هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: (نور على الدرب).
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز !
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم!
المقدم: حياكم الله!
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع مبارك سفر الغامدي من الباحة، أخونا مبارك له جمع من الأسئلة، في أحدها يقول: ما هو الأفضل: ختم القرآن في الشهر مرة أو مرتين، أو حفظ جزء منه؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالأفضل للمؤمن والمؤمنة أن يجمع بين الأمرين: يجعل وقتاً للحفظ ووقتاً للقراءة؛ حتى يتيسر له هذا وهذا إن شاء الله، فوقت يحفظ فيه ما تيسر من القرآن الكريم ويعتني به ويكرره حتى لا ينساه، ويجعل الوقت الثاني للقراءة؛ حتى يختم في كل شهر مرة، أو في كل عشرين مرة، أو في كل أسبوع مرة، كله حسن، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو : في كم تختم القرآن؟ فقال: إنه يختم في كل يوم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولضيفك عليك حقاً؛ فاقرأه في كل شهر، فقال: إني أطيق أفضل من ذلك، فلم يزل يقول له حتى قال: اقرأه في كل أسبوع، ثم طلب الزيادة فقال: اقرأه في ثلاث).
فالمقصود: أن الأفضل أن الإنسان يرفق بنفسه ولا يشدد، فإذا كان الأرفق به أن يقرأه في الشهر مرة فعل ذلك، وإن كان عنده قدرة وسعة من الوقت ختمه في كل عشرين أو في كل عشر أو في كل أسبوع، مع الترتيل ومع التدبر ومع التعقل، هذا هو الأفضل، والأفضل في كل أسبوع إذا تيسر له ذلك؛ لأن هذا أقرب إلى التدبر والتعقل، وإن شق عليه ذلك لمشاغله وحاجاته الأخرى قرأه في كل شهر.
أما الحفظ فيجعل له وقتاً خاص في الليل أو النهار، يحفظ فيه ما تيسير، قليلاً قليلاً حتى يكمل إن شاء الله حفظ القرآن.
فلا يجعل الزمن كله للحفظ، ولا يجعل الزمن كله للقراءة، بل يجعل وقتاً لهذا ووقتاً لهذا.
الجواب: معنى إسباغ الوضوء: إتمامه وإكماله على كل عضو بإبلاغ الماء.. بسيل الماء عليه، فإسباغه في الوجه: أن يعمه بالماء ولو مرة واحدة، وإن عمه ثلاثاً فهو أفضل.
وإسباغه في اليدين: أن يعم اليدين بالماء من أطراف الأصابع إلى المرافق، مع غسل طرف العضد حتى يدخل المرفق، والواجب مرة فقط، فإن كرره مرتين فهو أفضل، وإن كرره ثلاثاً فهو أفضل وأكمل، وإن دلك فلا بأس، الدلك أفضل ولكن لا يلزم الدلك، يكفي إمرار الماء.
والرأس يمسحه مرة واحدة، هذا هو الأفضل، يمسح رأسه مرة واحدة مع الأذنين، يبدأ بمقدمه إلى قفاه ثم يعيد يديه إلى مقدمه، هذا هو الأفضل ويدخل أصابعه السبابتين في أذنيه، ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، هذا هو السنة، ولا حاجة إلى التكرار.
أما القدمان فيغسلهما ثلاثاً، هذا هو الأفضل، ثلاثاً ثلاثاً، كل قدم ثلاثاً، يعم الماء القدم كله من الكعبين إلى أطراف الأصابع، فإذا عمه بالماء فهذا إسباغ، وإن كرر مرتين فهو أفضل، وإن كرر ثلاث فهو أكمل وأفضل، ولا يزيد على ثلاث، وإن دلك فهو أفضل وأكمل وليس بواجب.
المقدم: جزاكم الله خيراً!
يسأل سماحتكم عن إطالة الغرة جزاكم الله خيراً!
الشيخ: أما الغرة فمعناها: إطالة الغرة بمعنى الاستكمال للوجه، أما أن يزيد على ذلك فلا، وهو من إدراج أبي هريرة ، المعروف أنه موقوف على أبي هريرة ، وهكذا التحجيل، السنة ألا يطيل التحجيل، بل يقتصر على المرافق والكعبين، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ فلما غسل يديه أشرع في العضد، يعني: أدخل المرافق، ولما غسل رجليه أشرع في الساق، يعني: أدخل الكعبين، هذا هو السنة.
وكان أبو هريرة يطيل في التحجيل إلى الآباط في اليدين، وإلى حول الركبتين في الرجلين، وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه، والسنة خلاف ذلك، السنة هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
فقوله في الحديث: (من استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل)، الصواب: أنه مدرج من كلام أبي هريرة ، وليس من نفس المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الغرة يمكن إطالتها، الغرة محدودة بمنابت الشعر من فوق، وبالذقن من أسفل، وبالأذنين من الجانبين، هذا غسل الوجه، فكونه يغسل شيئاً من الرأس غير مشروع، بل يمسح.
وهكذا الرجلان واليدان السنة أن يغسل المرافق والكعبين، أما أن يغسل العضد كله أو الساق لا، غير مشروع هذا، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله هو القدوة عليه الصلاة والسلام، وإنما فعله أبو هريرة اجتهاداً منه رضي الله عنه، والصواب: أن هذا موقوف عليه.
الجواب: الدعاء في الختم غير محدود، إذا ختم القرآن يدعو بما تيسر، والأفضل أن لا يلحق بالقرآن شيء، بل يكون القرآن في المصحف فقط، لا يزاد عليه شيء، أن يكون مصحف ليس فيه شيء زيادة على القرآن، أما الدعاء فيكون في ورقة أخرى خارج القرآن، يكتبه في ورقة ويقرؤه لا بأس، يقرأ ما تيسر، والدعاء المنسوب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية دعاء طيب لا بأس به.
المقصود: أنه يقرأ ما تيسر، ليس فيه شيء محدود، يبدأ بحمد الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما يسر الله، ومن ذلك الدعاء المشهور: (اللهم إني عبدك ابن عبدك..)، هذا حديث ثابت، فإذا دعا به فهو أفضل، وإذا دعا بدعوات أخرى مع ذلك يسأل الله الجنة ويتعوذ به من النار، يسأل الله أن يمن عليه بفهم القرآن والعمل به؛ كل ذلك طيب.
الجواب: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن الوتر مرض أو نوم -كما قالت عائشة رضي الله عنها-؛ صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة شفعاً، وليس فيه قنوت، فإذا نام عن الوتر أو شغله شاغل سن له أن يقضيه من النهار -الضحى وهذا أفضل، وإن قضاه بعد الظهر فلا بأس- يصلي ركعتين ركعتين، ولا يوتر بل يشفع، فإذا كان عادته خمساً صلى ست ركعات ثلاث تسليمات، وإذا كانت عادته سبعاً صلى ثمان ركعات أربع تسليمات، وإذا كانت عادته إحدى عشر كفعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ صلى ثنتي عشرة ركعة كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الغالب من وتره إحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك، بتسع وسبع عليه الصلاة والسلام وخمس وثلاث، لكن الأكثر والأغلب كان يوتر بإحدى عشرة يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأغلب من فعله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا كان إذا فاته من الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة بست تسليمات، هذا هو الأفضل، وليس هناك قنوت، القنوت في الليل.. في الوتر.. في الواحدة الأخيرة.
الجواب: الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم اثنتا عشرة ركعة، هذه هي الرواتب، في الحضر لا في السفر، اثنتا عشرة ركعة، أربع قبل الظهر تسليمتين، وثنتين بعد الظهر؛ هذه ست، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء؛ هذه عشر، وثنتين قبل صلاة الصبح؛ هذه اثنا عشر، كان يواظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار).
فإذا صلى أربعاً بعد الظهر زاد ركعتين هذا أفضل، لكن ليست راتبة، الراتبة ثنتان، وإذا صلى أربعاً بعد الظهر فهذا فيه فضل وفيه خير عظيم.
وهكذا قبل العصر يستحب له أن يصلي أربعاً، لكن ليست راتبة بل مستحبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرأ صلى أربعاً قبل العصر).
وهكذا إذا صلى ثنتين قبل المغرب وثنتين قبل العشاء بين الأذانين مستحب، ولكن ليست راتبة، بل يستحب بعد الأذان أن يصلي ركعتين، بعد أذان المغرب وبعد أذان العشاء يصلي ركعتين غير تحية المسجد، أما تحية المسجد فإذا دخل ولو قبل الأذان صلاها، وإن دخل بعد الأذان بعد أذان المغرب أو بعد أذان العشاء صلى ركعتي التحية، وتكفي عن الركعتين بين الأذانين.
أما في السفر فالمشروع أن يصلي سنة الفجر فقط والوتر، في السفر يوتر ويتهجد بالليل، ويصلي سنة الفجر فقط، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فالأفضل تركها في السفر، لكن سنة الفجر كان النبي يحافظ عليها في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، وإذا فاتت قضاها بعد الصلاة أو بعد طلوع الشمس.
أما الرواتب الأخرى: الظهر والمغرب والعشاء فلا تقضى بعد الوقت، إذا ذهب الوقت لا تقضى، فلا يقضي سنة الظهر بعد العصر، ولا سنة المغرب بعد العشاء، ولا سنة العشاء بعد الفجر، لا تقضى.
أما سنة الفجر فتقضى، إن فعلها بعد الصلاة فلا بأس، وإن فعلها بعد طلوع الشمس وارتفاعها فهو أفضل.
وأما سنة الضحى والتهجد بالليل فهذا مشروع في السفر والحضر، وهكذا سنة الوضوء إذا توضأ تستحب في السفر والحضر.
وهكذا لو دخل المسجد في السفر صلى ركعتين أيضاً ولو في السفر.
المقدم: جزاكم الله خيراً!
إذاً نلخص الإجابة مرة أخرى إذا تكرمتم عن السنن التي يستحسن قضاؤها؟
الشيخ: تلخيص الإجابة:
أولاً: الرواتب اثنتا عشرة ركعة في الحضر خاصة:
أربعاً قبل الظهر تسليمتين.
وثنتان بعد الظهر تسليمة واحدة.
وثنتان بعد المغرب تسليمة واحدة.
وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة.
وثنتان قبل صلاة الصبح بعد طلوع الفجر؛ هذه هي الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
أما التي تقضى فهي سنة الفجر فقط، إذا فاتت تقضى بعد الفجر أو بعد ارتفاع الشمس.
وهكذا سنة الظهر القبلية تقضى بعد الظهر، لو فاتت السنة القبلية الأربع صلاها بعد الظهر ثم صلى ثنتين بعد الظهر، صلى ست: أربعاً الراتبة القبلية، وثنتين الراتبة البعدية.
الجواب: لا حرج في ذلك إن شاء الله، والصواب: أنه ليس عليك قضاء، أما الذي فعلت جاء على رأي بعض العلماء، وأن من تركها يقضي، ولكن الصواب أن المأموم إذا نسيها أو جهل الحكم الشرعي، أو حضر والإمام راكع؛ أجزأه الركوع وليس عليه قضاء؛ لأنها في حقه واجبة تسقط مع النسيان والجهل، وتسقط أيضاً مع فوات القيام إذا جاء والإمام راكع أجزأه أن يصلي مع الإمام، وتجزئه الركعة التي أردك ركوعها؛ لما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام، فركع معه، ركع دون الصف ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد)، ولم يأمره بقضاء الركعة؛ لأنه معذور بفوات القيام.
فهكذا من نسي القراءة مع الإمام، أو جهل الحكم الشرعي، أو جاء والإمام راكع فإنها تجزئه الركعة والحمد لله، هذا هو الصواب، بخلاف الإمام لا بد من قراءة الفاتحة في حقه، وإذا نسيها في الركعة الأولى تقوم الركعة الثانية مقامها ويأتي بركعة زائدة، وهكذا المنفرد؛ لأنها في حقهما ركن لا بد منه.
أما المأموم فأمره أوضح وأسهل؛ ولهذا ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن المأموم ليس عليه قراءة واجبة، يتحملها الإمام، ولكن الصواب أن عليه الفاتحة، إذا ذكر وعلم عليه الفاتحة؛ لظاهر الأحاديث وعمومها، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها).
فهذا يدل على وجوبها على المأموم، لكن إذا نسيها أو جهلها سقطت، كما لو نسي التسبيح في الركوع أو السجود سقط عنه الوجوب.
وهكذا إذا لم يدرك الإمام قائماً، وإنما أدركه راكعاً أو عند الركوع سقطت عنه لحديث أبي بكرة ، والأحاديث يفسر بعضها بعضاً.
الجواب: أولاً: ليس لمن يظن السحر في نفسه أن يذهب إلى السحرة والكهنة ليسألهم، لا يجوز له أن يتعاطى هذا عند السحرة أو الكهنة أو المنجمين، الرسول صلى الله عليه وسلم منع من إتيانهم، وقال عليه الصلاة والسلام: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)، وقال: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) عليه الصلاة والسلام.
وليس للعبد ولا للمرأة.. ليس للرجل والمرأة إتيان السحرة، يقول عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من سحر أو سحر له، أو تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له).
ولكن على من ظن السحر في نفسه، أو اتهم بالسحر أن يعالج بالقرآن والدعوات الطيبة والأدوية النافعة المباحة، هذا هو الواجب، والحمد لله، فإذا فعل ذلك يزول السحر بحمد الله، وقد جربنا هذا كثيراً، وعلمه وجربه أهل العلم والبصيرة، وهو يزول بالقراءة وبالأدوية النافعة، وقد كتبنا رسالة في هذا توزع، واستعملها الكثير من الناس ونفع الله بها، فمن أرادها وجدها في دار الإفتاء في المسجد عندنا، يأخذها ويستعمل ما فيها من الدعوات والقراءة، أو يستعمل ذلك له أخوه أو أبوه أو زوجها إن كانت امرأة أو أخوها.
وهكذا أنت أيها السائلة! في إمكانك أن ترسلي من يأخذ هذه النشرة التي فيها البيان بالآيات والدعوات التي تفعل، وتفعلينها أنت، أو يفعلها زوجك أو أخوك أو أبوك، ويزول المرض إن شاء الله، يزول هذا السحر إن شاء الله.
والعلاج بما شرع الله هو الواجب، (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء علمه من علم وجهله من جهل).
والله جعل كتابه العظيم القرآن شفاء لكل داء، قال تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، فإذا قرأ به المصاب، أو قرأ عليه غيره من أهل الإيمان والتقوى نفع الله بذلك، آية الكرسي، قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]، آيات السحر في سورة الأعراف وسورة طه، وفي سورة يونس، إذا قرئت على من أصيب بالسحر مع النفث نفعه الله بذلك، أو في ماء ثم شرب منه وتروش به نفعه الله بذلك، وهذا بيناه في النشرة التي ذكرنا لك آنفاً.
وإذا وجد شيئاً يدل على أنه أداة السحر يمزق.. يتلف، إذا وجد شعراً معقداً أو خيوط معقدة، أو أشياء أخرى يظن أنها من عمل الساحر فإنها تتلف، يجب إتلافها بإحراقها وإتلافها، ويبطل السحر بإذن الله.
وإذا ذهب المسحور إلى من عرف بالخير والقراءة ليقرأ عليه، أو امرأة تعرف بالخير ذهبت إليها المرأة فقرأت عليها؛ كل هذا طيب، أما الذهاب إلى السحرة والمنجمين والمشعوذين والمتهمين فلا يجوز أبداً، بل هو منكر، نسأل الله لنا ولك العافية والسلامة.
المقدم: جزاكم الله خيراً!
يسأل عن هؤلاء الذين يقرءون على الماء والزيت ويخنقون كما يقول بعض المرضى هل يجوز الذهاب لهم؟
الشيخ: هذا شيء آخر يتعلق بالجن، إذا كان الإنسان عنده بصيرة ورأى أن الإنسان قد أصابه مس من الجن؛ فله أن يضربه إذا رأى الضرب، وله أن يعالج بالوعيد، وله أن يعالج بالقراءة والدعاء، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم يعالجون بالضرب، إذا اقتضت المصلحة ذلك، ضرباً يضر الجني ولا يضر المصاب، يكون أثره وألمه للجني، ضرباً مناسباً ليس فيه خطر.
وهكذا الوعيد، وهكذا ما يتعاطاه من يحسن القراءة على المصابين بالجنون، يتعاطون أشياء توجب خروج الجني وتألمه حتى يخرج ويفارق المجنون.
فإذا كانوا أهل بصيرة وقد اعتادوا هذا الشيء ونجحوا فيه فالحمد لله، لا حرج في ذلك، والألم يكون للجني لا للمصاب، وهذا ذكره العلماء وبينوه.
أنا رجل أعمل في مزرعة وأسكن فيها، وهذه المزرعة تبعد عن المسجد حوالي أربعة كيلو مترات، لا أملك ما أركبه، فهل يحق لي أن أصلي مع زوجتي، وهل يصح معها الصلاة لو كان يصلي معي شخص آخر، وما هي شروط ذلك؟
الجواب: إذا كان الأمر كما قلت فإنك تصلي وحدك، ولا حاجة أن تصلي معك، وإن صلت معك خلفك فلا بأس، لا تصلي جنبك لكن تصلي خلفك، المرأة خلف الرجال.
أما أن يصلي معكما شخص آخر أجنبي فلا، أما إذا كان أخوها أو عمها أو أبوها يكون عن يمينك وهي خلفكما.
أما إذا كان أجنبي فلا تصلي معكما إلا إذا صلت وهي مستورة متحجبة لا يرى منها شيئاً فلا بأس الحمد لله، كما كان النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا تصلي مكشوفة أو متساهلة، بل تصلي وحدها في محل آخر، إذا كان معك أجنبي من العمال أو غيرهم، وإذا صلت خلفكم مستورة فلا حرج في ذلك، والحمد لله.
الجواب: لا حرج في ذلك، لكن الأصابع أفضل، إذا سبحت بالمسبحة أو بالنوى أو بالحصى فلا حرج في ذلك، لكن بأصابعك أفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبح بأصابعه، فأنت إذا سبحت بالأصابع يكون أفضل.
أما هذه إذا فعلتها في البيت بالحصى أو بالمسبحة فلا بأس، أما في المساجد لا، لا تخرج بها إلى المساجد، بل سبح بأصابعك.
الجواب: يجوز عند الحاجة الجمع بين الصلاتين إذا كان في السفر، يجمع بين الصلاتين أما أن يصليها قبل وقتها فلا، لكن يؤخر، زيادة في التأخير، فلا يصلي الظهر قبل وقتها، ولا يصلي المغرب قبل وقتها، لكن يجوز أن يؤخر المغرب مع العشاء، والظهر مع العصر، كالمسافر، وفي حالة القتال والحاجة إلى الجمع، وله أن يؤخرها أيضاً عن وقتها إذا اضطر إلى ذلك، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخر العصر حتى صلاها بعد المغرب يوم الأحزاب؛ لما اضطره المشركون إلى ذلك وقت الحرب، فإذا اضطر إلى ذلك جاز أن يؤخر الصلاة عن وقتها، لا يقدمها، بل يؤخرها عند الضرورة عند شدة الحرب، وله أن يصلي الصلاة كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم وقت الخوف، يصليها كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، بأن يجعل الغزو طائفتين: طائفة تصلي معه، وطائفة تقوم حذاء العدو.. تحرس العدو لئلا يهجم، ويصلي بهم كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي بالأولى ركعتين إذا كان في السفر قصراً، ثم تذهب تحرس وتأتي الطائفة الأخرى وتصلي وحدها، أو يصلي بهذه ركعة ثم تكمل لنفسها ثم تذهب تحرس، ثم تأتي الثانية وتصلي معه الركعة الثانية ثم تقضي لنفسها ثم تجلس معه ويسلم بها، كل هذه فعله صلى الله عليه وسلم.
وفعل أمراً آخر وهو أنه صلى بهذه ركعتين وبهذه ركعتين، صلى بطائفة ركعتين ثم ذهبت تحرس، ثم جاءت الطائفة الأخرى وصلى بهم ركعتين، وصارت الركعتان الأخيرتان له نافلة؛ كل هذا من فعله عليه الصلاة والسلام.
وله أفعال أخرى في الخوف، إذا كان العدو أمام القبلة له أن يجمعهم جميعاً ويصلي بهم جميعاً، وإذا سجد في الركعة الأولى سجد معه الصف الأول، وبقي الصف الثاني يحرس.. ينظر، فإذا قام الصف الأول من السجود سجد الصف الثاني؛ هذا كله أيضاً فعله عليه الصلاة والسلام.
فالخوف له حالات متنوعة، وإذا اضطر إلى أن يؤجل الصلاة وأن يؤخرها عن وقتها فالصواب أنه لا حرج في ذلك، لفعله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب.
وقد فعله الصحابة في قتال الفرس، كما ذكر أنس رضي الله عنه أنه في بعض الأيام التي لقوا فيها العدو -الفرس- عند فتح تستر فتحوها عند طلوع الفجر في وقت صلاة الفجر، وشغل الناس عن الصلاة؛ لأن بعضهم صاروا على السور، وبعضهم على الأبواب، وبعضهم نزلوا في البلد، فاشتد القتال والحصار فلم يتمكنوا من صلاة الفجر؛ فأخروها حتى صلوها ضحى، قال أنس رضي الله عنه: فما أحب أن لي بها كذا وكذا، يعني: لأنا أخرناها لأمر شرعي وحاجة شديدة وضرورة، فلا حرج في هذا على الصحيح.
المقدم: جزاكم الله خيراً!
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك!
المقدم: اللهم آمين!
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته.
وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر