هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: (نور على الدرب).
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يسأل فيها فيقول:
إذا كان لشخص تجارة وهو يشتري ويبيع، ومثلاً: يشتري سلعة بمائة ويبيعها بمائتين، فهل تصرفه هذا وتعامله هذا صحيحاً؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا التصرف فيه تفصيل: إن كان ذلك عن غير غش ولا خداع فلا بأس؛ لأن السلعة قد يشتريها اليوم بكذا، ويحصل فيها غلاء غداً، فلا بأس أن يشتري سلعة بمائة ويبيع بمائتين، إما نقداً وإما مؤجلاً، إذا لم يكن في ذلك غش للناس ولا خداع، أما إذا كان فيه غش، كأن تكون في السوق تباع بمائة -في الأسواق- فيغش الناس ويبيع بمائتين ويقول: إنها تسوى مائتين، ولا يبين لهم أنها تباع في الأسواق، يغش بها الناس الذين ليس عندهم بصيرة بالأسواق؛ فهذا ظلم.. غش لا يجوز، إذا كان يعلمها أنها تباع في الأسواق بكذا مائة، ما يجوز يبيعها على الناس بأكثر من ذلك، بل يرشدهم يقول: ترى تباع في السوق بكذا، أما أنا فما ببياع إلا بكذا، يبين لهم، أما إذا اشتروا منه مع البيان، والمشتري يعقل ويفهم فلا بأس؛ لأنها قد تكون بعيدة عنه، ويريد أنه محتاج لها في الحال، قد يكون له أسباب إذا أخذها بالغلاء.
فالحاصل: أنه لا بد أن يبين أنها في السوق بكذا وكذا، إذا كانت تباع في الأسواق مستقرة معروفة.
رجل بلغ من العمر خمسة وخمسين عاماً، ولم يكن يصلي ولا يصوم، فسأل هذا شخصاً فأجابه قائلاً: عليك بقضاء ما فاتك من صلاة وصيام، وإن لم تقض ما فاتك سوف تصلي على بلاط جهنم، هل ما قيل صحيح؟ وبم ترشدون هذا الرجل؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب: الواجب عليه أن يتوب إلى الله، وليس ما قيل له صحيح، من تاب تاب الله عليه، فليس عليه القضاء، عليه أن يتوب إلى الله مما ترك من الصلاة والصيام، ويكفي ذلك، التوبة تجب ما قبلها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (التوبة تهدم ما كان قبلها)، والله يقول سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
فالكافر إذا تاب ليس عليه قضاء، بل عليه أن يستقبل عمره بالعمل الصالح، وبالجد في تقوى الله، وطاعة الله، وأداء حقه بترك محارمه، أما إذا كان المسلم ترك الصيام، مو بالصلاة، ترك الصيام أو ترك الزكاة يقضي؛ لأنه مسلم، أما إذا ترك الصلاة صار كافراً.. ترك الصلاة كفر أكبر، والكافر عليه أن يتوب توبة جديدة، ولا يقضي ما فات، ليس عليه قضاء ما مضى من زكوات في حال كفره، أو صلوات في حال كفره، أو صيام في حال كفره، لا. لا يقضي؛ لأن كفره أعظم، فإذا تاب إلى الله؛ فإنه يستقبل الزمن.. يستقبل العمل الصالح، والتوبة تجب ما قبلها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا، والصحابة لم يأمروا المرتدين أن يقضوا، لما ارتد جماعة من الناس في عهد الصديق قاتلهم الصديق وقاتلهم الصحابة، وتاب منهم بعضهم ولم يؤمروا بالقضاء.
إذا طلق الرجل زوجته طلقة واحدة، ثم مضى على هذه الطلقة ثلاثة شهور كاملة، ثم أراد أن يسترجعها إلى عصمته، فهل تصح له بعد ذلك بعقد جديد، أم أنها قد برئت منه؟
الجواب: إذا طلقها طلقة واحدة وقد دخل بها.. قد خلا بها أو جامعها له الرجعة، إذا كان قد دخل بها، يعني: قد وطئها، أو خلا بها خلوة كاملة، بحيث أغلق عليهم الباب وتمكن من جماعها، فهذا إذا طلقها طلقة واحدة له المراجعة، ما دامت في العدة، والعدة ثلاث حيض، ما دامت لم تحض ثلاث حيض، ولو طالت الشهور له المراجعة، أن يقول: راجعت امرأتي، أو قال: راجعت امرأتي، أو رددتها إلي، أو أمسكتها أو نحو ذلك يكفي، والسنة أن يشهد شاهدين على ذلك؛ لقوله تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2]، يشهد الشاهدين أنه راجعها، وهكذا إذا كانت حاملاً يراجعها ما لم تضع حملها، ما تزال في العدة حتى تضع الحمل فيراجعها، أما إن كانت ليست حاملاً، وليست ذات حيض، مثل إذا كانت عجوز كبيرة آيسة، أو صغيرة ما تحيض، فهذه عدتها ثلاثة أشهر، إذا مرت ثلاثة أشهر من حين الطلاق، فليس له أن يراجعها إلا بعقد جديد، إذا كانت لا تحيض لكبر سنها، أو لصغرها؛ فإنه يعيدها.. يراجعها قبل ثلاثة أشهر، فإن انقضت الثلاثة فليس له المراجعة إلا بعقد جديد، ومهر جديد، وشاهدي عدل يحضران، مثل النساء الأجنبيات، كأنه ما تزوجها أصلاً، لا بد من عقد جديد..
أما إن كان طلقها قبل أن يدخل بها.. قبل أن يخلو بها، عقد ولكن طلق، ما خلا بها ولا وطئها. هذه ليس له مراجعتها، بل تبين بينونة صغرى، ولا تحل له إلا بعقد جديد إذا طلق طلقة واحدة ولم يدخل بها ولم يخل بها تكفيها الطلقة، ليس له أن يرجع إليها إلا بعقد جديد ومهر جديد وشهود؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، فإذا طلقها قبل المسيس، وقبل الجماع، وقبل الخلوة التي تمكنه من الجماع مثلما أفتى الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، أفتوا بأن الخلوة تقوم مقام الجماع؛ لأنه مظنة الجماع.. مظنة أن يجامعها، فإذا خلا بها وأغلق الباب وتمكن منها، ثم طلقها طلقة له الرجعة كما تقدم، أما إذا كان ما خلا ولا جامع، بل العقد فقط، عقد عقداً فقط ثم طلق؛ هذا ليس له عليها عدة، تبين بينونة صغرى تحل له بعقد جديد، يعني: بنكاح جديد، بمهر جديد، وشهود ويقول الولي: زوجتك، ويقول: قبلت.
قوم سافروا سفر قصر، وفي أثناء سفرهم هذا مروا ببلد وقت صلاة العشاء وهم لم يصلوا المغرب، فدخلوا مع جماعة المسجد على حالات ثلاث:
الأولى: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة العشاء، وبعد السلام صلوا المغرب قضاء.
الحالة الثانية: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة المغرب، فلما قام الإمام لركعته الرابعة جلسوا حتى سلم الإمام فسلموا معه، وصلوا العشاء بعد ذلك.
الحالة الثالثة: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة المغرب أيضاً، فلما قام الإمام لركعته الرابعة جلسوا فتشهدوا وسلموا، ولحقوا بالإمام في الركعة الرابعة له بنية صلاة العشاء لهم، وأكملوا بعد ذلك ثلاث ركعات لكي تتم صلاة العشاء، فأي هذه الحالات وافقت الصواب؟ وهل على أحد منهم إعادة؟ أفتونا مأجورين، جزاكم الله خيراً.
الجواب: الطائفة الأولى: الذين صلوا العشاء معه ثم صلوا المغرب عليهم أن يعيدوا العشاء؛ لأنهم غيروا الترتيب، الواجب عليهم الترتيب، صل المغرب ثم العشاء، وليس للجماعة عذر في ترك الترتيب، فعليهم أن يعيدوا صلاة العشاء؛ لأنهم صلوها قبل المغرب، أما الذين صلوا مع الإمام بنية المغرب وجلسوا في الثالثة وانتظروا حتى سلموا معه؛ فهؤلاء قد أصابوا ولا شيء عليهم والحمد لله.
الثالثة: جلسوا بعد الثالثة وتشهدوا وسلموا، كملوا المغرب، ثم قاموا وصلوا معه الرابعة بنية العشاء، هؤلاء الأقرب والأظهر -إن شاء الله- أنها تجزئهم وتكون صحيحة -الحمد لله- لكن الذين جلسوا حتى سلموا معه أولى وأحوط.
ما معنى: (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)؟
الجواب: معناها واضح، معنى: (اللهم لا مانع لما أعطيت)، يعني: ما قدر الله أنه يحصل لك، وما قضى في علمه السابق أنه يحصل لك لا أحد يمنعه، لا أحد يستطيع يمنعه، فإذا قدر الله أنه يولد لك ولد، أو أنك تزوج فلانة، أو أنك ترزق ولاية، أو منزل، لا أحد يرد هذا.. لا أحد يستطيع رد ذلك، ما قضاه الله وقدره سبحانه لا أحد يستطيع رده، وهذا معنى قوله جل وعلا: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا [فاطر:2].
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا معطي لما منعت)، معناه: أن ما منعه الله ولم يقدره لك، لا أحد يستطيع أن يوصله إليك، فإذا كان الله قدر أنه لن يولد لك، لا أحد يستطيع أن يأتي لك بولد، وإذا كان الله قدر الله لك أنك تموت في مكة أو في المدينة ما أحد يستطيع منع ذلك، وإذا قدر لك أنك تكون غنياً لا أحد يستطيع أن يمنع عنك الغنى، وهذا معنى قوله جل وعلا: وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ [فاطر:2]، فالآية بمعنى الحديث، مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ [فاطر:2].
وأما قوله: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، الجد: الغنى والحظ والبخت، فلا ينفع ذا والغنى والمال والوظائف، لا ينفعه غناه من الله جل وعلا، فلا يغنيه عن الله سبحانه وتعالى، من ذلك جده وغناه ووظائفه، يعني: لا أحد يرضيه بدلاً من الله، بل ما أراده الله به نافذ.
(ولا ينفع ذا الجد منك)، يعني: بدلاً منك وعوضاً منك الجد، لن يغنيه عن الله حظه، ولا ماله، ولا جاهه، بل هو فقير إلى الله في كل شيء، مهما كانت له الأموال والغنى والحظ والوظائف فهو فقير إلى الله، متى شاء ربك سلبه هذا كله، يقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15]، سبحانه وتعالى.
فالعباد في أشد الضرورة إلى ربهم، وليس لهم غنى عنه سبحانه وتعالى أبداً، بل هم فقراء إليه وإن كانوا ملوكاً، وإن كانوا أغنياء، وإن كانوا أصحاب ثروات طائلة فهم فقراء إليه، ومتى شاء سلبهم ملكهم ومالهم في طرفة عين سبحانه وتعالى.
الجواب: معناها: أنها لا تثبت إلا بالشرع، لا بآراء الناس، ما يكون القول عبادة ولا الفعل عبادة إلا بنص من الله ومن رسوله.. من القرآن أو السنة، أما قول الناس: هذه عبادة لا.
توقيفية، يعني: لا بد أن يكون فيها نص عن الله .. الله هو المشرع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، يعني: فهو مردود، وقال صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، يعني: فهو مردود، وكان يقول في خطبه عليه الصلاة والسلام في الجمعة وغيرها: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)، فليس لأحد أن يأتي بتشريع جديد، بل لا بد من الوقوف مع شريعة الله، فلو قال إنسان: يشرع للناس أن يصلوا صلاة سادسة في أثناء النهار، في الساعة العاشرة من الضحى قبل الظهر، أو صلاة سادسة في وسط الليل غير العشاء، لم يشرع هذا، هذا يكون باطل.. يكون بدعة، لا يجوز، أو قال: يلزمهم أن يصوموا شهراً آخر غير رمضان، أو يشرع لهم أن يصوموا شهراً ما شرعه الله. فهذا بدعة، أو يقول: يشرع لهم أن يصلوا صلاة خاصة مقدارها ثلاث ركعات غير الوتر يعني، في النهار ثلاث ركعات، أو خمس ركعات بنية كذا أو بنية كذا يتعبد بها فهذا باطل، الله شرع لعباده ثنتين ثنتين، أو أربع، ثمان، المقصود شفعاً، والسنة ثنتين ثنتين في النهار، والواجب ثنتين ثنتين في الليل إلا ما شرعه الله من الوتر ثلاثاً أو خمساً كما جاء بها الحديث.
المقصود: ليس لأحد أن يشرع شيء جديد.. ليس لأحد أن يشرع شيئاً لم يأت في الكتاب والسنة أنه مشروع سواء كان قولياً أو عملياً.
سماحة الشيخ! أنا امرأة -بفضل الله ومنته علي- أؤدي فرائض ربي، وأعمل ما أطيق من السنن، ولكنني أجد مشكلة في الجلوس مع النساء، وكلنا يعلم ما في مجالس النساء من غيبة ونميمة، وأنا تحتم علي ظروف مسكني أحياناً إلا أن أجلس معهن، فتراني أحياناً لا أرضى بما يدور منهن من غيبة ونميمة وأنصحهن، وأحياناً -إما ناسية أو أجد عدم القدرة أو الملل من كثرة النصح- أسكت فلا أشارك ولا أنكر، فهل علي إثم في ذلك؟
الجواب: نعم، عليك إثم إذا جلست معهن ولم تنكري، عليك أن تقومي عنهن، أنكري عليهن الغيبة والنميمة وغيرها من المعاصي، فإن أجابوك وامتثلوا، فالحمد لله، حصل المطلوب، فإن أبوا وأصروا فقومي عنهن، يقول الله جل وعلا: فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام:68]، ويقول جل وعلا: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ [الأنعام:68].
فالمقصود: أنه جل وعلا أمر من جلس مع قوم فخاضوا في باطل أن يقوم عنهم إن لم يمتثلوا.
فالحاصل: أن عليك أن تنكري المنكر، وأن تأمري بالمعروف، فإن أجابوا وامتثلوا فالحمد لله، وإلا فتفارقي المحل؛ لقوله سبحانه: فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام:68].
ما صحة هذا الحديث: عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه
ثم يستمر سماحة الشيخ! فيسأل: هل هذا الحديث صحيح؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: ليس بصحيح، ولكن المؤمن يستعين بالله في كل شيء، في حفظ القرآن وحفظ السنة، وفي جميع الأحوال، يسأل ربه أن يعينه على حفظ السنة، يعني حفظ الأحاديث الصحيحة، يسأل ربه أن يعينه على حفظ القرآن وعلى فهم معناه، يسأل ربه أن يعينه على المحافظة على الصلاة في الجماعة.. إلى غير ذلك، يستعين بالله ويضرع إليه، وهو قريب سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].
أنا -ولله الحمد- ملتزمة، وأحفظ من كتاب الله سبعة أجزاء ونصف، وأسمع القرآن عن طريق الأشرطة يومياً صباحاً ومساء، فهل يكفي السماع للقرآن دون تلاوته؟ وهل أثاب في سماعي للأشرطة؟ وأيهما أفضل: السماع أم التلاوة؟ وهل أعد من هاجرات القرآن إذا لم أقرأ واكتفيت بالاستماع؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.
الجواب: المشروع الجمع بين الأمرين: الاستماع والقراءة، كان النبي يقرأ ويستمع عليه الصلاة والسلام، فأنت افعلي الأمرين: اجتهدي في القراءة في الأوقات المناسبة، واجتهدي في السماع.. سماع القرآن من أصحاب الأصوات الطيبة والقراءات الطيبة؛ لأن الإنسان قد يخشع ويتأثر كثيراً بسماع صوت غيره؛ فافعلي الأمرين جميعاً، لا تتركي القراءة في بعض الأوقات، ولا تتركي السماع، افعلي هذا وهذا.
الجواب: لا تعد من الهاجرات؛ لأن المستمع كالقارئ، لكن كونها تجمع بين الأمرين.. كون القارئ يجمع بين الأمرين بين القراءة والاستماع هذا أكمل وأفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، وإلا فالمستمع له أجر عظيم.
الجواب: الظاهر -والله أعلم- أن هذا يرجع إلى ما يقع في القلب، إذا كان الخشوع في القلب والتأثر بالقرآن بالقراءة أكثر صارت القراءة أفضل، وإذا كان التأثر بالاستماع أكثر صار الاستماع أفضل، فهو على حسب ما يجده القارئ والمستمع، فإذا كان يحصل له بسماع القرآن من الأشرطة، أو من شخص معين.. قارئ معين تأثر وخشوع وخوف من الله ورغبة فيما عنده، وتحسن في أوضاعه فليكثر من هذا، وهذا أفضل له من مجرد القراءة، وإن كانت قراءته أشد أثراً في قلبه، وأنفع له فليكثر من القراءة.
الجواب: إذا وصفه بما يعلم فلا بأس، إذا كان صادقاً فلا بأس، أما الشخص فينبغي أن يقول: إن شاء الله.. أنا محافظ إن شاء الله.. أنا مؤمن إن شاء الله، هكذا كان السلف احتياطاً؛ لأنه قد يكون مقصراً، يقول: إن شاء الله، يعني: إن لم أقصر في هذا الشيء، فيقول: أنا محافظ إن شاء الله، أنا ملتزم إن شاء الله.. أنا مؤمن إن شاء الله، هذا هو الصواب عند أهل السنة، تأتي بـ(إن شاء الله) احتياطاً.
هل يجوز صيامها متفرقة، مثلاً: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، أو سبعة عشر وتسعة عشر وعشرين؟
الجواب: يجوز أن يصوم المؤمن الثلاثة في أي وقت من الشهر، الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بثلاثة أيام من كل شهر، سواء كانت في أوله أو في وسطه أو في آخره، الأمر واسع بحمد الله.
وإن تيسر أن تصام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر متوالية فهو أفضل، وإلا فالأمر واسع، يصوم الإنسان البيض في أي وقت من الشهر والحمد لله، مفرقة أو متوالية.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً كوننا نطلق عليها قولنا: الأيام البيض لا يشترط أن تكون في وقت معين من الشهر؟
الشيخ: ما يقال: بيض إلا إذا كانت في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وإلا فيقال: ثلاثة أيام.. ثلاثة من الشهر ويكفي، لكن إذا قال: بيض؛ فالبيض المراد الثلاثة التي ليلها بيض ونهارها أبيض.. أبيض القمر في الليل، والنهار نهار، هذه هي أيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، يقال لها: أيام البيض.
هل يجوز لبس الحلي التي تكون على شكل عضو من أعضاء الجسم كالكف مثلاً أو غيره، وسواء كان ذلك في الصلاة أو خارج الصلاة؟
الجواب: لا حرج في ذلك، الممنوع الصورة.. صورة الرأس، أما إذا كان ما في رأس يد أو كف أو أصبع ما يضر.
الجواب: السنة أن يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع التشهد الأول، هذا هو الأرجح، ثم تقوم ويقوم الرجل إلى الثالثة بعد الصلاة على النبي.
وإذا قال الشهادة ثم قام إلى الثالثة كفى والحمد لله، لكن كونه يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، فيقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، ثم يقوم إلى الثالثة، هذا الأفضل على الصحيح؛ لأن الأحاديث عامة.
المقدم: سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته.
وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر