقة في ذلك، ولك الأجر العظيم.

    مع تعليمهن العقيدة كما تقدم: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومعنى هاتين الشهادتين، وأن الواجب على كل مكلف تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم محمد، وأنه رسول الله حقاً، وأنه خاتم الأنبياء ليس بعده نبي، وأنه رسول إلى جميع الخلق من الجن والإنس، وأن الواجب اتباعه وطاعة أوامره وترك نواهيه.

    مع الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة والنار، والصراط والميزان، والبعث والنشور، ونشر الكتب يوم القيامة، هذا يأخذ كتابه بيمينه، وهذا يأخذ كتابه بشماله.. إلى غير هذا مما جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة.

    وعليك أن تجتهدي في سؤال أهل العلم، وحضور حلقات العلم مع النساء في محل بعيد عن الرجال ليس فيه فتنة؛ حتى تستفيدي، مع سماع هذا البرنامج كما قلت سابقاً، هذا البرنامج مفيد جداً.

    فأنا أنصح كل مسلم وكل مسلمة بالاستماع لهذا البرنامج في أوقاته المعلومة؛ لما فيه من الخير العظيم والفائدة العظيمة، ولأن القائمين عليه كلهم من أهل العلم والبصيرة والثقة والأمانة.

    رزقهم الله جميعاً التوفيق والهداية والسداد في القول والعمل.

    1.   

    حكم الإتيان بأذكار الصلاة بشكل جماعي لأجل التعليم

    السؤال: تقول في سؤال آخر حول أخواتها اللائي تعلمهن:

    إذا صليت بالجماعة التي ذكرت لكم صلاة جماعة، وكنت في وسطهن، وأقمت الصلاة بنفسي، وبعد الصلاة دعوت بلسان الجميع بصوت يسمع، هل يكون في ذلك حرج؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً!

    الجواب: الصلاة بهن مناسبة للتعليم، وليستفدن من عملك، ولكن لا يشرع لك الإقامة، صلاة بلا أذان ولا إقامة، الأذان يكفي الذي يصدر من الرجال، وليس عليكن إقامة، ولكن إذا قمت وسطهن كبرت تكبيرة الإحرام ثم يكبرن معك وهكذا يتابعنك، والدعاء الجماعي لا أصل له، ولكن إذا سلمت تأتين بالأذكار الشرعية، أول شيء: أستغفر الله.. أستغفر الله.. أستغفر الله، بصوت مرتفع يسمعنه، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم تقولين: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه؛ له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.

    وكل واحدة تقول مثلك.. تتعلم، من غير الحاجة إلى أن يكون بصوت جماعي؛ لأن الرسول كان يفعل هذا عليه الصلاة والسلام، وثبت هذا عنه بمثل هذا الذي ذكرته ثبت عنه من حديث المغيرة بن شعبة ، ومن حديث ابن الزبير ، ومن أحاديث أخرى، فعليك أن تعلمينهن ذلك بصوتك، وهن يسمعن ويتعلمن منك.

    ثم بعد هذا يشرع للجميع أن تقول كل واحدة: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثة وثلاثين مرة.. سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثاً وثلاثين مرة، تعقدها بالأصابع، ثم تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حرض على هذا، وأخبر أن هذا من أسباب المغفرة.

    ويستحب أيضاً مع هذا قراءة آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255]، وقراءة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] بعد كل فريضة، هذا هو الأفضل، لكن بعد المغرب وبعد الفجر تكرر السور الثلاث ثلاث مرات، هذا هو الأفضل.

    وفقك الله وأخواتك، ونفع بكن جميعاً.

    1.   

    معنى البدعة وحكمها

    السؤال: تسأل سماحة الشيخ وتقول: ما معنى بدعة؟ وهل هي حرام أم مكروهة؟

    الجواب: البدعة معناها: المحدث في الدين.. الذي أحدثه الناس ولم يكن شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم للناس، هذا يسمى بدعة، فالمحدثات في الدين هي البدع، وقد قال فيها المصطفى عليه الصلاة والسلام: (كل بدعة ضلالة)، وكان يقول في خطبة الجمعة: (أما بعد:

    فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)، فالبدعة محرمة وممنوعة؛ لأنها ضلالة، مثل: بدعة الاحتفال بالموالد في أي يوم كان، أو بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم في يوم الثاني عشر من ربيع الأول، وإن فعلها كثير من الناس لكنها بدعة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه؛ فالواجب تركها، ومثل: بدعة حي على خير العمل في الأذان، أو أشهد أن علياً ولي الله في الأذان بدعة لا يجوز فعله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعله ولا أصحابه، بل هو مما أحدثه الناس، والواجب في هذا التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يؤذن الناس كما أذن، وكما أقر على ذلك عليه الصلاة والسلام.

    وهناك بدع كثيرة أحدثها الناس، وضابطها أنها غير موافقة لما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما أمر به عليه الصلاة والسلام، بل هي شيء ما شرعه الله ولا رسوله، الله يقول سبحانه: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21].

    ويقول عليه الصلاة والسلام: (إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).

    ومن هذا كون الجماعة يذكرون الله جماعياً بصوت واحد بعد الصلاة، هذا من البدع أيضاً، أو يكبرون في الأعياد بصوت جماعي: الله أكبر كبيراً، أو الله أكبر لا إله إلا الله بصوت جماعي يتعمدونه، أو ما أشبه ذلك مما أحدثه الناس.

    1.   

    حكم إزالة التراب العالق بالجبهة بعد السجود على الأرض

    السؤال: تقول: إذا صليت في الأرض الطاهرة وظهر على جبهتي وأنفي تراب وأزلته، هل صحيح أن التراب الذي يكون على الجبهة والأنف تصلي عليه الملائكة، وإن كان هذا صحيح أكون آثمة على إزالة التراب؟

    الجواب: لست بآثمة إذا كان بعد الصلاة، وكون الملائكة تصلي على هذا، هذا لا أصل له ولا صحة له، ولكن الأفضل تركه حتى تسلمي، فإذا سلمت فلا بأس بالإزالة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم وأثر التراب على وجهه، إذا كان هناك مطر سلم والأثر على وجهه عليه الصلاة والسلام، فالأفضل الكف عن العبث وعدم إسقاط هذا التراب من الجبهة أو الأنف وأنت في الصلاة، فإذا فرغت من الصلاة وسلمت فلا حرج.

    1.   

    حكم فطم الرضيع قبل العامين بسبب حمل جديد

    السؤال: إذا فطمت المرأة ابنها أو ابنتها ولم يكملا العامين في الرضاعة لعذر حمل هل يكون عليها عقاب؟ حيث أن عندنا بعض أقوال أهلنا في السودان يقولون: الولد يفطم على سبعة عشر شهراً فقط، والبنت كذلك، وأيضاً يقولوا: المرأة إذا أصبحت حاملاً على ابنها الذي لم يكمل رضاعته يقولوا: لا بد أن تفدي بماعز؛ لأنه لم يكمل الرضاعة، فما رأيكم في هذا؟

    الجواب: لا حرج في فطامه قبل تمام السنتين إذا اقتضت المصلحة ذلك، بعد التشاور مع أبيه إن كان أبوه موجوداً؛ لقوله سبحانه: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا ، يعني: فطاماً، عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا [البقرة:233].

    فلا بد أن يكون عن تراض من الأبوين وتشاور، فإذا فطماه لأنها حامل وقد يضره لبن الحمل، أو لأن لبنها قليل، أو لأنه يضرها الرضاع، أو لأسباب أخرى؛ فلا بأس بذلك إذا تراضيا على ذلك، أما بدون رضاهما، فلا تستقل به المرأة ولا الأب، لا بد من تراضيهما جميعاً إذا كان الأب موجوداً.

    أما الفدية بماعز أو غير ماعز فلا أصل لهذا، هذا بدعة لا أصل له، فإذا تراضيا على فطمه فلا بأس، ولو ابن سبعة عشر شهر أو ابن سنة أو أقل من ذلك؛ إذا تراضيا على فطامه وعاش بشيء آخر فلا بأس.

    1.   

    حكم أخذ قريبات الزوجة مبلغاً من المال من الزوج مقابل تسليم زوجته ليلة الزفاف

    السؤال: تنكح الفتاة وعندما يذهب بها أخواتها إلى بيت زوجها يقولوا: تستلمها منا ونأخذ منك مقدار من المال تقريباً مائتين جنيه، فهل يكون في هذا حرج؟

    الجواب: لا أصل لهذا، ولا يجوز، إلا إذا سمح وتطوع لهن بشيء، لا بأس، وإلا فعليهن تسليم المرأة إلى زوجها من دون أن يأخذوا منه مالاً، إلا إذا سمح وأعطاهن تبرعاً منه.. هدية منه؛ فلا بأس، أما أن يلزموه بذلك فلا يلزمه ذلك.

    1.   

    حكم الحلف بالطلاق

    السؤال: من جمهورية مصر العربية أحد الإخوة المستمعين رمز إلى اسمه بالحروف: (ج. س. م)، يقول: في أحد الأيام حدثت بيني وبين زوج أختي مشادة كلامية أثارت أعصابي، وجعلتني في غضب شديد، وخرج مني لفظ: علي الطلاق لن أدخل هذه المدينة -التي يعيش فيها- طالما أنت موجود فيها، لكن بعد ثلاثة أيام ذهبت إلى زوج أختي وتصافحنا عملاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيما معناه: إنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، أيضاً حدثت مشادة كلامية بيني وبين أحد زملائي بالعمل الذي أعمل فيه، ويعتبر مصدر رزق لي ولأولادي، ولكن انتهت هذه المشادة أيضاً بأنني حلفت بالطلاق لن أدخل هذا المكان طالما أنت فيه، أرجو توجيهي حول هذه الأيمان؟ جزاكم الله خيراً!

    الجواب: إذا كان المقصود منع نفسك من هذا الشيء في الحالتين المذكورتين، وليس المقصود فراق أهلك، إنما المقصود أن تمتنع من كلام الشخص، أو من دخول المحل؛ فعليك كفارة اليمين ولا يقع الطلاق، وهكذا لو قال الإنسان: علي الطلاق ما أكلم فلان، أو علي الطلاق ما أسافر إلى كذا، وقصده الامتناع، ليس قصده إيقاع الطلاق، إنما قصده أن يمتنع من هذا الشيء؛ فهذا عليه كفارة يمين، وهكذا أنت، إذا كان المقصود الامتناع من الكلام مع فلان أو دخول المكان الفلاني، وليس المقصود إيقاع الطلاق؛ فإن عليك كفارة يمين ولا يقع الطلاق.

    أما إن كنت قصدت إيقاع الطلاق؛ فيقع طلقة في كل واحدة من الحالين، تراجعها تقول: راجعت امرأتي بشهادة عدلين، وتعود لك في الحال، أو بعد يوم أو يومين أو أكثر، ما دامت في العدة إذا كانت لم يسبق لها أن طلقتها طلقتين سابقتين، فإنك تراجعها إذا كنت قصدت الطلاق، أما إذا كنت ما قصدت الطلاق، إنما قصدت الامتناع من هذا الشيء فإنه لا يقع فيه الطلاق، وعليك كفارة يمين كما تقدم.

    1.   

    حكم بناء مسجدين في قرية صغيرة قليلة السكان

    السؤال: المستمع محمد عبد الله عجيب سوداني يعمل في المملكة، بعث برسالة يقول فيها: هل يجوز بناء جامعين في قرية واحدة قليلة السكان؟ وإذا كان ذلك يجوز فهل تجب الصلاة -أي: صلاة الجمعة- في كلا الجامعين، أم أن الجمعة لا تقام إلا في الجامع الأقدم، نرجو الإيضاح والتوجيه؟ جزاكم الله خيراً!

    الجواب: لا تجوز إقامة جامعين في قرية صغيرة لا تتحملهما، بل يكفي أن يصلوا في جامع واحد، وليس لهم أن يقيموا جامعاً ثانياً ولا ثالثاً إذا لم تكن هناك حاجة، بل هذا إسراف وغلط ومنكر.

    أما إذا كان هناك حاجة؛ من أجل أن الجامع الأول لا يكفي لصغره، وأقاموا جامعاً آخر، أو لأن البلد فيها قبيلتان، أو جماعتان حصل بينهما وحشة وتهاجر وقطيعة، ويخشى لو اجتمعا في مسجد أن تقع بينهما كارثة؛ فلا حرج للعذر الشرعي، وأما من دون عذر فالواجب أن يصلوا في الجامع الموجود، ولا يحتاج إلى جامع آخر، ولا يتفرقوا، ولو قدر حاجته إلى التوسعة وسعوه إذا أمكن، فالحاصل: أنه بدون حاجة لا يجوز جامع ثان، فإذا دعت الحاجة إلى جامع ثان لضيق الأول، وعدم تيسر توسيعه، أو في توسيعه كلفة؛ فإنهم يصلون في جامع ثان ولا حرج والحمد لله.

    1.   

    حكم من تركت قضاء ما أفطرت من رمضان لأنها أُخبرت أن البكر لا تقضي

    السؤال: المستمعة: (ز. ك)، من اليمن الجنوبي، بعثت برسالة تقول فيها: عندنا قول أو رأي تناقلته النساء، وهو: أن البنت البكر التي تفطر في رمضان بسبب الدورة الشهرية ليس عليها قضاء، بعكس المرأة المتزوجة فإن عليها قضاء، ومع أننا لا ندري هل هذا الرأي صحيح أم خاطئ إلا أننا نأخذه مأخذ القبول.

    والسؤال: هل هذا الرأي صحيح أم أنه خطأ؟ وإذا كان خطأ ماذا تفعل المرأة التي مر عليها أكثر من رمضان ولم تقض ما عليها من صيام؛ بحجة أنه ليس عليها قضاء، نرجو التوجيه تجاه هذا الأمر الذي لا يعد حالة فردية، بل يعد حالة كثير من النساء اللائي سمعن هذا الرأي، ولكم الأجر والثواب؟

    الجواب: هذا غلط عظيم، الواجب على المرأة أن تقضي الصيام ولو كانت بكراً ولم تتزوج، فإنها متى حاضت أو بلغت خمسة عشر سنة، أو أنبتت الشعر الخشن حول الفرج وهو الشعرة، أو احتلمت وأنزلت المني باحتلام أو تفكير أو نحو ذلك؛ فإنها لها حكم النساء، وعليها أن تصلي الفريضة.

    فالخلاصة: أن عليها أن تقضي الصيام الذي تركته بعدما جاءها الحيض، ولو كان الحيض نزل بها وهي بنت عشر سنين أو إحدى عشرة سنة أو ثنتا عشرة سنة؛ فإنها تبلغ بذلك، وتكون مكلفة بذلك؛ فعليها القضاء وإن كانت بكراً لم تتزوج، هذا هو الواجب عليها عند جميع المسلمين.

    فالواجب الحذر من هذا الأمر، والتواصي بإعلام النساء ذلك؛ حتى تصوم الفتاة ما تركت من الأيام الماضية لسنة أو سنتين أو أكثر، عليها أن تصوم ما أفطرت في الأيام الماضية بعدما حاضت، أو بعدما بلغت خمسة عشر سنة، أو بعدما أنزلت المني باحتلام أو غيره كشهوة، أو بعد إنباتها الشعر الخشن حول الفرج، فإن المرأة تبلغ بأحد أربعة أمور: تبلغ بالحيض، وتبلغ بإكمال خمسة عشر سنة، وتبلغ بإنبات الشعر الخشن حول الفرج وهو الشعرة، وتبلغ أيضاً بالإنزال سواء احتلام أو غير احتلام، والرجل كذلك إلا الحيض فإنه خاص بالنساء.

    1.   

    حكم إقامة صلاة الجمعة باثني عشر رجلاً

    السؤال: المستمع: (د. ع. ن)، من سوريا، بعث يقول: سمعت من أحد طلاب كلية الشريعة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خطب الجمعة في اثني عشر رجلاً، هل هذا صحيح أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله!

    الجواب: نعم، كان يخطب وجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها، فلم يبق إلا اثنا عشر رجلاً، وهذا دليل على أنه يصح أن يخطب الإمام وليس معه إلا اثنا عشر، ويصح أيضاً أن يصلي ولو كان الجماعة اثنا عشر أو أقل، والصواب: أن الجماعة تنعقد بثلاثة فأكثر، إذا كانوا مقيمين مستوطنين في البلد أحراراً بالغين؛ فإنها تقام بهم الجمعة، أما من اشترط اثنا عشر أو أربعين أو غير هذا؛ فلا دليل عليه، والصواب: أنها تقام بثلاثة فأكثر من المكلفين الأحرار المقيمين المستوطنين في البلد، والحديث المذكور من الدلائل على أن الجمعة تقام باثني عشر، ولا حرج في ذلك.

    1.   

    اختلاف حكم من حلف بالطلاق باختلاف نيته

    السؤال: المستمع: (ف. م. أ)، مصري يعمل في المملكة، بعث برسالة يقول فيها: حلفت بالطلاق مرتين:

    المرة الأولى: أنه كان بيني وبين أختي خصام، فحلفت بالطلاق ألا أزورها في منزلها، وفي يوم من الأيام أحضرت إحدى قريباتي طفلاً عمره شهر، وقالت لي: هذا ابن أختك، وعليك أن توصله لها، وعلمت أن المقصود بهذا الصلح، فذهبت إليها في منزلها.

    والمرة الثانية: حلفت بالطلاق ألا آتي معصية وبعد مدة أتيت هذه المعصية، فهل يقع الطلاق أم أن علي كفارة؟ وإذا كان علي كفارة فما هي؟ أرجو الإيضاح جزاكم الله خيراً!

    الجواب: إذا كنت قصدت الامتناع من زيارة أختك، ومن المعصية، ولم تقصد إيقاع الطلاق؛ فإن عليك كفارة يمين، كما تقدم في جواب السؤال السابق.. عليك كفارة يمين إذا كان المقصود الامتناع من زيارة أختك، وكان المقصود أيضاً ترك المعصية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).

    أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن زرت أختك، أو أتيت المعصية أردت إيقاع الطلاق؛ فإنه يقع طلقة.. إذا كنت علقت طلقة واحدة؛ فإنه يقع طلقة واحدة بذلك؛ للحديث: (الأعمال بالنيات).

    المقدم: جزاكم الله خيراً!

    سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: اللهم آمين!

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768278991