الجواب: حال هذا السائل الذي ذكر عن نفسه أنه مريض بمرض في بطنه, وأنه يستطيع الصوم أحياناً ولا يستطيعه أحياناً, وأنه في الوقت الذي يستطيعه يجد مشقة عظيمة, حاله أن يطعم عن كل يوم مسكيناً عما مضى وفي المستقبل إن بقي على الحال التي هو عليها, لأن أهل العلم رحمهم الله ذكروا أن الرجل الذي لا يستطيع الصوم وهو عاجز عنه عجزاً مستمراً فإن فرضه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً كالكبير, وبهذا تبرأ ذمته, فالأيام التي بقيت عليك أطعم عن كل يوم منها مسكيناً, والشهور المستقبلة من رمضان أطعم عن كل يوم منها مسكيناً ما دمت على هذه الحال, وإن عافاك الله فقد برئت ذمتك مما كان قبل الشفاء, ثم استقبل الصيام في المستقبل.
الجواب: الزكاة التي دفعتها إلى والدتك لا تجزئ لوجوب نفقتها عليك, وأما الزكاة التي دفعتها إلى أخواتك فإن كنّ يجب عليك نفقتهنّ فإن دفعك الزكاة إليهن لا يجزئ أيضاً, وعليك البدل, وإن كنّ لا تجب عليك نفقتهنّ وهنّ فقيرات فإن دفع زكاتك إليهنّ جائز ومبرئ للذمة, وليس عليك بدله؛ لأن القاعدة العامة أن كل شخص تجب عليك نفقته فإنك لا تدفع إليه زكاتك إلا إذا دفعتها لغرم غَرِمه لغير النفقة.
الجواب: نعم, صيامك صحيح؛ لأنه ليس من شرط الصوم اليقظة, فلو أن الإنسان نام في صيامه نوماً طويلاً كان صيامه صحيحاً مبرئاً لذمته, ولكن يجب عليك أن تستيقظ لأداء الصلاة جماعة في المساجد, ولا يحل لك التهاون بصلاة الجماعة, ومن المعلوم أن الأفضل للصائم أن يتشاغل بالطاعة والذكر وقراءة القرآن ونحو ذلك مما يقربه إلى الله.
الجواب: توضيح قوله تعالى: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3] أن الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه جعل هذه الليلة في فضلها وكثرة ثواب العمل فيها خيراً من ألف شهر, بمعنى: أن الإنسان لو عمل عملاً صالحاً ألف شهر ليس فيه ليلة القدر كانت ليلة القدر خيراً منه؛ لما فيها من الثواب العظيم الجليل والخير والبركات.
ثانياً: إعارتي بدون محرم حرام لأنني أعرف أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا تخرج المرأة في سفر ثلاث ليال إلا مع ذي محرم ) علماً بأننا نقيم في سكن مستقل وفي مدرسة بنات فقط, ولا نختلط بالرجال, وأنا أراقب الله عز وجل, وليس لي عمل إلا التدريس والصلاة وقراءة القرآن, وقد قبلت الإعارة لأبني بيتاً مستقلاً, وأقيم فيه بعيداً عن زوجي الذي لا يصلي؛ لأنه ليس لي رزق إلا عملي.
سمعت في برنامجكم نور على الدرب أن زواجي من هذا الرجل باطل لأنه يعتبر كافراً, وأنا متزوجة منذ سبع سنين, ومعي طفلة منه, وعندما علمت بذلك طلبت منه الطلاق وحاولت معه الخلاص بكل السبل, ولكنه يرفض تماماً أن يطلقني فماذا أفعل؟ وعقده عليّ يعتبر باطلاً, وقد عاشرني تقريباً سبع سنين.
السؤال: فلوس الإعارة تعتبر حراماً أم حلالاً؟ علماً بأنني أحلل هذه النقود التي أحصل عليها بقيامي بعملي على أتم وجه وما يرضي الله؟
الجواب: هذا السؤال يتلخص في ثلاث نقاط:
النقطة الأولى: زواجها من هذا الرجل الذي كان لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي.
والثانية: سفرها بلا محرم.
والثالثة: جواز أخذ المرتب على الإعارة.
أما الأول: وهو تزوجها بهذا الرجل الذي لا يصلي ولا يزكي ولا يصوم؛ فإنه كما ذكرت زواج باطل؛ لأنه -أي: الرجل المذكور- لا يصلي, ومن لا يصلي فهو كافر مرتد عن الإسلام, والكافر المرتد عن الإسلام لا يحل أن يزوج بمسلمة؛ لقوله تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] وبناء على ذلك فإنه يجب عليها الخلاص منه بكل وسيلة حتى وإن تغيبت عنه وتركته, إلا أن يهديه الله عز وجل للإسلام ويصلي, فإن هداه الله وصلى فإن العقد يعاد من جديد؛ لأن العقد الأول غير صحيح.
أما النقطة الثانية: وهي سفرها بلا محرم؛ فإن ذلك أيضاً لا يجوز؛ لأنه ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول: ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم, ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم, فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة, وإنني اكتتبت في غزوة كذا وكذا, فقال: انطلق فحج مع امرأتك ) فليكن معها أحد من محارمها من أخ أو عم أو خال أو أب إن كان.
وأما النقطة الثالثة؛ وهي: أخذها المرتب فإنه لا بأس به ولا حرج عليها في ذلك, لاسيما وأنها تذكر عن نفسها أنها قائمة بالعمل على الوجه المطلوب الذي يرضي الله سبحانه وتعالى.
الجواب: لا يجوز أن يدفن الميت في المسجد؛ لأن المسجد ليس مقبرة؛ ولأنه يخشى من الفتنة بهذا القبر الذي دفن في متعبد المسلمين, حتى ولو أوصى الرجل بأن يدفن في المسجد فإنها وصية باطلة لا يجوز تنفيذها, ويدفن مع المسلمين حتى تكون اتجاهات القبور واحدة, فإن قدر أن دفن في المسجد فإنه يجب أن ينبش ويخرج من المسجد؛ لئلا يطول بالناس الزمن فيعبدوا هذا القبر.
الجواب: في هذه الآية يخبر الله أن الناس كانوا أمة واحدة, أي: على دين واحد وهو دين الفطرة, ولكن اختلفوا حين طال بهم الزمن, فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين, وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه, فانقسم الناس في قبول هؤلاء الرسل إلى قسمين: منهم من آمن, ومنهم من كفر.
ولو شاء الله عز وجل لقضى بينهم في الدنيا فأهلك الكافرين, وأبقى المؤمنين, وصارت الدولة لهم, وحينئذ تبقى الأمة واحدة على الإيمان, فتفوت الحكمة العظيمة من اختلاف الأمة وانقسامها إلى مؤمن وكافر, وهذه هي الكلمة التي سبقت من الله عز وجل أن يبقى الناس على قسمين: مؤمن وكافر, حتى يكون للنار أهلها, وللجنة أهلها.
الجواب: نصيحتي لهذا الأخ الذي وصفتيه بما وصفتيه به من الاستقامة والحرص على طاعة الله أن يعلم أن من طاعة الله عز وجل القيام بحق أهله وأولاده؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لـ عبد الله بن عمرو بن العاص : ( إن لربك عليك حقاً, وإن لنفسك عليك حقاً, وإن لأهلك حقاً, فأعط كل ذي حق حقه ) وقيامه بحق أهله وأولاده هو من طاعة الله بلا شك, وقد يكون أفضل من كثير من العبادات التي يتعبد بها؛ لأن العبادات التي يتعبد بها إذا كانت تطوعاً فإنه قيامه بحق أهله أولاده واجب, والواجب أفضل من التطوع, وهو أحب إلى الله؛ كما في الحديث الصحيح: ( يقول الله عز وجل: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب مما افترضته عليه ).
وعلى هذا فإن نصيحتي لهذا الأخ أن يقوم بما يجب لك من المعاشرة بالمعروف, وأن يقوم بما يجب لأولادك من التربية الحسنة والتوجيه وغير ذلك, وهو بهذا مثاب عند الله عز وجل, ولا يحل له أن يضيع واجب أهله ليبقى مع إخوانه وأصحابه؛ لأن هذا إجحاف وجور وإهدار للحقوق.
الجواب: العزاء هو ما يقال للمصاب بمصيبة من كل كلام يقويه على المصيبة, ويبين له أجر الصبر والاحتساب, وليس فيه مصافحة, وليس فيه تقبيل أيضاً, فإن ذلك لم يكن معروفاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم, ثم إن العزاء ليس مخصوصاً بالكلمات المعروفة عند الناس؛ وهي قولهم: أعظم الله أجرك, وأحسن عزاءك, وغفر لميتك, بل العزاء بما عزى به النبي صلى الله عليه وسلم إحدى بناته حين أرسلت إليه رسولاً تخبره بأن طفلة لها محتضرة, وتطلب منه الحضور؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرسول الذي أرسلته إحدى بناته, قال له: ( مرها فلتصبر ولتحتسب, فإن لله ما أخذ, وله ما أبقى, وكل شيء عنده بأجل مسمى ) فهذه هي الكلمات التي فيها العزاء العظيم؛ لأنها كلمات جامعة نافعة صدرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله تعالى بالبينات والهدى.
ثم إنه يجب عند العزاء أن تجتنب النياحة؛ وهي: البكاء برنة, كما تنوح الحمامة, فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة, وقال: ( النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران, ودرع من جرب ) والعياذ بالله, ولهذا كره أهل العلم أن يصنع أهل الميت طعاماً يدعون الناس إليه للاجتماع؛ لأن هذا يفتح باب النياحة وباب الندب, ويبقي أثر المصيبة حتى لا ينسى.
والذي يجب على المصاب أن يحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى, وأن يصبر, وأن يعلم أن المقدور كائن لا محالة, وأن المقدر له هو الله الذي بيده ملكوت السماوات والأرض, وله ما أخذ, وله ما أبقى, وكل شيء عنده بأجل مسمى.
الجواب: الزواج من أشرف العقود, وأعظمها خطراً, وأبلغها أثراً؛ لما يترتب عليه من المحرمية والتوارث والأنساب وغير ذلك من الأمور الهامة في المجتمع, ولهذا يجب التحري فيه بدقة بالغة, ومن أهم ما يجب التحري فيه أن يصدر النكاح عن رضا من الزوج أو الزوجة, فلا يجوز أن تجبر الزوجة على نكاح من لا تريد، سواء كانت ثيباً أم بكراً, وسواء كان العاقد أباها أم غيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تنكح البكر حتى تستأذن, ولا تنكح الثيب حتى تستأمر ) وسئل عن كيفية إذن البكر؛ فقال: ( إذنها أن تسكت ) وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ( البكر يستأذنها أبوها ) فنص على البكر, ونص على الأب؛ وهذا دليل ظاهر على أنه ليس لأحد ولو كان أباً أن يجبر موليته على النكاح بمن لا ترضاه حتى وإن كان هذا الخاطب ممن يرضى دينه وخلقه؛ لأنها هي أعلم بنفسها.
لكن لا ينبغي لها أن ترد الخاطب إذا كان ذا دين وخلق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير, أو قال: عريض ) ولكن إذا اختارت من ليس بكفء في دينه فإن لوليها أن يمنع النكاح, ولا حرج عليه في المنع حينئذٍ حتى لو بقيت بدون زوج, وهي لم ترض إلا بزوج لا يرضى دينه, فإن لأبيها أن يمنعها؛ لمفهوم قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه ).
وإذا زوجت بمن لم ترض به فإن النكاح يكون موقوفاً على إجازتها, فإن أجازت فالنكاح بحاله, وإلا وجب التفريق بينهما؛ لأن النكاح لم يصح.
فإن قلت: كيف يمكن أن تكون رافضة ثم تجيز ذلك؟ قلت: نعم, يمكن أن تكون رافضة بالأول, فإذا رأت العقد قد تم رضيت وأجازت, ولكننا لا نعني بذلك أنه يجوز أن يقدم وليها على أن يزوجها وهي كارهة, بل ذلك حرام عليه, وكذلك النسبة في الزوج, فإنه لا يجوز أن يجبر على النكاح بمن لا يريدها, بل ولا أن يضغط عليه ويضيق عليه؛ فإن ذلك سبب لما لا تحمد عقباه.
وقد بلغنا أن بعض الناس يجبر ابنه على أن يتزوج ابنة أخيه -أي: ابنة أخي الأب- وهي بنت عم الابن, فيتزوجها الابن وهو كاره للزواج, فيقع بعد ذلك ما لا تحمد عقباه بأن يمسكها الابن على مضض وتعب نفسي أو يطلقها, فيكون الضرر الحاصل بالطلاق بعد النكاح أشد من الضرر الحاصل بعدم النكاح, وقد قالت العامة مثلاً: التحويل من أسفل الدرجة أحسن من التحويل من أعلى الدرجة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر