الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: (نور على الدرب).
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ! ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً.
الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من مستمع رمز إلى اسمه بالحروف: (ب. س. م)، أخونا يسأل ويقول:
أعمل في شركة ومالكها لا يصلي، فهل يجوز لي العمل عنده ومعه؟ وجهوني جزاكم الله خيراً!
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلا حرج في ذلك إذا كانت الأعمال مباحة ليس فيها منكر، فلا حرج في ذلك، ولكن إذا تيسر أن يكون عملك عند رئيس مسلم فهو أحوط وأحسن.
والدتي كبيرة في السن، وأبيه لديه زوجة وأولاد صغار وراعي غنم، فهل يجوز لوالدي أن يأمر والدتي بالعمل في الأعمال الشاقة مثل أعمال الغنم دون الذهاب بها، مع العلم أن والدتي لا تطيق مثل هذه الأعمال؟ أفيدونا مأجورين جزاكم الله خيراً.
الجواب: الواجب على المرأة أن تعمل الأعمال المعتادة مع زوجها في بيتها. أما إذا كانت الأعمال غير المعتادة؛ فإنها لا يلزمها ذلك، وإذا كانت لا تستطيع فإنه لا يكلفها أيضاً، (إنما الطاعة في المعروف)، وعليها أن تعمل في بيتها ما جرت به العادة من طبخ وكنس بيت وحاجة مما يفعله أمثالها. أما الشيء الذي يضرها أو يشق عليها، أو ليس من عادة أمثالها فعله؛ فلا يجوز تكليفها به إلا إذا رضيت بذلك وسمحت.
المقدم: إذا كان أمثالها في البادية يقومون بشئون الغنم؟
الشيخ: إذا كان مثلها يقوم بهذا، والزوجة الثانية تشاركها تقوم بنصيبها، ما يجعل النصيب الثاني على هذه فلا بأس، عليها قسطها.
الجواب: إذا كانت متيقنة أنها حلفت فعليها كفارة، أما إذا كان عندها شك فلا يلزمها الكفارة، لكن من باب الاحتياط إذا كفرت يكون حسن. أما اللزوم فلا يلزمها كفارة إلا إذا تيقنت أنها قد حلفت أن لا تأخذها.
أنا شاب عمري خمسة وعشرون عاماً، أعمل راعي غنم، وبعيد عن المدينة؛ ولذلك فإني لا أصلي صلاة الجمعة، فماذا يترتب علي؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب: إذا كنت بعيداً عن المدينة لا تسمع النداء لبعدك؛ فإنه لا يلزمك الجمعة، عليك صلاة الظهر فقط.
أما إذا كنت قريباً تسمع النداء تسمع الأذان كالمعتاد فيلزمك، إذا كان عند الغنم من يحفظها، أما إذا كنت تخشى عليها أيضاً فلا يلزمك، أنت معذور.
الجواب: إذا كنت تستطيع أن تحج قبل الزواج فقدم الحج، أما إذا كنت تخشى على نفسك، أو المال لا يتسع لهذا وهذا؛ فابدأ بالزواج؛ لأن الزواج من الضروريات التي لا بد منها، كالطعام والشراب واللباس، فتبدأ بالزواج ومتى فضل شيء واستطعت الحج، تحج بعدين إن شاء الله.
أما إذا كان المال يتسع لهذا وهذا، أو لا يشق عليك تأخير الزواج؛ فابدأ بالحج، والحمد لله.
الجواب: جاء في حديث في سنده ضعف (من تزوج فقد أحرز شطر دينه؛ فليتق الله في الشطر الآخر)، لكن لا أعلم الآن له إسناداً صحيحاً، نعم، لكنه مشهور.
أخونا له جمع من الأسئلة في أحدها يقول:
في قريتنا النساء يصلين بثوب الرجل، فهل يجوز للمرأة أن تصلي بثوب الرجل، وهل هذا من التشبه؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: ليس للمرأة أن تصلي في ثوب الرجل، ولا أن تلبسه لأي حاجة؛ لأن هذا من التشبه بالرجال ولا يجوز، عليها أن تعمل أعمالها في لباسها، ولا تعمل في لباس الرجال، لا في الصلاة ولا في غيرها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المرأة تلبس لبسة الرجل، ولعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة).
كل منهما حرام عليه التشبه بالآخر، فعليها أن تعمل أعمالها في لباسها، ولا تلبس لباس الرجل، لا في الصلاة ولا في غيرها.
الجواب: هذا السنة، ليلة عيد الفطر القابلة إن شاء الله ليلة الأحد، نحن الآن في ليلة السبت ثلاثين رمضان، فليلة العيد يسن فيها التكبير مع الصباح إلى انتهاء الخطبة؛ لقوله جل وعلا: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185].
فالسنة التكبير ليلة عيد الفطر، في الليل وفي الصباح، وعند اجتماعهم في المسجد حتى ينتهي الإمام من الخطبة، كله تكبير، سنة.
وهكذا في عيد الأضحى السنة التكبير في أيام العشر من دخول الشهر، من أول ليلة من شهر ذي الحجة على ليلة العيد.. على يوم العيد.. على أيام التشريق، ثلاثة عشر يوم كلها تكبير في شهر ذي الحجة، من أول الشهر إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر كله تكبير، لكن في يوم عرفة وما بعده يكون تكبير مقيد ومطلق، يكبر تكبيراً مقيد بعد الصلوات الخمس، ويكبر في بقية الأوقات، المسلم والمسلمة الرجل والمرأة، بعد صلاة الفجر من يوم عرفة ويوم العيد وأيام التشريق تكبير أدبار الصلوات، وفي بقية الزمان، يعني: مع بقية النهار والليل، في منى وفي غير منى، في المدن والقرى، في الصحاري والسفر، السنة التكبير للمسلمين رجالاً ونساء.
وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجان أيام العشر إلى الأسواق يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام أعظم عند الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتحميد والتكبير)، وبهذا يعلم أن التكبير مشروع في العيدين، في ليلة عيد الفطر جميعها، وفي صباح يوم عيد الفطر إلى أن يفرغ الإمام من الخطبة.
وفي شهر ذي الحجة من أول الشهر إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر كله تكبير، لكن في الخمسة الأيام التي هي التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة يسن فيها التكبيران المطلق والمقيد، وفق الله الجميع.
الجواب: عليك أن ترده إلى المسجد، ولا يجوز لأحد أن يأخذ من المسجد لنفسه ولا لغيره، مصاحف المسجد تبقى في المسجد للمصلين والقارئين، وليس لأحد أن يأخذ من المسجد المصاحف التي فيه ويعطيها الناس، أو يستعملها في بيته. لا، يستعملها في المسجد بس فقط، فعليك أنت أن ترد هذا المصحف إلى المسجد الذي أخذه منه، وتعلم صاحبك أنه لا يتعود على هذا، ولا يفعله.
في أحد أسئلته يقول:
ما حكم صيام التاسع من ذي الحجة؟
الجواب: يوم التاسع سنة، يوم عرفة، سنة لجميع الناس صيام يوم عرفة، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن يوم عرفة، فقال عليه الصلاة والسلام: (يكفر الله به السنة التي قبله والسنة التي بعده).
فيوم عرفة يسن صيامه للرجال والنساء، إلا من كان في الحج فلا يصوم، من كان حاجاً فإنه يقف يوم عرفة مفطراً، هذا السنة، أما غير الحجاج فالسنة لهم أن يصوموا إذا تيسر ذلك.
الجواب: نعم، رواه البخاري ومسلم في الصحيحين، فصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.
أما الصلاة في المسجد الحرام فإنها بمائة ألف صلاة، وبمائة صلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم، أفضل من مائة صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأفضل من مائة ألف في بقية المساجد الأخرى ما عدا المسجد الأقصى، فإن الصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة أيضاً.
وهذه هي المساجد الثلاثة: المسجد الحرام وهو أفضلها، ثم المسجد المدني.. مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو الثاني، ثم الثالث وهو المسجد الأقصى بيت المقدس هو الثالث، الصلاة فيه بخمسمائة صلاة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى).
ليس لأحد شد الرحل للتعبد في أي مسجد إلا هذه الثلاثة، ولا في أي بقعة يتعبد فيها يشد الرحل لها إلا هذه الثلاثة.
وشد الرحل لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه وللتعبد والقراءة والاعتكاف ونحو ذلك.
وإذا زار الإنسان المسجد يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، إذا شد الرحل إلى المسجد؛ فإنه يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، يسن له ذلك، ويسن له أيضاً أن يزور البقيع، ويسلم على أهل البقيع، وعلى الشهداء في أحد، ويسن له أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه أيضاً، كان النبي يزوره صلى الله عليه وسلم مسجد قباء.
لكن لا يشد الرحل من أجل القبر، يشد الرحل من أجل المسجد والقبر تبع، فإذا وصل المدينة وصلى في المسجد يستحب له أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، فيقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.. السلام عليك يا أبا بكر الصديق .. السلام عليك يا عمر! ويترضى عنهما.
وإذا زاد وقال في حق النبي صلى الله عليه وسلم: أشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، فجزاك الله خيراً عن أمتك، وصلى الله وسلم عليك. كل هذا حسن.
وإذا قال في حق الصديق وعمر رضي الله عنهما: جزاكما الله خيراً عن أمة محمد عليه الصلاة والسلام، ودعا لهما فحسن أيضاً، لكن لا يخص شد الرحل للقبر، إنما شد الرحل للمسجد، ويكون القبر تابعاً لذلك.
الجواب: أهل الزكاة مثلما قال الله في سورة براءة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ [التوبة:60]، هؤلاء هم أهل الزكاة، الفقراء والمساكين الضعوف، يعني: الذي ما عندهم مال يكفيهم، مالهم قليل، والفقير ما عنده شيء إلا شيء يسير أو ما عنده شيء بالكلية، والمسكين عنده بعض الشيء، هو أحسن حالاً من الفقير، وإذا أطلق هذا دخل فيه الآخر، إذا قيل المسكين دخل فيه الفقير، وإذا قيل: الفقير دخل فيه المسكين.
والعاملون عليها: هم الجباة والحفاظ الذين يرسلهم ولي الأمر إلى الناس يجبون منهم الزكوات، هم يقال لهم: العمال.
والمؤلفة قلوبهم: هم الذين يعطون لأجل تقوية إيمانهم، أو رجاء إسلامهم، أو كف شرهم عن الناس، سواء كانوا مسلمين أو كفار، إذا أعطوا لأجل رجاء إسلامهم، أو قوة إيمانهم حتى يقوى إيمانهم، أو حتى يكف شرهم، أو حتى يسلم نظراؤهم؛ فهذا مطلوب، ويقال لهم: المؤلفة قلوبهم على الدين يعني.
والخامس: (في الرقاب)، إعتاق الرقاب وإعتاق الأسارى من الزكاة لا بأس.
والسادس: (الغارمون) المدينون الذين عليهم ديون، يعجزون عن أدائها، هؤلاء يعطون من الزكاة، لكن إذا كان غارماً لإصلاح ذات البين؛ فيعطى ولو كان غنياً حتى يؤدي الحمالة، لو أن إنسان غرم حتى يصلح بين قبيلتين، أو أهل قريتين أو جماعتين أصلح بينهم بمال فهذا محسن، ويعطى هذه الغرامة من الزكاة وإن كان هو غنياً إذا طلبها.
أما الغارم لحاجاته.. نفقة عياله.. لحاجاته؛ فهذا يقال: غارم لنفسه، فإذا كان فقير عاجز يعطى من الزكاة ما يسد به الغرامة.
والسابع: (في سبيل الله) وهم المجاهدون، يعطون إذا كان ما لهم ما يكفيهم من بيت المال يعطون من الزكاة ما يكفيهم في الجهاد.
والثامن: أبناء السبيل، الإنسان الذي يمر بالبلد، تذهب نفقته أو تسرق نفقته أو نحو ذلك يعطى ما يوصله إلى بلده، وإن كان غنياً في بلده، إذا كان مر بك في البلد، وقال: إن نفقته ضاعت، ما معه شيء، أو سرقت يعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلده.
الجواب: الحلي التي في أيدي النساء فيها خلاف بين العلماء، منهم من قال: فيها الزكاة، ومنهم من قال: ليس فيها زكاة؛ لأنها مستعملة، والصواب أن فيها الزكاة، الراجح من أقوال العلماء أن فيها الزكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، والنصاب من الذهب: عشرون مثقالاً، اثنين وتسعون غراماً، مقداره بالجنيه السعودي إحدى عشر جنيه ونص سعودي، فإذا بلغ ذهب المرأة هذا المقدار فإنها تزكيه ربع العشر، في كل ألف خمسة وعشرون.
والفضة كذلك تزكى، ونصابها: ستة وخمسون ريال فضة، اثنين أربعين مثقال، مقدارها ستة وخمسون ريال فضة بالريال السعودي، فإذا بلغت الفضة هذا المقدار تزكى إذا حال عليها الحول.
أما الماس واللؤلؤ والجواهر الأخرى هذه ما فيها زكاة إذا كانت للبس، أما إذا كانت للبيع والشراء فيها الزكاة كسائر العروض.
ومن الأدلة في ذلك، والحجة في ذلك: أنه ما ثبت عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟ فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله)، فأخبر أن عليها الزكاة.
وهكذا قالت أم سلمة كان عليها أوضاح من ذهب، فقالت: (يا رسول الله! أكنز هذا؟ قال: ما زكي فليس بكنز).
فدل على أن الذهب إذا لم يزك -وإن كان حلياً- يكون كنزاً، وفق الله الجميع.
الجواب: أفضل الصيام صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، شطر الدهر، يصوم يوم ويفطر يوم، ولا يزيد على هذا، وإن صام ثلاثة أيام من كل شهر كفى والحمد لله، كما في حديث عبد الله بن عمرو : (صم من الشهر ثلاثة أيام؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها).
فإذا صام ثلاثة من الشهر، وإذا كانت البيض أفضل كان هذا كافياً، والثلاث تصام في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره، مجتمعة أو متفرقة كله طيب، لكن إذا كانت في أيام البيض في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر يكون أفضل، إذا صامها أيام البيض أفضل، وإن صامها في بقية الشهر فلا حرج.
المقصود: أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، هذا كافي، وإن صام الاثنين والخميس وهما يومان عظيمان تعرض فيهما الأعمال على الله، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومهما، فإذا صامها الإنسان هذا أيضاً مستحب، قربة إلى الله بالنوافل.
هكذا الست من شوال يستحب صيام ست من شوال، سواء في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره، سواء مجتمعة أو متفرقة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)، رواه مسلم في الصحيح.
لكن من عليه قضاء يبدأ بالقضاء، الذي عليه قضاء يبدأ بالقضاء قبل الست.
وكذلك يصام يوم عرفة لغير الحجاج في بلده، يستحب له صيام يوم عرفة، وصيام يوم عاشوراء سنة، والأفضل يصوم معه يوم قبله أو بعده، يوم عاشوراء يصوم معه التاسع أو الحادي عشر، أو يصومهما جميعاً مع العاشر، هذا هو الأفضل، وإن صام الشهر كله شهر محرم فهو سنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم).
وصوم يوم عرفة مستحب للجميع: للرجال والنساء، صوم يوم عرفة، إلا في الحج. لا، الحاج لا يصومه.
الجواب: هذا بيت عظيم في السماء السابعة، فوق السماء السابعة، على وزان الكعبة في الأرض، رأى إبراهيم مستنداً إليه، وهو على وزان الكعبة، لو سقط لسقط عن الكعبة، في السماء السابعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يدخله كل يوم سبعون ألف ملك -للتعبد- ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم)، كل يوم يدخله سبعون ألف ملك للعبادة في هذا البيت المعمور، ثم يخرجون ولا يعودون، يأتي غيرهم، وهذا يدل على كثرة الملائكة، وأنهم ملايين لا تحصى، سبحان الذي خلقهم وأمرهم بخدمته وعبادته سبحانه وتعالى.
هل للزوج حق أن يطلب مقداراً من المال مقابل طلاق زوجته التي طلبت الطلاق منه؟ وضحوا لنا هذا الأمر، جزاكم الله خيراً.
الجواب: نعم، إذا اصطلحا على أنه يطلقها وتعطيه مالاً فلا بأس؛ لقول الله سبحانه وتعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، ثم أذن في الفدية، وأنه لا بأس إذا خاف ألا يقيم حدود الله فلا بأس أن تفتدي منه، فإذا كانت ترى أن بقاءها معه يضرها، أو لا تستطيع خدمته والقيام بحقه، وأحبت الفدية فلا بأس، إلا إذا كان ظالماً لها، قد آذاها وألجأها إلى الفدية ما يجوز هذا.
أما إذا كان لا، هو قائم بالحق لكن هي مبغضة، أو هناك أسباب تجعلها لا تستطيع أن تقوم بخدمته، ورضي أن يقبل منها المال ويطلقها فلا بأس.
وفي هذا الباب قصة ثابت بن قيس رضي الله عنه، رواها البخاري في الصحيح، قالت له صلى الله عليه وسلم: (إني ما أستطيع البقاء مع
فإذا اتفقا على أنها تعطيه ما تيسر من المال ويطلقها فلا حرج في ذلك إلا إذا كان ظالماً لها، إذا كان ظالماً لها ألجأها هي، والا هي ما قصرت، لكن هو يبي المال بس فلا يجوز هذا، هذا ظلم ما يجوز.
والدتي تبلغ من العمر سبعة وأربعين عاماً، وتجلس مع أعمامي -إخوان أبي- وتكشف على الرجال الأجانب من الجماعة، وإذا قلت لها: هذا حرام ولا يجوز. تقول: هؤلاء الرجال كلهم جماعة، وأعرفهم وأنا صغيرة في السن، كيف تريدني أتحجب عنهم اليوم وأنا صرت في هذه السن عجوز؟ ما هو توجيه الشيخ لهذه الوالدة ولي أيضاً؟ كيف أتصرف؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب: الواجب على النساء التحجب عن الرجل الأجنبي، ولو كان أخا الزوج، أو عم الزوج، الواجب التحجب عنه؛ لقول الله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدخول على النساء، فقال له بعض الناس: (يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت)، يعني: أخي الزوج وعمه؛ لأنه قد يتساهل ويتساهلون معه، فالخطر به أكبر.
فالواجب على النساء التحجب عن أخي الزوج وعم الزوج وأبناء الجماعة، يجب التحجب، أما الجلوس معهم مع التحجب للتحدث أو السلام عليهم من دون مصافحة فلا بأس، لكن لا يجوز المصافحة ولا الكشف ولا الخلوة، فإذا كان مجلس فيه جماعة، وجلست متحجبة تسمع الحديث، أو تشارك في الحديث في البيت أو في أي مكان ما فيه تهمة ولا شر فلا بأس، لكن العجوز التي لا تشتهى ولا تبرج، لا بأس أن تكشف وجهها؛ لقوله سبحانه وتعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60]، ثم قال سبحانه: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]، فإذا كانت أمك عجوز كبيرة ما تلفت النظر، ولا يخشى عليها فلا حرج، والتحجب لها أفضل، مثل ما قال سبحانه: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]، كون التحجب أفضل، وإن تركت فلا بأس إذا كانت عجوزاً كبيرة لا يخشى منها فتنة.
أخونا يسأل عن السبحة هل هي حرام، أو جائز استعمالها؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب: لا حرج فيها، كونه يسبح بالخرز أو بشيء يسبح به، أو حصى أو نوى لا بأس، لكن أصابعه أفضل، كونه يسبح بأصابعه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم أفضل، بل روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى بعض نسائه يسبحن بالحصى فلم ينكر ذلك عليه الصلاة والسلام.
كان بعض السلف يسبح بالحصى وبعضهم بغيره، فالأمر في هذا واسع، لكن الأصابع أفضل، الأصابع أفضل.
ولهذا جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال للنساء.. أمرهن أن يعقدن بالأنامل وقال: (إنهن مسئولات مستنطقات)، وكان يعقد بأصابعه صلى الله عليه وسلم، فالأفضل بالأصابع، ومن فعل بغير ذلك فلا بأس، لكن في مجالس الناس وفي المساجد يكون بالأصابع، أما في بيته فلا حرج، الأمر واسع إن شاء الله.
المقدم: جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، شكراً لسماحة الشيخ.
وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر