مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: (نور على الدرب).
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابته للإخوة المستمعين فأهلاً وسهلاً.
الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من اليمن - محافظة حجة، باعث الرسالة مستمع من هناك يقول: محمد محمد ، الأخ محمد يسأل تفسير قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران:7]؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآية الكريمة من أعظم الآيات، ومن أوضحها، يبين سبحانه جل وعلا أنه أنزل كتابه الكريم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم؛ لبيان ما ينفع الأمة في دينها ودنياها، وأنه سبحانه جعل مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ [آل عمران:7].
قد أوضح أهل العلم رحمة الله عليهم أن الآيات المحكمات هي الواضحة المعنى، التي ليس فيها شبهة، فهي أم الكتاب.. أصل الكتاب، وعليها المدار، وجميع الآيات الأخرى ترجع إليها وتفسر بها، مثل قوله جل وعلا: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238].. حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ [النساء:23] .. وأشباه ذلك، وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22].. وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43].. وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32].. إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90].. يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة:276].. وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275].. إلى غير هذا من الآيات الواضحات، هذه أم الكتاب، وهذه واضحة المعنى.
أما المشتبهات فهي التي لا يتضح معناها، يكون في معناها خفاء؛ فإنها ترد إلى المحكم.. ترد المشتبهات إلى المحكم من الآيات، مثل قوله جل وعلا: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24]، فسرها العلماء بأن المحصنات، يعني: المزوجات السبايا؛ لأن غير السبية إذا كانت مزوجة ما تنكح، حتى يطلقها الزوج وتخرج من العدة.
فهذه فسرتها المحكمات، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:24]، فسرتها النصوص الدالة على أن السبية تطلق من زوجها الذي كان في الكفر وتكون حلاً للمسلمين؛ ولهذا قال: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24]، فالمحصنات المزوجات ممنوعات محرمات إلا المملوكة السبية، فالمحصنات المزوجات لا يحل نكاحهن إلا بعد الطلاق والعدة، أو بعد الفسخ والعدة، إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24]، فالمحصنة المزوجة إذا كانت ملك اليمين مسبية فإنها تحل، ويكون سبيها طلاقاً لها؛ فتستبرأ بحيضة، وتحل لمن سباها إذا قسمها ولي الأمر على الغانمين، تكون حلاً لما جاءه سبية من هذه السبايا، وإن كان لها زوج في الشرك؛ لأن السبي لها فرق بينها وبين زوجها، وصارت حلاً للمسلمين السابين، وحرمت على زوجها بذلك.
وهكذا وما أشبهها من كل آيات تشتبه على المسلم تفسر بالآيات المحكمات الواضحات المعنى في جميع القرآن.
الشيخ: ومثل قوله جل وعلا: لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً [آل عمران:130]، ليس معناه أن الربا المضاعف هو الحرام، والذي غير مضاعف ليس بحرام، لا؛ لأنه بين في الآية الأخرى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، هذه محكمة، فالمراد أن الربا المضاعف يكون أشد تحريم.. أشد إثم، وليس المراد تقييد الربا بالمضاعف، فلو باعه بيعاً ربوياً؛ حرم عليه ذلك، وإذا كرر ذلك صار التحريم أشد مضاعفاً، فإذا -مثلاً- حل عليه الدين وهو مائة، فجعله مائة وعشرة، وأجله عليه من أجل العشرة؛ هذا ربا، فإذا حل الثاني وقال: مائة وعشرين؛ هذا الربا الأشد وأشد تحريم، هذا المضاعف، وإذا حل ثالثة وقال: مائة وثلاثين؛ صار أشد وأشد، لكن ليس معناه أن الربا الأول ما هو بحرام، الربا الأول حرام، لكن هذا المضاعف يكون أشد تحريماً، والنصوص يفسر بعضها بعضاً، هذا المشتبه على بعض الناس تفسره الآيات المحكمات في قوله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275] .. وما أشبهها. نعم.
والمقصود: أن المحكمات: ما اتضح معناها، والمشتبه: ما خفي المعنى، فإنه يرد إلى المحكم، مثل قوله جل وعلا: (نحن) و(إنا)، ليس المراد بذلك أن الرب ثلاثة جماعة كما تقول النصارى، لا، الرب واحد، فإذا قال: (نحن) فهي للتعظيم، نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ [الإنسان:23]، وما أشبه ذلك، وما يأتي في النصوص الأخرى: فعلنا كذا.. أمرنا بكذا، كل هذا من باب التعظيم؛ لأنه سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه، فإذا تكلم سبحانه بـ(نون) العظمة، فالمراد بذلك: أنه هو العظيم الشأن، وليس المراد التثليث، وهكذا إذا قال: (نحن)، إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] .. وما أشبه ذلك، وقوله سبحانه وتعالى في آيات كثيرات يعبر بـ(نا)، نون العظمة: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا [الإنسان:23] .. وما أشبه ذلك من الآيات التي فيها تعبير بهذا الضمير المراد به التعظيم، وأنه سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه، وليس المراد التثليث كما تقول النصارى قاتلهم الله.
إذا كان عن يميني رجل يصلي، وحينما فرغ من صلاته سلم عن يمينه وشماله، وسمعت هذا السلام، فهل أرد عليه بقولي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؟
الجواب: لا، ليس هذا محل الرد؛ لأنه يسلم، التسليم واجب عليه للخروج من الصلاة، لكن إذا خصك بالسلام ترد عليه، أما هذا تسليم عام عليك وعلى غيرك ليس المراد أن تسلم عليه، ولم يرد ما يدل على ذلك، وإنما قال صلى الله عليه وسلم في السلام: إنه يسلم على إخوانه المسلمين وعلى الملائكة.
فالحاصل: أن هذا السلام ليس المراد أن ترد عليه، المراد به الخروج من الصلاة، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله.. السلام عليكم ورحمة الله، فليس معناه أن الذي عن يمينه وشماله يقولوا: وعليكم السلام، إلا إذا سلم عليهم بعد ذلك سلاماً آخر.
الجواب: بيع الإنسان على بيع أخيه لا يجوز؛ لأنه ظلم، ويسبب الشحناء والعداوة، فإذا عرف أن أخاه باع على زيد سلعة، فلا يقول لزيد: أنا أبيعك مثلها بكذا وكذا، حتى يهون؛ لأن هذا يسبب شراً على البائع الأول، وربما أفضى إلى الشحناء والعداوة، ومضايقته فيما رزقه الله من البيع، فلا يبع على بيع أخيه، فإذا باع أخوه سلعة بكذا، فلا يأتي المشتري ويقول: أنا أبيعها عليك بأقل، أو بمثله وهي أحسن من سلعته.. أو ما أشبه ذلك، وهكذا الخطبة على خطبة أخيه، إذا عرف أنه خطب بنت فلان أو أخت فلان، لا يخطبها، إلا إذا ردوه، أو هون رجع، أما كونه ما رجع ولا ردوه لا يخطب على خطبة أخيه؛ لأن هذا عدوان عليه وضرر عليه.
وهكذا بيع الحاضر لبادي؛ إذا جاء البادي يبيع غنمه أو الأقط الذي معه أو السمن.. أو ما أشبه ذلك، لا يبيع له الحاضر، يخليه هو الذي يبيع؛ حتى ينتفع الناس ببيعه، حتى يكون أرخص للناس، لا يبيع له الحاضر؛ لأن هذا يضر، لأن الحاضر عنده علم بقيم السلع، فقد يزيد على الناس.. يشدد على الناس، لكن البادي ليس عنده العلم وهو يبيع حلاله ويبيع شيء مما رزقه الله، ففي بيع البوادي لأنفسهم توسيع على الناس ورفق بالناس ورحمة للناس.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تلقي السلع حتى تهبط الأسواق، فلا يجوز تلقيهم؛ لأن تلقيهم قد يضرهم، قد يشترى منهم بأقل، فلا يتلقون، ولكن متى هبطوا الأسواق يشترى منهم.
الجواب: المسافر يشرع له أن يصلي ركعتين الرباعية: الظهر والعصر والعشاء، هذه السنة، إذا غادر البلد.. إذا غادر بلده وفارق بناءها صلى ركعتين حتى يرجع، فإن أقام في أثناء السفر إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام أتم عند جمهور أهل العلم، وإن كانت الإقامة قصيرة: يومين.. ثلاث، أو مثلاً ما عنده علم هل تطول أو ما تطول فهذا يقصر؛ لأنه لا يدري هل تكون أربعة أو عشرة؛ ينتظر حاجة، فهذا له القصر ولو طالت المدة، أما إذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام؛ فإنه يتم عند جمهور أهل العلم.
وهكذا الصيام في السفر، له أن يفطر في السفر، إذا سافر في رمضان وليس قصده التحيل، وإنما سافر لحاجة فإنه يشرع له الفطر في رمضان حتى يرجع، فإن أقام في أثناء السفر إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام فإنه يصوم.
الجواب: متى جاز له القصر جاز له الجمع، لكن الأفضل إذا كان مقيم مستريح الأفضل كل صلاة في وقتها، مثلاً: نزل في محل ليقيم فيه يومين ثلاث لحاجة الأفضل عدم الجمع، وإن جمع فلا حرج، والدليل على هذا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نزل في منى لم يجمع، وجمع في تبوك وهو نازل، فالأمر واسع إن شاء الله، لكن إذا كان نازلاً ولا مشقة عليه فالأفضل عدم الجمع، إذا كان نازل يومين ثلاث أربع الأفضل عدم الجمع، وإن جمع فلا حرج.
المقصود: أنه تابع القصر، متى جاز القصر جاز أن يجمع.
الجواب: إذا كنت وحدك يلزمك أن تصلي مع الجماعة، لا تصلي وحدك، عليك أن تصلي مع الجماعة تماماً، وأما إن كنتم اثنين فأكثر فأنتم مخيرون، إن صليتم وحدكم قصرتم، وإن صليتم مع الناس أتممتم أربع، والأمر في هذا واسع.
الجواب: يجوز التعامل معه في حاجة في شراء سلعة أو بيع شيء عليه، كما يباع على الكفار الآخرين، الرسول صلى الله عليه وسلم باع على الكفار واشترى منهم، واشترى من اليهود، واشترى من الوثنيين، لا بأس، من غير محبة ولا موالاة، لكن يبيع عليهم أو يشتري منهم لا بأس، وتارك الصلاة كافر على الأصح، وإن لم يجحد وجوبها، إذا تركها عمداً كفر في أصح قولي العلماء، ولا بأس أن يشترى منه مع الإنكار عليه، ومع تخويفه من الله، لكن إذا دعت الحاجة إلى شراء شيء منه فلا بأس، لكن هجره وعدم الشراء منه هو الذي ينبغي؛ لعله يتوب، فينبغي هجره، وألا يباع عليه ولا يشترى منه؛ لعل الله جل وعلا يرده للتوبة.
الجواب: تعزيهم وتنصحهم، تقول: أحسن الله عزاكم، يا إخواني! ترى هذا ما يجوز، إن كان عندهم نياحة تنصحهم، إن كان هم يقيمون أطعمة.. يصنعون طعاماً للناس يعلموا أن هذا لا يجوز، وأن هذا من عمل الجاهلية، تجمع بين المصلحتين، تعزيهم وتنصحهم وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، جمعاً بين المصالح.
الجواب: ننصحك أن تنفعها، وأن تذهب بها إلى المستشفى ويكون معك غيرك.. يكون معك سائق، أو أحد جيرانك، أو زوجتك، لا تكون وحدها، تكون معك زوجتك أو أمك، أو أحد جيرانك، أو صاحب التكسي، تركب معها في التكسي؛ حتى تكونوا ثلاثة، لا تخلو بها، وأنت محسن ولك الأجر.
الجواب: ليس لأحد أن يخص بعض الورثة بشيء، لا الوالد ولا غيره، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث)، فليس للوالد ولا غيره أن يخص بعض الورثة بشيء، لا وصية، ولا عطية إن كانوا أولاد، أما إن كانوا من غير الأولاد فله أن يعطي من شاء في حياته، يعطي بعض إخوانه.. بعض أعمامه لا بأس، أما الأولاد فليس له أن يخص أحداً منهم بعطية، لا في الحياة ولا بعد الموت، وأما الورثة فلا يوصي لهم مطلقاً، الوصية لا يوصي لوارث مطلقاً، سواء كان أخاً أو ابناً أو عماً أو غير ذلك، الوصية عامة، ليس له أن يوصي لوارث مطلقاً.
أما العطية في الحياة فتختلف، أما الأولاد ليس له أن يخص أحد بالعطية، بل يجب أن يسوي بينهم.
أما الأقارب الآخرون لو أعطى أحد إخوانه أو أحد أعمامه وهم ورثة لو مات لا بأس عليه. نعم، إذا كان في غير مرض.. في صحته.
الجواب: حديث لا بأس به.. حسن، وهو من أحاديث الأربعين النووية، ومعنى (ازهد في الدنيا) يعني: فيما حرم الله عليك، وفيما يشغلك عن الآخرة، ازهد فيه، واكتف بما يعينك على الخير من المباحات والطيبات، وازهد في التوسع الذي يشغلك عن الخير، وازهد في الحرام أيضاً.
وهكذا تزهد فيما عند الناس، لا تشحذهم.. لا تسألهم إذا أغناك الله فلا تسأل، إذا اضطررت فاسأل بقدر الحاجة، كن زاهداً بما عند الناس لا تسألهم؛ لأنك إذا سألتهم أبغضوك، وربما أيضاً وقع في قلبك شيء من الحاجة إليهم والتلذذ بسؤالهم؛ فيكون سجية لك، لا تسأل إلا عند الضرورة بقدر الحاجة.
هل يجوز أن أرى عم وخال زوجي؟
الجواب: نعم، يجوز أن تري عمه وخاله وأخاه، وجميع الناس تريهم، لكن مع غض البصر، إذا كان الرؤية يخشى منها شر لا تنظري، الله جل وعلا قال: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31]، أما إذا كان النظر لا يترتب عليه شر، بل التعرف عليه هو فلان ولا ما هو بفلان، أو لأسباب أخرى ليس فيها ما يحرك الشهوة ويوجب الفتنة فلا حرج في ذلك.
الجواب: إذا كانت الزيارة يترتب عليها شر؛ لأنهم أهل بدع وأهل معاصي ظاهرة فلا تزوريهم، أما إذا كانت الزيارة لا يترتب عليها شر فزوريهم، وأحسني إليهم، وانصحيهم، ووجهيهم إلى الخير، وتحدثي معهم فيما ينفع، يقول صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)، وقال صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)، فزيارة الجيران والتحدث معهم والأنس معهم والهدية إليهم، كلها سنة مستحبة.
إلا إذا كانت الزيارة يخشى منها شر؛ لأنهم دعاة فتنة.. دعاة بدع.. دعاة معاصي؛ فإنها تترك الزيارة، وهكذا إذا زرتيهم ورأيت المعصية تنصحينهم، وتوجهينهم إلى الخير، فإن أجابوا فالحمد لله، وإن لم يجيبوا فلا تجلسي معهم في المعصية، سلمي وقومي، وانصرفي مع النصيحة.
الجواب: عليك التوبة والاستغفار والحمد لله، الواجب ستر الوجه في الطواف والسعي، لكن هذا الذي وقع منك جهل منك عليك التوبة والاستغفار والحمد لله، والطواف صحيح، والطواف والسعي صحيح.
أخونا أحمد يقول: إنني مريض في الفراش منذ فترة -أدام الله عليكم الصحة- هل لي أن أقضي الصلاة التي فاتتني من قبل، إذ أنني لا أعرف متى سيكون الشفاء، فهذا في علم الله؟
الجواب: شفاك الله وعافاك، نسأل الله لنا ولكم الشفاء والعافية، والواجب عليك أن تصلي في مرضك، وأن تتوضأ الوضوء الشرعي، فإن عجزت تيممت بالتراب، وتصلي كل صلاة في وقتها، وإن جمعت بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فلا بأس، هذا الواجب عليك، وإن كنت تركت شيئاً؛ فعليك القضاء.. إن كنت تركت شيئاً من الصلوات الخمس فعليك القضاء مع التوبة والاستغفار والندم، هذه أمور عظيمة، والصلاة عمود الإسلام، والتعمد لتركها كفر.
فالواجب عليك الحذر، وعدم التساهل، تصلي الصلاة لوقتها ولو جمعاً بين المغرب والعشاء والظهر والعصر، وإذا كنت عاجز عن الماء تيمم، فإن استطعت الماء فافعل الماء.
المقصود: أن الواجب عليك أن تصلي كما شرع الله، ربك يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فعليك أن تصلي حسب الطاقة؛ قائماً إن قدرت.. قاعداً إن لم تستطع القيام، فإذا عجزت عن القعود صليت على جنبك، عجزت على الجنب تصلي مستلقياً، وتقرأ وتنوي بقلبك أعمال الصلاة حسب الطاقة، ولا يجوز لك ترك الصلاة، فإذا كنت تركت شيئاً منها ظناً منك أنه جائز فعليك القضاء.. عليك القضاء، أما إن كنت تعمدت الترك تساهلاً منك فعليك التوبة ولا قضاء.. عليك التوبة إلى الله والندم والإقلاع وعدم الرجوع إلى هذا الشيء، ولا قضاء عليك، فإن قضيت فلا حرج؛ لأن بعض أهل العلم رأى عليك القضاء، وأنك لا تكفر إلا بجحد الوجوب، ولكن الصواب أن من ترك الصلاة وإن لم يجحد الوجوب يكفر، ولا قضاء عليه وعليه التوبة.
الجواب: أنت بهذا آثم؛ لأنه ما يجوز لك التساهل، بل يجب القيام، إذا أذن المؤذن يجب أن تقوم وأن تصلي مع المسلمين، فإذا كنت عاجزاً مريض صليت في البيت في الوقت، أما تأجيلها إلى طلوع الشمس فهذا منكر لا يجوز، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من فعل ذلك، إذا تعمد ذلك يكفر؛ لأنه أخرها عن وقتها عمداً وتساهلاً.
فالواجب عليك الحذر، وأن تصلي الصلاة لوقتها، وإذا دخل الوقت ولو ما سمعت الأذان، ولو عرفت ذلك بالساعة، وجب عليك أن تقوم، وأن تصلي مع المسلمين في المساجد، والمرأة تصلي في البيت في وقت الصلاة، فمن أخرها عمداً فهو آثم إثماً عظيماً، وكافر كفراً أصغر عند جمهور أهل العلم، وكفراً أكبر عند بعض أهل العلم، وهو الصواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، وهذا يعم الرجال والنساء، فإذا تركت المرأة الصلاة عمداً حتى خرج الوقت كفرت، وهكذا الرجل على الصحيح.
فالواجب التوبة والبدار بالتوبة من ترك الصلاة، ومن قضاها وإن كان متعمداً فلا حرج عليه، خروجاً من الخلاف، لكن لا يلزمه القضاء على الصحيح، وإنما يلزمه التوبة والرجوع إلى الله، والعمل الصالح والاجتهاد في الخير؛ لقول الله سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82].
فالواجب على من تركها أن يتوب إلى الله، وأن يقلع، وأن يندم ندماً عظيماً، وأن يكثر من التطوعات والاستغفار والعمل الصالح؛ لعل الله يتوب عليه، سواء كان رجلاً أو امرأة، نسأل الله العافية والسلامة.
الجواب: الحديث القدسي: هو الذي يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه، هذا القدسي، الذي يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل، يقال له: حديث قدسي، وهو وحي من الله لنبيه، لكن ليس مثل القرآن، بل هو وحي مستقل، يقال له: الأحاديث القدسية، مثلما في حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقول الله عز وجل: يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم).. إلى آخره.
فهذا يقال له: حديث قدسي، وهو وحي من الله لفظه ومعناه، لفظه ومعناه وحي من الله، بلغه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة، والأحاديث القدسية معروفة كثيرة، وهي وحي من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، فيجب العمل بها؛ لأنها تشريع، فقوله: (إني حرمت الظلم)، يدل على تحريم الظلم، وأن الله حرمه على نفسه، وأنه حرام علينا أيضاً.
المقدم: جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، شكراً لسماحة الشيخ.
وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، ونحن نرحب برسائلكم على عنوان البرنامج: المملكة العربية السعودية - الرياض -الإذاعة- برنامج: (نور على الدرب).
مرة أخرى شكراً لكم مستمعي الكرام! وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر